علاج الهم والحزن في ضوء الكتاب والسنة:د. قذلة محمد القحطاني.بسم الله الرحمن الرحيم
إن طبيعة الإنسان في هذه الحياة الدنيا تتقلب من صحة إلى مرض، ومن عافية إلى بلاء، ومن فرح إلى حزن، والسعيد حقًا مَن جمع بين ثلاث خصال: الشكر في حال النعم، والصبر في حال البلاء، والاستغفار حيال الذنوب.
وإذا كانت حياة الإنسان عرضة للهموم والغموم، والأحزان، والأكدار؛ فإن هذا يوجب علينا أن نسعى إلى إزاحة هذه الهموم والأحزان ما أمكننا ذلك بالسعي في أسباب انشراح الصدر ومنها:
السبب الأول: الدعاء: بالدعاء تتحقق الآمال، وتتيسر الأمور، وتُقضى الحاجات، وتُفرج الكربات؛ فينبغي للعبد أن يُلح على الله عز وجل بالدعاء حتى يستجيب له، والدعاء منه ما يكون وقائيًا، ومنه ما يكون علاجيًا فالدعاء الوقائي مثل: دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، والعجز، والكسل، والبخل، والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال) (1)، ومن الأدعية العلاجية لإزالة الهم والغم: الدعاء المشهور الذي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على حفظه، وتعلمه، وتعليمه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحدًا قط هم، ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا)، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: (بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)، (2).
السبب الثاني: الإخلاص:
إن إخلاص العمل لله عز وجل سر من أسرار السعادة؛ لأن العبد إذا كان يعمل لله عز وجل، ويبتغي ما عنده من الأجر والثواب؛ فإنه لن ينتظر شكرًا من أحد، ولا ثناء، ولا حمد؛ فلا يتبع نفسه الحسرات، والندم، والآهات إن لم يتلقى كلمة شكر، أو إحسان ممن أحسن إليه، أو بذل له معروفًا، ومتى لازم العبد الإخلاص وجعله شعاره نجّاه الله من الكربات، وأزاح عنه الهموم والمنغصات، ومما يدل على أن الإخلاص لله في الأعمال سبب لتفريج الكرب، وزوال الهم والغم، النفر الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فالأول: توسل ببره لوالديه، وتوسل الثاني: بعفته عن الحرام، وتوسل الثالث: بأمانته، وكل واحد منهم يقول: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه.
السبب الثالث: التفكر في نعم الله:
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: “وكلما طال تأمل العبد في نعم الله الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، رأى ربه قد أعطاه خيرًا كثيرًا، ودفع عنه شرورًا متعددة، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم، ويوجب الفرح والسرور” (3)، ولو تأمل الإنسان نعم الله عليه لوجدها تغمره من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه، وصدق الله: (وَأَسبَغَ عَلَيكُم نِعَمَهُ ظَاهِرَة وَبَاطِنَة) لقمان: 20، فصحة في بدن، وأمن في وطن، وغذاء، وكساء، وماء، وهواء، وعينان، وأذنان، ولسان، وشفتان، ويدان، ورجلان، أنت تبصر وغيرك أعمى، وأنت تسمع وغيرك أصم، وجلدك حسن، ومنظرك حسن، وغيرك أبرص وأجذم، وأنت تعقل وغيرك لا يعقل، وصدق الله القائل: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعمَتَ اللَّهِ لَا تُحصُوهَا، إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار) إبراهيم: 34، فإنك في نعم كثيرة، وأنت لا تدري، ثم تعيش مهمومًا مغمومًا حزينًا كئيبًا، قف وتأمل، وفكِّر واشكر، ولا تكون ممن قال الله تعالى فيهم: (يَعرِفُونَ نِعمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا) النحل: 83ّ.
السبب الرابع: يومك يومك:
أنت بيومك، ولست بأمسك، ولا غدك، فكلما أشرقت شمس يومك فاستغل لحظاتك، ولا تُأمل غدك؛ فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، فلا تضيع يومك بهاجس الماضي وغمه، ولا تبعثر لحظتك بشبح المستقبل ورعبه، لليوم فقط أنت ستعيش؛ فاصرف فيه همتك، ونشاطك، وقوتك، وتركيزك، ونَصَبُك، وتعبك، وجِدّك، وكدحك.
