فوائد من كتاب “شرح أصول السنة للإمام أحمد” لفضيلة الشيخ سعد الشثري.

فوائد من كتاب “شرح أصول السنة للإمام أحمد لشيخنا سعد الشثري”: 
منصور مزيد السبيعي.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذه فوائد نافعة من “شرح أصول السنة للإمام أحمد” لفضيلة الشيخ سعد بن ناصر الشثري -حفظه الله- أسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الفوائد، ويكتب لها القبول.
1- الأصول: جمع أصل والمراد به في اللغة الأساس الذي يبنى عليه غيره، والمراد بالأصول هنا: القواعد الكلية.
2- معنى السنة في اللغة: الطريقة، وكلمة السنة يراد بها معانٍ متعددة باختلاف الفنون:
أ- فتطلق السنة على ما أثر عن النبي -من الأفعال والأقوال والتقريرات، وهذا هو اصطلاح علماء الأصول.
ب- ومرة تطلق على ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأفعال والأقوال والتقريرات والصفات الخلقية والخُلقية، كما هو مصطلح أهل الحديث.
ج- ومرة تطلق على المندوب الذي طلب الشارع فعله طلبًا غير جازم، مثل السنن الرواتب.
د- ومرة يطلق لفظ السنة في مقابلة البدعة فيقال: أهل السنة وأهل الأهواء والبدع، ويقال: هذا طلاق سني وهذا طلاق بدعي فتكون السنة هي الطريقة المعهودة في الشارع بخلاف البدعة فهي التعبد لله بطريقة غير مأثورة عن الشرع.
3- ولفظ السنة في كلام الإمام أحمد هنا يريد به: الاصطلاح الأخير وهو المقابل للبدعة.
4- التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بهم وهذا يتضمن عددًا من الأمور:
الأول- أننا نحفظ لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكانتهم ومنزلتهم، ونعتقد فضيلتهم وأنهم عدول كلهم.
الثاني- المراد بالصحابي هو: من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا به ومات على ذلك وبعضهم يزيد قيد “لازمه مدة” وهو خلاف أصولي معروف.
الثالث- أن إجماع الصحابة واتفاقهم حجة شرعية يجب على المؤمنين العمل به واعتقاد حجيته.
5- في الصحيح (يغزو فئام من هذه الأمة فيقال لهم: هل فيكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم) وفي لفظ: (هل فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم) قالوا: فدل على ترادف اللفظين.
6- جاءت النصوص بالثناء على الصحابة في مثل قوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ).
7- إجماع الصحابة قد يكون:
أ- إجماعًا قوليًا بأن يتكلموا في شيء بحكم فحينئذ نأخذ بما تكلموا به.
ب- إجماعًا سكوتيًا بأن يتكلم بعضهم ويسكت البقية مع اشتهار القول فكان ذلك القول حجة وإجماعًا يجب العمل به.
8- الصحابة يخالف فيهم كثير من أهل البدع:
– طائفة ترى الطعن في الصحابة والتكلم فيهم.
– وطائفة أخرى يستثنون عددًا من الصحابة على عدد أصابع اليد.
9- يرى أهل السنة والجماعة أن الصحابة كلهم عدول لعموم النصوص الواردة في فضيلة الصحابة.
10- المعارك بين الصحابة:
– منهم من هو مصيب.
– ومنهم من هو مخطئ لكنه معذور في خطئه؛ لأنهم يظنون أن هذا هو الشرع وأن هذا الصواب وقد أخطؤوا فيه.
ومن قواعد أهل السنة والجماعة: أن مَن بذل وسعه في مسألة فأخطأ لا يعارض أصل دين الإسلام فإنه معذور؛ لأنه قد بذل ما في وسعه لقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها)، وقال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)، ويستدلون على ذلك بوقائع كثيرة وقع الخطأ فيها فيما بعد في العقائد ومع ذلك لم يُبين النبي -صلى الله عليه وسلم- إثم ذلك المخطئ لكونه قد بذل ما في وسعه.
11- الصحابة لا يمكن أن يقع منهم إجماع على باطل أو خطأ وقد عصمهم الله إذا اجتمعوا.
12- أهل السنة يقولون بفضيلة الصحابة لكنهم لا يرونهم على درجة واحدة في الفضيلة.
13- أهل السنة يسيرون على مقتضى النصوص كتابًا وسنة والعمل بما سار عليه الصحابة؛ ولذلك يقسمون المسائل إلى ثلاثة أقسام:
– قسم أثبتته النصوص فهم يثبتونه.
