مختارات من كتاب الأخلاق والسير لابن حزم.

مختارات من كتاب “الأخلاق والسير في مداواة النفوس لابن حزم”:
محمد الحمد.

قال – رحمه الله -:
1- لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله -عز وجل- في دعاء إلى حق، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك -تعالى- وفي نصر مظلوم، وباذلُ نفسِه في عرض دنيا كبائع الياقوت بالحصى.
2- العاقل لا يرى لنفسه ثمنًا إلا الجنة.
3- لإبليس في ذم الرياء حباله؛ وذلك أنه ربّ ممتنع من فعل خير؛ خوفًا أن يُظنّ به الرياء.
4- العقل والراحة هو إطراح المبالاة بكلام الناس، واستعمال المبالاة بكلام الخالق -عز وجل- بل هذا باب العقل والراحة كلها.
5- ليس بين الفضائل والرذائل، ولا بين الطاعات والمعاصي إلا نفار النفس وأنسها فقط؛ فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات، ونفرت نفسه من الرذائل والمعاصي، والشقي بالعكس من ذلك، وليس هاهنا إلا صنع الله -تعالى- وحفظه.
6- لو لم يكن من فضل العلم إلا أن الجهال يهابونك ويجلونك، وأن العلماء يحبونك ويكرمونك لكان ذلك سببًا في وجوب طلبه؛ فكيف بسائر فضله في الدنيا والآخرة.
ولو لم يكن من نقص الجهل إلا أن صاحبه يحسد العلماء، ويغبط نظراءه من الجهال -لكان ذلك سببًا إلى وجوب الفرار عنه؛ فكيف بسائر رذائله في الدنيا والآخرة.
7- الباخل بالعلم ألأم من الباخل بالمال؛ لأن الباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده، والباخل بالعلم بخل بما لا يفنى على النفقة، ولا يفارقه مع البذل.
8- أجلّ العلوم ما قرّبك من خالقك -تعالى- وما أعانك على الوصول إلى رضاه.
9- انظر في المال، والحال، والصحة إلى مَن دونك، وانظر في الدين، والعلم والفضائل إلى مَن فوقك.
10- العلوم الغامضة كالدواء القوي، يصلح الأجساد القوية، ويهلك الأجساد الضعيفة، وكذلك العلوم الغامضة تزيد العقل القوي جودةً وتصفيه من كل آفة، وتهلك ذا العقل الضعيف.
11- احرص على أن تُوصَف بسلامة الجانب، وتَحَفَّظْ من أن تُوصَف بالدهاء؛ فيكثر المتحفظون منك، حتى ربما أضرّ ذلك بك، وربما قتلك.
12- إذا تكاثرت الهموم سقطت كلها.
13- وطِّن نفسك على ما تكره يَقِلَّ همك إذا أتاك، ويعظم سرورك ويتضاعف إذا أتاك ما تحب مما لم تكن قدَّرتَه.
14- طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها.
15- لا تحقر شيئًا من عمل غدٍ أن تحققه بأن تُعَجِّله اليوم وإن قلَّ؛ فإن قليل الأعمال يجتمع كثيرها، وربما أعجز أمرها عند ذلك فيبطل الكل.
16- لا تحقر شيئًا مما ترجو به تثقيل ميزانك يوم البعث أن تعجله الآن وإن قلَّ؛ فإنه يحط عنك كثيرًا.
17- من استخفّ بحرمات الله فلا تأمنه على شيء مما تشفق عليه.
18- لم أرَ لإبليس أصيد ولا أقبح من كلمتين ألقاهما على ألسنة دعاته:
إحداهما: اعتذار مَن أساء بأن فلانًا أساء قبله.
والثانية: استسهال الإنسان أن يسيء اليوم؛ لأنه قد أساء أمس، أو أن يسيء في وجه ما؛ لأنه قد أساء في غيره؛ فقد صارت هاتان الكلمتان عذرًا مُسهِّلتَين للشر، ومُدخِلَتَين في حد ما يعرف ويجمل ولا ينكر.
19- إهمال ساعة يفسد رياضة سنة.
20- لو علم الناقص نقصه لكان كاملاً.
21- لا يخلو مخلوق من عيب؛ فالسعيد من قلّت عيوبه.
22- إذا نام الإنسان خرج عن الدنيا، ونسي كل سرور وكل حزن؛ فلو رتّب نفسه في يقظته على ذلك -أيضًا- لسعد السعادة التامة.
23- لا ترغب في مَن يزهد فيك؛ فتحصل على الخيبة والخزي.
24- لا تزهد في مَن يرغب فيك؛ فإنه باب من أبواب الظلم، وترك مقارضة الإحسان، وهذا قبيح.
25- لا تنصح على شرط القبول، ولا تشفع على شرط الإجابة، ولا تهب على شرط الإثابة، ولكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة وبذل المعروف.
26- أصول الفضائل كلها أربعة عنها تتركب كل فضيلة، وهي العدل، والفهم، والنجدة، والجود.
27- أصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة وهي الجور، والجهل، والجبن، والشح.
28- من العجائب أن الفضائل مستحسنة ومستثقلة، والرذائل مستقبحة ومستخفة.
29- من أراد الإنصاف فليتوهم نفسه مكان خصمه؛ فإنه يلوح له وجه تعسفه.
30- من بديع ما يقع في الحسد قول الحاسد إذا سمع إنسانًا يُغْرِب في علمٍ ما: هذا شيء بارد لم يُتَقَدَّم إليه، ولا قاله قبله أحد، فإن سمع من يبين ما قد قاله غيره قال: هذا بارد وقد قيل قبله، وهذه طائفة سوء قد نصبت أنفسها للقعود على طريق العلم، يصدون الناس عنها؛ ليكثر نظراؤهم من الجهال.
31- الثبات الذي هو صحة العقد، والثبات الذي هو اللجاج مشتبهان اشتباهًا لا يفرق بينهما إلا عارف بكيفية الأخلاق، والفرق بينهما أن اللجاج هو ما كان على الباطل، أو ما فعله الفاعل نصرًا لما نشب فيه، وقد لاح له فساده، أو لم يَلُحْ له صوابه ولا فساده، وهذا مذموم، وضده الإنصاف، وأما الثبات الذي هو صحة العقد فإنما يكون على الحق، أو على ما اعتقد المرء حقًا ما لم يلح له باطله، وهذا محمود، وضده الاضطراب، وإنما يلام بعض هاذين؛ لأنه ضيّع تدبر ما ثبت عليه، وترك البحث عما التزم أحقٌ هو أم باطل.

Scroll to Top