أهمية الأسرة في المجتمع.

أهمية الأسرة في المجتمع:

تنبثق أهمية الأسرة في المجتمع من كونها مؤسسة اجتماعية، فتكوين الأسرة ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي، وتتجلّى أهمية النظام الأسري في المجتمع في النقاط الآتية:

تُعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يتكوّن منها المجتمع، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية.

تُعتبر نشأة الأسرة وتطورها ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية. تُعتبر الأسرة الإطار العام الذي يُحدّد تصرفات أفرادها فهي التي تُشكّل حياتهم، فهي مصدر العادات، والأعراف، والتقاليد، وقواعد السلوك، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكلّ أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة.

تؤثّر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر فيها؛ فإن صلحت صلح المجتمع ككلّ وإن فسدت فسد المجتمع ككلّ. تُعتبر الأسرة وحدةً اقتصاديةً، واجتماعيةً، ونفسيةً؛ لما توفّره لأفرادها من مستلزمات الحياة اليومية واحتياجاتها.

يُمكن اعتبار الأسرة وحدةً إحصائية؛ أيّ يُمكن اتخاذها أساساً لإجراء الإحصاءات المتعلقة بعدد السكان ومستوى المعيشة والنظام الطبقي، ويُمكن اتخاذها كذلك كعينة للدراسة والبحث وعمل المتوسطات الإحصائية؛ وذلك للوقوف على المشكلات الأسرية ورسم المخططات المثمرة للقضاء عليها. تُشكّل الأسرة وسطاً لتحقيق غرائز الإنسان ودوافعه الطبيعية والاجتماعية. أهمية الأسرة تربوياً للتربية هدفان أساسيان هما؛ تكوين الفرد وصقل شخصيته، والمساهمة في ترقية المجتمع وتطويره، ومن الجدير بالذكر أنّ قيام الأسرة بدورها في الرعاية والتربية باعتبارها المؤسسة التي لا يُمكن الاستغناء عنها في هذه المجالات من شأنه أن يُساهم في إبراز أهميتها العظمى وهي الأهمية الاجتماعية.

تكمن أهمية الأسرة في أنّها تبني شخصية الطفل اجتماعياً ونفسياً لكي يكون قادراً على القيام بدوره في المستقبل، بحيث يُصبح الطفل قادراً على تحمّل المسؤولية، فيتمّ تعزيز قيم ومبادئ الاحترام والتقدير لذاته وللآخرين، فإذا ضعفت الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ضعف أساس الفرد ونقطة ارتكازه ممّا يؤدّي إلى معاناة المجتمع من الانحطاط الفكري والإنساني في العلاقات الإنسانية وغياب التكامل الاجتماعي بين مختلف أوساط المجتمع.

يُمكن تلخيص دور الأسرة التربوي فيما يأتي:

