المقال الثالث بعنوان : لا تخرجي أسرار بيت الزوجية خارج أسواره !!
تدخّل طرف ثالث في الحياة الزوجية هذا التدخّل قد يَكون ابتداء من نفس صاحبه،وقد يَكون مِن قِبَل أحد الزوجين ، فيُقحِم من ليس له شأن في الموضوع ، وليس له ناقة ولا جمل في القضية !وكم من خلاف بِقَدْر أُنملـة أُخرِج عن حيِّز الحياة الزوجية ، وخَرَج خارِج إطارها ؛ فصار كالجبل !
إن مُعظَم النار مِن مُستصغر الشَّرَر
فالشرارة الأولى التي قَدَحها الشيطان ، حاول أن يُؤجِّج أوارها ، وأن يُطيِّر شرارها ، وأن يُشعل نارها ، بإقحام من ليس له نَفَس ولا نفيس في الحياة الزوجية ، بل يَزجّ في خِضمّ الصِّراع كل أحمق يَرى أن العصا هو سيف الإصلاح ! وأن الأمور لا تَصلُح بغير ( عين ) حمراء !
إن بداية عَمل الْمُعوَل في هدم كيان الحياة الزوجية يبدأ من توسيع هوّة الخلاف ، ومن شقّ سِتر الحياة الزوجية .. حينما تُخرِج المشكلات رؤوسها لتُطِل على كل جاهل وأحمق ، ويراها كل حاسد وحاقد .. فيكون كالوزغ الذي نفخ النار على إبراهيم الخليل – عليه الصلاة والسلام – فإنه جَنى على نفسه وعلى غيره !
أن من يتدخل من الأهل في حياة الزوجين كأنه يصرح : ( أنا لم أبني شخصية ابني أو ابنتي بناء كاملاً ، ولذا أنا أتدارك تقصيري ، وأتابع مهمتي التربوية (
والأصل أن يكون الشاب أو الفتاة قد اكتمل بناء ذاتهم قبل الزواج ، وأن يكون كل منهم قادراً على إدارة بيت ، وحسن التواصل مع الآخرين ، ولديه إلمام بالتعامل الأمثل مع شريك الحياة .
ولكن للأسف نجد بعض الأمهات تبدأ التدريب على ذلك إثر الزواج ، ناهيك عنثقافة هذه الأم ومدى صلاحيتها ! وما الندوب التي يتركها مثل هذه التدخلات علىالزوجين معًا .
ولستٌ أقصد أن كل تدخل سلبي ، فكم من أهل تدخلوا فكان الإصلاح عن طريقهم ، لأن الحكمة زادهم ، وحب الخير مرشدهم .تدخل أهل الزوج أو الزوجة قد يؤدي إلى مشاحنات قائمة على قدم وساق، فالمشكلات الزوجية تحتاج إلى الحكمة والتعقل والتأني ، لذا فإن على الزوجين أولاً محاولة حل مشاكلهما فيما بينهما، فإذا انحصرت بينهما سهل حلها وقلت خسائرها،ولكن أن تدخل الأهل في المشاكل حينها يشتعل النار في المنزل.
لأن تدخل الأهل في المشاكل الزوجية عادة ما يزيد من تعقيد حل المشكلة وان كانت بسيطة،ويؤدي بالحياة الأسرية إلى الدمار.لأن الأهل كثيراً ما تغلب العاطفة عندهم على العقل بالإضافة إلى عدم اتباع بعض الأهل أسلوب الحكمة في مواجهة المشكلات ،فهم ينحازون لطرف دون غيره، وبعضهم لا يدرك أن التدخل لابد أن يكون بحدود وليس تدخلاً في كل صغيرة وكبيرة.
وتدخل الأهل يسفر أحياناً عن أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق، وهذا ما حصل لإحدى النساء حيث تدخلت والدتها في زواجها حتى جعلتها تطلب الطلاق منالمحكمة، ولم تزل الأم بابنتها حتى أصبحت في عداد المطلقات.لذلك أفضل من الأزواج ألا يُدخلوا طرفاً ثالثاً في خلافاتهم وإن كان لابد الأمر فعليهما اللجوء إلى أصحاب الخبرة وليس بالضرورة أن يكونوا الأهل فعليهم بمن يريد الإصلاح بينهما لا الإفساد .
