د. جاسم المطوع
كل طفل يتعرض للفشل والخسارة سواء في الألعاب أو في الدراسة، وبعض الأطفال عندما يفشلون يصابون بالإحباط فينسحبون من اللعبة أو الدراسة ولا يستمرون لتحقيق النجاح، وهذه مهارة مهمة لو تعلّمها الطفل تساعده على النجاح الدراسي أو النجاح في الحياة، وهناك عدة أفكار لو طبقتها مع ابنك عندما يفشل أو يكون محبطًا تساعده في الوقوف على قدمه مرة أخرى والانطلاقة من جديد.
وأولى هذه الأفكار هي أن تتحدث معه وتعلّمه أن النجاح لا يأتي دائمًا من أول مرة؛ لأن الإنسان دائمًا يتدرب ويتعلم في الحياة، وبعض الألعاب أو المهام تحتاج لمهارات معينة لا بد من تعلمها والتدريب عليها، ويمكنك وأنت تتحدث مع طفلك بهذا المفهوم أن تجعله يطبق شيئًا عمليًا حتى يستوعب هذه الفكرة، فلو كنت أنت ماهرًا في لعبة السلة أو أي لعبة أخرى فتأخذه معك وتقول له انظر كيف سأفوز عليك الآن، لأني أنا ماهر ومتفوق في هذه اللعبة بسبب تدربي عليها وفهم قوانينها، واطلب منه أن يراقب نفسه عندما يلعبها أول مرة بحياته فإن نتائجه ستكون ضعيفة، ثم ليراقب نفسه عندما يلعبها أكثر من مرة كيف سيكون متمكنًا منها كلما لعب هذه اللعبة.
مثل هذا التمرين العملي يعلم الطفل أن الخسارة أو الفشل أمر طبيعي بالحياة ولكن المهم أن يتعلم الإنسان ويطور مهاراته حتى يفوز أو يربح، فاقتناع الطفل أن الفشل هو بداية طريق النجاح مسألة مهمة حتى يكون متميزًا وناجحًا في الدراسة أو في الحياة.
والفكرة الثانية التي تعلمها طفلك هي أن “الدنيا يوم لك ويوم عليك” وأن النجاح لا يكون دائمًا، فحتى لو كنت مدربًا في رياضة معينة أو كنت متميزًا في الدراسة فلا بد أن يأتيك يوم تخسر فيه أو تفشل، وهذا أمر طبيعي؛ لأن الحياة لا تستمر على وتيرة واحدة والأيام متقلبة، ولكن عليك عندما تفشل أن تعرف ما هو سبب فشلك وخسارتك ثم تعالج السبب وتنطلق من جديد.
أما الفكرة الثالثة فعليك أن تعلمه قاعدة تكرار المحاولة والتجربة؛ حتى يتمكن من المهارة، فلو فشل أو خسر علّمه أن يجرب ويعيد التجربة مرة ومرتين وثلاث وعشرًا وعشرين حتى يتمكن منها ويتفوق؛ لأن التعلم في التكرار والتدريب يحتاج إلى تكرار، وهذه فكرة لا يفهمها كثير من الأطفال؛ لأنهم يجربون مرة أو مرتين ثم يقول أنا لا أصلح لهذه الرياضة أو لا أصلح للدراسة.
أما الفكرة الرابعة فتحدث مع طفلك عن فشلك عندما كنت صغيرًا لرياضة أو لعبة أو مادة دراسية في المدرسة، وتحدث معه كيف أنك تغلبت على هذا الفشل وتجاوزت المشكلة وما الذي ساعدك على النجاح والتفوق.
والفكرة الخامسة أن تعرض عليه قصصًا لنجاحات أشخاص آخرين يعانون مثل معاناته، وينظر كيف تفوقوا ونجحوًا في الحياة، يقول لي أحد الآباء إن ابنه الصغير أصيب بمرض السكري فصار محبطًا وكان الطفل يحب أبطال كرة القدم، فبحث الأب عن لاعب مشهور لكرة القدم مصاب بالسكري وتحدث مع ابنه فيه فتغيرت نفسية الطفل وصار يتقبل المرض بسبب حبه لكرة القدم واللاعب المشهور، وطفلة أخرى لم تنجح بالمدرسة فعرضت عليها أمها شخصيات متميزة عالميًا ومبدعة ولكنهم لم ينجحوا في المدرسة وتغلبوا على مشكلتهم حتى تفوقوا في الحياة، وقصصًا كثيرة عملية وواقعية تساعد الطفل بتجاوز الإحباط الذي يشعر به من خسارة لعبة أو فشل دراسي أو الإصابة بمرض أو غيرها من أحداث الحياة.
والفكرة السادسة هي الاستراحة قليلاً، فأحيانا يحاول الطفل حل مسألة في الرياضيات مثلاً فلا يوفق فيشعر بالإحباط فيحاول ويحاول ولا يوفق فيزداد الإحباط عنده، والصواب أنه يستريح قليلاً ويلعب لعبة يحبها ثم يرجع مرة أخرى لحل المسألة الرياضية، سيلاحظ أن نفسيته أفضل بسبب الاستراحة ويستطيع أن يتجاوز الإحباط؛ لأنه ارتاح قليلاً. والفكرة السابعة أن نعلم الطفل الاستعانة بالله تعالى عند الشعور بالإحباط؛ لأن الله يسهل الصعب ويعينه على النجاح والتوفيق فنعلمه بعض الأذكار مثل الاستغفار، فالاستغفار يفرج الهموم، ونعلمه الدعاء مثل “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً”؛ لأن هذا الدعاء يسهل الصعب.
والفكرة الثامنة والأخيرة أن يستشير أو يسأل من هم أكثر خبرة منه في نفس التجربة فيستفيد من تجاربهم ليتجاوز الفشل أو مرحلة الإحباط التي يعيشها، فهذه ثماني مهارات تربوية تساعد الطفل على تجاوز مشكلة الإحباط والفشل في الدراسة أو الحياة.
المصدر: صحيفة اليوم.