السبب الخامس: التوكل على الله: فعندما أُلقي إبراهيم عليه السلام في النار قال: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فجعلها الله عليه بردًا وسلامًا، ولما هُدد رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيوش الكفر والضلال قال: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُواْ لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ 173 فَانقَلَبُواْ بِنِعمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لم يَمسَسهُم سُوءًا وَاتَّبَعُواْ رِضوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ 174) آل عمران.
السبب السادس: الإيمان بالله إيمانًا حقيقيًا كاملاً:
ومما يدل على أن الإيمان بالله سبب لانشراح الصدر قوله تعالى: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ، فَوَيلٌ لِّلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكرِ اللَّهِ أُوْلَائِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) الزُّمَر: 22، وقال تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلَامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام: 125، وعلى حسب كمال الإيمان وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه؛ فالشقاء كل الشقاء، والضيق كل الضيق لمن فقد كنز الإيمان، ورصيد اليقين، ورياحين القرآن، ولذة مناجاة الملك العلام، وصدق العلي العظيم: (وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعمَى) طه: 124ّ.
السبب السابع: الصبر والتحمل: قال د. عائض القرني: “إنك ستواجه في حياتك حربًا ضروسًا لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المقصود، ومن الإهانة المتعمدة ما دام أنك تعطي، وتبني، وتؤثر، وتسطع، وتلمع، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقًا في الأرض، أو سلمًا في السماء، فتفرّ من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك، ويبكي عينك، ويدمي مقلتك، ويقضّ مضجعك، إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلبًا ميتًا، لكنهم يغضبون عليك؛ لأنك فقتهم صلاحًا، أو علمً، أو أدبًا، أو مالاً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك، ونعم الله عليك، وتنخلع من كل صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النبل، وتبقى بليدًا غبيًا، صفرًا محطمًا، مكدودًا، فهذا ما يريدون بالضبط، إذًا فاصمد لكلام هؤلاء، ونقدهم، وتشويههم، وتحقيرهم، اثبِت كأُحد، وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتُثبِت وجودها، وقدرتها على البقاء”. (4).
السبب الثامن: المداومة على الأعمال الصالحة:
إن المداومة على العمل الصالح سبب لانشراح الصدر يدل عليه قول الله تعالى: (مَن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِن فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة، وَلَنَجْزِيَنَّهُمأَجْرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُواْ يَعمَلُونَ) النحل: 97، وسأذكر بعض أنواع الأعمال الصالحة الكفيلة بتحقيق السعادة ومن ذلك:
أ- طلب العلم الشرعي.
ب- كثرة ذكر الله.
ت- كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ث- قراءة القرآن بتدبر: فإن تلاوة القرآن وتدبره من أسباب انشراح الصدر؛ لما فيه من القصص التي تبين مقدار الابتلاء الذي ابتلي به الأنبياء، والصالحين، فمهما كان بلاؤك فإنك لم تُبتلى مثل بلاء يوسف عليه السلام الذي رماه أخوته في البئر، ثم باعوه بثمن بخس، ثم كانوا سببًا في غربته، وبُعده عن أهله، ثم تعرضه لفتنة امرأة العزيز.
ج- كثرة الاستغفار: فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب)(5).
ح- الإكثار من النوافل: فإن الإكثار من النوافل من صلوات وصيام سبب لانشراح الصدر؛ إذ هي سبب لنيل محبة الله عز وجل، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته) (6)، ومتى تحققت محبة الله للعبد نال بذلك ولاية الله له، ومتى نال الولاية زال همه وغمه، وانشرح صدره.
