ضيف الحوار الداعية: رجاء الحلبي
أجرت الحوار: أمينة سلامة
المرأة هي أخت وابنة وأم، وهي التي تربي الرجال والقادة؛ فلا بد أن تكون قدوة حسنة، فكيف إذا كانت تعمل كداعية فلا بد أن تكون قدوة حسنة في عبادتها، في سلوكها، في مخبرها، في قلبها، في عقيدتها، في أخلاقها، في طيبتها، وفي مظهرها أيضًا، في شكلها، وثيابها، ومشيتها، وحركاتها، وفي أعمالها وأقوالها؛ لأن هناك الكثير ممن يتأسون بها، وما أحوجنا إلى ذلك خاصةً نحن النساء، فضيفتنا اليوم تعد قدوة لبنات جنسها؛ فهي أم قبل أن تكون داعية، مربية أجيال قبل أن تحمل لواء الحق وهو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
داعيتنا عملت في المجال الدعوي منذ نعومة أظافرها حفظت كتاب الله وسارت على درب الدعوة إلى الله حتى هذه اللحظة التي نتحدث إليكم فيها بوجه بشوش وبابتسامة مشرقة استقبلتنا وكانت البداية تعلن أن القدوة الحسنة هي ثمار النجاح في دعوتها حيث كانت قدوة في مواعيدها؛ فكانت على الموعد تمامًا الذي حددته لموقع دعوتها لنحمل من دقتها عنوانًا لبدء الحديث معها حول القدوة الحسنة وأثرها في حياة المرأة الداعية ندعوكم لمتابعة هذا الحوار مع ضيفتنا الداعية رجاء الحلبي مسؤولة العمل الإسلامي في غزة.
السطور الأولى نتركها لنتعرف على السيرة العطرة لضيفتنا؟
الاسم رجاء عمر الحلبي خريجة بكلوريوس أصول دين، متزوجة ولي من الأبناء أربعة أولاد وبنت واحدة، وزوجة عضو المجلس التشريعي د. يونس الأسطل.
بدأ مشواري الدعوي منذ الصف الثاني الثانوي فقد كانت فترة كفاح طويلة في مهام الدعوة، قمتُ بافتتاح مساجد؛ ففي تلك الفترة لم تكن هناك مساجد تفتح لتحفيظ القرآن الكريم للنساء وعمل مواعظ للنساء، وأذكر أن هذا الوضع كان عام 1978، تتلمذت على يد الشيخ أحمد ياسين وكان يحفظنا القرآن الكريم في مسجد الإصلاح، وكنتُ وقتها أحفظ القرآن فقد كان هناك ضعف واضح في حفظ الجميع للقرآن الكريم وفي فهمهم له، ولكن بفضل الله أقبلنا على حفظ القرآن الكريم بقوة وعزيمة وشغف فحفظنا القرآن من ثم انطلقنا إلى العمل في بيوت الله سبحانه وتعالى.
من أوائل المساجد التي حفظت فيها: الدار قطني، الهجاني، بعد ذلك عملت مدرسة في وزارة التربية والتعليم للمرحلة الثانوية، وبعدها انتقلت إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية للعمل كواعظة، أعتبر تلك المهمة عظيمة جدًا، وأدعو الله أن يوفقنا في دعوتنا وأن نكمل هذا المشوار على خير.
لنتعرف على مفهوم القدوة الحسنة؟ وما هي مقومات القدوة الحسنة؟
عندما نتحدث عن القدوة الحسنة علينا أن ندرك أن أمانة القدوة هي منوطة بمن حمله الله سبحانه وتعالى أمانة حفظ الرسالة، وعند الحديث عنها فنقول هي صورة مشرقة تتبع، والإتباع قد يكون بالكلمة أو بالفعل؛ فالقدوة هي أن يكون الإنسان نموذج يحتذي به وهذا النموذج عليه أن يحمل أمانة ناءت بها السماوات والأرض؛ لأنه يجب عليه أن يتربى على الأخلاق ويجب عليه أن يربي لنصل بإذن الله سبحانه وتعالى إلى بر الأمان.
