وأنا خيركم لأهلي:الآيات التي تُثبت “القوامة”، وترتب درجة للرجال على النساء واضحة: (الرجال قوامون على النساء …)، (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف … وللرجال عليهن درجة)، (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)، (كفى بالمرء إثمًا أن يُضيَّع من يعول)، (إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)؛ فمن منا يرضى أن يكون لئيمًا! هذا وغيره في معنى القوامة، أما كيفيتها فنجدها في تطبيق سيد الخلق أجمعين النبي محمد صلى الله عليه وسلم القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، قالها وعاشها فما ضرب خادمًا، ولا سأله عن شيء فعله لمَ فعلته، أو عن شيء لم يفعله، لمَ لمْ تفعله.. فما بالك بزوجاته أمهات المؤمنين، وقد صدر عنهن أحيانًا ما يدعو إلى “التأديب” فما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلا في سبيل الله.
إن الله قد خلق الذكر وفيه استعداد فطري لكي يكون رجلاً مسؤولاً ومديرًا وراعيًا، كما خلق الأنثى ولديها استعداد فطري لتكون امرأة حانية ومسؤولة وراعية، ويكتسب الرجل “القوامة” “بقيامه” على شؤون أسرته من نفقة وتدبير عيش، وإدارة شؤون، ولا يمكن فهم “القوامة” إلا في إطار مفهوم ودور “الرعاية” و”المسؤولية” التي أرشد إليها حديث (كلكم راعٍ).
القوامة والكبير:
* الكبير: ملجأ عند الشدة، ورأيٌ في مواجهة الأزمة، وبذلٌ عندما تشح الموارد، واطمئنان إلى جنب الله حين يفزع الناس ويقلقون.
* والكبير: حكمة وخبرة وغفران وتغاضٍ، لا حماقة وخفة ومناطحة وتقريع.
* والكبير: تورع عن الخوض في الصغائر، ثورة بسببها، أو غضبًا منها، أو حسابًا عليها.
* والكبير: تدبير وتمرير لا تدمير وتكسير، يسكت في غير عجز، ويتغاضى في غير ضعف، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، ويمنح من ذهنه، وبسط وجهه، وحسن خلقه ما لا يستطيعه محدود الأفق، أو ضيق الصدر، أو شحيح البذل، أو لئيم الطبع.
أيها الرجل تُكرر: (لو كنتُ آمرًا بشرًا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها)، وتنسى أو تتناسى قوله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا، وأقربهم مني مجلسًا، ألطفهم بأهله).
الجانب الشرعي نجده في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته؛ فعلى الرغم من انشغالاته الدائمة فإنه كان يخصف النعل.. ويحلب الشاة، ويقُمُّ البيت، ويكون في خدمة أهله، وهاهو يقول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)؛ فكم هو النبي عظيم في خلقه، وإدارته للصراع؟ فإذا كان طيبًا مع أهله فمن الأولى أن يكون طيبًا مع الناس، فلم يكن له شخصيتان -اجتماعية وبيتية- بل كان خلقه واحدًا، ومع أهله البر.
موقف عمر بن الخطاب:
قال الأعرابي: يا أمير المؤمنين، جئت إليك أشكو خُلق زوجتي، واستطالتها عليّ، فرأيت عندك ما زهَّدني، إذ كان ما عندك أكثر مما عندي، فهممت بالرجوع، وأنا أقول: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟ فتبسم عمر وقال: يا أخا الإسلام، إني أحتملها لحقوق لها عليّ، إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، مرضعة لأولادي، غاسلة لثيابي، وبقدر صبري عليها، يكون ثوابي، ونعم الرجل عمر. فهكذا يكون الرجل مع زوجته، فبالرغم من قوة عمر وسلطته، إلا أنه كان رفيقًا بزوجه، يحتمل صراخها، ولا يبادلها بمثله، فأين رجال اليوم منه.
وقد لحظ المصطفى عليه الصلاة والسلام أن هناك بعض المنغصات ربما تحدث بين الزوجين، فنبه على ذلك ليسد باب البغض فقال: (لا يفرِكنّ مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها خلقًا آخر) “رواه أحمد ومسلم”؛ فلا وجود للبغض، بل حب وتسامح من قبل الزوجين، ولا داعي لوجود المنغصات فإن وجد شيء منها فلا بد من إزالته، وذلك بالرجوع إلى العهد الذي بينهما: عهد المودة والرحمة، عهد المحبة والاستقرار؛ فالمشاحنات اليومية، والخلافات المستمرة لا وجود لها بين زوجين، أحبا بعضهما حبًا خالصًا لا تشوبه شائبة.
أول حق للزوجة، هو تلك المعاشرة الحسنة من قبل الزوج، ويتضح هذا من خلال قول الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) النساء: 19؛ فالمعاشرة الحسنة هي أساس اطمئنان النفس، وركن من أركان الحب الذي يظهره الزوج لزوجته، فمهما قدم لها من حقوق، وكان فظًا معها في معاملته فسيبقى الاطمئنان والارتياح النفسي مفقودًا بينهما.
ومعلوم أن الرسول كان يكرم زوجاته ويتحبب إليهن وإذا سئل عن أحب الناس إليه قال “عائشة” وأنه كان يقف لها حتى تشاهد لعب الحبشة بجوار المسجد وأنه كان يسابقها وتسابقه، وكان يضع ركبته لتصعد عليها صفيه إلى ناقتها ويقوم عندما تأتيه ابنته فاطمة ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها وأنه كان يكرم من يزوره من كرام السيدات خاصة من كن يزرنه أيام خديجة ويفرش لهن رداءه.المعلومات منقولة بتصرف وترتيب وجمع من المصادر الآتية:
http://islamonline.netالمصدر: صيد الفوائد.