خطوات عملية لحل المشكلات الصعبة:منصور محمد فهد الشريده.بسم الله الرحمن الرحيم
في الحقيقة أنا لا أعتقد أن هناك طريقة واحدة لحل مشكلتك الصعبة، كما أن الطرق التي سوف تستخدمها لحل المشكلة تعتمد على طبيعة المشكلة نفسها.
لكن لدي مجموعة من النصائح التي ساعدتني في حل المشكلات، ربما من النادر أن أعمل بكل هذه النصائح سويًا في حل المشكلات، كما أن هذه النصائح ليست مرتبة أو منظمة في تصنيفات.
على كل حال لقد وجدت أن تطبيق بعضًا من هذه النصائح في بداية المشكلة يقلل من حدتها، ويساهم في حلها بشكل أسرع، ويقلل من المضاعفات والآثار السلبية للمشكلة.
1- القضاء على المشكلة قبل أن تكبر: إن هذا هو أول ما يجب أن تقوم به عندما تبدأ التعامل مع مشكلة ما، فمتى ما عالجت المشكلة، وحقيقة أن المشكلة موجودة فعلاً واعترفت بها، وتوقفت عن مقاومتها وإهمالها؛ فإنك ستتوقف عن إلقاء الجمر على النار وإذكاء المشكلة بمشاعرك السلبية تجاهها، وإن المشكلة موجودة فوفِّر طاقتك النفسية واصرف جهدك بشحنات موجبة في ابتكار الحل لها عاجلاً لا من صرفها على شكل شحنات سالبة في مقاومة قبول وجودها.
2- اسأل نفسك: ما هو أسوأ شيء يمكن حدوثه؟ هذه نصيحة أخرى يجب أن تقوم بها في بدايات حدوث المشكلة، توقع أسوأ النتائج؛ فإن تفكيرك يمكنه بسهولة أن يعقد المشكلة، وقد يقودك إلى أن تشعر بأنها ضخمة وخارج نطاق احتمالك، لذا فإنك عندما تسأل نفسك هذا السؤال ستضع المشكلة في حجمها الطبيعي، وستكتشف أن أسوأ سيناريو لها -إذا كنت قد جاوبت على السؤال وحددتها بوضوح- وإن كان مزعجًا وغير محبب إلا أن التعامل معه في نهاية الأمر وارد وممكن.
3- اجمع معلومات جيدة ووافية عن المشكلة: إن جمع المعلومات الدقيقة والحقيقية والصحيحة عن مشكلتك غالبًا ما يقلل القلق غير المبرر والمخاوف غير الحقيقية التي تواجهها عندما تتحدى المشكلة، والمعرفة تبدد غيوم الخوف التي تحيط بالمشكلة، وتكشف لك غالبًا أن المشكلة ليست بالخطورة التي توقعتها.
4- حاول أن تتنبأ بإمكانية حدوث المشكلة طوال الوقت: إنه أمر يمكنك أن تفعله ولو لم تنشأ المشكلة، كن مستعدًا، واستفد من المعلومات التي جمعتها -كما ذكرنا في الخطوة السابقة- وحاول أيضًا أن تكتشف ما هي الاحتمالات التي قد تحدث في مثل موقفك وحالتك، وما التحديات التي قد تواجهها، أسأل الآخرين، فإن لم تجد من تسأله فإن الكتب والمدونات والمنتديات هي مصادر ثرية لخبرات الآخرين، إضافةً إلى ذلك كن متابعًا جيدًا للمجموعات المحلية التي قد تفيدك، ومواقع الاستشارات، وتأمل في نتائج البحث، وإذا كان سمعك مصغيًا وعينك متيقظة فإنك حتمًا ستلتقط شيئًا مفيدًا لك بإذن الله.
5- اطلب المساعدة: يمكنك أن تطلب الناس نصيحتهم في الذي ينبغي عليك أن تفعله، أو تسألهم عن الذي فعلوه في حالات مشابهة لحالتك، ومن ناحية أخرى فيمكنك أن تطلب منهم أشياء أكثر عملية، وأن يساهموا ويتدخلوا في حل المشكلة؛ فلا يجب عليك أن تكون مسؤولاً وحدك عن حل مشاكلك بشكل دائم، وإن وجود الآخرين في صفك يشعرك بالارتياح نفسيًا حتى لو لم يكن منهم سوى الدعم النفسي.
