خطوات العلاج السلوكي للطفل (2/2)

د. خالد رُوشه.          

في الحلقة الأولى، تحدثنا عن الخطوة الأولى، والتي شملت دراسة السلوك المراد تعديله، وفيما يأتي، نتحدث عن:
الخطوة الثانية: التشخيص:
وخطوة التشخيص تعد أهم الخطوات على الإطلاق لأنه سيبنى عليها العلاج وطريقته واختيار وسائله وغيره؛ فلذلك يجب التدقيق الشديد في هذه الخطوة واعتماد المنهج العلمي الدقيق فيها كما سنبين لك إن شاء الله كالتالي:
1- دمج البيانات وتبويبها بشكل يسهل الاستفادة منه ويجيب على الأسئلة المعروضة بوضوح، ويراعى استغلال كل ما يمكنه أن يخدم وضوح وجلاء هذه البيانات من سؤال المحيطين بالطفل في شتى الأماكن المختلفة، كذلك يراعى تدوين البيانات بخط واضح وعدم تكرار السؤال الواحد أكثر من مرة، كما يراعى أن يجيب السؤال أكثر من متابع وملاحظ للطفل وفي أكثر من وقت طوال اليوم.
2- استشارة الخبراء في تحديد السلوك السلبي ونوعيته، ومن هؤلاء الخبراء “التربويون المتابعون للطفل، سواء في المدرسة أو المربي الشخصي أو محفظ القرآن، وكذلك المعالج الطبيب المتوفر الذي يمكن الاستئناس بحديثه وتوجيهه، وكذلك العالم الشرعي الذي ربما يكون عنده من التوجيه النبوي والرباني ما يفيد بدرجة كبيرة، وغيرهم”.
3- وضع الاحتمالات التي يتوصل إليها من خلال البيانات المطروحة، مثال “الشعور بالضيق النفسي الحقيقي، أو الشعور بالتدليل الزائد، أو الشعور بالحاجة الملحة لما يطلبه”. ومن ثم نبدأ في الترجيح بين الاحتمالات التي قد توصلنا إليها بناء على عدة مشاهدات وأدلة، وكذلك بناء على مناقشات بين المسؤولين والمهتمين بالطفل، ومن ثم يتم تحديد اسم السلوك السلبي المراد علاجه بدقة، ثم يكتب اسم هذا السلوك السلبي بعلاماته المميزة وتوقيته وأسبابه …إلخ.
الخطوة الثالثة: العلاج:
وتتضمن عدة محاور هامة وأساسية كالتالي:
1- تحديد الأهداف المراد تحقيقها من الوسائل العلاجية لهذا السلوك السلبي، وكذلك وضع جدولة لتلك الأهداف بحيث لا توضع الأهداف العامة مثل “العلاج الكامل للمرض” أو مثل “التعديل السلوكي التام” أو غيره ولكن ليكن هناك ترتيب للأهداف العلاجية عن طريق وضع أهداف مرحلية عند تحققها ينتقل إلى الهدف الذي يليها وهكذا مثل “تقليل أوقات التوتر السلوكي الخاصة بالسلوك المرضي” أو مثل “الابتعاد قدر الإمكان عن استثارة الطفل تجاه السلوك المرضي السلبي موضوع الحديث”.
2- إيجابية تحديد الهدف العلاجي: وأقصد به أن تكون النظرة العلاجية إيجابية وليست سلبية فمثلاً يقترح المتخصصون أنه بدلاً من أن يكون الهدف المرحلي هو “تقليل الشتائم والألفاظ النابية بنسبة 30% في الشهر الأول” نجعلها: “زيادة نسبة الاعتراض أو الابتسام أو النقاش بنسبة 30%”. وهكذا، مثلاً بدلاً من “التوقف عن المجادلة” نقول “زيادة نسبة الإصغاء” وهكذا.
3- إشراك الوالدين والمربين وغيرهم في وضع برنامج علاجي تعاوني يشارك في وضعه أيضًا من يتمتع بخبرة في هذا المجال.
4- محاولة تبويب الهدف المرحلي ببيان سلوكيات معينة ومحددة تدل عليه ليسهل الحكم على التقدم أو الثبات أو التأخر لدى الطفل، مثال ذلك: إذا كان الهدف هو زيادة السلوك التعاوني لدى الطفل لمضادة الانطواء والسلوك الفردي فيكون التبويب هكذا: “ما الوقت الذي يقضيه الطفل مع والدته في التعلم والتدريس، وهل يكون ساكنًا أثناء تلك الفترة ومنتبهًا لحديثها؟ كم مرة قام بتنظيف حجرته وترتيب سريره؟ كم مرة يبادر بمساعدة أمه على جلب الأشياء …إلخ”.
5- تشجيع الاتجاه الإيجابي لدى الطفل وتدعيمه، ومعنى ذلك أن تشجع الأسرة طفلها إذا بدر منه سلوك إيجابي معين بدلاً من التركيز على السلوك السلبي فقط.
6- الحذر من كثرة التأنيب والعقاب المتوالي للخطأ، بل ليجعل الوالدان يومًا أو يومين في الأسبوع لا يتحدثان فيهما مطلقًا عن السلوك السلبي للطفل.
7- مساعدة الطفل على تبني وابتكار وممارسة نماذج سلوكية معارضة للسلوك السلبي الخاطئ بحيث يصعب مع هذه النماذج أداء السلوك المرضي مثال “يطلب من الطفل أن يعطي أخاه الأصغر لعبة لكي يداعبه بها كلما قامت الأم بإرضاع أو ملاعبة الصغير فهنا لا يمكن أن يكون الطفل عدائيًا أثناء رضاع أخيه”.
8- تقسيم السلوك المراد الوصول إليه -كهدف مرحلي- إلى خطوات فرعية وتشجيع كل خطوة عند ظهورها، مثال “عندما نلحظ من الطفل قيامه بمداعبة أخيه الرضيع لمدة دقيقين مثلاً نشجعه ونقول له: إن أخاك الرضيع يحبك أن تلاعبه ومن ثم نؤكد عليه ذلك كل مدة”.
9- ينبغي تكاتف المربين في المدرسة مع الوالدين في تدعيم السلوك الإيجابي واستنكار السلوك السلبي من خلال حكاية القصص الدالة على ذلك وبيان النماذج الموحية بذلك وتوزيع الهدايا وغيره مما يمكننا أن نبينه في مقال آخر قريب إن شاء الله.
______________________
مراجع الموضوع:
1- أساليب العلاج السلوكي الحديث حسن مرضي.
2- العلاج السلوكي للطفل عبد الستار إبراهيم وعبد العزيز الدخيل.
3- تقويم سلوك الطفل بحث منشور خالد روشه.
4- أسس الدعم النفسي للطفل عبد الله المطلق.
5- مبادئ العلاج السلوكي حمدي عزب.

المصدر: موقع المسلم.

 

 

Scroll to Top