تُنشئ الأسرة الروابط الأسرية والعائلية للطفل، والتي تكون أساساً لتشكّل العواطف الاجتماعية لدى الطفل والتي تدفعه للتفاعل مع الآخرين. تُهيّئ الأسرة للطفل اكتساب مكانة معينة في البيئة والمجتمع، حيث تُعدّ المكانة التي توفّرها الأسرة للطفل بالميلاد والتنشئة محدداً مهمّاً لمعاملته في المجتمع ونظرة الآخرين إليه. تُعتبر الأسرة الوسيط الأول والموثوق لنقل ثقافة المجتمع إلى الأطفال، ونقل الثقافة من جيل الآباء إلى جيل الأبناء. تُمثّل الأسرة المرجعية الأولى للطفل في معارفه، وقيمه، ومعاييره، فهي توفّر للطفل المصدر الأول لإشباع الحاجات الأساسية له، وتُشكّل الأساس الاجتماعي والنفسي له أيضاً. تنفرد الأسرة بتزويد الطفل بمختلف الخبرات أثناء سنوات تكوينه الأولى. تكون الأسرة مسؤولةً عن تكوين القيم الروحية والوجدانية والخُلقية، وتعليم الأفراد أدوارهم المتوقعة منهم. تُكوّن الأسرة الشخصية الإنسانية والقومية في المجتمع، وتغرس في أفرادها مفاهيم حب الوطن والانتماء إليه، وتعلّمهم التفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية. تلعب الأسرة دوراً فاعلاً بكونها أكثر المؤسسات انضباطاً فمن خلال الرقابة والضبط الاجتماعي تعمل الأسرة على توجيه السلوك الوجهة السليمة التي تنسجم مع المجتمع. وظائف الأسرة الحديثة تُعتبر الوظائف الجوهرية والمتعددة التي تُناط بالأسرة ثابتةً وإن اختلفت مسمّياتها من باحث إلى آخر، وإن انتقلت من السعة إلى الضيق ومن التعدد إلى الانكماش بسبب التطورات الاجتماعية التي تطرأ على المجتمع،[١] ويُشار إلى أنّ الأسرة الحديثة سُلبت بعضٌ من وظائفها؛ كالوظيفة الإنتاجية التي انتقلت إلى المصنع والوظيفة التعليمية التي انتقلت إلى المدرسة، لكنّ ذلك لم يجعل الأسرة تخرج عن وظائفها الأساسية، فعلى الرغم من ذلك حافظت الأسرة على وظائفها والتي يُمكن اختصارها بالنقاط الآتية: الوظيفة البيولوجية – وظيفة الإنجاب: والتي تضمن للمجتمع نموه واستمراره وتزويده بالأفراد الجدد، فالأسرة هي المكان الطبيعي لإنجاب الأطفال بالصورة التي يُقرّها المجتمع وهو ما يُمكن أن يُسمّى بحفظ النوع الإنساني. إشباع الحاجات الأساسية: وتكون إمّا لاستقرار الحياة نفسها وهي الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة إلى الغذاء، والملبس، والمسكن، والرعاية الصحية، أو لعيش حياة بأسلوب أفضل بإشباع الحاجات النفسية والمعنوية، مثل: الحاجة إلى شعور الفرد بالأمان، وأنه شخص محبوب ومقبول من الآخرين، كما أنّه في حاجة إلى الشعور بالانتماء إلى جماعة تمنحه الثقة والتجاوب. الوظيفة الاقتصادية: تُشارك الأسرة عن طريق أفرادها في عمليات الإنتاج الكلي في المجتمع، حيث أصبح الأبناء والزوجات يُشاركون في العمل وزيادة دخل الأسرة، كما أصبح للمرأة دور بارز في اتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بالشراء وفي ضبط ميزانية الأسرة. الوظيفة التربوية: تُعتبر الأسرة البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بتكوين ذاته والتعرف على نفسه عن طريق التفاعل مع أعضائها الذين ينقلون إليه ثقافة المجتمع، وبالرغم من انتقال جزء من وظيفة التربية والتعليم إلى مؤسسات نظامية في المجتمع تخضع لتخطيط وتنفيذ برامج موحّدة مثل المدرسة، إلّا أنّه ما زال للأسرة تأثيرات على التعليم والتنشئة الاجتماعية وخاصة تأثيرها كنظام تُعنى به المجتمعات الحديثة في تربية النشء وتوجيه الشباب، بالإضافة إلى أثر ثقافة الوالدين وإشرافهما المباشر وتعاونهما مع المدرسة وتفهمهما لأصول التربية في بناء شخصية الأبناء. الوظيفة الدينية والأخلاقية: تُعتبر الأسرة البيئة الأساسية التي يتمّ فيها غرس المعتقدات الدينية والطقوس والشعائر المختلفة والمبادئ الأخلاقية لدى أفرادها. الوظيفة الثقافية: تتمثّل الوظيفة الثقافية للأسرة في نقل التراث الحضاري، حيث تظلّ الأسرة المجال الذي يتعلّم فيه الطفل الأساليب العامّة للحياة والأعراف والأنماط السلوكية السائدة في المجتمع، وكلّما كانت الأسرة متعلمةً ساعدتها خبرتها ووعيها وعلمها على تحقيق هذه الوظيفة الثقافية بشكل متكامل حيث تنتقي الطيب من التراث وتنقله، ولا تنقل البالي والضار من التراث مثل الثأر والسحر وغير ذلك من الأمور. الوظيفة النفسية: وهي الوظيفة التي تبث في أفراد الأسرة الراحة النفسية والإحساس بالأمان والاستقرار الاجتماعي بالتالي يُصبحون ذوي شخصيات مُتّزنة، وذلك من خلال إعطاء الأبناء الاحترام والتقدير وتنمية الثقة بالنفس في داخلهم، كما تُعزّز من قيمتهم داخل الأسرة ممّا يجعلهم أشخاصاً ناجحين متفوقين، وتُعتبر مرحلة المراهقة من أهم المراحل التي يتمّ فيها إرساء قواعد البناء النفسي والوجداني، وللآباء في هذه المرحلة الأثرالأكبر في تشكيل تلك النفسية من خلال توجيهاتهم وأساليبهم في التواصل مع أبنائهم، كما يُمكن للأسرة أن تُكسب أبناءها الشخصية السوية وذلك عندما يُحاطون بجوٍّ من الثقة والاهتمام والحب داخل الأسرة.