فمن خلال القدوة الحسنة نصل إلى ما نريد من تربية الأجيال، ومن ترسيخ دين الله سبحانه وتعالى في الأرض، وأقول في هذا المقام أنه بالاتجاه الآخر هناك القدوة السيئة، ولكن للأسف هناك من الناس من يسير خلفها، مبينة أنه لا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن مقومات القدوة الحسنة كبيرة وعظيمة؛ لذا لا يمكن أن يقتدي بالإنسان إلا إذا كان يحمل هذه المقومات، ومقومات الشخصية الإسلامية تتمثل في كل الصفات التي من شأنها أن ترتقي بالإنسان سواء كان من ناحية قلبه ولسانه ومشاعره؛ لذا وجب على الإنسان عندما يتكلم أن يعلم بأن الله قد أخبرنا في الآية الكريمة أن هناك رقيب علينا بقوله: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق: 18، وأن هناك ملائكة ترصد ما نقول إضافة إلى أنه ليس هناك ملائكة فقط إنما هناك أناس يسمعون ويحكمون؛ فنحن نعلم أننا مكلفون من الله سبحانه وتعالى ونعمل من أجل الله، إضافةً إلى أننا محاسبون على هذه الكلمة أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن الكلمة قد تكون أحيانًا سببًا في إحداث مشاكل اجتماعية كبيرة، وقد تكون الكلمة سببًا على إقدام الكثيرين على أمور سيئة، وقد سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: (ألا أخبرك بِمِلاكِ ذلك كلِّه) قال: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه ثم قال: (كُفَّ عليكَ هذا) فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثَكِلَتْكَ أمُّكَ يا معاذ؛ وهل يَكُبُّ الناس على وجوهِهِم أو على مَناخِرِهِم إلا حصائدُ ألسنتِهم) “قال الترمذي: حديث حسن صحيح”.
هل نستطيع أن نقول أن القدوة الصالحة عنصر رئيس في الدعوة إلى الله؟
القدوة الحسنة من أهم العناصر في الدعوة إلى الله؛ لأن المخالف لذلك مخالفٌ لكلماته، وقد أساء للمنهج الذي يحمله وأساء إلى نفسه، إضافةً إلى إساءته للمدعو وهو بذلك لا يحترم الإنسان، وينسى أن الإنسان يكون مبصرًا لأفعاله.
وهذا شيء يؤكد بأن القدوة الحسنة من أهم عناصر الدعوة إلى الله، ولنتذكر كيف أثنت أمنا عائشة رضي الله عنها على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أخبرتنا: (أن محمد صلى الله عليه وسلم كان قرآنًا يمشي بين الناس، وكان خلقه القرآن)، فالتخلق بالأخلاق الحسنة يكون سببًا كبيرًا من أسباب الاحتذاء والتأسي والإقبال على العمل الصالح، وهناك نماذج كثيرة تبين ذلك، فعلى سبيل المثال في غزوة تبوك التي أظهرت كيف كان الصحابة يقتدون بعضهم البعض في توفير مونة المعركة.
أهمية وجود القدوة الحسنة في حياة المرأة الداعية؟
عندما نتحدث عن أهمية القدوة الحسنة في مجتمعاتنا خاصةً المجتمع النسائي فإننا نقول نحن النساء أحوج ما نكون إلى القدوة الحسنة؛ لما هو معروف عن المرأة فقد تستهويها بعض الأمور، وأحيانًا تيسر وراء نفسها فعندما تجد أخوات داعيات إلى الله سبحانه وتعالى بمقام القدوة الحسنة لغيرهم فهذه نماذج فريدة لذا يجب على هذه النماذج أن تزيد، ونريد من هذه النماذج أن تعمل كل في مجاله، فنجد المدرسة في مدرستها، والطبيبة في مستشفاها، والواعظة في مسجدها، والسيدة في بيتها، وطالبة الجامعة في جامعتها، وبكل هذا حتمًا سيكون هناك قدوة حسنة يحتذي بها، ولذا نتمنى أن تكون المرأة قرآنًا يمشي على الأرض.