6- تخلّص من شعور “يجب أن أكون على صواب”!: كن منفتحًا على الحلول التي قد تنجح في حل المشكلة بدلاً من الحكم المتسرع عليها بناءً على خبرات قليلة ومعلومات غير دقيقة، وإن الخوف من الخطأ والشعور الداخلي بضرورة النجاح وبغض الفشل قد يدفعك إلى أن تتجاهل حلولاً ناجحة في معالجة المشكلة هي أقرب ما تكون في متناول يدك.
7- حاول أن تصل إلى أكثر من حل: لا يمكن أن تكتشف -فعليًا- جدوى الحل والقرار الذي اتخذته قبل أن يطبق على أرض الواقع، ما يبدو أنه حل مثالي نظريًا يمكن أن يخفق عند التطبيق الميداني؛ لذا حاول أن توجد مجموعة من الحلول، على الأقل عبر العصف الذهني، وفي حال فشلت في الحل الأول انتقل إلى الثاني وهكذا.
8- أعِد تعريف “الإخفاق والفشل”: إن هذه النصيحة مهمة لسببينْ:
أولهما- كيفية تعاملك ومعالجتك للخوف من الفشل من المشكلة.
والثاني- هو استخدام وتجربة الحلول المختلفة دون تردد.
فإن تعريف الفشل الذي ترعرعنا عليه ونشأنا فيه قد لا يكون هو التوصيف الصحيح للفشل، وبنظرة سريعة على الناجحين من حولنا ستكتشف أنهم يختلفون عادةً في استجابتهم للإخفاق عن الآخرين، وإنهم لا يتعاملون مع الفشل بصورة سلبية وأنه نهاية العالم بل بدلاً عن ذلك يحاولون البحث في الجانب الجيد لتجربة الفشل ويحاولون التعلم من أخطائهم، ويبحثون في الأمر الذي جعلهم يفشلون وكيف يمكنهم تجنب ذلك في المرة القادمة، وأن لديهم سعة أفق، ويعلمون أن الفشل في العمل يبدو حماقة في بادئ الأمر، لكنه لا يستمر كذلك، فيتعلمون ويحاولون مرة أخرى، وعلينا إعادة تعريف الإخفاق والفشل على أنه درس وتغذية راجعة لممارساتنا، كما أن حدوثه أمر طبيعي وهو جزء من النجاح في الحياة.
9- فتِّت المشكلة إلى أجزاء صغيرة: إنجاز المهمة تمامًا أو حل المشكلة بالكامل قد يبدو أمرًا صعب المنال أو مستحيلاً عند التعامل مع المشكلة كبنية وكتلة واحدة، ولتخفف من القلق النفسي والارتباك الذهني الذي تسببه المشكلة ولتنظر إليها بوضوح، حاول أن تجزئها، حاول أن تحدد المكونات الرئيسية لها والمشكلات الصغيرة التي أدت إليها والأشخاص الذين لهم تعلق بها، ثم حاول أن توجد إجراء أو حلاً مصغرًا لكل مكوِّن على حدة، هذه الإجراءات والحلول الجزئية قد لا تحل المشكلة بالكامل وقد تحل أجزاء صغيرة منها لكن هذا الأمر مفيد في التخفيف منها، ولو استمر الحال بهذه الصورة لكافة المكونات فلربما حلت المشكلة بالكامل عبر جزيئاتها الصغيرة.
10- استخدم الوقت النسبي: استخدم 80 % من وقتك لإيجاد حل للمشكلة، و20% من الوقت للمراجعة مع النفس والتفكر، قد يبدو ذلك صعبًا لمن هم تحت وطأة المشكلات، لكن تركيز الجهد والطاقة والتفكير في التحرك العملي لحل المشكلة أكثر نفعًا وجدوى من هدر الوقت في الشكوى والإحباط والانشغال الذهني برسم سيناريوهات الآثار الأسوأ لاستمرار المشكلة.
11- استحضر قانون “باركنسون”: يقول قانون باركنسون: “أن العمل يتمدد ليملأ الوقت”، فإذا حددت لنفسك أسبوعًا لحل المشكلة، فإن المشكلة ستنمو وتتمدد لتشغل الحيز الذي أعطيته لها، وسيزداد الأمر تعقيدًا تبعًا لذلك، ركِّز جهدك في الفترة التي ستحل فيها المشكلة، وحدِّد لنفسك ساعة بدلاً من يوم كامل، أو يومًا واحدًا فقط بدلاً من أسبوع كامل لحلها، هذه الطريقة ستدفع عقلك للتفكير والتحرك الفعلي للحل، وإذا دمجت استحضار قانون باركنسون مع قاعدة 20/80 فسوف تجد أن حلك للمشكلات سيصبح أسرع وأكثر فعالية.
