مفهوم نظام الأسرة في الإسلام جعلت الشريعة الإسلامية للأسرة نظامًا ضابطًا لتعاملاتها، فقد جعلت لكل من أفراد الأسرة المسلم حقًا يناسبه من نفقة، وميراث، ووصية، وغيرها، كما أنها رتبة عليه واجبات عليه القيام بها على أحسن وجه ممكن كواجبات الزوج على زوجته والعكس، وواجبات الأبناء اتجاه آبائهم والعكس وغيرها من الواجبات التي حددتها الشريعة الإسلامية.
كما تقوم الأسرة في نظام الإسلام الاجتماعي على اشتراك الرجل والمرأة في مؤسسة أسرية متكاملة مبنية على الرضا، والقبول، مع اشتراط التكافؤ فيما بينهما،كما سيتم فيما يلي توضيح نظام الأسرة الإسلامي في القرآن بطريقة مفصلة: نظام الأسرة في القرآن الكريم تحدث القرآن الكريم عن نظام الأسرة، وكان المراد بها الزوجة والزوجة، لأنها الأصل لتكون هذا النظام؛ فقد قال -تعالى-:(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، أي أن الله -سبحانه وتعالى- جعل المخلوقات أزواجًا؛ أي أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة، وقد جعل الله -تعالى- هذا الأصل شعوبًا وقبائل؛ وبين ذلك في قوله:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). كما جعل -عز وجل-بين هذه الشعوب والقبائل روابط وعلاقات، وأعظم هذه الروابط هي رابطة الإيمان وما يأتي بعدها من روابط منبيّة عليها، كالرحمة، والعطف، والإخاء، والمودة، والنكاح.
المقاصد التي يحققها نظام الأسرة في الإسلام تعددت مقاصد التشريع الإسلامي من نظام الأسرة في الإسلام، وفيما يلي بيان أهم هذه المقاصد:تنظيم الطاقة الجنسية وهي طاقة خلقت، وتوجد في الإنسان لتحقيق التناسل والتوالد والتكاثر، وأن الله -عز وجل-شرع الزواج والأسرة ليكون الزواج وعاءً شرعيًا ومستقرًا لاستقبال هذه الطاقة وتوظيفها في المكان الصحيح؛ ولولا الزواج لكانت العلاقة بين الذكر والأنثى فوضى وشيوع، وبهذا ميز الله-تعالى- الإنسان عن الحيوان بتنظيم هذه الفطرة وضبطها بالضوابط الشرعية القائمة على تكريم الإنسان وتفضيله على سائر المخلوقات. بقاء النوع الإنساني بما أن الإنسان مجبول بطبيعته على حب البقاء، فإن سبيل الإنسان الوحيد للبقاء هو النسل؛ وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم-على طلب النسل من خلال قوله:(تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)؛ ففي ذلك حدث على امتداد وبقاء النوع الإنساني، واستمراره خلودًا وفخرًا لذكراه. عمارة الأرض تعتبر الأسرة هي العماد الرئيس الذي تنشأ، وتقوم عليه هذه الحياة، من مظاهر التحضر والتقدم والعمران، كما أن الله-تعالى- هيأه لحمل هذه المسؤولية، فالإنسان لديه إمكانيات عقلية، وبدنية، تعطيه القدرة على بناء هذه الأرض وفقًا لها. حفظ الأنساب إن الله -تعالى-بين أهمية انتساب الفرد إلى أسرة، فقد ذكر في كتابه:(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)، فلا بد للإنسان أن يكون ضمن أسرة من أب وجد معرف، وأم وجده وهكذا؛ لأنها هذا الانتساب يعد أهم عوامل الاستقرار النفسي في حياة الإنسان. كما أنه بناءً على ذلك تتقرر له جملة من الواجبات والحقوق داخل الأسرة، من تربية، وحضانة، نفقة، وإرث وغير ذلك من الأحكام الشرعية التي قام الإسلام بتنظيمها وبنائها. حسن التربية للأجيال القادمة تعتبر الأسرة المحضن الرئيسي للإنسان؛ فالعمل على تربية الأبناء تربية صالحة من أهداف تكون هذا النظام، وليس الهدف من الزواج إنجاب الأطفال، ثم تركهم للضياع وعدم تحمل مسؤوليتهم، بل المقصود أن تتم تربية الأولاد تربية صالحة في دينهم ودنياهم أمانة عند الوالدين، كلّفهما الله بحفظها ورعايتها، لأن الأبوين مسؤولان بين يدي الله عن تربية أبنائهم. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)[٩] ففي حديث نبينا الكريم توجيه نحو حمايةً الأسرة وبنائها. كما أن المسألة لا تتوقف فقط على التربية بل وتتضمن تنمية عقول الأبناء ومهاراتهم، وإعطائهم مشاعر العطف والحب والتكافل، حتى تنطبع الخصال الحميدة في نفوسهم مدى الحياة.