أ. بارعة اليحيى.
أريد أن أكتب في أمر أزعم أن الحاجة لطرحه ماسة، وهو التقاطع بين الأرحام!
فقبل أشهر وقفت على قصة من هذا القبيل؛ ضاق صدري لعدة أمور:
– أما إن كان التقاطع بين الإخوة؛ فأقول كما أن العلاقة الجيدة بين الإخوة هي من البر بالوالدين فكذلك التقاطع بينهم هو من عقوقهما؛ فلا وشاج أقوى من رباط الإخوة!
– أن الشيطان يفرح بتمزيق العلاقات وقطع أواصر الحب؛ وذلك بالتحريش وإساءة الظن بين الناس عمومًا، وبين الأرحام على وجه الخصوص؛ ولذلك قال الله: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم)؛ فتأتي وساوسه: لا تعفُ، كن الأقوى ولا تضعف، هل نسيت ما فعل؟ لماذا أنت دائمًا تسامح؟ هو المخطئ، وهكذا.
– أن قطيعة الرحم بين الأقارب ليست محصورة على المتقاطعَين ولكن يمتد أثرها -للأسف- إلى ذرياتهما، دون أن يعلم هؤلاء الأبناء ما سبب القطيعة وهل تستحق؟ وقل أن يفكروا في الإصلاح؛ بل سيرًا على خطى والديهم.
– تغليظ تحريم التهاجر فوق ثلاث ليال؛ ففي الحديث: (تعرض الأعمال على الله في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل مسلم إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله: دعوا هاذين حتى يصطلحا).
ثم إن الإنسان يجاهد نفسه على سلامة صدره، ويتغافل عن الزلات ويلتمس الأعذار، ويحسن الظن؛ وخيرهما الذي يبدأ بالسلام!
والذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم!
وليس في العفو والمسامحة ضعفًا؛ بل ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا!
والعبرة بالميزان الإلهي لا بموازين البشر!
ثم كم سيعيش الإنسان في هذه الدنيا ستون سنة أو سبعون ولنقل مئة!
ثم ماذا؟ فقط انتهت حياته الدنيوية، فهل يستحق الأمر ألا يُرفع العمل من أجل تهاجر!
وفي الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم)، وفي الآية: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)؛ يكفيك إن عفوت عفا الله عنك؛ وانظر للفرق بين العفوَين!
ثم إني أهيب بعقلاء الأسر من الرجال والنساء أن يبذلوا جهدهم في إصلاح ذات البين؛ ففيها ثواب عظيم وأجر كبير!
المصدر: صيد الفوائد.