– وقسم نفته النصوص فهم ينفونه.
– وقسم سكتت عنه النصوص فهم يسكتون عنه.
ولا يقدمون على النصوص أدلة أخرى.
14- طريقة ومميزات أهل السنة والجماعة:
أ- تحكيم الكتاب والسنة في كل شيء وعدم تقديم أي منهج أو طريقة على أدلة الكتاب والسنة.

ب- إثبات ما أثبته الكتاب والسنة ونفي ما نفياه والسكوت عما سكتا عنه.
ج- الرجوع في فهم هذه النصوص إلى مقتضى لغة العرب وإلى إجماع السلف في فهم دلالة هذه النصوص.
15- قول الصحابي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول- عند اختلاف الصحابة، فلا يعتبر قول بعضهم حجة على بعضهم إذ لا مزية لقول بعضهم على بعضهم الآخر.
النوع الثاني- إذا قال صحابي بقول ولم يوجد له مخالف وانتشر في الأمة وذاع ذلك القول ولم ينكره منكر من الصحابة فهذا يكون إجماعًا سكوتيًا وهو حجة.
النوع الثالث- قول الصحابي الذي لا يوجد له مخالف من الصحابة ولم ينتشر في الأمة فهذا قد اختلف فيه علماء الشريعة والأظهر من أقوال أهل العلم حجيته وما زال الناس يحتجون بأقوال الصحابة ويدل على هذا قوله تعالى: (واتبع سبيل من أناب).
16- البدع هي: الطرائق المخترعة في الدين، أو هو التقرب لله بأمر لم يرد به دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
17- البدع على نوعين:
أ- بدع في الاعتقاد كمن تقرب لله بنفي الصفات.
ب- وبدع في العمل كمن تقرب لله بصلاة سادسة.
والبدع كلها مذمومة سواءً كانت في الاعتقاد أو كانت بدعًا عملية.
18- من المتأخرين من يقول بأن البدع تنقسم إلى أقسام منها:
– ما هو حسن.
– ومنها ما هو قبيح.
– ومنهم من قسمها إلى الأقسام التكلفية الخمسة وكل هذا كلام باطل لمخالفته ظواهر النصوص مثل قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).
19- الأهواء جمع هوى ومراد الأئمة بهذا: مخالفة مدلول النصوص فمن ترك دلالة النص جعلوه من أهل الأهواء.
20- جاءت النصوص بالنهي عن اتباع الهوى قال تعالى: (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) والناس في هذا على نوعين:
النوع الأول- متبع هواه وهذا على ضلالة وخطأ.
النوع الثاني- من اتخذ إلهه هواه فهذا ليس كمثل الأول؛ لأن الأول اتبع الهوى في مسألة ونحوها بينما هذا جعل الهوى إلهًا يطيعه ويمتثل أمره ويقدمه على أمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً).
21- الجدال يشمل المراء ويشمل غيره ومن الجدال ما هو محمود ومنه ما هو مذموم، والمذموم أنواع منه:
أ- جدال في مقابلة النصوص ومعارضتها فهذا مذموم.
ب- جدال لم يسرِ فيه الإنسان على مقتضى الأدب والخلق الحسن وهذا أيضًا مذموم.
22- القياس على ثلاثة أنواع:
الأول- القياس الشمولي بحيث يكون يشمل أفرادًا كثيرين وعلماء الأصول يسمون هذا القياس: العموم.
الثاني- القياس التمثيلي: الذي يتماثل فيه الفرع مع الأصل وهذا لا يجوز في حق الله بالنسبة للمخلوقات والله منزه عن مشابهة المخلوق.
الثالث- القياس الأولوي: ويدخل فيه ما يسمى عند الأصوليين التنبيه ومفهوم الموافقة الأولوي وهذا يجوز في حق الله.
23- القضايا العقدية لا تستقل العقول بإدراكها.
24- العقل: قد يراد به الآلة التي تفهم بها الأشياء فإن هذا العقل شرط في جميع المعلومات ولا يمكن أن تفهم شيئًا إلا بعد عقله، وقد يراد بالعقل المعلومات والخبرات السابقة التي يحصلها الإنسان، فمثل هذا النوع لا يحل أن نثبت العقائد بناء عليه؛ لأن هذه المعقولات انبنت على أمور مشاهدة فلا يصح لنا أن نقيس عليها الأمور الغائبة لاحتمال وجود الفرق بينهما.
