ضيف الحوار الداعية: الشيخ زياد أحمد.
أجرت الحوار الصحفية: أمينة سعيد.من تأمل دعوة النبي في مكة يجد أن طابع الدعوة الفردية هو الغالب والأكثر تأثيرًا وفاعلية؛ فالدعوة الفردية ليست بدعة عصرنا أو وليدة زماننا، بل هي نهج انتهجه سلفنا الصالح، من أنبياء ومرسلين وصحابة وتابعين وعلماء عاملين في مجال الدعوة إلى الله، ولنا في هؤلاء أسوة حسنة، أضف إلى ذلك أنه قد وُجد في عصرنا من المستجدات، ما جعل الضرورة إلى هذا النوع من الدعوة أشد، والحاجة إليها أعظم، فدعاتنا مستمرون على هذا النهج العظيم، مستغلون كافة وسائل الاتصال الحديثة لإيصال رسالتهم، متحدون كل العوائق التي تواجههم، فسهولة الوصول إلى المدعو، دافع قوي للداعية ومحفز هام للمضي قدمًا من أجل كسب قلوب الآخرين، هذا ما أكده رئيس قسم التحفيظ لدى وزارة الأوقاف عن محافظة رفح، الداعية الشيخ زياد أحمد، مشيرًا أن الداعية الفطن عليه استغلال حالة المعرفة المجتمعية التي نعيشها في وقتنا الحاضر؛ لتساهم في أداء هذا الدور، والاختيار من بين الجيران وزملاء الدراسة وزملاء العمل والأقارب، من نقوم معه بهذه الدعوة الفردية، فلكل منا دور في زيادة عدد المنتمين للإسلام العظيم، وتقليل عدد المناوئين له.
تعريف الدعوة الفردية:
استهل فضيلته الحديث بتعريف الدعوة الفردية، ونعتها ب”دعوة الأفراد”؛ أي: دعوة الناس منفردين، وعليه فإنها تظهر قدرة الداعية على جذب الناس على اختلاف عقولهم وأمزجتهم وطبقاتهم وثقافاتهم، بمعنى مصاحبة الداعية لإنسان بهدف كسبه وكسب تأييده وكسب نصرته.
مبينًا أن حسن صلة الداعية بالله عز وجل من الصفات التي يجب توفرها في الداعية؛ كي يكون ناجحًا في دعوته ف”على قدر شغلك بالله يشتغل في أمرك الخلق” كما قال الزاهد يحيى بن معاذ، وكما قال الراشد: “وما أزمة صدود الناس عنا إلا من قلة اهتمامنا بما أوجبه الله علينا”.
وأضاف رئيس قسم التحفيظ لدى وزارة الأوقاف عن محافظة رفح أن الداعية إذا ألزم نفسه بالورع كانت لورعه أصداء، والصلة بالله تحيي قلب الإنسان، وتدفعه دومًا للتحرك والعمل، مبينًا أن القدوة الحسنة لها تأثير بالغ في المدعوين، كما قال مالك بن دينار: إن للعالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب، كما تزل القطرة عن الصفا، بمعنى يجب أن نلتزم بما ندعو الناس إليه؛ فنحافظ على صلاة الجماعة في المسجد خاصةً الفجر، ونشارك في أنشطة المسجد، ونحسن التعامل مع الناس، قال تعالى: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه).
أهمية الدعوة الفردية:
هذا وشدد الداعية على ضرورة إدراك أهمية الدعوة الفردية، مؤكدًا أن العلاقة بين الدعوة الفردية وبين نجاح الدعوة هي علاقة جذرية، فلا نجاح للدعوة بدون القدرة على ممارسة الدعوة الفردية، والدعوة الغنية بالدعاة القادرين على اجتذاب الناس إلى الإسلام حيث يصبح حظها من النجاح ومن تحقيق أهدافها قويًا، وإذا توفرت لها المناخات المناسبة، وبدون الاستيعاب تنحصر دعوتنا وفكرتنا، ولن ننعم بالعيش في رغد الإسلام، وبدون العمل الاستيعابي للناس لا يمكن إزالة الباطل؛ لأن الباطل لا يزول إلا بجماعة قوية كبيرة، تقوم على الحق، وبدونه لن نتمكن من تحرير مقدساتنا، ولن نتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بسهولة.
موضحًا أن توفر بيئة الاستيعاب عامل مهم للدعوة الفردية، فعندما تتوفر بيئة تنظيمية قوية متماسكة فعالة، وظروفًا وأحوالاً سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية مناسبة، فإنها تساعد العاملين في حقل الدعوة من ممارسة الدعوة الفردية وتسهل مهمتهم.
مؤكدًا أن الدعوة الفردية بحاجة إلى التضحية وبذل الوقت والجهد، وإلى دعاة يتحركون في الميدان من أصحاب القلوب الحية، التي تواصل الليل بالنهار، مستشهدًا بقول الراشد: “ولا نجاح لنا ولا وصول لو أعطينا الدعوة فضول أوقاتنا” والخسارة كل الخسارة لمن أدار ظهره للعمل الإسلامي، ولم يحرك ساكنًا في حين نرى بأعيننا أهل الفجور نشطاء مجتهدين لنشر باطلهم، مذكرًا بما قاله الفاروق عمر، حيث قال: “اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة”.
من الظلمات إلى النور:
كما أثنى فضيلته، على جهود الدعاة في مجال الدعوة الفردية، موصيًا بإعطاء مزيد من الاهتمام لهذا الجانب بالذات، وأن العمل الدعوي من اختصاص لجان الاستيعاب المركزية، ومن اختصاص كل إنسان يعيش للإسلام وبه؛ إذ لا بد أن نمد الإسلام بسبب من أسباب القوة، وأكبر عامل نمده بالرجال الذين سيأخذون على عاتقهم نصرة هذا الدين.
واختتم حديثه بالإشارة إلى الوسائل والطرق التي من خلالها نشجع الدعاة على الاهتمام بالدعوة الفردية، ومنها حث الشباب على الاهتمام بهذا المجال من خلال استحضار أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في قوله صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك ممن طلعت عليه الشمس)؛ فالشمس تشرق على كل شيء، وقصة هدهد سيدنا سليمان كيف كان حريصًا على إسلام أمة من الناس، فكان هذا الاهتمام من هذا الطائر الصغير، أن هدى الله بسببه أمةً بأكملها، وكذلك النملة كيف كانت داعية بين قومها، بحرصها عليهم وعلى سلامتهم؛ فاستنفرت كل الطاقات ووضعت كل نملة أمام مسؤولياتها فنجَّى الله قومها بحرصها، وأعجب سيدنا سليمان بقولها وصنيعها (فتبسم ضاحكًَا من قولها)، مؤكدًا أنه من الضروري ألا يعرف العجز لنا طريقًا، وأن نقوم بأداء مهامنا على أكمل وجه، فهناك كثير من الشباب ممن هم بحاجة إلى أن نقربهم من الله، ونخرجهم من الظلمات إلى النور.