دور الأسرة في التربية الإسلامية .

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد .. إن أشكال المؤسسات الاجتماعية وتركيبها يختلف من مجتمع لآخر، تبعًا لاختلاف الوظائف التي تقوم بها هذه المؤسسة في شكلها ومضمونها، وتعتبر الأسرة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية وأثرها البارز في تمع الإسلامي حيث تعتبر الأسرة أساس  التربية بالنسبة للأفراد في فالترابط بين الأسرة والإنساني ويتوقف على صلاحها صلاح هذا ترابط عضوي ، والزواج أساس الأسرة وقوامه المودة والرحمة قال تعالى : (( ومن آياتهأن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) ) الروم : 12 ( لقد اخبرنا الله عز وجل بأنه جعل المودة والرحمة بين الزوجين ،ليسكن كل منهما إلى الأخر ، ولينجبا الذرية الصالحة . والأسرة ليست مجرد إشباع لحاجات فطرية إنها بجانب ذلك تنظيم اجتماعي تقع عليه مسؤولية الالتزام بما شرعه الله ، فإذا صلَحَت الأسرة صلح الفرد، وإذا صلح الفرد صلحت الأُسرة، وصلح تمع؛ فالأسرة هي التي يتشرَّب منها الفردُ العقيدةَ والأخلاق، والأفكار والعادات اوالتقاليد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مولودٍ إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةً جمعاء، هل تحسُّون فيها منجدعاء؟)) وقد أوجب التشريعُ الإسلامي أن تسود الأسرةَ التربيةُ الدينية الصحيحة، التي تغرِس في النفوس العقائدَ السليمة الراسخة، وتربيها في جوٍّ من الإيمان الصحيح. وفي هذا البحث المتواضع سوف أتناول دور الأسرة في التربية، من خلال التعريف بمفهوم الأسرة ، وتوضيح اهداف و ووظائف تكوين الاسرة و اهمية دور الاسرة في التربية ، ومن ثم بعض من اساليب التربية التي يجب على الأسرة اتباعها مع الأبناء في سبيل التربية صحيحة ، فأسأل الله العلي القدير أن يوفقني لما يحبه و يرضاه .

مفهوم الأسرة:

جاء في المعجم الوجيز: “الأُسرة: أهل الرجل وعشيرته، والأسرة: الجماعة يربطها أمرمشترك، وجاء في لسان العرب لابن منظور: )الأُسْرة: الدِّرع الحصينة وتطلق الأسرة في الاصطلاح على رابطة الزواج التي يصحبها ذرية. وهي :رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد، وبعض الأقارب، على أن يكونوا في معيشة واحدة. الأسرة في الإسلام بناءٌ متين الأساس مترابط الأركان أصله ثابت وفرعه في السماء يؤسس هذا البناء على تقوى من الله، واتباع لشريعته سبحانه، بالزواج الشرعي الذي هو الطريقة السوية المشروعة لتكوين الأسرة، تلك الطريقة التي تليق بكرامة الإنسان، وتتوافق مع فطرته السليمة ، الزواج ميثاق غليظ وعهد متين بين رجل وامرأة، يدعى به كل منهما زوجًا، بعد أن كان فردًا .

أهداف ووظائف تكوين الأسرة في الإسلام:

-إقامة حدود الله:

أي: تحقق شرع الله في كلِّ شؤونها، وفي العلاقة الزوجية، وهذا معناه إقامة البيت المسلم الذي يَبني حياتَه على تحقيق عبادة الله، وهذا يحقِّق الهدفَ الأسمى للتربية الإسلامية.

-تحقيق الأثر التربوي:

ينشأ الطفلُ ويترعرع في بيتٍ أُقيم على تقوى من الله، ورغبة في إقامَة حدود الله، وتحكيم شريعته، فيتعلم بل يقتدي بذلك من غير كبيرِ جُهد أو عناء؛ إذ يمتصُّ عادات أبويه بالتقليد، ويقتنع بعقيدتهما الإسلامية حين يصبح واعيًا.

