الصوم بوابة المسلم للتحسين والتغيير:ضيف الحوار الداعية: د. جودت المظلوم.
أجرت الحوار الصحفية: أمينة سعيد.رمضان يربي الداعية على علو الهمة، وعلى التنافس في الخيرات، والمسابقة في الصالحات، ويظهر هذا جليًا في دعوته؛ فنجده يسارع الخطى لنشرها، ويستغل نفوس الناس الطامعة بالاستزادة، فيجد همم الناس عالية، وأنفسهم لديها الاستعداد للجد في العبادة، وعلو الهمة يجعل الداعية لا يستثقل العبادة، ولا يرضى دون السير على طريق السلف، فكيف يعيش الداعية شهر رمضان؟ ما هي طرق استثمار شهر القرآن؟ وما هو السر وراء نجاح الداعية في رمضان؟ هذا ما يتحدث عنه عضو رابطة علماء فلسطين الدكتور جودت المظلوم.
الشوق لرمضان:
يقول د. جودت المظلوم: يترقب الداعية شهر رمضان بفيض من الشوق؛ لكي يعيش فيه أجواء روحانية خاصة؛ لأن رمضان شهر ليس كغيره من شهور السنة فلا يجب أن يمر مرورًا دون أن يلم بجميع ما في هذا الشهر الكريم من دروس وعبر وعظات، وأوضح أن شهر رمضان الكريم شهر تعمّ فيه الخيرات، تنزل فيه البركات، والرحمات، تضاعف فيه الحسنات، وتُستجاب الدعوات، تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران، وتُصفد مردة الشياطين؛ فيعيش الداعية أجواء اليقين، وأجواء السعادة والحب والتسامح والعطف على الفقير والمسكين، وقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يبشّر أصحابه بقدومه لما فيه من خير، فقال صلى الله عليه وسلم: (أَتَاكُم رَمَضَان شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ).
وبيّن المظلوم أن الداعية في هذا الشهر يعيش أجواء اليقين والسعادة والحب والتسامح مع القرآن مع الصوم والإمساك عن كل ملاذ الحياة؛ فيحرص الداعية أن يستغل كل دقيقة من الشهر الفضيل وأن يعيش مسترسلاً بين القرآن وبين دروس ومجالس العلم، والتي يكون لها طعم مميز عن باقي أيام السنة.
استثمار رمضان:
وحول طرق استثمار الداعية لشهر رمضان بيّن أنه مع قدوم شهر رمضان يتبارى الدعاة والداعيات في فعل الخيرات؛ فيتنقل الداعية بين حلق الذكر ومجالس العلم ودروس الفقه، فنجد كل داعية يستثمر وقته تارةً لنفسه، وتارةً لإرضاء ربه فتجده معلمًا للناس أحكام القرآن، وأحكام الصيام فلا يفتر في استثمار واستغلال هذه الأجواء الإيمانية والروحانية، وخاصةً الفجر وصلاة التراويح وصلة الأرحام.
وأشار د. جودت المظلوم إلى الدروس المستفادة من شهر رمضان، وأولها تحقيق معنى التقوى؛ لأنها هي المقصد الأسمى من فريضة الصوم حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183ّ.فتقوى الله -عز وجل- تكون بفعل ما يحب ويرضى وتجنب سخطه.
ويتعلم الداعية في هذا الشهر الصبر والإخلاص والدعاء إلى الله، إضافةً إلى شعوره بالآخرين، كما يتعلم فيه تنظيم وقته، ومراقبة الله -عز وجل- وهو درس عظيم -استفادة الصائم من مدرسة الصوم-، فالداعية يتعلم الصبر، وحب الخير، والتضحية والفداء كل هذه دروس مستفادة كما يتعلم الداعية العطاء في رمضان فدروس جمة يجنيها الداعية من الشهر المبارك.
وحول أثر شهر الصوم في نجاح الداعية وتفوقه بيّن د.جودت المظلوم ، أن للصوم الأثر البالغ في نجاحه وتفوقه فإن رمضان يصقل شخصية الداعية، ويخرجه صابرًا صامدًا مطيعًا لمولاه ناجحًا في كل مناحي حياته، فيستمد من الشهر القوة والثبات والخروج من دائرة الخمول والخصوص إلى دائرة النشاط والعمل وخدمة الجمهور.
مطلب التغيير:
ومن أسرار نجاح الداعية في رمضان ارتباطه الوثيق بالقرآن الكريم في شهر القرآن إلى جانب المحبة المخصصة لله -عز وجل- فعطاؤه وبذله من أجل مرضاة الله -عز وجل- وسر نجاحه في رمضان بالذات؛ لأنه اتخذ من الإخلاص في القول والعمل شعارًا في حياته (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام: 162.
على الصعيد ذاته أكّد د. جودت المظلوم أن الداعية في فلسطين له وضع خاص بسبب الظروف الذي يعيشها فشهر رمضان يتميز عن غيره من الشهور يُكثِّف فيه دعاءه إلى أن يفرج الله الغمة.
وختم د. المظلوم حديثه بذكر قوله (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد: 11ّ، متابعًا التغيُر مطلوب وخاصةً في شهر رمضان؛ لأن هناك محفزات تساعد على التغيير، وتسهم على ارتقاء المسلم للأفضل لأنه من خلال فريضة الصوم العظيمة يستشعر عظمة الخالق، بأن الله اختص هذا الشهر لنفسه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ).
ودعا د. المظلوم أخيه المسلم إلى اغتنام هذه الفرصة العظيمة والإصلاح من حاله، وحب الخير والعطف على الفقير، ونشر الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، وليكن رمضان بوابة التحسين والتغيير في حياته لأنهن أيام معدودات.