آداب الدعاء.

آداب الدعاء:
د. محمد عمر العزامي.

الدعاء أعلى أنواع العبادة وأرفعها وأشرفها، وبه يدرك العبد ما رجى من نعيم الدنيا والآخرة، ومن أدام طرق باب الله ملتزمًا بدأبه للدعاء يوشك الله له برزق عاجل أو آجل، ولقد أشار ابن الجزري في منظومته إلى هذه العبادة العظيمة، وذكر جملة من آداب الدعاء وبعض المواطن التي يُرجى فيها استجابة الدعاء:
أولاً: ترقب أوقات الإجابة.

قال رحمه الله:
“دَعْوَةُ مَنْ يَخْتِمُ مُسْتَجَابَهْ”
أمر بالدعاء عقب الختم وهو مما أثره الخلف عن السلف، واستحبوه استحبابًا مؤكدًا تأكيدًا شديدًا،  وصح ذلك عن أنس، وثبت عن جماعة من أئمة التابعين أنهم كانوا يتحرون أوقات الختم فيحضرونها ويقولون الدعاء عند الختم مستجاب، وجاء في ذلك حديث كما ذكره النّاظم؛ ولا شك أنّ ساعة ختم القرآن ساعة مشهودة عظيمة، فينبغي أن يدعي فيها بالأمور المهمة والكلمات الجامعة لخيري الدنيا والآخرة وإصلاح المسلمين وتوفيقهم للطاعات وإصلاح ولاة الأمور وتوفيقهم.
وروى البيهقي في شعبه من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَعَ كُلِّ خَتْمَةٍ دَعْوَة مُسْتَجَابَةٌ) والله سبحانه وتعالى أعلم، قوله: (مستجابة) يشير إلى الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه الأوسط عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، أَوْ قَالَ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ، كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، إِنْ شَاءَ عَجَّلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ شَاءَ ادّخرها لَهُ فِي الْآخِرَةِ)، قلت: ولعل مواطن الطاعة وما بعدها أجدر ما يمكن للعبد أن يتحراه وقت إجابة، فبعد أداء العبادة يكون العبد في رتبة عالية عند ربه، وهذا دخل في القبول، وقد أشار ابن الجزري إلى إجابة الدعاء من الله جل وعلا بعد عبادة ختم القرآن.
ثانيًا: الاستيقان بالإجابة
قال رحمه الله:
“وَادْعُ وَأَنْتَ مُوقِنُ اْلإِجَابَهْ”
قوله: “وأنت موقن” إشارة إلى الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم في صحيحه عن النبي قال: (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)، قال الباحث: وهذا معنى إيماني عظيم وهو أن يستحضر العبد القبول وأن يتيقن من قرب ربه منه وسماعه لدعائه وإيشاكه لإجابة دعوته.
ثالثًا: رفع اليدين تضرعًا وخشوعًا التزامًا بآداب الدعاء:
قال رحمه الله تعالى:
“وَلْيُعْتَنى بِأَدَبِ الدُّعَاءِ … وَلْتُرْفَعِ اْلأَيْدِي إِلَى السَّمَاءِ
وَلْيُمْسَحِ الوَجْهُ بِهَا وَالْحَمْدُ … مَعَ الصَّلاةِ قَبْلَهُ وَبَعْدُ تخريج”
المعنى: أن الداعي ينبغي أن يعتني بأدب الدعاء؛ فإن له آدابٌ وشروط وأركان قال ابن عطا: للدعاء أركان وأجنحة وأسباب وأوقات، فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أنجح، فأركانه: حضور القلب، والرقة، والاستكانة، والخشوع، وتعلق القلب بالله وقطعه عن الأسباب، وأجنحته: الصدق، ومواقيته: الأسحار، وأسبابه: الصلاة على النبي.
قال الباحث: ومن تقصي الأدلة والآثار في رفع اليدين عند الدعاء يتبين مشروعية الرفع كما يمكن القول باستحبابه في بعض المواطن خاصة إذا أراد العبد القرب من ربه وسرعة الإجابة فالله جل جلاله يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرًا أي: خائبتين.
Scroll to Top