خصائص شهر ذي القعدة.

خصائص شهر ذي القَعدة:
د. أسماء الرويشد.

من الأشهر الحرم بغير خلاف، وهو أول الأشهر الحرم المتوالية، وقيل: إن تحريم ذي القعدة كان في الجاهلية؛ لأجل السير إلى الحج، وسُمِّي ذا القَعدة لقعودهم فيه عن القتال.  تَمَيَّزَ شهرُ ذي القَعْدَةِ ببعض الخصائص التي قد تَخْفى على بعض المسلمين:
أولُها- أنهُ أولُ الأشهرِ الحُرُمِ الأربعة، وهي: “ذو القَعْدَةِ، وذو الحِجَّةِ، ومُحَرَّمُ، ورجبُ”.
الثاني- أنه من أشهر الحَجّ، وهي: “شوالُ، وذو القَعدة، وعَشْرٌ من ذي الحِجة”؛ فلا يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في غيرِها، قال ابنُ عمرَ رضي اللهُ عنهما: “أشهُرُ الحجِّ: شوال، وذو القعدة، وعَشْرٌ من ذي الحجة”.
الثالث- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اعتمرَ أربَعَ عمراتٍ كُلُّها في شهرِ ذي القعدة، قالت عائشةُ رضي الله عنها: (ما اعْتَمَرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ إلا في ذي القَعْدَة)؛ فالعمرةُ الأولى: عُمْرةُ الحُدَيبِيَة، عِنْدما صَدَّهُ المُشركونَ وحالُوا بَينَه وبين الوصولِ إلى البيت، وأنزلَ اللهُ في ذلك سورةَ الفتحِ بِكاملِها، وأنزلَ لهم رُخْصةً: أن يذبَحُوا ما مَعَهُم من الهَدْيِ وكانت سبعين بَدَنَةً، وأن يَتَحَلَّلُوا مِنْ إحرامِهم، فَعِنْدَ ذلك أمَرَهُم رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أن يَحْلِقُوا رؤوسَهم ويَتَحلَّلُوا، وكان ذلك في السنةِ السادِسةِ من الهجرة، وفي هذه العُمْرَة وقَعَ الصُّلْحُ المَشْهورُ بين النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلم وكفارِ قريش، وهو صُلْحُ الحُدَيْبِيَة، وعَرَفَ الناسُ بِسَبَبِ ذلكَ أحكامَ الإحصار، وهو المقصودُ في قولِهِ تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ).
والعمرة الثانية: عُمْرَةُ القضاء، وكان ذلك في السنةِ السابِعةِ من الهجرة، والعمرةُ الثالثة: عُمْرَةُ الْجِعْرانَةِ عامَ الفتح، أي: في السنةِ الثامنةِ من الهجرة، عندَما قَسَمَ غنائِمَ حُنين، والعُمْرَةُ الرابعة التي كانت مع حَجَّتِه، وإن كانت وقَعَت في شهرِ ذي الحِجَّة، لكنه عقدَها في آخرِ شَهْرِ ذي القَعدة، وكان ذلك في السنةِ العاشرة للهجرة.

Scroll to Top