معلمة نجحت مع أطفال عندهم فرط حركة:
د. جاسم المطوع.
رأيت معلمة محفظة للقرآن جمعت مجموعة من الطلبة في فصل وكانت تحفظهم القرآن وهي واقفة، والأطفال كانوا يلعبون ويتحركون وهي تتحرك وتقفز معهم أثناء تحفيظهم للقرآن، فقلت لها: لماذا تقفزين وتتحركين والأطفال وأنت تحفظينهم للقرآن؟ فقالت: نحن في مدرسة خاصة وقد جمعتُ كل الطلبة من الأطفال الذين لديهم فرط في الحركة ونشاط زائد ويصعب عليهم الجلوس على الكراسي لتحفيظ القرآن، فقلت لمديرة المدرسة: أنتم منزعجون من الأطفال الحركيين وأنا كذلك عندي فرط حركة ولا أحب الجلوس، فاقترحتُ على إدارة المدرسة أن نخصص فصلاً خاصًا لمن عندهم نشاط زائد، ونحفظهم القرآن من خلال اللعب والحركة والقفز، وقد نجحت نجاحًا كبيرًا بتحفيظهم القرآن فهم أذكياء ومتميزون، وقد حفظوا جزءًا كاملاً حتى الآن ولكن مشكلتهم الحركة الزائدة.
إنها تجربة فريدة وذكية في التعامل مع الأطفال كثيري الحركة، فبدل حبسهم أو تعنيفهم أو الحكم عليهم بأنهم لا يصلحون للدراسة أو التعليم يتم توظيف كثرة حركتهم بطريقة تعليمية ذكية؛ فتكييف البرامج التعليمية مع قدرات الطلاب ومواهبهم وصفاتهم أكثر نفعًا من أن نحبسهم في إطار واحد لا بد أن يلتزموا فيه سواءً كان هذا النظام التعليمي يتوافق مع قدراتهم أم لا، فبدلاً من النقد والتذمر من كثرة حركة الطفل، نوجِد له حلولاً عملية لتفريغ طاقته، وصرف نشاطه الزائد في شيء مفيد؛ فالطفل الذي لديه نشاط زائد أحيانًا يعاني من صعوبة في الاستماع أو الالتزام بالتعليمات، ولا يمكنه الجلوس على المقعد لفترة طويلة وفي الغالب يتحدث كثيرًا أو يوقف من يتحدث، ويكونون متسرعين وسريعي الغضب وقلقين، ولهذا فإن أفضل طريقة في التعامل مع هذا النوع من الأطفال أن نكرر عليهم التوجيه التربوي ولا نملّ أو نضجر من ذلك، ومن أفكار تفريغ طاقتهم أن نوجِد لهم ألعابًا حركية مثل لعبة الكرة أو السباحة أو النطاطية أو غيرها من الألعاب الحركية، وأن ندربهم على كتابة الأعمال التي سيقومون بها كل يوم؛ حتى يتعلموا على روتين معين للإنجاز، ولعل من أهم الأمور التربوية أن نعلمهم كيف يتعاملون مع مشاعرهم؛ حتى لا يكونوا كثيري القلق والغضب والتوتر، وأن نخبرهم بما هو جيد وما هو سيئ لمشاعرهم، ومحاولة التقليل من ارتباطهم بالشاشة سواءً كانت الشاشة هاتفًا أو كمبيوتر حتى نجعله يفرغ طاقته بالألعاب والحركة.
ومن الرياضات المهمة للأطفال كثيري الحركة رياضة الكاراتيه وهي من الفنون القتالية وتساعد الطفل على تفريغ الطاقة بكثرة الحركة وكذلك تساعده على التركيز وبناء الثقة، أما رياضة الكرة كالقدم والسلة والطائرة وخاصة الرياضات الجماعية فتعلم الطفل روح الفريق الواحد وكيفية التعامل مع الآخرين من خلال الرياضة بالإضافة إلى تفريغ طاقته، ومن كان منهم عنده موهبة الصوت الجميل أو الخط الحسن فتنمية مثل هذه المواهب كذلك مهمة لتفريغ طاقته بهواية يحبها وتجعله متميزًا على أقرانه، ورياضة السباحة تعتبر علاجًا فعالاً لكل طفل يعاني من فرط حركة؛ لأنها تجعله يتحرك كثيرًا وتنظم تنفسه وتحرق سعراته الحرارية، والتعامل مع الطبيعة مثل البرامج البحرية أو الصحراوية أو حتى المشي بالجبال والغابات وتسلق الصخور ورياضة التجديف أو الغوص كلها رياضات مفيدة لتفريغ الطاقة وتنمية العضلات.
ولهذا ضروري جدًا ونحن نفكر كيف نفرغ طاقة الطفل الذي لديه فرط في النشاط ألا نهمل الألعاب والرياضات العقلية وهي ما نسميها بألعاب التفكير؛ حتى يكون عنده نمو متوازن بين عقله وجسده، فالتنوع في وسائل علاج المشكلة مهم جدًا حتى لا يمل الطفل، وأذكر إحدى الأمهات قالت: بأنها كانت تعالج فرط الحركة عند ابنها بقراءة القرآن والرقية؛ لأنه كان عندما يستمع للقرآن يهدأ من كثرة حركته ونشاطه، وأحيانًا يكون سبب كثرة الحركة طبيعة الأكل الذي يأكله الطفل، وخاصةً من السكريات أو طبيعة الحياة التي يعيشها دائمًا في غرف مغلقة، وضبط الأكل وخروجه لأماكن واسعة من أفكار تفريغ الطاقة كذلك.
المصدر: صحيفة اليوم.