الوظيفة الإبداعية: يُقصد بذلك قيام الأسرة بتكوين الذوق الجمالي للطفل، وتنمية الحس الإبداعي لديه، فالطفل الذي يعيش في أسرة ذات منزل مرتب متناسق نظيف يتعلّم تقدير الجمال، وإدراك التناسق والتناغم، وينشأ مُحبّاً للنظام والترتيب، على خلاف الطفل الذي يعيش في منزل تسوده الفوضى ويعمّه الاضطراب، فمثل هذا المنزل ينعكس في سلوك الطفل قلقاً وعدم استقرار، وفقدان تركيز، وسوء اتزان. الوظيفة العاطفية: ويُقصد بها التفاعل المتعمّق بين جميع أفراد الأسرة في ظلّ مشاعر العاطفة بين الوالدين والأطفال، عندما يعملون جميعاً من أجل مصلحة الحياة الأسرية، وحفاظاً على كيانها ووحدتها، وهذه الوظيفة تُحدّد الملامح الرئيسية المميزة للأسرة الحديثة. وظيفة الحماية: تحمي الأسرة أفرادها من الاعتداءات الخارجية التي قد تقع عليهم من الأسر الأخرى في المجتمع المحلي، كما أنّها تحميهم جميعاً وتُزوّدهم بكلّ ما يحتاجونه من عون مادي ومعنوي، بل أنّ حماية الأسرة لأفرادها تمتد حتّى بعد زواجهم وانفصالهم عن الأسرة الأصلية، وتتمثّل هذه الحماية في تقديم الدعم المالي والمعنوي.

عوامل نجاح وتماسك الأسرة توصّلت جميع الدراسات إلى وجود 6 عوامل رئيسية تؤدّي إلى سعادة الأسرة ونجاحها، وتكمن فيما يأتي:

الالتزام: يُقصد به أنّ كلّ فرد في الأسرة يعرف جيداً حقوقه وواجباته، ولديه إحساس بالمسؤولية تجاه الأسرة وحقوقها وواجباتها، بحيث يضع الأسرة في المقام الأول، ولكن هذا بالطبع لا يلغي أن يكون للفرد حرية شخصية. التواصل الإيجابي: وهو ضرورة لتطوّر علاقات الأفراد، ويُساعد على إحساسهم بالإشباع والرضا، حيث يلعب التواصل دوراً مهمّاً في تسيير العلاقات بين أفراد الأسرة ويجعلها مرنةً وفي الوقت نفسه قويةً في مواجهة الخلافات مثل مواجهة ضغوط الحياة اليومية، ومن أشكال التواصل؛ المشاركة الروحية، والمشاركة الوجدانية، والمشاركة الفكرية، والمشاركة الاجتماعية؛ ممّا يُمكّن الأفراد في الأسرة الواحدة من التعبير عن أنفسهم بكلّ صراحة ووضوح. التوافق الروحي: من المهم وجود الترابط الروحي والمعنوي إلى جانب الترابط المادي؛ والذي يجعل الأفراد على قدر أكبر من التماسك والتقارب في الأسرة الواحدة، كما تكون لديهم القدرة على حلّ الخلافات بطريقة فعالة، ويتسم سلوكهم بالنضج، وتكون لديهم القدرة على التعلّم من الخبرات السابقة. القدرة على مواجهة الضغوط النفسية: يُقصد بذلك القدرة على مواجهة الصعاب النفسية، والقدرة على منع المشكلات قبل حدوثها، وحتّى إن حدثت المشكلات يجدر بالأسرة أن تُحاول التخفيف من وقعها ومن الأخطار المترتبة عنها، وتواجه الصعاب بصبر وهدوء دون توتر وقلق ودون تحميل الآخرين المسؤولية. التقدير والمحبة: يُقصد به إظهار التقدير والمحبة بين أفراد الأسرة الواحدة الذي من شأنه أن يُخفّف من روتين الحياة، حيث إنّ كلمات الحب والتقدير التي يتبادلها أفراد الأسرة من وقت لآخر من شأنها أن تُشعر كلّ فرد بأهميته، ويتجلّى ذلك في استراتيجيات النقد في الأسرة الواحدة التي تقوم على ذكر المحاسن قبل توجيه النقد. قضاء الوقت سوياً: وذلك من خلال تناول الوجبات وقضاء العطلات وأوقات الفراغ معاً، وغيرها من المواقف التي تدعم أواصر المحبة بين أفراد الأسرة، فالأسرة السعيدة تسودها علاقات مباشرة ومستمرة وتتضمّن شعوراً قويّاً بالانتماء والارتباط الجماعي.

مفهوم الأسرة ساهم العديد من الباحثين العرب والغربيين في تحديد مفهوم الأسرة، وقد عرّفها القاموس النقدي لعلم الاجتماع بأنّها تلك الهيئة التي تُميّز الحياة الإنسانية والتي لا يُمكن تفسير أيّة هيئة أخرى بدون الرجوع إليها؛ لكونها تُمثّل نواة المجتمع، وهي تتألف من مجموعة من الأفراد يتقاسمون الأدوار فيما بينهم، حيث يوجد مجموعة من الشروط الواجب توافرها في الجماعة الاجتماعية ليُطلق عليها مصطلح “أسرة”، ومن أبرزها ما يأتي: وجود رابطة زوجية بين عضوين على الأقل من جنسين مختلفين. وجود صلات قرابة دموية كأساس للعلاقات الاجتماعية. وجود شكل من أشكال الإقامة المشتركة والمستمرة. وجود مجموعة وظائف محددة. وجود مجموعة قواعد تنظيمية رسمية وغير رسمية. يرتبط دراسة موضوع الأسرة عند الكثير من الباحثين بمصطلح شائع التداول في هذا الشأن وهو العائلة، حيث يوظّف العديد منهم مصطلح العائلة للتعبير بنفس الدلالة عمّا يوحي به مصطلح الأسرة، ولكن هذا غير صحيح لاختلافهما في أكثر من موضع، حيث تتباين العائلة عن الأسرة في ما يأتي: حجم الأسرة أصغر من حجم العائلة. وجود الأسرة يتردّد أكثر في المدينة ووجود العائلة يتردد أكثر في القرية. الأسرة هي الجماعة القرابية الوحيدة في مجتمع المدينة.

المراجع:

  • “الأسرة أدوار ووظائف ” .
  • أسماء صابر، “الأسرة ودورها في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل وانعكاسات ذلك على التفاعل الاجتماعي “.
  • موقع موضوع الرسمي .
Scroll to Top