25- اسم الأهواء مرة يطلق على ما يرغبه الإنسان ويشتهيه، ومرة يطلق ويراد به البدع ولذلك نقول أهل السنة ويقابلهم أهل الأهواء.
26- المعقولات لا يمكن أن تكون دليلاً مجردًا على أمور المعتقد الغائبة وحينئذٍ لا تسير معتقداتنا إلا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
27- من خصال أهل السنة التسليم لما ورد في النصوص الشرعية فما جاء في الشرع الأمر بالإيمان به وامتثاله وجب علينا: الإيمان به.
وحرم علينا:
– أن نجادل فيه من أجل نفيه.
– أو عدم التصديق به.
28- الواجب علينا أن نحكم النصوص فما جاءنا من النصوص سمعنا له وآمنا به وأيقنا بصحته فما فهمته عقولنا ولم يكن مشكلاً عندها فذاك، وما عجزت عقولنا عن إدراكه وفهمه فلا يجوز لنا أن نكذبه؛ لأن الشريعة قد تأتي بأمور تعجز العقول عن فهمها.
29- لا يمكن أن يكون هناك في أمور الشريعة ما هو معارض للعقل الصحيح الصريح.
30- عدم إدراك العقل للشيء لا يعني أن العقل يدل على عدم صحته.
31- أهل السنة يثبتون صفة الكلام وأن الله يتكلم بما شاء متى شاء وهذا لا يكون إلا يوم القيامة.
32- ما يضاف إلى الله على نوعين:
النوع الأول- الصفات والمعاني فهذه لا تكون مخلوقة مثل علم الله وكلام الله.
النوع الثاني- ما يضاف إلى الله من الأعيان المنفصلة عنه فهذه مخلوقة وليست صفة من صفاته مثل ناقة الله.
33- أهل السنة يثبتون لله العلو ويثبتون أنه يُرى، والمعتزلة ينفون الأمرين، والأشاعرة يثبتون الرؤية وينفون العلو.
34- الصواب هو مذهب أهل السنة لدلالة النصوص، قال تعالى: (كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فحكم على الصنف الثاني بأنهم لا يَرَوْن الله فدل هذا على أن الصنف الأول يَرَوْن الله، وقال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فأثبت نظر الوجوه إلى الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) حيث فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرؤية، فحينئذ يجب علينا أن نسلم بمقتضى هذه النصوص.
35- قال تعالى: (لا تدركه الأبصار)، النفي هنا ليس للرؤية وإنما النفي للإحاطة والإدراك ونفي الإحاطة والإدراك لا يدل على نفي أصل الرؤية.
36- دلت النصوص على إثبات الميزان نقول سمعًا وطاعة، نوقن بمقتضى ذلك ولا نناقش ولا نعارض بمعقول ولا بغيره فمن جاءنا يريد منا أن نجادله بواسطة المعقولات لنقوم بإبطال مدلولات النصوص فحينئذ لن نلتفت له.
37- الميزان يكون لثلاثة أمور:
أولها- وزن العباد فكل عبد قد يتعرض للوزن كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود لما ضحك بعض الصحابة من ضعف جسمه وقلة وزنه.
ثانيها- وزن الأعمال سواءً كانت أقوالاً أو أفعالاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) “متفق عليه”.
ثالثها- وزن الأوراق والسجلات والكتب التي تسجل فيها أعمال العباد وقد ورد في الحديث أن رجلاً جاء بتسعة وتسعين سجلاً فيها أعمال سيئة وجاء ببطاقة فيها لا إله إلا الله فطاشت البطاقة بتلك السجلات.
38- إن أخبار الآحاد الواردة في الحديث النبوي التي ليس لها معارض ولم يتكلم فيها أحد من الأئمة في شيء تفيد القطع واليقين لأمور:
أولها- أن الله -تعالى- أكرم من أن يدخل الشريعة شيء ثم لا ينبه الأمة عليه ولا يمكن علماء الحديث من اكتشافه.
ثانيها- أن الله قد تعهد وتكفل بحفظ هذه الشريعة ومن حفظها حفظ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومما يدخل فيه تفسير كتاب الله.
ثالثها- أن لكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من البهاء والوضوح والنور ما ليس لغيره مما يجعل كلامه لا يمكن أن يلتبس بكلام غيره.
39- المراد بالشفاعة أن يكون المرء مع غيره لتحقيق أمر لذلك الغير، مأخوذ من الشفع: وهو الذي يكون بعد الوتر فالوتر: واحد والشفع: اثنان.
