اللغة العربية في حياة المرأة المسلمة.

اللغة العربية في حياة المرأة المسلمة:
ضيف الحوار: محمد عبد الإله فنديس.
أجرت الحوار: أمينة سعيد.

ضيفنا اليوم محب للغة العربية، متفانٍ في خدمتها، غيور على مستقبلها، أستاذ لا يشق له غبار، ومعلم متواضع كريم، نهل منه طلابه الأدب والعلم والمعرفة، بين ثنايا أوراقه وعلومه تتلمذ الكثيرون، رباه والده على حب القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره، حتى غدا عالمًا من أعلام اللغة والبيان يشار إليه بالبنان، عرف بفارس اللغة العربية الأستاذ مُحَمَّد عبد الإله فنديس ارتأت دعوتها أن يحل ضيفًا كريمًا عليها لنتعرف منه على أهمية اللغة العربية، ودورها في حياة المرأة المسلمة، ولنخوض في بحر اللغة العربية التي تمثل معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد من خلال الحوار الآتي:
س1 لا بد في هذا اللقاء أن نتصفح مشواركم العلمي والتعليمي وأهم المحطات في حياتكم؟
* الاسم / محمد عبد الإله علي فنديس.
* ولدت في قرية من قرى وسط الدلتا بأرض الكنانة
في 27/6/1959 م.
* حفظت القرآن الكريم مبكرًا على يد شيخي أطال الله بقاءه  في كتاب القرية وكذلك بمساعدة والدي  رحمه الله والذي كان يحفظ القرآن الكريم كاملاً، ثم التحقت بالأزهر الشريف بالمدينة المتاخمة لقريتنا حصلت على ليسانس الآداب والتربية شعبة اللغة العربية من جامعة الأزهر الشريف بتقدير جيد جدًا، وتوقفت عند هذا الحد لظروف والدي -عليه رحمة الله- المادية، وللوقوف بجانبه حيث ولدت في أسرة تضم عددًا كبيرًا من الأولاد.
* المهنة / عميد معهد ديني أزهري.
* الحالة الاجتماعية / متزوج ورزقني الله بثلاثة من الأولاد، الكبرى طالبة تدرس بنهائي كلية الطب، الوسطى تدرس بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف، والثالث وهو طالب بالمعهد الديني الثانوي الأزهري.
* أعرت إلى المملكة العربية السعودية مبعوثًا من قبل الأزهر الشريف في الفترة من 1411 وحتى 1416 لتعليم اللغة العربية.
* عضو بمنتدى الإبداع الثقافي بإقليم المنوفية، لست بشاعر إنما أقرض الشعر انفعالاً بالحدث ولي بعض القصائد المنثورة ولي كتابات لغوية ودينية شاركت بأكثر من برنامج في بعض القنوات الفضائية من أهمها النظافة في الإسلام ودور المسجد وفي خدمة القرآن ولي دروس في سيرة أعلام الصحابة في بعض المساجد ولي دورات نحوية صوتية بمعهد القراءات القرآنية وهي مسجلة ومفرغة.
س2 ما مدى أهمية إتقان معلم الدين للغة العربية؟
أعتقد أن اللغة هي أداة الفكر، وهي الوسيلة الأساسية المستخدمة في مجالات العلم الشرعي وتعليمه، والتغيير والبناء، ولأهميتها الكبيرة يجب أن يحرص معلم الدين على اختيار اللغة الجميلة، والأسلوب الأدبي اللطيف في الكتابة والتعبير وأن يبتعد كل البعد عن الأسلوب المعقد لكي يصل إلى قلب السامع وفكره.
