حكم ضرب الأباء للأبناء :
اللجوء إلى الضرب كوسيلة من وسائل التأديب أمر جائز شرعا، ولكن لا يُلجئ إلى هذه الوسيلة إلا بعد تنبيه الولد على خطئه تلميحا وتصريحا، ثم العتاب فالتوبيخ، فالتهديد بالعقوبة ثم آخر مرحلة يكون الضرب. ولا يضرب الطفل إلا إذا بلغ سن العاشرة، ويجب مراعاة جملة من الضوابط الشرعية عند ضربه منها: تجنب الوجه، وتجنب المواطن القاتلة، وأن يكون الضرب بشيء مأمون لا يكسر عظما ولا يترك أثرا، وألا يزيد الضرب عن ثلاث. فنعمة الولد من أعظم نعم الله على خلقه، وهي زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (الكهف: 46)، وهذه النعمة العظيمة تستوجب شكر المنعم عليها، وشكرها لا يتم إلا بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في تربيته لأبنائه. ولا أحسب رجلا على مر التاريخ ولا امرأة لم يقم بضرب ابنه تأدبا، كما أن هذا الضرب لا ينافي المحبة التي غرست في قلب المرء تجاه أبنائه، فهي كما قال القائل: قسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقسو أحيانا على من يرحم ولا شك أن الإنسان قد يحتاج إلى ضرب أبنائه أحيانا ولكن متى؟ وكيف؟ متى وكيف يكون ضرب الأبناء : والذي نراه والله تعالى أعلم أن المرء قبل أن يقدم على الضرب ينبغي عليه مراعاة التالي: 1- التلميح: فيكفي الولد أن تلمح له بخطئه، فلا شك أنه سيفطن لذلك. 2- التصريح: فإن لم يفطن الولد للتلميح فلا بد من التصريح، لبيان ما وقع فيه من خطأ. 3- العتاب: وبعد التصريح أو معه يكون العتاب، على أن يكون العتاب بعيدا عن أقرانه وإخوانه، وقد قيل: تغمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوعٌ مـن التوبيخ لا أرضى استماعه فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجـزع إذا لم تلق طاعـة 4- الإهمال: حاول أن تسلك أمر الإهمال لأن الولد إن وجد إهمالا أدرك خطأه، وحاول إصلاح نفسه. 5- العقوبة بالحرمان: وهنا ينبغي على المرء أن يسلك أسلوب التربية بالمنع والحرمان، إذ الولد قلبه معلق بما يؤتى له به، فامنع عنه ما يشتهي يأتي بما تريد. 6- التهديد بإيقاع العقوبة: وقبل إيقاع العقوبة يكون التهديد، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “علق السوط حيث يراه أهل البيت”. 7- مباشرة الضرب: هنا؛ وهنا فقط يكون الضرب. نوع الضرب ولمن يكون الضرب : إنما يكون الضرب على هذا النحو: • أن يكون الولد قد جاوز العاشرة، إذ لا ضرب قبل العاشرة، فلم يأذن الله بالضرب على الصلاة وهي الركن الأول بعد الشهادتين إلا بعد أن استمر ثلاث سنوات حتى بلغ الولد العاشرة، ففي المسند عند أحمد:” مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع”. • أن يكون الضرب تأديبا لا عقوبة، فهو أدب وتهذيب لا عقوبة، إذ العقوبة إنما تكون لارتكاب جناية، والولد مها كان لم يأت جناية. • أن يتجنب الوجه لقوله صلى الله عليه وسلم:” إذا ضرب أحدكم أخاه فليجتنب الوجه”. • أن يتجنب الأماكن القاتلة كالرأس والقلب، والرئة….. ، وهذا يعني أن يكون الضرب على الأطراف كاليدين أو الرجلين. • ألا يزيد الضرب عن ثلاث: لقوله صلى الله عليه وسلم:” لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ” رواه مسلم، وقد قيل: لا تضربن في أدب فوق ثلاث. • أن يكون الضرب بشيء مأمون، فلا يضرب بما يكسر عضوا، أو يترك أثرا. • أن يكف عن الضرب إذا ذكره الولد بالله تعالى، ففي الحديث:”إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله ،فارفعوا أيديكم” رواه الترمذي. والولد من باب أولى.