    تحقيق السكون النفسي والطمأنينة:

قال تعالى : “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا “ (الأعراف: 281)

– تحقيق أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنجاب النسل المؤمن الصالح:

قال صلى الله عليه وسلم: “تناكَحوا تناسَلوا، أُباهي بكم الأممَ يوم القيامة”، وهذا دليلٌ واضحٌ على أن البيت المسلم يجب عليه أن يربِّي أبناءَه تربيةً تحقِّق هدفَ الإسلام؛ لأن المباهاة إنما تكون بكثرة النسل الصالح. (الحازمي ، 1222, 322)

– صون فطرة الطفل عن الزَّلَل و الانحراف:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولودٍ إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تحسُّون فيها من جدعاء؟) اعتبر الإسلامُ الأسرةَ مسؤولة عن فطرة الطِّفل، واعتبر أن كلَّ انحرافٍ يصيبُها مصدره، الأول الأبوان، أو مَن يقوم مقامهما من المربِّين. (الحازمي ، 1222,321)

 – إرواء الحاجة إلى المجبة عند الأطفال:

الرحمة بالأولاد من أهم الغرائز التي فطر عليها الإنسان، وتتحمل الأسرة، وقوامها الأبوان، مسئولية رحمة الأولاد، ومحبتهم والعطف عليهم؛ لأن هذا من أهم أسس نشأتهم ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي، نموا قويما سويا. فإذا لم تتحقق المحبة للأولاد بالشكل الكافي المتزن، نشأ الطفل منحرفا في مجتمعه، لا يحس التآلف مع الآخرين، ولا يستطيع التعاون أو تقديم الخدمات والتضحيات، وقد يكبر فلا يستطيع أن يكون أبا رحيما، أو زوجا متزنا حسن المعشر، ولا جارا مستقيما لا يؤذي جيرانه، وهكذا دواليك. (الحازمي ، 1222, 321) لذلك ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى في محبة الأطفال ورحمتهم، والصبر على مداعبتهم، عائشة رضي الله عنها قالت: “جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أو، أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟” . (الحازمي, 1222,323)

 

أهمية دور الاسرة في التربية:

·        تعليم الأبناء الواجبات و الفروض الدينية .

·        نشر التربية الأخلاقية ودعائمها الفاضلة في الصدق والوفاء والاحترام …الخ .

·        القيام بواجب التنشئة الاجتماعية .

·        تحقيق أوامر الله سبحانه وتعالى بحفظ النسل، فالبنون هم من زينة الحياة الدنيا.

·        تحقيق توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم بالتماسك واتراحم والتكافل وإقامة الاسرة المؤمنة .

·        إشاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الأبناء .

·        تقديم القدوة والنموذج الأخلاقي من قبل الآباء للأبناء .

·        صيانة الأفراد والمحافظة على عفتهم ومروءتهم من إشباع الجانب الغريزي بطريقة مشروعة .

·        تعليم الأفراد العادات الصحية السليمة .

·        الإسهام في حل مشكلات النفسية لإفراد الأسرة .

·        تنمية قيم الاحترام والولاء من جانب الأبناء للآباء والدعاء لهم والترحم عليهما بعد وفاتهما . (علي ، 1224, 246)

دور الاسرة في التربية

تقوم الأسرة بمجموعة من الوظائف التربوية، والتي تتمثل بالتربية الجسدية، والعقلية والنفسية والاجتماعية والخلقية والدينية والترويحية الاستجمامية ، تتجلى أول مبادئ الإسلام التربوية في الاهتمام والرعاية بثمرة الحياة الزوجية قال تعالى :(( يوصيكم الله في أولادكم )) (النساء ، 22 ) ، ثم تتدرج من التزام الأب بالمبادئ والمسؤوليات وتشترك معه الأم في بعضها ، منها قيامه بعملية الارشاد لعقيدة أبنائه ، وتربية أبنائه على أمور الدين وأركانه وتأديبه على مكارم الأخلاق ومراعاة العدل بين الأبناء إضافة إلى دوره التعاوني مع الأم في التربية والتوجيه المناسب، ومراعاته لحقوق ووجبات زوجته المغلفة بغلاف المودة والتقدير لها ولأبنائها وهذا هو دور الأب في التربية . والأم هي العمود الفقري الذي يتركز عليه بناء البيت المسلم، فلكي تكون المرأة حافظة لبيتها راعية لأولادها أمينة على مجتمعها، حرص الإسلام على تهذيب خلقها وتربيتها على الفضائل والكمالات النفسية منذ النشأة الأولى، والإسلام لم يترك جانبًا من الجوانب التربوية والتهذيبية لتقويم اعوجاج المرأة إلا وعالجه بحكمة بالغة، وسد الأبواب والمداخل من أساسها لصيانتها، والأم خير حاضنة ومربية لأبنائها الكرام الذين لا يقلون عنها تضحية وفداء، ومسؤولية الأم إعداد الأم المسلمة إعدادًا متكاملاً جسميًا ، وروحيًا وعقليًا . (عقله ، 2181,235) ويكتسب الطفل عن طريق الأسرة الحكم على الأشياء والمواقف والخبرات، وتتأثر تلك العملية بالجو الأسري وما يسوده من تعاون واستقرار أو تشاحن واضطراب، وكلما كانت العلاقة القائمة بين الوالدين تستند على المحبة والتفاهم والتعاون، تأتي التنشئة الاجتماعية صحيحة وسليمة، فيتشرب الطفل القيم بطريقة صحيحة سليمة، وكلما كانت الأسرة متمسكة بدينها ومبادئه وقيمه، انعكس ذلك على تربية الأطفال، حيث تعمل على تشريب أبنائها القيم الصحيحة وتنشئتهم عليها، حيث يحكمون الدين في كل تصرفات حياتهم والعكس صحيح (عقله ، 2181, 231)