س3 هناك بعض المؤثرات من تستخدم العامية في ندواتها وذلك بغرض استمالة قلوب الناس برأيكم هل من الحسن استخدام العامية وما هو تأثير ذلك على مسيرتها التعليمية؟
العامية لفظة لا أحبها فقد طغت على حياتنا اليومية والأدهى والأمر أن نجدها في صدارة أحاديث العلماء فلا يكاد يجيد لغة غيرها ولذلك يظهر حديثه مسخًا باهتًا ومشوهًا وإن ظن أنه يستميل قلب السامع؛ لذا كان لزامًا على مَن تعلِّم العلم الشرعي أن تلتزم الفصحى وأن تحرص على تقديم دروسها بأسلوب يجمع بين فخامة اللغة وجمالها، ودقة المعنى ووضوحه لتميل إليها النفوس، وتعلق بها القلوب؛ فالفصحى هي أرقى الوسائل لإيصال المعلومات.
س4 لا بد أن هناك آثار للتقصير في تعلم اللغة العربية ما هي هذه الآثار؟
الآثار كثيرة وهي تتمثل بنظري في ثلاثة جوانب:
الجانب الأول- المنهج الدراسي: وهو  لا يفي باحتياجات الدارس ولا يعنى بقدراته ووجدانه.
الجانب الثاني- فهو معلموا اللغة التي لا يعرف عنها معظمهم إلا اسمها فقط باستثناء قليل ممن رحم ربي ومن يعمل في مجال اللغة كثيرًا ما يصطدم بحقيقة ثابتة مفادها أن فاقد الشيء لا يعطيه.
الجانب الأخير- فهو المتلقي الذي لم يجد من يحببه في لغته بل كثيرًا ما نجده مهتمًا بل ومفضلاً لغات أخرى على لغته الأم.
س5 ما هي الثمار التي تعود على العالم من دراسة قواعد اللغة العربية؟
الثمار كثيرة نجملها في بعض النقاط:
– تقويم اللسان وحفظه من اللحن.
– تحفظ قارئ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من اللحن والتحريف.
– تعين على فهم القرآن الكريم والسنة النبوية والأساليب العربية فهمًا سليمًا بحيث نقف منه على إعجاز القرآن الكريم
س6 اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم فهناك الكثيرين من الأعداء يتربصون بها لطمس هويتها برأيكم ما هي المؤامرات التي تحاك ضد لغتنا العربية؟ وكيف يحاولون طمسها؟
أعداء اللغة ليسوا من الخارج فقط؛ فالطامة الكبرى تكمن في أن أبناءها أصبحوا أعداءها والمتصفح لقصيدة الشاعر الكبير حافظ إبراهيم “اللغة العربية ترثي نفسها بين أهلها” يدرك ذلك، وفي نظري أن أثر أعداء الداخل لا يقل خطرًا عن أعداء الخارج، والخطر الذي يهدد اللغة العربية هو النتيجة الحتمية لتقاعس العرب عن أداء واجبهم تجاه لغتهم، وتنفيذهم لخطة الاستعمار الثقافي الساعية إلى إلغاء دورها الحضاري والفكري والثقافي، والقضاء على أداة التواصل بين الحاضر والماضي.
