د. عامر بن محمد الحسيني| الاربعاء 30 نوفمبر 2016 ،
مع ازدياد عدد طالبي العمل، من الطبيعي أن يتم توزيع القوة البشرية على قطاعات العمل لتحقيق التوازن، والفاعلية في الأداء. ما يحدث في المملكة أن القطاع الحكومي يعتبر مصدر أمان وظيفي كبيرا للشباب. وهذا جعل كثيرا من الطاقات تذهب لهذا القطاع الذي أتخم بكم العاملين، مع عدم تطوير في الأنظمة لتحقيق الفاعلية، حتى أصيب هذا القطاع بالترهل، وعانى كثيرا البطالة المقنعة، والبطالة المفتعلة. إلى هذا الوقت لم يستطع القطاع الخاص أن يكون حاضنة لتوظيف الشباب، إلا في حالات بسيطة ومع وجود تشريعات ملزمة للقطاع باستيعاب القوة البشرية المؤهلة في بعض الوظائف. ويظل القطاع الخيري من أهم القطاعات التي تعاني ضعف إقبال الشباب السعودي عليه كوظيفة دائمة، لأنه لا يوفر أدنى مقومات الأمان الوظيفي، من ناحية الرواتب، أو من ناحية الاستقرار والتطوير الذاتي. في مقال نشر في العدد 8402 كتبت وفقا لبعض البيانات الصادرة في الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة الشؤون الاجتماعية “العمل والتنمية الاجتماعية” للعام المالي 1434 ـــ 1435هـ، وفي صفحة (229) البيانات الخاصة بالجمعيات وعدد أعضائها ومجالس إداراتها وأعداد العاملين فيها، نجد أن مجالس الإدارات وأعضاء الجمعيات العمومية فيها يفوق عدد العاملين.. حيث يعمل في هذه الجمعيات أقل من 22 ألف عامل. أكثر من 51 في المائة غير سعوديين (1.09 في المائة رجال، 50 في المائة نساء) في حين يشكل السعوديون أقل من 49 في المائة (45.78 في المائة رجال، 3.13 في المائة نساء). لا شك أن هذه الأرقام تعد مخجلة بكل المقاييس وتحتاج إلى دراسات معمقة. وفي وقت سابق ذكرت تقارير صحافية أن بيانات هيئة الإحصاءات العامة تؤكد ارتفاع معدلات البطالة في المملكة، حيث وصلت إلى 12.1 في المائة مرتفعة من 11.6 في المائة. وبغض النظر عن تعليق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأن هذا الرقم غير مقلق ونتج عن تأثره بدخول الخريجين إلى سوق العمل. إلا أن هذه النسبة وارتفاعها خلال السنوات السابقة وثباتها فوق نسبة 10 في المائة يدل على فشل ولو جزئيا لخطط توطين الوظائف. فمن غير المعقول أن يظل لدينا قطاع مهم هو القطاع الثالث بقدرات تطوعية، في حين أن نسبة البطالة تزداد من فترة إلى فترة. القطاع الثالث في الولايات المتحدة خلال عام 2010 حققت الرواتب المدفوعة للعاملين فيه 9.2 في المائة من مجموع الأجور والرواتب المدفوعة. يبقى السؤال لماذا لا يحقق القطاع الخيري والتطوعي الاستقرار الوظيفي للعاملين فيه؟ ومتى يكون للعاملين في هذا القطاع أمان وظيفي يجعل الشباب يقبلون على العمل في هذا القطاع دون خوف من المستقبل المتغير؟ وكيف يمكن أن نحقق الاستدامة المالية والتطويرية لوظائف القطاع الثالث حتى تسهم في معالجة نسبة البطالة المتزايدة، وتحقيق الفعالية المنشودة من هذا القطاع، وإطلاق قدرات العمل الخيري من أجل المساهمة في تحقيق البناء الداخلي والوصول لمستهدفات “رؤية المملكة 2030″؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كثير تظل ذات احتمالات مفتوحة لحين إيجاد الحلول المناسبة لها.