د. عبد الحميد المحيمد.
بسم الله الرحمن الرحيم
أولادنا زهور الربيع، ونسائم الصباح، إنهم نجوم أضاءت سماء القلوب، وبددت سحب الكآبة والهموم، وهم قرة العين، وسلوة الفؤاد، فكيف نتركهم بلا رعاية ولا حنان؟ أم كيف نحرمهم الحب والاهتمام؟ هل ستمنحهم الأجهزة الذكية مشاعر الأبوة المفقودة؟ أم ستعوضهم مواقع الإنترنت حنان الأمومة الضائعة؟
في دراسة على عينة من الآباء والأمهات “في مجتمع عربي” لمعرفة المدة الزمنية التي يقضونها مع أولادهم تبين أن المعدل الأسبوعي هو أربع ساعات، في حين أن دراسات مشابهة على المجتمع الأمريكي بينت أن معدل الجلوس الأسبوعي عندهم لا يتجاوز نصف ساعة، ورغم أن المجتمعات العربية ما زال فيها بعض التماسك مقارنة مع غيرها، إلا أن الخطر قادم مع وجود الأجهزة الذكية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إضافةً للانفتاح الكبير الذي يشهده العالم اليوم، فإن هذا كله بات يهدد الوشائج العاطفية بين الآباء والأولاد.
والسؤال الأكثر إلحاحًا: كيف نعيد للعلاقات الأسرية نبضها ودفئها؟
نحتاج مفاتيح ثلاثة:
المفتاح الأول: الجلوس الأسري الحقيقي، الذي يتم فيه تخصيص وقت يومي للعائلة بعيدًا عن الأجهزة الذكية بحيث تجتمع الأجساد وتكون العقول حاضرة بعيدًا عن المشوشات.
أيها الأب وأيتها الأم استمعوا لاقتراحات أولادكم، وشاركوا في حل مشكلاتهم، وكونوا لهم ملهمين يكونوا بكم بررة، وكونوا معهم حاضري الفكر متصلي البصر مظهري الحب والاهتمام، ومما يستأنس به لأهمية الحضور الذهني والاتصال البصري في المجلس ما يروى من أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا فلبِسَه، قال: (شغلني هذا عنكم، منذُ اليوم إليه نظرةٌ وإليكم نظرةٌ ثم ألقاه).
المفتاح الثاني: هل جربت أن تقبِّل ولدك ذات مرة؟
قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (من لا يَرحم لا يُرحم)، لا شيء يلامس قلب طفلك ويشعره بالدفء والحب مثل قبلة حنان ترسمها على خده أو جبهته، وتقبيل الطفل ينقل له رسائل تمنحه مشاعر متنوعة تختلف باختلاف مواضع التقبيل. ويرى الدكتور مصطفى أبو سعد أن هناك قبلات أربع ينبغي أن يحظى بها أولادنا وهي:
* قبلة الفخر وتكون على الرأس.
* قبلة الرضا وتكون على الجبين.
* قبلة الشوق وتكون على الخد.
* قبلة اليد وتكون عنوانًا للمودة والحب.
المفتاح الثالث: التصريح بالحب وإظهار الاهتمام؛ فكلما قدمنا للولد الحنان وصرحنا له بالحب والاهتمام اتسعت دائرة الثقة وزادت المودة، ومع وجود الثقة والحب والاهتمام ينشأ أبناؤنا في بيئة عاطفية متكاملة وحصن اجتماعي متين.
المصدر: صيد الفوائد.