المخاطر التي تواجه الأسرة في تربية الأبناء

هناك مخاطر عديدة تواجهها الأسرة المسلمة في تربية الابناء ومنها :

أ-التناقض في أقوال الوالدين وسلوكياتهم:

بعض الآباء والأمهات يناقضون أنفسهم بأنفسهم، فتجدهم يأمرون اولادهم بأمور وهم يخالفونهم، وهذه الأمور تسبب تناقضا لدى الأولاد، فالأب الذي يكذب يعلم أبنائه الكذب، وكذلك الأم التي تخدع جارتها بمسمع من بنتها تعلم ابنتها مساوئ الأخلاق، ولهذا فإن على الوالدان أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم في القول والعمل. ( سبيتان ، 262 ، 1222)

ب-الانفصام بين المدرسة والأسرة:

إن الانفصام بين دور الأسرة في الرعاية والتوجيه، ودور المدرسة في التربية والتعليم له آثار سلبية عديدة، ولذا ينبغي مد جسور التعاون بين الأسرة والمدرسة، وإيجاد جَوٍ من، الثقة والتعاون في سبيل الرقي بالأولاد قدما نحو البناء والعطاء. ( سبيتان ، 1222261)

ج-وجود المربيات والخادمات الأجنبيات :

تمتع الخليجي، ولا شك أن وجود أصبح وجود المربيات والخادمات ظاهرة بارزة في اهؤلاء له آثار خطيرة في التنشئة الاجتماعية للأسرة، لاسيما هؤلاء غير المسلمات وذوات السلوكيات المنحرفة، لا بد أن تعي كل أسرة خطورة وأبعاد وجود الخادمات والمربيات الأجنبيات وتحذر من شرورهن . (سبيتان ، 1222, 261)

د-وسائل الإعلام:

تؤكد نتائج الأبحاث والدراسات بما لا يدع مجالا للشك أن الطفل العربي المسلم يتعرض لمؤثرات خطيرة، وأن شخصيته وهي في مراحل تكوينها تخضع لضغوط سلبية متنوعة .(سبيتان ، 1222, 263 )

هـ- الفراغ وعدم الإفادة من الوقت:

ينبغي أن يشغل الأبناء في أوقاتهم بالنفع والفائدة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصِّحة والفراغ ). فهناك الأعمال التي يسهمون فيها بمساعدة والديهم والبِرِّ بهم، ويمكن تعويدهم حضور مجالس الذكر وحلق العلم، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة قصص الصحابة والصالحين وغير ذلك .فهذه أهم العوامل الاساسية التي تواجه الاسرة وتؤدي إلى انحراف الولد ، وهي عوامل ضارة وخطيرة ، فإذا لم يتدارك المربون هذه العوامل وإذا لم يستأصلوا أسبابها ، وان لم يأخذوا بالعلاج الناجح الذي وضعه الاسلام في الصلاح والتربية فإن الاولاد سينشؤون الفساد والرذيلة ويكونوا أداة هدم وتخريب للمجتمع واستقرار الامة وأمن البشرية(سبيتان ، 1222,264)

بعض من أساليب في التربية الإسلامية:

أسلوب القدوة الحسنة:وهي من أهم الأساليب في التربية ومن أنجح الوسائل المؤثرة في إعداد الناشئة خلقيا ونفسيا وصحيا وعقليا وعاطفيا, ولها أهمية كبرى في تربية الفرد وتنشئته على أساس سليم في كافة مراحل نموه، لأن الناس لديهم حاجة نفسية إلى أن يشبهوا الأشخاص الذين يحبونهم ويقدرونهم، وأن هذه الحاجة تنشأ بادئ الأمر من خلال الأطفال لوالديهم وتقمصهم لهم ، ولأهمية القدوة في بناء الفرد وإعداده فقد أكدَ القراَن أهمية القدوة في تقرير مصير الإنسان تأكيدا قويا وهو يدعو المسلمين إلى أن يدرسوا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيتخذونها قدوة لهم ، ومن هنا كانت القدوة عاملا كبيرا في صلاح الأجيال أو فسادهم ، فالولد الذي يرى والده يترك الصلاة يصعب عليه اعتيادها، والذي يرى والده يكذب يصعب عليه تعلم الصدق والذي يرى والده يغش يصعب عليهتعلم الأمانة ، والمتأمل في تعاليم الإسلام يجد التوجيهات الحكيمة للآباء و الأمهات حيال استخدام أسلوب القدوة في تربية الأولاد، من هذه التوجيهات على سبيل المثال بدء الولدين في إصلاح أنفسهم أولا ، وأن يطهروا أنفسهم -لأن فاقد الشيء لا يعطيه- وأن يكونوا على درجة جيدة من الاستقامة، لأنه بصلاحهم يصلح الأولاد، قال تعالى : “يا

أيها الذين اَمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا” (التحريم: 6)  فصلاح رب الأسرة ينتقل إلى الأولاد عن طريق الاقتداء به، وتقليد معظم أعماله الصالحة من خلال تعايشهم مع، والدهم، وبذلك تكون وقاية أنفسهم وأهليهم من النار. (عيسى ، 1221,83)

أسلوب التوجيه والموعظة الحسنة:

كان هذا الأسلوب أسلوب الموعظة الحسنة من أساليب الرسل والأنبياء في تبليغ دعوتهمإلى الله ، كما في قوله تعالى : “قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا الله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد” . (سبأ: 46) ولهذا فقد أكد القران الكريم أهمية الموعظة في أكثر من موطن ، لما لها من تأثير كبيرعلى الفرد إذا وجدت لها نفسياً صافية، وقلباً واعياً، قال تعالى : “وذكر فإن الذكرىتنفع المؤمنين” (الذاريات: 55 )، وقال تعالى :“ذلكم يوعظ به من كان يؤمن باللهواليوم الآخر”  (الطلاق: 183  (عيسى1 ، 1221)

أسلوب الترغيب والترهيب:

هوا أسلوب يتفق وطبيعة الإنسان حيثما كان وفي أي مجتمع، لأن الفرد إذا استثير شوقه إلى شيء ما زاد اهتمامه به فسرعان ما يتحول هذا الشوق إلى نشاط يملأ حياته أهمية وعملا وتعلقا بما تشوق إليه، ورغبة في الحصول عليه ، وفي المقابل فإن الخوف من شيء والتنفير منه يجعل الفرد يهابه ويبتعد عنه.، وقد أشار القران الكريم إلى أسلوب الترغيب والترهيب؛ وإلى كيفية استخدامه بما يحقق الغرض منه، ونلمح في هذه الآية الكريمة الترغيب الذي يثير الرجاء في النفس، ويدفع اليأس، ويجدد الأمل ، ويثير التطلع إلى الأفضل، قال تعالى: “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا, يرسل السماءعليكم مدراراً, ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا” (عيسى ، 1221 ,85)- (نوح: 22, 21)

أسلوب ضرب الأمثال :

هذا الأسلوب له أثره الفعال على عواطف الإنسان وسلوكه، ويعد من أكثر الأساليب شيوعاً، ولهذا نجد الحق سبحانه أورد ذلك الأسلوب في أكثر من موطن وفي عدة أمور مؤكداً ذلك في قوله تعالى: ” ولقد ضربنا للناس في هذا القران من كل مثل لعلهم يتذكرون” (الزمر: 11 )، وقال تعالى ((وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (العنكبوت: 43 ( (عيسى ، 1221,86)

 أسلوب القصة:

القصة أجدى نفعاً وأكثر فائدة من أساليب التلقين و الإلقاء نظرا لما جبلت عليه نفوس الأطفال والبالغين والراشدين من ميل إلى سماع الحكاية والإصغاء إلى رواية القصص ( عيسى ، 1221,86)

