أبناؤنا سائرون إلى أين؟أ. سحر عبد القادر اللبان.
أبناؤنا فلذات أكبادنا يسيرون إلى الهاوية، كيف لا وكل شيء حولهم يدفعهم ويجرهم جرًا إلى الانحراف والفساد.
ماذا نقول وقد سلّمنا مقاليد التربية برضا أو بغصب لأجهزة مدمرة شأنها تضليل القيم وتشويهها، وجرف أبنائنا إلى متاهات الضياع.
فالإنترنت والفضائيات وغيرهما من الأشياء صارت مصدر التربية وحلّت محل الأهل والمدرسة للولد، ولن أحكي عن جرعات الفساد وكمياتها التي تدخل عقول أبنائنا وتلهو بعواطفهم، وتعبث بمعتقداتهم وتلوث أفئدتهم، فكلنا بتنا نعرف أضرار الحاسوب وما فيه من جرعات مدمرة يزرعها العدو فيقبل عليها أبناء المستقبل ويتجرعونها بمعرفة الأهل وأحيانًا بموافقتهم، وكلنا أصبحنا ندرك مدى الخطر الذي صار يحيق بنا دون أن نجد له رادعًا أو مهلكًا، فما العمل؟ وكيف الطريقة للنجاة بأبناء الأمة والخلاص بهم مما هم مقبلون عليه؟
سؤال كثيرًا ما يتردّد في صدري، وفي صدور كل الغيورين على هذا الدين وعلى أبنائه، ولكن، هلا وقفنا وتكاتفنا وفكرنا بصوت عالٍ وبطريقة جماعية لتحويل مسار الأولاد ووضعهم على الطريق الصحيح؟
قد يتساءل البعض كيف لنا ذلك؟ وكيف نجتمع والأمة الإسلامية مفرّقة وممزّعة؟
أقول، تربية أبنائنا واجتماعنا على منهج واحد قويم سليم سيكون سببًا في وحدتنا وإعادة لحمتنا.
والمنهج الذي علينا اتباعه في التربية والتعليم وإنشاء الجيل الصاعد نشأة نتمناها ونحلم بها، هو منهج وشرع رسول العالمين محمد صلى الله عليه وسلم.
فهلا إخوتي الكرام، هلا اتحدنا وعملنا معًا على وضع خطة تعديل في أساليب التربية وطرقها لنحيد أبناءنا عن رذائل الغرب وقيمهم المنحلة، تلك التي يتعرفون عليها ويتعلمونها ويتبعونها عبر الإنترنت والفضائيات؟
هلا إخوتي صحونا من غفلتنا وتعمقنا في قيمة الرسالة التي تنوء بها عواتقنا؟ تلك الرسالة التي حمّلنا إياها الله تعالى، وجعلها أمانةً في أعناقنا، ألا وهي أبناؤنا، نعم، أبناؤنا هم أمانةٌ في الأعناق سنُحاسب عليها يوم القيامة، فهلا أحسنّا إلى هذه الأمانة وأعددناها الإعداد الصحيح لتحمل عنا رسالة الإسلام؟
ما علينا -إخوتي المربين- إلا اتباع خطّة جماعيّة نتخلّص بها من خناق الغرب، ونعمل بها على مساعدة أولادنا، ومعالجتهم من الجرعات التي سرت في دمائهم بطرق لا تقل حضارةً عن الطرق التي يزعم الغرب أنه يقوم بها، وهذا الأمر ليس بالأمر السهل، لكنّه ليس بالمستحيل، فما زال أمامنا فرصة لإنقاذ جيلنا الصاعد، ولنفكر معًا بكيفية الإنقاذ.
علينا وقبل أيّ شيء أن نعرف أنّ جيل أولادنا يختلف عن جيلنا؛ لذا لا يمكننا أن نعاملهم وأن نربيهم كما تربَّينا، فهم جيل الحاسوب والفضائيات والإنترنت، جيل يفهم بالتكنولوجيا أكثر مما نفهم؛ لذا، وللتقرب منه واستقطابه علينا أن نخاطبه بما يفهم، ونتعامل معه بالعقل والحجج، ونعمل على إقناعه بما نريد بأن نقرب له المفاهيم.
وهذا يتطلّب جهدًا وعنايةً ودراسة، وعلينا جميعًا أن نجنّد كل طاقاتنا لذلك، فالأمر ما عاد يحتمل التأجيل والتراخي والتأخير، الأمر خطير إن تركناه، فكيف يمكننا تجنيد طاقاتنا، ومن المعون بذلك؟
كلنا مسؤولون لإنقاذ أبنائنا، كلنا، كل أم وكل أب، كل أستاذ وكل قريب، كلنا علينا أن نتفق بأن نجعل نصب أعيننا أولادنا، فعلى الأمّ أن تكون قريبةً من ابنتها، أمًا وأختًا وصديقة، تعمل على استقطاب ثقة البنت وتصبح مخزن أسرارها، دون أن تشعرها أنها أمّ كأمهاتنا التقليديات، وبهذا تكون على مقربة من ابنتها وابنها وتعرف ماذا يفعلون، ويمكنها أن تسوق لهما النصيحة بطريقة لا تشعرهما بأنها مقصودة، وهذا طبعًا يتطلب على الأم الكثير من ضبط النفس، فقد تخطئ الأم التي تظن أنها تستطيع أن تمسك زمام أمر ابنتها أو ابنها دون أن الخطة هي مسؤولية علمائنا الذين يقع عليهم عاتق وضع الخطط وتنقيتها ونشرها، وعليهم توعية الأهل بشتى السبل وتجنيدهم جميعًا مع كافة الوسائل للذود بجيل الإسلام الصاعد من الهلاك، ولتنشئتهم تنشئة ترفع الهامات وتنصر الإسلام.