خ- الصلاة الخاشعة: فإذا لحق بالإنسان هم وغم، وحزن وقلق، فليفزع إلى الصلاة؛ فإنها كفيلة أن تُذهب همه وغمه، وحزنه وكمده؛ لأن الله تعالى قال: (وَاستَعِينُواْ بِالصَّبرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُواْ رَبِّهِم وَأَنَّهُم إِلَيهِ رَاجِعُونَ 46) البقرة، والسبب في كون الصلاة سبب لانشراح الصدر؛ لأنها تزيل أدران الذنوب والمعاصي كما جاء في الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا ما تقول ذلك يبقي من درنه، قالوا: لا يبقى من درنه شيئًا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) (7).
د- الصدقة.
السبب التاسع: تدبر أسماء الله وصفاته.
السبب العاشر: صلة الرحم وأوجبها: بر الوالدين.
السبب الحادي عشر: العفو والصفح.
السبب الثاني عشر: إدخال السرور على الغير.
السبب الثالث عشر: التوبة من الذنوب: فإن الذنوب والمعاصي سبب لضيق الصدر، ولكي يحقق الإنسان السعادة عليه بالبعد عن الذنوب والمعاصي؛ لتتحقق له السعادة في الدنيا والآخرة؛ لأنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة قال تعالى: (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ) الروم: 41، فكلما كانت التوبة والإنابة إلى الله أقوى كان الصدر أكثر انشراحًا.
السبب الرابع عشر: الإعراض عن وسوسة الشيطان: فإن الشيطان يسعى جاهدًا لتحزين الإنسان، وبثّ الخوف والحزن في قلبه؛ ليقعده عن العمل الصالح، ويشغله بالهموم والوساوس، قال الله تعالى: (إِنَّمَا النَّجوَى مِنَ الشَّيطَانِ لِيَحزُنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيسَ بِضَارِّهِم شَيئًا إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ) المجادلة: 10، فعلى المؤمن أن يعرض عنه ولا يستجيب لوسوسته حتى لا تثقل عليه نفسه، وتغتم بأمور كثير منها سراب وأوهام.
السبب الخامس عشر: حسن الظن بالله: ومما يزيد حسن الظن بالله التأمل في سير الأنبياء، وكيف أن الله عز وجل رعى يوسف في البئر، وموسى عليه السلام في بيت فرعون، ورزق زكريا عليه السلام بعد عقم، وحمى إبراهيم عليه السلام من النار، وحفظ محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار، ورعى أم إسماعيل وهي في وادٍ غير ذي زرع؛ فلن يعجزه شيء سبحانه.
السبب السادس عشر: النظر في من هم أشد منك بلاءً ومحنةً وكربة.
السبب السابع عشر: تذكر حقارة الدنيا: فإن المؤمن يعرف حقارة هذه الدنيا، وخستها، وسرعة زوالها، وأنها ممر وليست مقر، وأنها فانية؛ فيهون عليه ما يلاقيه من الهم والغم، وقد جاءت الآيات والأحاديث التي تقرر حقيقة الدنيا، وتحذر من الاغترار بها فقال الله تعالى: (يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ) غافر: 39، وقال الله تعالى: (فَمَا مَتَاعُ الحَياةِ الدُّنيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) التوبة: 38ّ.
السبب الثامن عشر: التوقع المستمر لجميع الحالات.
السبب التاسع عشر: أن يوقن المؤمن بأن المصائب والابتلاءات دليل على محبة الله للعبد.
السبب العشرون: أن يستشعر المؤمن أن هذا الهم كفارات ورفعة في الدرجات: فإن كثير من الناس يظن المصائب التي يُصاب بها نقمة عليه، والحقيقة عكس هذا؛ لأن في ثنايا المصائب نعم كثيرة؛ لأن المصائب إذا نزلت لها ثلاث أحوال (8):
1- أن تكون عقوبة معجلة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة.
2- أن تكون كفارات للذنوب سالفة كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها) (9).
3- أن تكون المصيبة رفعة لك وعلوًا في منزلتك عند الله تعالى؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عظم الجزاء مع عظم البلاء) (10).
السبب الحادي والعشرون: الرضا بالقضاء والقدر:
فقال تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيم) التغابن: 11.
السبب الثاني والعشرون: شغل الوقت بأمر نافع من أمور الدنيا والآخرة.