أسلوب الممارسة أو التدريب (العادة):

يتمثل في القيام بعمل من الأعمال عدة مرات، وبالتكرار ويسهل على الفرد ذلك العمل ، ويزيد ميله حتى يصبح هذا الميل عادة وهذا الأسلوب من الأساليب التربوية الفعالة فهي تؤدي مهمة في حياة البشرية ، والإسلام يستخدم الممارسة وسيلة من وسائل تنشئة الفرد المسلم على تلك التكاليف الإسلامية والقيم والآداب الإسلامية, وعلى المربي أن يستخدم أسلوب الممارسة في كافة جوانب تربية الفرد ، أي أن التربية بالممارسة لا تقتصر على الشعائر التعبدية وحدها ولكنها تشمل كل أنماط سلوك الحياة ، وكل الآداب و الأخلاق ، مثل آداب التحية، آداب المشي، وآداب الأكل والشرب ، وآداب قضاء الحاجة ، وآداب السفر ، وآداب زيارة المريض…الخ (عيسى ، 1221,81)

 أسلوب الحوار:

ويعد هذا الأسلوب من أنجاح الأساليب التربوية وافردها إذا قام الحوار على خطوات منطقية صحيحة يقابلها العقل، كما أن هذا الأسلوب من الأساليب المشوقة للمتربي وللسامع، وقلما يصاحبها الملل السامة، نظرا لما يوقظه من العواطف والانفعالات في نفس المتربي. كما استخدم رسول الله ذلك الأسلوب في إثارة انتباه أصحابه عندما كان يريد إيضاح موضوع مهم في بعض المواطن، وهذا ما نلمحه عندما تناول عليه السلام موضوع الغيبة، فقال:  أتدرون ما ألغيبه؟ . ثم شرع بعد ذلك في توضيح الغيبة فقال ذكر أخاك بما يكره، قيل افرايت إن كان في أخي ما أقول ، قال : إن كان فيه ما تقول فقد بهته (عيسى ، 1221, 81)

مجموعة من التوجيهات التربوية الموجزة :

1-  محاولة تخصيص وقت كاف للجلوس مع الأبناء، وتبادل الأحاديث المتنوعة: الأخبار الاجتماعية والدراسية والثقافية وغيرها.

2- احترام الأبناء عن طريق الاحترام المتبادل، وتنمية الوعي، والصراحة، والوضوح.

3 – فهم نفسية الأولاد، وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم.

4 – إشراك الأولاد في القيام بأدوار اجتماعية وأعمال نافعة.

5 – قبول التنوع في اختيارات الأبناء الشخصية، كاختيار اللباس وبعض الهوايات..، طالما ليس فيها محاذير شرعية.

6 – عدم السخرية والتهديد بالعقاب الدائم للأبناء، متى ما أخفقوا في دراستهم أو وقعوا في أخطاء من غير قصد منهم؛ بل يتم تلمس المشكلة بهدوء، ومحاولة التغلب على الخطأ بالحكمة، والترغيب والترهيب.

7 – عدم إظهار المخالفات والنزاعات التي تحدث بين الوالدين أمام سمع أبنائهم.

8 – الصبر الجميل في تربية الأبناء، وتحمل ما يحدث منهم من عناد أو عصيان، والدعاء بصلاحهم وتوفيقهم.

الخاتمة

الحمد لله رب العالمين، وبعد.. فقد تناولت في هذا البحث الاسرة وأهمية دورها التربوي وبعض من اساليب التربية فإن أصبت في هذا الجهد فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان  قال تعالى : “وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب” (هود ، 88) أسأل الله الكريم رب العرش العظيم لي ولكم التوفيق والسداد والصلاح وأن يصلح بنا ويجعلنا وإياكم صالحين مصلحين ويجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

المراجع

كتاب اصول التربية ، د. خالد الحازمي ، 1222 ، الطبعة الاولى

نظام الاسرة في الاسلام ، د. محمد علقه ، 2181 ، الطبعة الثانية

المدخل الى الادارة الاسلامية الحديثة ، د. محمد بني عيسى ، 1221 ، الطبعة الاولى

مفاهيم وأساليب تدريس التربية الإسلامية ،أ. فتحي سبيتان ، 1222 ، الطبعة الاولى

التربية الاسلامية المفهومات والتطبيقات ، أ. د. سعيد إسماعيل علي ، الطبعة الرابعة.

 

Scroll to Top