من طبيعة الحياة الزوجية ان تحدث هناك مشاكل بين الزوجين وفي أحيان يكون الزوج قاسيًا على زوجته في المشاكل هذه قد تحدث مشاكل لكن أرى ان المشاكل التي يكون الزوج فيها مشعرا زوجته بقسوة كبيرة عليها بل ونكران جميلها يجعلها تقول لأهلها ماذا فعله الزوج لها.
أما بالنسبة لأخطاء الزوجة فالمشكلة الحاصلة أن الزوجة عندما تتكلم مع أهلها وتقول لهم فعل زوجي وفعل مع البكاء طبيعي أن يثير مشاعر الأهل ضد الزوج في الغالب خصوصًا أن المرأة ماهرة في استعطاف الآخرين لها.ماذا يحدث بعد ذلك تنسى هي هذه المشكلة!! بينما أهلها تبقى هذه المشاكل عندهم.
ولحل تدخل الأهل بين الزوجين أرى ضرورة وجود التفاهم الاجتماعى بينهم، واعتماد الزوجين على أنفسهما في حل مشاكلهما هي أفضل طريقة لسعادتهما ودليل النضج النفسي والتفاهم بينهما، وأن المشكلة الزوجية لا تحتاج في الغالب إلى تدخل الأهل من أحد الطرفين أو كلاهما بل عليهما تذكر هذه الجملة دائمًا:((لا تخرج أسرار بيتكما الزوجية خارج أسواره !! و لا تدخل الأهل في المشكلات حتى لا تزيد)) وأن يحاولا تقريب وجهات النظر بينهما عن طريق الحوار الهادىء بدلا من أسلوب الصراخ، وافتعال المشاكل. فالظروف التى يعيشها المجتمع تخلق ضغوطا على الأزواج، والأعباء التى تتحملها الزوجة سواء بالعمل داخل أو خارج المنزل تعرضها هى الأخرى لكم هائل من الضغوط النفسية التى تحتاج إلى حكمة، وتفاهم لكى تستمر الحياة، ويجب ألا يلجأ الزوجان أبداً الى عرض مشاكلهما على الأهل إلا إذا استعصى الأمر بينهما، وأصبح تدخل الأهل لا بديل عنه ، وعلى الزوجين أن يتذكرا أن بينهما جزءاً كبيراً من الحب والمودة لن يشعر به الأهل عند الحكم بينهما، لأن الأزواج في حالة الخلاف يعرضون دائماً الجانب السيئ من العلاقة، وبالتالي سيكون حكم الأهل على هذا الجانب دون مراعاة الجانب الاخر، وعندها سيكون حكماً غير سليم.
ولا بد أن يدرك الأهل أن زواج ابنتهم أو زواج ابنهم لا يعنى أن دورهم فى الحياة قد انتهى. أو أن الزوجة قد انفردت بقلب وعقل زوجها أو العكس. فما زال الأب هو الأب والأم هي الأم، ودورهما ورسالتهما لا تنتهى بمجرد زواج الابن أو البنت. وبالتالى لا داعي للتدخل المتكرر فى حياة الأبناء، حتى لا تتولد المشاكل، ثم تتفاقم، حتى يحدث أبغض الحلال إلى الله.
وعلى الزوجان أن يدركا أنهما هما المسئولان عن أي انهيارات تتعرض لها الحياة الأسرية. فكلمة حب صغيرة يمكن أن يكون لها مفعول السحر على الزوجة، ولمسة حنان من الزوجة يمكن أن تنسى الزوج كل مشاكله، وتحوله إلى حبيب مستعد للتضحية بحياته من أجل حبيبته. كما أن حديث الزوج عن زوجته باحترام أمام أهله، أو حديث الزوجة بحب عن زوجها أمام أهلها يؤدى إلى انتقال عدوى هذا الحب إلى الأهل. وهكذا يمكن بلمسات صغيرة، وقليل من الدبلوماسية كسب ود ورضا الأهل، وتحويلهم إلى مشجعين للزواج. و يحل الحب محل التصادم، ويعيش الزوجان في سعادة وهناء.
وفاء العجمي