الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
ضيف الحوار: الشيخ الداعية د.عبدالباري خلة
أجرت الحوار: أمينة سعيد
يتحدث د. عبدالباري خلة دكتوراه في الفقه المقارن عن فضل الحج والعمرة فيذكر قول الله تعالى: “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ” سورة آل عمران 97، ويستشهد بحديث رسول الله عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ” رواه البخاري.
و أكد خلة أنه جاء في الحديث دليل على وجوب الحج وهو ركن من أركان الإسلام من استطاع إليه سبيلاً، كما يقول الله تعالى: ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ” سورة آل عمران 97.
وبين الداعية خلة أنه من رحمة الله تعالى وتيسيره أن جعل الحج مرةً في العمر، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا – يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ ” قَالَ: فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ” لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، – أَوْ: لَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا – الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ” رواه أحمد بسند صحيح.
وقال الداعية عبدالباري خلة أن على المسلم أن يبادر بالحج عند الاستطاعة، فإن الإنسان قد يعرض له من الموانع ما يعرض.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ، يَعْنِي الْفَرِيضَةَ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ” رواه أحمد بسند حسن.
ودعا خلة خلال حديثه إلى المسارعة إلى فعل الخيرات كما يقول الله سبحانه: ” وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ ” سورة آل عمران 133، وقال الله تعالى: ” فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ” سورة البقرة 148.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَجَّ هذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ” رواه البخاري.
وتطرق الداعية إلى فضل الحج وثوابه فقال إن فضله عظيم عندالله وثوابه كبير فبعد الحج يرجع الحاج من حجه طاهراً، كيوم ولدته أمه، بشرطين:
الأول: لم يَرْفُثْ والرَّفَثُ: الجماع ودواعيه.
الثاني: ولم يَفْسُقْ والفسوق: الخروج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، ومنها محظورات الإحرام، كما قال الله تعالى: ” فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جدَالَ فِي الْحَجِّ ” سورة البقرة 197
فإذا أحرم الحاج من الميقات فليلتزم شعائر الله، وَلْيَنْتَهِ عما ينافي الإخلاص لله تعالى وقَصْدَ بيته الحرام، فلا يرفث ولا يفسق ولا يخاصم ولا ينازع، لأن ذلك ينافي حكمة الحج.
وطالب خلة على حرص الحاج بتحقيق أسباب المغفرة، فمن الأمور المستحب على الحاج أن يحرص عليها إذا عزم الحج:
أن يعرف أحكامه، ويعرف كيفية أدائه لأن شرط قبول العبادة: أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، موافقة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فعن جَابِر قال رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ. رواه مسلم.
وعن أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ: إِيمانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ: ثُمَّ ماذا قَالَ: الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ قِيلَ: ثُمَّ ماذا قَالَ: حَجٌّ مَبْرورٌ” رواه البخاري.
على الصعيد ذاته تناول خله الحديث عن معنى الحج المبرور وصفاته فقال:-
1. أن يكون صاحبه بعيدا عن الذنوب والمعاصي.
2. أن يكون حسن الخلق، ولين الجانب، كما كان صلى الله عليه وسلم في حجته.
3. أن تكون النفقة من الحلال، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }
وَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ. رواه مسلم.
4. الإخلاص لله تعالى والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: ” الحج المبرور هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق، ويكون بمال حلال “.
وأكد خلة على أنه يجب على الحاج أن يفعلها في هذه الأيام الفضيلة أن يعظم شعائر الله تعالى، مستشعرا عظمة الله تعالى، فيؤدي مناسكه كما أمر الله تعالى وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: ” ذلِك وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ” سورة الحج30
وقال الله تعالى: ” ذلِك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ” الحج32 .
ومن شعائر الله مناسك الحج، قال الله تعالى: ” إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ” سورة البقرة 158 .
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ “رواه البخاري.
ففي الحديث دليل على فضل الحج المبرور فالعمرة إلى العمرة كفارة تكفر الذنوب الصغائر والحج إذا كان مقبولا فإن جزاءه الجنة.