يقال إن الفعل أبلغ من القول فكيف يمكن للمرأة الداعية أن تؤثر بأفعالها وتكون قدوة لغيرها؟
من الطبيعي أن تكون الأفعال أبلغ من الأقوال وهذا أمر لا نقاش فيه ولا جدال، لقوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تفعلون، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ، إِن اللهَ يُحِب الذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنهُم بُنيَانٌ مرْصُوصٌ) الصف، فإذا خالف القول العمل فإن ذلك يعد مصيبة كبرى؛ لأنه إذا قال الإنسان شيء وخالفه في العمل يوضع في هذه الحالة في مقام المنافقين، وبذلك فهو يسقط من أعين الناس، إضافةً إلى أنه يكون مخالف لما تعود عليه الناس، فمن الجميل أن يعمل الإنسان بصمت ولا يتحدث بما لا يعمل، وأقول هنا لتكن الأفعال هي التي تشهد على الإنسان بخلقه الحسن فمثلاً لا يجوز أن يدعو الإنسان إلى الإنفاق وهو لا ينفق، في حين أنه لو بادر هو في المقدمة لوجد أن الكثيرين سيتسابقون معه في عمل الخير.
في ظل الواقع الذي نعيشه والتطور الذي قرب كل بعيد نجد الكثيرات يتخذن قدوة غير صالحة لأنفسهن سؤالنا كيف يمكن للمرأة الداعية مواجهة هذه التيارات وجذب أخواتها للاقتداء بالقدوة الصالحة؟
صراحة نقول: أن المعوقات أمام الأخوات في العمل الإسلامي هي معوقات كثيرة وليست بالهينة ولا بالبسيطة، بل هي كبيرة جدًا نتذكر هنا قول الشاعر:
إني ابتليت بأربع ما سُلِّطوا…. إلا لشدّة شقوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى…كيف الخلاص وكلهم أعدائي
بمعية الرحمن ونهج حبيبه … أبلغ بإذن الله رجائي
وفي هذا المقام نقول: قد يكون الشاعر أخبرنا بأربع فقط ولكن في وقتنا الحالي هذه الأربع قد تشعبت بصورة واسعة وبصورة كبيرة، حيث إننا نجد المغريات والمنزلقات كثيرة، ونجد أن الدنيا بما رصده أهل الدنيا أمام أعين الشباب من إغراءات ومن أشياء نجدها في شوارعنا، إضافةً إلى الجوالات والانترنت الذي غزا بيوتنا، كذلك رفقاء السوء والأعداء وبالذات في المجتمع الفلسطيني فإننا نتعرض إلى هجمة خفية شرسة من عدونا رديفة إلى الهجمة الظاهرة.
وحين نتحدث عن دور المرأة الداعية فإن دورها عظيم وكبير وأقول: أنها أمام كل هذه المعوقات يجب أن تكون المرأة القوية بدينها وإيمانها وكلمتها، ووجب أن يكون لها دور واسع من خلال المدارس والجامعات من العمل والأحياء في البيوت والمساجد.
وأؤكد لكِ أننا نحن النساء في المجتمع الفلسطيني يشهد الله أننا لا نبخل أن نقدم ما نستطيع بصفتنا أخوات عاملات في العمل النسائي، وقد تجدين أن لنا دور على كل المستويات على مستوى طالبات الثانوية والجامعة، إضافةً إلى الجمعيات الخيرية، فلا نقصر في أي عمل خيري نستطيع من خلاله أن نقدم الكلمة الطيبة والنموذج الذي يحتذى به، وذلك كله باستخدام أساليب متعددة ووسائل مختلفة من أجل إيصال الكلمة الطيبة للغير.
وأشير إلى أنه قد يكون هناك رحلات ترفيهية وليس الهدف منها اللهو، وتكون بطريقة تجذب الأشخاص الذين يكونون همهم الدنيا، فكيف يمكن أن نصل إليهم، فمن الضروري أن تعرف المرأة الداعية كيف يمكن كسب إنسان همه الدنيا؛ وذلك بتوفير وسائل متعددة من خلال مهرجان تكون فيه الكلمة الطيبة وسيلة إلى أن نصل إلى قلب الفتاة أو من خلال الزيارات، إضافةً إلى تقديم المساعدات فنحن لا نقصر في أي عمل نجده وسيلة من وسائل التواصل مع الناس؛ لذا نحن بحاجة إلى أن نعود بهذه الأمة إلى مجدها وعزها، وأن نتمسك بحبل الله سبحانه وتعالى والتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
ما هي الآثار التي قد تعود على المجتمع عند غياب القدوة الحسنة؟
أقول هنا إن لم يكن هناك من هم ورثة الأنبياء بحمل هذه الدعوة ويكون القدوة الصالحة التي تقود الأمة إلى الخير وتقودها إلى الفضيلة والتمسك بحبل الله سبحانه وتعالى عندها سنجد مجتمع منحل يتأسى بالمجتمعات الغربية من التحلل من القيم والتحلل من الدين والتسبب بنهج من ليس بإنسان، فنحن بحاجة إلى القدوة الحسنة، وأقول أننا نحارب في القدوة الحسنة، ونجد أن أعداءنا يكيدوا بالقدوة الحسنة في مجتمعاتنا بشتى السبل قد يكون بالتشهير وزيادة الإشاعات فعندنا في قطاع غزة لا يتورع العدو نهائيًا أن يشوه صورهم بكل الوسائل.
