معنى الدعوة إلى الله:إبراهيم العبيدي.تعتبر الدعوة إلى الله من أعظم ما يقوم به الإنسان من مهام، وهي وظيفة الرسل والأنبياء والدعاة من بعدهم الذين يُعدّون أحسن الناس قولاً لقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت: 33.
وإنّ الدعوة إلى الله كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية هي: “الدعوة إلى الإيمان به، وما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا”؛ فالدعوة تقوم على دعوة النّاس إلى التصديق بالله مع قرن ذلك بالعمل الصالح، وهي تتسع لتنتظم بها كل شؤون المسلم اليومية، وعلاقاته مع الناس والكون من حوله، وهناك خصائص للدعوة إليه سبحانه، وهناك أساليب وطرق للدعوة.
خصائص الدعوة إلى الله:
– ربانية: حيث إنّ مصدرها الله سبحانه الخالق العظيم المدبِّر لكلّ شؤون هذا الكون، فهو وحده المستحق لكلّ صور العبادة، فالدعوة إلى الله دعوة إلى توحيد الله في ربوبيته، وتوحيده في ألوهيَّته كذلك، فما دام الله وحده هو الخالق، فهو وحده المستحق لكل صور العبادة.
– عالمية الانتشار: حيث إنها لا تخصُ بجنس بعينه أو قوم بعينهم، فهي ليست للعرب وحدهم، بل دعوة لكل الناس، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سبأ: 28.
– إيجابية النظرة: نحو الكون والإنسان والحياة بما يتفق مع مفهوم العبادة والاستخلاف في الكون، والذي من معانيه البناء والتعمير بعيدًا عن الإفساد والتخريب وفق نهج الله سبحانه.
– الواقعية: في النظر إلى حال المدعوين، وظروفهم الخاصة، وفهمهم الخاص.
– شمولية الفكرة والمنهاج: بحيث تتسع لتشمل كلّ شرائح المجتمع غنيهم وفقيرهم، وجاهلهم ومتعلمهم.
– الأخلاقية في وسائلها وأهدافها: فأهدافها نبيلة عظيمة، والوسائل المتبعة لبلوغها هي كذلك.
أساليب الدعوة إلى الله:
– التدرج مع المدعو في الدعوة تدرجًا يراعي فيه فكره ومعرفته، ودرجة تعلّقه بمعتقداته وعاداته القائم عليها، وهنا لا بد من الحكمة بحيث يكون الداعية مرغبًا لا منفِّرًا قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل: 125.
– التنوع في أساليب عرض الدعوة، كاستخدام أسلوب إثارة الدافعية من خلال السؤال، أو الإنكار من خلال السؤال الإنكاري، أو التشبيه وضرب الأمثال، أو الحوار والقصة المعبرة، وكلّ ذلك حسب حال المدعو وثقافته وتربيته، وما يصلح من وسائل مع شخص قد لا يصلح مع غيره.
– الترغيب والترهيب حسب المقام الذي وصل إليه المدعو، ووصلت إليه الفكرة على حد سواء.
– الحكمة والموعظة الحسنة وحسن الجدال.
بعض صفات الداعية:
– اللين والحكمة.
– التواضع بما معه من العلم غير مغتر به.
– الصبر، حيث يواجه الداعية أصنافًا متعددة وأمزجة متنوعة من النّاس، فلا بد من الصبر، وليستذكر في هذا المقام أن نوحًا -عليه السلام- دعا قومه ما يزيد على تسع مئة عام، ومع ذلك ما آمن معه إلا القليل.
– القدوة الحسنة، وهذه أهم صفة في الداعية، وغيابها من أخطر ما يسيء إلى الدعوة.
– الثقافة الدعويّة اللازمة.
مع تقنيات العصر المتعددة والمتنوِّعة هناك فرص عظيمة للاستفادة من هذه التقنيات في عرض الدعوة وإيصالها للناس، كالدعوة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال الإنترنت بشكل عام، والدعوة من خلال الإعلام، وكلّ ذلك حسب الإمكانيات المتاحة.