12- استخرج الدروس والفرص التي في المشكلة: غالبًا ما يكون هناك جوانب مضيئة في المشكلة، فربما كانت تنبيهًا لنا لتطوير ذواتنا وتحسين أعمالنا، أو ربما تعلمنا منها أن الحياة ليست بدرجة السوء التي توقعناها، فإن البحث عن الجوانب الإيجابية للمشكلة يقلل من آثارها النفسية السلبية، وقد يجعلنا نرى المشكلة فرصة حقيقية للتحسين، فإذا وجدت نفسك متورطًا في مشكلة ما، اسأل نفسك هذه الأسئلة: كيف يمكن أن أستفيد منها؟ ما هي الجوانب الإيجابية في الموضوع؟ ما الذي سأتعلمه من هذا الموقف؟ ما هي الفرص التي كانت غائبة عني وأبرزتها لي هذه المشكلة؟
13- تحدث عن المشكلة بواقعية ووضوح: قد تتفاقم المشكلات بسبب أن شخصًا ما قد أساء تفسير ما قاله شخص آخر، وللتأكد من أن فهمك للموقف هو نفس الفهم الموجود لدى الآخرين الذين تتعلق بهم المشكلة، اطلب منهم أن يعيدوا لك شرح الموقف وتصورهم له، لترى هل التصور متطابق بينكم أم أن هناك اختلاف أو تناقض في الفهم، في حالة وجود الاختلاف، تحدث مرة أخرى في الموضوع بحياد متخلصًا من الانطباعات والمشاعر الشخصية التي قد تؤثر على الموضوع، لكي يكون النقاش أكثر أريحية وأقل شحنًا من الناحية النفسية وأكثر وضوحًا في الحديث عن التفاصيل، وإن الاتفاق على تعريف المشكلة وتداخلاتها يصل بالجميع لحل يتبنونه.
14- “لا تثر المشاكل!”: كثير من المشاكل نحن السبب الرئيسي في حدوثها، احمِ نفسك من الوقوع في المشكلات عبر الاستباقية لحدوثها والتفكير جيدًا قبل الإقدام على العمل أو الحديث، وتحاشَ صناعة الأزمات التي ليس لها ضرورة حتمية، طبِّق الحكمة التي قالها دايل كارنيجي -قدر المستطاع- والتي تقول “لا تنتقد أو تشتكي أو تدين أبدًا”؛ لأنها تعتبر أحد الطرق التي تقلل من حدوث المشكلات، كثير من المشكلات التي تواجهنا تتصل بشكل أو آخر بالعلاقات مع الآخرين؛ لذا فإن تطوير المهارات الاجتماعية في الاتصال والتعامل مع الغير والحوار والإقناع …إلخ، من شأنه أن يقلل من حدوث المشكلات.
15- استخدم كلمات إيجابية: تتعامل عقولنا في الغالب مع الكلمات التي تصف الأشياء وتأخذ الانطباع عنها، كلمة “مشكلة” كلمة لها إيحاء سلبي، ويمكن استخدام كلمة ذات إيحاء إيجابي بديلاً عنها مثل كلمة “تحدي” على سبيل المثال، قد تبدو هذه النصيحة فارغة أو قد تبدو عديمة الجدوى، ولكن -بالنسبة لي على الأقل- وجدت هذا الشيء الصغير مؤثرًا في الانطباع النفسي السلبي الإيجابي الذي أنظر به إلى الحالة.
16- حافظ على الدافعية العالية: من السهل أن تصبح محبطًا، وبخاصة إذا كنت خائفًا من الفشل، أو أن الحل الذي طبقته قد فشل في علاج المشكلة، سوف تشعر بالاستسلام، عند هذه النقطة يجب أن تعطي نفسك شحنة إيجابية ودافعية، جرِّب مجموعة من التكتيكات؛ فإن تغيير طريقة تفكيرك لمزيد من التفاؤل والإيجابية والتحفيز تصنع الفرق كله، ستجعلك تستمر في العطاء والكفاح، حتى في تلك اللحظات التي تشعر في بدايتها أن الأمل مفقود.