المثبطون في حياة المسلم آفة يجب استئصالها.

المثبطون في حياة المسلم آفة يجب استئصالها:

ضيف الحوار: الشيخ عبد الباري خلة.

أجرت الحوار الصحفية: أمينة سعيد.

 

معاناة الناس مع المثبطين لا تنتهي؛ فهي تتجدد باستمرار، وخاصةً في وجود أناس ناجحين، فالمثبطون هم أشخاص عجزوا عن تحقيق هدفٍ في حياتهم، وفي كثير من الأحيان هم أعجز من أن يكون لديهم طموح أو أهداف، فيقومون بتثبيط أو إحباط الآخرين عن الوصول لهذه الأهداف.

وأكّد الشيخ عبد الباري خلة أن المسلم لا ينبغي أن يلتفت إلى أصوات المثبطين، وعليه أن يمضي إلى الله مستعينًا به مسترشدًا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقال من مداخل المثبطين وسلوكياتهم الخاطئة حمل الناس على اليأس، وأنه لا يمكن التغيير.

وبيّن خلال حواره مع موقع دعوتها العلاج للمشاكل التي يوردها المثبطون وذكر منها: الابتعاد عنهم، وعدم الجلوس معهم؛ فهم كنافخ الكير ربما يحرق ثيابك أو تشم منه رائحةً كريهة،

واستشهد في بداية حديثه بقول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمِين) فصلت: 33.

مبينًا أن المنافقين المثبطين كانوا وما زالوا يقفوو أمام أهل الخير؛ لصدهم عن القيام بعملهم، فقد وقفوا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه موقفًا سلبيًا وقالوا لا تجاهدوا في سبيل الله فإن الجو حار قال الله تعالى: (وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًا لو كَانُوا يَفْقَهُون) التوبة 81، واعترضوا على المؤمنين الذين قاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو سمعوا كلامنا ما قُتلوا، قال الله تعالى: (الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِين) آل عمران: 168، وقالوا لا تذهبوا للقتال في سبيل الله فإن أهل مكة أقوياء مع الأحزاب ولا طاقة لكم بهم قال الله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران: 173.

وبيّن خلة أن السنة النبوية دعت إلى الامتثال إلى شرع الله كما ورد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو رضي الله عنه أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً … وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) “رواه البخاري”.

في الإطار ذاته يرى خلة أن هناك نوع من المثبطين من يتهم الناس بالتقصير والهلاك وهذا باطل وقد حاربه النبي صلى الله عليه وسلم فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ) “رواه مسلم”.

ونصح خلة المسلم بعدم الالتفات إلى أصوات المثبطين وطالبهُ بالمضي إلى الله وعمل الخير مستعينًا به تعالى، مسترشدًا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وأكّد خلال حديثه على أن وقوف المثبطين أمامه قد يؤثر عليه وخاصةً الصغار فقال: هناك كثير من الشواهد على ذلك فكم مرة توقف البعض وترك العمل بسبب المُحبطين؟ مبينًا أن هذا الصنف من الناس من أخطر المثبطين لكونهم إمعات يريدون أن يكون الناس مثلهم يقول الله تعالى عن المنافقين: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين) التوبة: 47؛ فالخطورة: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُم) أي: هناك مَن يتأثَّر بقولِهم.

وحول الحلول التي يمكن من خلالها علاج مشكلة المثبطين يرى خلة أن على المرْء الابتعاد عن المثبِّطين وعدم الجلوس معهم؛ فهم كنافخ الكير ربما يحرق ثيابك أو تشم منه ريحًا خبيثة كما في الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) “رواه البخاري”، وأكّد أن نافخ الكير ضرَرُه مُتعدٍ وكذلك المثبِّط؛ والسلامة في الابتعاد عنه.

كما طالب بعدم السماع لهم وذكر ما روي في السابق أنه قد أُعلن مرة عن مسابقةٍ بين الضفادع في تسلُّق برجٍ عالٍ، والعودة بالعلم الموجود، فتزاحمَ المتسابقون، وانطلقَ جميعهم في همة عالية، وبعدَ فترة بدؤوا يتساقطون، وهتف الجمهور من المثبطين ارحموا أنفسكم، برج عالٍ لا تستطيعون؛ فسمع من سمع ورجع يائسًا، ولم يبقَ إلا عدد قليل، ولم يَصعد إلا ضفدع واحد، وقد فاز أعلمتم لماذا فاز؟ لأنه أصمّ لا يسمع ولو سمع ربما أصابه ما أصاب أقرانه.

ومن الحلول أيضًا رفض الرسائل السلبية، والإحباطات النفسية وليكن ذلك منهجًا للتعامل مع المثبِّطين، وأن يكون واثقًا بالله محسن الظن به، واستشهد بالقصة التي تتحدث عن أمر الله موسى -عليه السلام- بالخروج ليلاً مع بني إسرائيل، وتبِعَه فرعون فقال المثبطون إنا لمدركون من فرعون وقومه فقال الواثق بربه كلا، قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء، ف(كَلَّا) رفض لكلامهم.

ونصح خلة الجميع بتحويل مسار المحنة من الشر إلى الخير؛ ففي قصة الإفك حيث اتُّهِمت الطاهرة العفيفة عائشةُ -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- زُورًا وبُهتانًا، تحول الشر إلى خير فقال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُم) النور: 11، مؤكدًا أنه لا بد من تحويل المِحْنة إلى المِنْحة؛ فقال في هذا الصدد لقد وبَّخَ الله سبحانه وتعالى هذا الصنف من الناس فهم مثبطون قال الله تعالى: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا) الأحزاب: 18-20، وطالب بأن يكون المسلم مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر؛ فعن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ) “رواه ابن ماجه بسند حسن”، وهكذا يسير المسلم إلى الله بخطًى ثابتة على هدي النبي صلى الله عليه وسلم بعيدًا عن المنافقين المثبطين.

Scroll to Top