السبب الثالث والعشرون: اتخاذ الأنبياء والصالحين أسوة وقدوة.
السبب الرابع والعشرون: مجالسة الصالحين والعلماء وطلبة العلم.
السبب الخامس والعشرون: محاسبة النفس.
السبب السادس والعشرون: اليقين باليوم الآخر: فإن يقين المؤمن باليوم الآخر، وما فيها من أهوال وشدائد تهون على الإنسان ما يجده في الحياة الدنيا من الألم والهم، ومن يؤمن بقلبه باليوم الآخر يقينًا حقيقيًا يعلم أن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا فهي قصيرة جدًا.
السبب السابع والعشرون: انتظار الفرج من الله: فعن بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا) (11).
السبب الثامن والعشرون: الشكوى إلى أهل العلم والدين وطلب النصح والمشورة منهم: فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه تستعجلون) (12)، ومن هذا الباب: اللجوء إلى إخوان الصدق العقلاء والأزواج والزوجات الأوفياء والوفيات؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة -رضي الله عنها- فوجد على بابها سترًا فلم يدخل عليها، وقلما كان يدخل إلا بدأ بها قال: فجاء علي رضي الله عنه فرآها مهتمة، فقال: ما لك؟ فقالت: جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يدخل علي، فأتاه علي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، إن فاطمة اشتدّ عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، فقال: (وما أنا والدنيا وما أنا والرقم)، قال: فذهب إلى فاطمة فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: فقل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرني به، فقال: (قل لها ترسل به إلى بني فلان) (13).الحواشي:
(1) أخرجه البخاري 3/1059 ,رقم: 2736.
(2) أخرجه أحمد 1/391 ,رقم: 3712، والحاكم 1/690 , رقم: 1877، وابن حبان 3/253 ,رقم: 972، وابن شيبة 6:40 , رقم: 29318، والطبراني في المعجم الكبير 10/169 ,رقم: 10352، وأبو يعلى 9/199 ,رقم: 5297، والبزار 5/363 , رقم: 1994، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199)، وفي صحيح الترغيب والترهيب (1822).
(3) الوسائل المفيدة للحياة السعيدة لابن السعدي ص9.
(4) ثلاثون سببًا للسعادة: عائض القرني ص12.
(5) أخرجه أحمد 1/248,رقم: 2234، والنسائي في السنن الكبرى 6/118,رقم: 10290، وأبو داود 2/85 , رقم: 1518، وابن ماجه 2/1254, رقم: 3819، والطبراني في المعجم الأوسط 6/240 , رقم: 6291، والحاكم 4/291 ,رقم: 7677، وضعفه الألباني في السلسلة الصحيحة (705) , وفي ضعيف الجامع الصغير (5829) ، وفي ضعيف ابن ماجه (834).
(6) رواه البخاري 5/2384 , رقم: 6137.
(7) رواه البخاري 1/197 , رقم: 505، رواه مسلم 1/462 , رقم: 667.
(8) انظر من أسباب السعادة: عبد العزيز السدحان ص14-15.
(9) رواه البخاري 5/2137, رقم: 5317، رواه مسلم 4/1992 , رقم: 257.
(10) سبق تخريجه.
(11) أخرجه أحمد 1/307 ,رقم: 2804، والحاكم 3/624 , رقم: 6304، والطبراني في المعجم الكبير 11/123 , رقم: 11243، والبيهقي في الشعب 2/27 ,رقم: 1074، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2382).
(12) رواه البخاري 3/1322 ,رقم: 3416.
(13) رواه أحمد 2/21 , رقم: 4727، وأبو داود 2/470 ,رقم: 4149، وابن حبان 14/266 ,رقم: 6353، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2421).مراجع للاطلاع:
1- علاج الهموم: للشيخ محمد صالح المنجد.
2- الحزن والاكتئاب في ضوء الكتاب والسنة: عبد الله الخاطر.
3- من أسباب السعادة: عبد العزيز السدحان.
4- ثلاثون سببًا للسعادة: عائض القرني.
8- خطوات إلى السعادة: عبد المحسن القاسم.