من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:عبد الباري محمد خلة.
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) “رواه الترمذي بسند حسن”.
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد: فهذا الحديث أصل عظيم في تأديب النفس وتهذيبها، وترك ما لا نفع فيه، وقد عدَّه كثير من العلماء ثلث الإسلام أو نصفه وهو من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام.
فمن كمال إسلام المرء أن يترك ما لا يُهِمّه، قال عمر بن عبد العزيز: من عد كلامه من عمله، قلَّ كلامه فيما لا ينفعه، وقال الشافعي: ثلاثة تزيد في العقل: مجالسة العلماء، ومجالسة الصالحين، وترك الكلام فيما لا يعنيه، وقال ابن تيمية رحمه الله: ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، وقال ابن القيم رحمه الله: وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة، فقال: (من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه)، فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه كلمة شافية في الورع.
وقال الحسن البصري: علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعني، وقيل: من سأل عما لا يعنيه، سمع ما لا يرضيه، وقيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ يريدون الفضل، قال: صِدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني.
وقال محمد بن عجلان: إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك؛ فينبغي للإنسان أن يدع ما لا يعنيه، ويترك اللغو والفضول، ويستثمر وقته فيما ينفع، ويبتعد عن سفاسف الأمور، فإذا كان الأمر يهمك فاسأل عنه وإذا كان لا يهمك فلا تسأل عنه ولا تتدخل في أمر ليس لك به حاجة ولا مصلحة.
والله أعلى وأعلم.