القطاع الثالث في رؤية المملكة 2030.

سعود البلوي ..

جاءت رؤية المملكة 2030، التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورسم خططها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتنقل بلادنا ومجتمعنا من واقع إلى واقع آخر أكثر تطوراً لترسم ملامح واضحة وجريئة لمستقبل مشرق في عالم متغيّر بشكل يفوق كل التصورات.

وفي ضوء التطورات المتسارعة في المملكة على مستوى مؤسسات الدولة والمجتمع، برزت جهود القطاعات الثلاث (الحكومي والخاص والأهلي) لدعم أهداف الرؤية وتحقيقها كل في مجاله.

ومما صنعته هذه الرؤية الثاقبة، تنشيط حركة القطاع غير الربحي، وهو ما يسمى بالقطاع الثالث (مؤسسات المجتمع المدني) في المملكة، من خلال تطوير الأنظمة واللوائح لتمكين المؤسسات والجمعيات والروابط من العمل الهادف ذي الأثر الإيجابي العام، بل إن الرؤية نصّت على «تعظيم الأثر الاجتماعي للقطاع غير الربحي» عبر دعمه وتطوير أنظمته من أجل التحول المؤسسي من خلال دعم المشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي، وتسهيل تأسيس المنظمات غير الربحية.

ومن دون مبالغة إذا قلت إن التطور في تأسيس المنظمات غير الربحية لدينا قد تجاوز الكثير من الدول الأخرى حتى تلك التي تعدُّ دولاً «متقدمة»، فمن خلال الحكومة الإلكترونية يمكن لأي شخص أن يشترك في تأسيس منظمة غير ربحية دون أن يغادر مكانه، وهذا أمر يبعث على الحماس في الاشتراك بتأسيس جمعيات ومؤسسات وروابط المجتمع المدني.

هذه السهولة في الاجراءات سوف تسهم في تنمية القطاع الثالث وتحقيق ما استهدفته رؤية المملكة 2030 في هذا المجال وهو رفع هذا القطاع في إجمالي الناتج المحلي إلى 5٪ خلال السنوات القادمة، ورفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها إلى 10٪.

وفي أمر آخر ذي صلة وثيقة بهذا الموضوع، أكدت رؤية المملكة 2030 على العمل على «غرس ثقافة التطوع لدى أفراد المجتمع» فسرّعت عجلة الأنشطة التطوعية لتشمل كل فئات المجتمع وكل المجالات، حتى تلك التي لم نتوقعها في يوم من الأيام، فكاتب هذه السطور -مثلاً- يتطوع في مجال كتابة المقالة عبر المنصة الوطنية للعمل التطوعي وكانت تجربة جميلة جعلت من الكتابة قيمة ذات عائد اجتماعي مباشر.

كانت المستهدفات هي الوصول إلى مليون متطوع في المملكة في عام 2030، غير أن سهولة الإجراءات والأنظمة سرّعت الوتيرة وأسهمت في الوصول مبكراً إلى 800 ألف مسجلين في المنصة الوطنية للعمل التطوعي‬، وهذا ما صرّح به معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي في أواخر ديسمبر 2021، مما يعكس الوعي بالتطوع وأثره في تحسين جودة الحياة لدى المواطنين السعوديين، وهذا الأمر يعطي نتيجة نهائية بأن رؤية المملكة 2030 قد صنعت جودة الحياة، وارتقت بالقطاع الثالث إلى المنافسة العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top