لا بد من وجود عدة طرق كي تُرسِّخ المرأة الداعية مفهوم القدوة الحسنة عند المدعوين فهلا تعرفنا على هذه الطرق؟
طرق ترسيخ القدوة الحسنة في المجتمع تكون بالكلمة والفعل؛ فالكلمة في هذا المقام قد تكون عمل فردي وقد تكون عمل جماعي، إضافةً إلى المواعظ التي تلقى، والمحاضرات واللقاءات الإيمانية، من خلال إيجاد شعارات مختلفة بين الحين والآخر، واستغلال المناسبات، ومن الجيد أن تكون كلمة الإنسان هي وسيلة لاقتداء الغير به، إضافةً إلى تصديق القول بالفعل لكي يستفيد الناس من كلمته.
والعمل هو طريق الاقتداء فسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أعطى المسلمين نماذج كثيرة منها: (عندما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وأتى وقت إعداد الطعام فقال على جمع الحطب) فسيد الخلق هو قدوة لنا وبين أنه لا يستنكف أحد عن أي عمل فيه خير، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك صدقه)، وقال: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)، فالإنسان يؤجر بأقواله وأفعاله ونقول: أن هناك من ترك السنة الطيبة وهناك من ترك السنة السيئة؛ لنرى الذين تركوا لنا الكتب الإسلامية والمجلدات كل هذه أمثلة للقدوة الحسنة نقتدي نحن بهم من خلال أفعالهم وكتبهم، خلاف المغنين والمغنيات الذين أسقطوا كثيرًا من الشباب في أوحال الدموع والتردي في ما تستهويه النفس فكلهم ماتوا وأعمالهم نقمة عليهم.
لا بد أن تتحلى المرأة الداعية بصفات كي تكون قدوة لغيرها يا حبذا لو تعرفنا على هذه الصفات؟
لن تكون المرأة قدوة إلا بما هو موجود بما هو في داخلها، فنرى أن الإنسان الذي لا يعمل ما بداخله سيظهر بأنه ليس صادق وسيكون أقرب إلى فريق المنافقين منه إلى فريق المؤمنين، فمن صفات المرأة الداعية قوة الإيمان بالله، ويجب أن تعي الداعية أن الإيمان يزيد وينقص فليس من الصعب علينا زيادة الإيمان وذلك بقراءة القرآن والمداومة على الجلسات الإيمانية، ومحاسبة أنفسنا، وعلينا أن ندرج الأخلاق الحسنة، ونفتح في أنفسنا أبواب الرحمن، وليس من الصعب أن نغلق أبواب الشيطان، إضافةً إلى أنه علينا الابتعاد عن الغيبة والنميمة والحسد، هذا كله يعد من صفات الواعظة، كذلك قوة العزيمة والهمة العالية، وأن تحمل هم المرأة المسلمة وعليها أن تنهم وتهتم فيورث ذلك كله قوة وعزيمة صادقة تدفعها للقيام بدورها تجاه الإسلام، وأن توازن المرأة بين أعمالها، فعليها أن تربي في بيتها وخارج بيتها، وعليها أن تكون أمينة مؤمنة.
ما هي الأمور التي تخرج المرأة الداعية عن صلاحية الاقتداء بها؟
ما يفقد المرأة الداعية صلاحية الاقتداء بها أنها تكون معاكسة لمقومات شخصيتها، فإذا احتجنا أن تكون المرأة الداعية قدوة بكلمتها وذلك من خلال التربية بالقدوة بالكلمة فإنها إذا خرجت الكلمة عن نطاق القدوة الصالحة فستخرج تلقائيًا وستفقد المرأة صلاحيتها في أن تكون قدوة لغيرها.
وأن فقدان صلاحية المرأة كقدوة يعني التخلي عما تعود عليه الناس من اتصافها بالصفات الطيبة من ناحية أقوالها وأفعالها.