40- جاءت النصوص بإثبات الشفاعة وببيان أنها على أنواع لكن لها شرطان:
الشرط الأول- إذن الله للشافع بأن يشفع.
الشرط الثاني- رضا رب العالمين عن المشفوع له.
41- الشفاعة على أنواع:
النوع الأول- الشفاعة العظمى وهي للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة.
النوع الثاني- أن يُشفع لأناسٍ في النار من أجل أن يخفف عنهم من عذابها.
النوع الثالث- أن يُشفع لأناسٍ من أهل الجنة أن ترفع درجاتهم.
النوع الرابع- أن يُشفع لأناسٍ دخلوا النار من أجل أن ينتقلوا من النار فيصبحوا في الجنة.
42- الأنواع الأربعة من الشفاعة أثبتها أهل السنة والجماعة.
43- المعتزلة والخوارج نفوا الشفاعة وقالوا: لأنه لا يثبت أن يدخل أحد النار ثم يخرج منها مرة أخرى.
44- منشأ هذا أنهم يقررون القول ثم بعد ذلك يصنفون النصوص بناءً عليه فما وافق أقوالهم قبلوه وما لم يوافقها أولوه أو جحدوه وأنكروه.
45- اتفق الأنبياء على التحذير من المسيح الدجال قال صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا وقد حذّر أمته المسيح الدجال) “رواه البخاري من حديث ابن عمر”.
46- من صفات الدجال:
أ- معه جنة ونار.
ب- يدعو الناس إلى تأليهه.
ج- يدور على البلدان في زمن متقارب.
د- إذا خرج علم الناس بخروجه بوقت قصير.
ه- إذا جاء إلى المدينة جاءها على نقب من نقابها فخرج من المدينة كل كافر ومنافق.
47- معتقد أهل السنة والجماعة أن الإيمان له أركان: الأقوال، والاعتقادات، والأعمال.
48- الأدلة على أركان الإيمان: قال تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم)، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة، فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبة من الإيمان).
49- الأعمال ركن في الإيمان وليست شرط صحة ولا شرط كمال.
50- من قال العمل شرط الإيمان قلنا هذا خطأ؛ لأن الأعمال جزء من الإيمان أما الشرط فيكون قبل الشيء ولا يكون من أجزائه فالطهارة شرط للصلاة فهل هو جزء من الصلاة، أو أمر مستقل سابق لها!
فحينئذ الشرط يكون سابقًا أو مقارنًا ويكون فعلاً مستقلاً بينما الركن جزء من الماهية فالركوع ركن للصلاة؛ لأنه جزء منها.
51- الإيمان يزيد إذا فعل العباد الطاعة يدل على ذلك قوله تعالى: (لِيَزدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِم)، والنصوص في هذا كثيرة ولأنه إذا كان يزداد فمعناه أنه ينقص من باب دلالة التلازم وهو مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا للمرجئة الذين يرون أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان.
52- القول بأن الإيمان يزيد وينقص يعد إجماعًا فكيف نجمع بينه وبين قول الإمام مالك: الإيمان يزيد فقط؟ الجواب: إثبات الزيادة تواترت به النصوص كتابًا وسنة وإثبات النقص من لازم الأول والإمام مالك أو بعض من نفى النقصان نفى اللفظ فقال: أنا لا أقول ينقص لكنه لا يزيد أو تقل زيادته أو تذهب زيادته ومن هنا فالسلف متفقون على أن الإيمان يزيد وينقص والخلاف بينهم في اللفظ فقط.
53- الكفر قد يكون أقوالاً وقد يكون أفعالاً وقد يكون اعتقادًا، والظن أن الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد ظن خاطئ وهو طريقة المرجئة الذين يقولون: لا يكون الكفر إلا بالاعتقاد.
54- من استهان بالقرآن فوضعه في القاذورات يكفر بذلك ولو لم يعتقد جواز هذا فلا يشترط في الكفر الاقتران بالاعتقاد بما يكفي إذا كفر بفعله.
55- خير الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبي بكر في مواطن عديدة وقال: (سدوا كل خلة في المسجد إلا خلة أبي بكر)، وقال: (إن صاحبكم خليل الرحمن ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر ولكن صاحبكم خليل الرحمن).
56- وفيه نصوص كثيرة تدل على فضل أبي بكر -رضي الله عنه- وقد قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه- في أداء الصلاة إمامًا فنوقش في ذلك فأصر على ذلك ولم يرضَ بإمامة غيره.
57- أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قد وصفه الله بالصحبة وأكرمه الله بها ثم إن أبا بكر الصديق كان ينفق ماله لنصرة الإسلام وأهله.