س7 لعل سؤالنا الآتي هو كيف يمكننا الحفاظ على لغتنا العربية ومواجهة الأخطار التي تهددها وتنصب عليها من كل جانب؟
الحفاظ على اللغة واجب قومي وديني؛ فاللغة محفوظة بإذن الله بحفظ كتابه فيجب الاهتمام باللغة في مدارسنا وفي مناهجنا وفي إعلامنا ولعل مجمل القول في ذلك ما ذكره د. عبد اللطيف الشريف: “والإصلاح أساسًا يكمن في إصلاح تعليم اللّغة العربيّة في مدارسنا ومعاهدنا على مختلف مستوياتها من الرّوضة والمرحلة الابتدائيّة إلى نهاية المرحلة الجامعيّة، فلو أُصْلِحَ تعليم اللّغة العربيّة، وصُفِّيَ ممّا يعتريه من عوامل النّقص والتّخلّْف والجمود، ووُضِعتْ له المناهجُ الجيّدةُ والكتبُ القيمةُ والأساليبُ المتطوّرة المفيدة، لاجتزنا أصعبَ العلاج، وقطعنا من طريق الإصلاح معظمه، ذلك أنّ التّعليم هو المصدر الأساس الّذي يُزَوِّد كلّ مرافق الدّولة والمجتمع بالعناصر اللاّزمة، ويُعِدّ كلّ الكوادر لإدارة الأعمال ومزاولة الاختصاصات، فإذا كان واقع اللّغة العربيّة في التّعليم ضعيفًا ومهزوزًا وسيّئًا، لم يخرِّجْ إلاّ ضعفاءّ في لغتهم بطبيعة الحال، فينقل المتخرَّجُ الموظّفُ أو الطّبيبُ أو المهندسُ أو الصّحافيّ أو المذيع أو السّياسيّ أو المحاسب والاقتصاديّ وغيرهم، ضعفَهم الّذي ورثوه من التّعليم إلى مواقعهم ومناصبهم، لأنّهم جميعًا خرجوا من وعاء التعليم، وإذا كان تعليم اللّغة العربيّة صالحًا وجيّدًا، خرّج تبعًا لذلك عناصر تتمتّع بالكفاية اللّغويّة، وتُحسن التّعامل مع اللّغة، وتنقل ذلك إلى وظائفها ومراكزها”.
س8 أستاذنا الفاضل كيف ترون واقع المرأة المسلمة في عالمنا العربي هل يعد حراكها في المستوى المطلوب أم أننا بحاجة للمزيد من الجهود؟
الذي ألمسه أن المرأة قد حملت رسالتها على عاتقها وتحاول جاهدة أن تؤدي رسالتها على أكمل وجه وبرأيي أن الدور المنوط بها لهو أبلغ أثرًا وأوقع نفعًا إن هي قامت به خاصة وأن المجتمع النسائي متعتطش لدينه تواق لمعرفة ربه.
س9 برأيكم حين تتقن المرأة اللغة العربية كيف يؤثر ذلك على الجيل الصاعد وخاصة أنها مربية لهذا الجيل في الداخل والخارج؟
المرأة إن لم تتقن لغتها فلن تصل إلى مرادها وستكون كساعٍ إلى الهيجاء بدون سلاح وخاصة أنها أم ومربية فكما ترضع الصغير لبنها سترضعه لغتها أيضًا.
س10 هل اللغة العربية تساهم في نجاح مسيرة المرأة حين تتقنها وتستخدمها في حياتها اليومية؟
نعم فالمرأة تتميز عن الرجل بالطلاقة اللفظية كما يقول علماء النفس فإن هي أتقنت لغتها نجحت مسيرتها وكان وقع لغتها على الأسماع ممتعًا وعلى القلوب الظمأى منهلاً عذبًا ومرتعًا خصيبًا.
س11 برأيكم كيف يمكن أن نصف واقع اللغة العربية بين علمائنا في الوقت الحالي؟
إنه واقع مؤلم بل يصل في بعض الأحيان إلى وصفه بالاشمئزاز من كثرة ما يلاحظ من لحنهم في لغتهم فلا يفرق أحدهم بين فعل وفاعل ولا بين مرفوع ولا منصوب.
س12 مَن المسيطر على ساحة  تعليم الدين اليوم العلماء الذين يستخدمون اللغة الفصحى في دروسهم أم الذين يتحدثون بالعامية؟
بالطبع الذين يتقنون الفصحى السهلة والأسلوب الحواري المقنع المشوق.
س13 نترك السطور الأخيرة لمداد قلمكم لتسطرون به ما يجول بخاطركم؟
أحلم بأن أرى الفصحى وقد علا شأنها بين أهلها، أحلم بأن أراها مفعلة في بيوتنا وفي مدارسنا وفي مساجدنا وفي متاجرنا وفي أسواقنا وفي كل أمورنا وما ذلك على الله بعزيز؛ فاللغة باقية ببقاء القرآن الكريم الذي تعهد الله  جل وعلا  بحفظه.

Scroll to Top