مسؤولية المرأة الداعية تجاه دعوتها تعد مسؤولية عظيمة وكبيرة فما هي الأساليب التي تحتاجها المرأة الداعية لتحافظ على هذه المسؤولية؟
المرأة إذا أرادت أن تحافظ على ذلك فعليها أن تعرف الأساليب التي سار عليها من سبقها كرسولنا صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والعلماء والوعاظ، وهي أساليب متعددة منها التلطف في معاملة الآخرين، مخاطبة الناس على قدر عقولهم، إسماعهم الكلمة الطيبة، مناداتهم بأحب الأسماء لهم، الدخول بتلطف إلى القلوب، وأن تعي الوسائل والأساليب لكسب قلوب الناس.
القدوة الحسنة أفضل وسيلة لغرس القيم الإسلامية في نفوس الناس كيف يمكن أن تسخر المرأة الداعية هذه الوسيلة لنجاح دعوتها؟
إن القدوة أفضل وسيلة في ذلك؛ لأنه من خلال النماذج التي مرت علينا تعلمنا الكثير، ولنضرب مثال هنا للقائد سيف الدين قطز عندما دخل التتار والمغول إلى بلاد المسلمين وعندما وصلوا إلى مصر كانت كثير من حصون المسلمين قد سقطت في أيدي المغول، ولكنه عندما وصل الأمر إلى سيف الدين قطز، فرأينا كيف تحرك وجمع القادة الذين دب فيهم الرعب من رسالة المغول حينها قال لهم: “ومن للإسلام اليوم غيركم” ولو كنت وحيدًا سوف أنزل إلى التتار وحيدًا، فهنا نستشف كيف كان القائد قدوة بأفعاله، فهلم يتخاذل بل قوى عزيمتهم وإيمانهم، وكان بقدوته سببًا من أسباب النصر.
وبذلك ندرك أننا بالقدوة الحسنة نستطيع أن نفعل الكثير؛ فالمدرسة تستطيع بالقدوة الحسنة أن تبني في نفوس الطالبات الكثير من الطيبات، كذلك الأم في بيتها، والطبيب في مكانه عليه أن يكون قدوة حسنة وليس همه جمع المال؛ لذا تعد القدوة الحسنة من أنجع وأكبر الوسائل في الوصول إلى ما نريد من مجتمع فاضل ومن خلق حسن.
كما هو معروف أن الذي يعمل في هذا المجال يكون محط أنظار الجميع فأي خطأ يقع فيه لا يغتفر فما هي رسالتكم للمرأة الداعية لتحرص على أن تكون قدوة لغيره؟
هذا سؤال جيد؛ لأن جميع المجتمعات تعاني من هذا الأمر لنتساءل كيف؟
بداية علينا أن نعي أنه ينظر لنا نظرة تختلف عن الآخرين، فإذا زل العالم فإنه تزل به الأمة في بعض الأحيان وهذا ما تعلمناه من الإمام أحمد ابن حنبل عندما أرادوا أن يقوم بخلق القرآن وكانت دمائه تسيل منه من التعذيب فجاءه رجل يقول له لا تقتل نفسك، فقال له انظر لمن هم بالخارج فالجميع ينتظر مني كلمة فأقتل نفسي ولا أقتل الناس جميعًا، فنقول هنا أن زلة العالم ليس بالهينة حيث إن الإنسان القدوة لو أنه زل فسيكون حديث الناس جميعًا من أجل ذلك أقول إلى من هم بمكانة القدوة: اتقوا الله في من عرفكم قدوة، ولا تُهلَكوا بزلاتكم وتُهلِكوا غيركم، وأقول لأخواتي حافظوا على أنفسكم وعلى كلماتكم وعلى أفعالكم لا تغرنكم الدنيا كما غرت غيركم، نأخذ من الدنيا ما حل لنا بالطرق المشروعة، ولا نتهافت على الدنيا كما تهافت الآخرون؛ فيجب علينا كأخوات يتأسى بهم أن نحافظ على أفعالنا وكلماتنا فعسى الله أن يدخلنا الجنة بأعمالنا وأعمال من تأسى بنا فنحن إن شاء الله ندخل الجنة برحمة الله والعمل له دور في ذلك، ندعو الله أن يكون لنا دور في زيادة الإيمان في من تأسى بنا.