مختارات من كتاب “الروح لابن قيم الجوزية”:محمد سعيد قاسم.بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
خلف لنا الإمام ابن قيم الجوزية تراثًا عظيمًا ضخمًا، واشتغل رحمه الله بأنواع كثيرة مختلفة من العلوم، فكثرت تصانيفه حتى بلغت نحو المائة.
ومنها كتاب الروح، الذي نورد هاهنا شيئًا يسيرًا مما جاء فيه، وأسأل الله أن ينفع به.
1- قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) (1).
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به وردّ عليه حتى يقوم) (2).
3- قال عبد الله بن المبارك: حدثني ثور بن يزيد، عن إبراهيم، عن أبي أيوب قال: تُعرض أعمال الأحياء على الموتى، فإذا رأوا حسنًا فرحوا واستبشروا، وإن رأوا سوءًا قالوا: اللهم راجع به).
4- ذكر ابن أبي الدنيا، عن أحمد بن أبي الحواري قال: حدثني محمد أخي، قال: دخل عباد بن عباد على إبراهيم بن صالح وهو على فلسطين، فقال: عظني، قال: بِمَ أعظك أصلحك الله؟ بلغني أن أعمال الأحياء تُعرض على أقاربهم الموتى، فانظر ما يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك، فبكى إبراهيم حتى أخضلت لحيته.
5- قال الحسن بن الصباح الزعفراني: سألت الشافعي رضي الله عنه عن القراءة عند القبر، فقال: لا بأس بها.
6- ذكر عبد الحق عن بعض الصالحين قال: مات أخٌ لي، فرأيته في النوم فقلت: يا أخي ما كان من حالك حين وُضعت في قبرك؟ قال: أتاني آتٍ بشهاب من نار فلولا أن داعيًا دعا لهلكت.
7- قال شبيب بن شيبه: أوصتني أمي عند موتها، فقال: يا بُني إذا دفنتني فقم عند قبري، وقل: يا أم شبيب قولي: لا إله إلا الله، فلما دفنتها قمت عند قبرها فقلت: يا أم شبيب قولي: لا إله إلا الله، ثم انصرفت، فلما كان من الليل رأيتها في النوم، فقالت: يا بُني كدت أن أهلك لولا أن تداركني لا إله إلا الله، فقد حفظتَ وصيتي يا بُني.
8- قال عبد الله بن المبارك: رأيت سفيان الثوري في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: لقيت محمدًا وحزبه.
9- ذكر ابن أبي الدنيا من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير قال: أهل القبور يتوكفون الأخبار، فإذا أتاهم الميت قالوا: ما فعل فلان؟ فيقول: صالح، ما فعل فلان؟ يقول: صالح، ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يأتكم؟ أو ما قدم عليكم؟ فيقولون: لا، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، سلك غير سبيلنا.
10- قال صالح المري: بلغني أن الأرواح تتلاقى عند الموت، فتقول أرواح الموتى للروح التي تخرج إليهم: كيف كان مأواك، وفي أي الجسدين كنت في طيب أم خبيث؟ ثم بكى حتى غلبه البكاء.
11- قال سعيد بن المسيب: إذا مات الميت استقبله ولده كما يستقبل الغائب.
12- قال عبيد بن عمير: لو أني آيس من لقاء من مات من أهلي لألفاني قد مت كمدًا.
13- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم.
14- قال العباس بن عبد المطلب: كنت أشتهي أن أرى عمر في المنام فما رأيته إلا عند قرب الحول، فرأيته يمسح العرق عن جبينه وهو يقول: هذا أوان فراغي إن كاد عرشي ليهدّ لولا أن لقيت رؤوفًا رحيمًا.
15- قال عبد الله بن عمر بن عبد العزيز: رأيت أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقة، فدفع إلي تفاحات، فأوّلتهن الولد، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ فقال: الاستغفار أي بُني.
16- قال ابن السماك: رأيت مسعرًا في النوم، فقات له: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: مجالس الذكر.
17- وقال الأجلح: رأيت سلمة بن كهيل في النوم فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: قيام الليل.
18- قال أبو بكر بن أبي مريم: رأيت وفاء بن بشر بعد موته، فقلت: ما فعلت يا وفاء؟ قال: نجوت بعد كل جهد، قلت: فأي الأعمال وجدتموها أفضل؟ قال: البكاء من خشية الله.
19- قال عبد الملك بن عتاب الليثي: رأيت عامر بن عبد قيس في النوم، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: ما أريد به وجه الله عز وجل.
20- قال يزيد بن هارون: رأيت أبا العلاء أيوب بن مسكين في المنام ، فقلت: ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بالصوم والصلاة، قلت: أرأيت منصور بن زاذان؟ قال: هيهات ذاك، نرى قصره من بعيد.
21- قال كثير بن مرة: رأيت في منامي كأني دخلت درجة علياء في الجنة فجعلت أطوف بها وأتعجب منها، فإذا أنا بنساء من نساء المسجد في ناحية منها، فدهبت حتى سلمت عليهن، ثم قلت: بما بلغتن هذه الدرجة؟ قلن: بسجدات وتكبيرات.
22- قال أبو جعفر السقاء صاحب بشر بن الحارث: رأيت بشرًا الحافي ومعروفًا الكرخي وهما جائيان، فقلت: من أين؟ فقالا: من جنة الفردوس، زرنا كليم الله موسى.
23- مر الحسن على مقبرة، فقال: يا لهم من عسكر ما أسكنهم، وكم فيهم من مكروب.
24- قال عمر بن عبد العزيز ليزيد بن الملهب لما استعمله على العراق: يا يزيد اتقِ الله، فإني حين وضعت الوليد في لحده، فإذا هو يركض في أكفانه.
25- عن فضالة بن عبيد، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله، فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر)، (3).
26- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)، (4).
27- قال عمرو بن جرير: إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها ملك إلى قبره، فقال: يا صاحب القبر الغريب هذه هدية من أخ عليك شفيق.
28- قال سلمان الفارسي: أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، وأرواح الكفار في سجين.
29- وقال عمر بن عبد البر: أرواح الشهداء في الجنة، وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورهم.
30- قال ابن المبارك عن ابن جريج فيما قُرئ عليه عن مجاهد: ليس هي في الجنة، ولكن يأكلون من ثمارها ويجدون من ريحها.
31- قال المكي بن إبراهيم، عن داوود بن يزيد الأودي قال: أراه عن عامر الشعبي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل تنتظر موعدها حتى ينفخ فيها.
32- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: روح الآدمي مخلوقة مبتدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السن.
33- قال النّظّام: الروح هي جسم، وهي النفس، وزعم أن الروح حي بنفسه، وأنكر أن تكون الحياة والقوة معنى غير الحي القوي.
34- قال جعفر بن حرب: النفس عرض من الأعراض يوجد في هذا الجسم، وهو أحد الآلات التي يستعين بها الإنسان على الفعل، كالصحة والسلامة وما أشبههما، وأنها غير موصوفة بشيء من صفات الجواهر والأجسام.
والله سبحانه وتعالى المسؤول المرجو الإجابة، أن يجعل نفوسنا مطمئنة إليه، عاكفة بهمتها عليه، راهبة منه راغبة فيما لديه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.
* رابط مفيد / كتاب: المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية
http://t.co/7xD1PgtCC2
————————————–
(1) ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (2/1523)
(2) ذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (10/365)
(3) أخرجه أبو داوود (2500)
(4) أخرجه البخاري (1292)