58- إذا تقرر هذا فإن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قد أجمع الصحابة على تقديمه بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذلك كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
59- ثم يليه في المرتبة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد جاءت نصوص عديدة في فضيلته والثناء عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو سلك عمر فجًا لسلكت الشياطين فجًا غيره)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كان فيما سبقكم محدثون ملهمون فإن يكون في أمتي فعمر بن الخطاب).
60- وقد جاءت منه موافقات عديدة وافق فيها الحكم الشرعي قبل نزوله وقد أثنى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواطن عديدة وأجمع الصحابة على تقديمه على غيره في الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنه.
61- ثم يليهم في الأفضلية عثمان -رضي الله عنه- الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس على عثمان بعد اليوم شيء)، وقال: (من يشتري بئر رومة فيكون له مثلها في الجنة) وجهز جيش العسرة بسبع مئة من الإبل وقال فيه صلى الله عليه وسلم: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة).
62- نحن نتقرب إلى الله بذكر فضائلهم ومحاسنهم وبتعداد سيرهم ومناقبهم وقراءة هذه السير ونتقرب إلى الله باتباعهم على طريقتهم.
63- نصدق بالنصوص الواردة في فضائلهم سواءً كانت قد وردت بفضائل آحادهم أو بفضائل جملة منهم أو بفضائلهم على الجملة.
64- وقد اعتنى الأئمة بهذا الباب وألفوا فيه المؤلفات فهذا الإمام أحمد ألّف فضائل الصحابة، والإمام النسائي أيضًا، ويجد الإنسان في كتب الأحاديث من الصحاح والسنن أبوابًا متكاملة في فضل ذلك الجيل.
65- ما قُدح به في الصحابة لا يخرج عن أربعة أمور:
الأول- كذب لا تصح نسبته إليهم.
الثاني- مسائل توهم المتوهم أنها خطأ منهم ليست كذلك بل هو صواب فيقدح في الصحابي؛ لأنه فعل الفعل الفلاني وهذا الفعل ينبغي أن يثنى عليه بسببه.
الثالث- أفعال أخطؤوا فيها لكنهم معذورون؛ لأن هذا مبلغ اجتهادهم إذا كان الحاكم إذا اجتهد وأخطأ له أجر واحد فمن باب أولى هؤلاء الصحابة.
الرابع- ذنوب لكن هذه الذنوب لا توجب خروجهم من الملة ولا تسقط فضيلتهم لفضيلة صحبتهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عندهم من الفضائل ما يفوق هذه الذنوب والمعاصي.
66- نؤمن أن الصحابة ليسوا على رتبة واحدة بل متفاوتون في الرتبة؛ فهناك مهاجرون وهناك أنصار، وهناك من شهد بدرًا، وهناك من أسلم قبل الفتح ومن أسلم بعد الفتح هذا تفضيل حسب الصفة، وقد يكون تفضيلاً بالأسماء لورود النص بالتفضيل.
67- من قال بتفضيل علي على عثمان أخطأ وإن كانت المسألة ليست قاطعة ولذلك لا نؤثمه ولا نقدح في معتقده بخلاف من قال بإنكار خلافة أحد من هؤلاء الخلفاء.
68- من طعن في خلافة أحد من الخلفاء الأربعة فهو من أهل الضلالة والبدعة وليس من أهل السنة.
69- قواعد أهل السنة والجماعة في باب الولاية:
أولها- وجوب السمع والطاعة للأئمة وقد جاء في هذا نصوص كثيرة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
ثانيًا- أن الطاعة للولاة تجب ولو كانوا فجارًا ما لم يأمروا بمعصية فإنهم يطاعون في غير تلك المعصية، والنصوص تدل على وجوب السمع والطاعة لهم في هذه الحال فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالسمع والطاعة للولاة فذكر له أن بعضهم يؤخر الصلاة؟ وقالوا ألا ننابذهم بالسيف؟ قال: (لا ما أقاموا الصلاة) فدل هذا على وجوب الطاعة للأئمة ولو كان لديها معاصٍ ولو كانوا فجارًا إلا أن يأمر بمعصية فحينئذ لا يطاع في ترك ذلك الواجب أو في عمل تلك المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله).
70- الولاية تثبت بأحد الطرق الشرعية:
أ- الاستخلاف من الإمام السابق.
ب- أو اختيار أهل الحل والعقد.
ج- أو بالغلبة.
د- أو بالنص.
Scroll to Top