كيف نثبت؟

أ. بارعة اليحيى.

حديثنا اليوم عن الفتن، وهي نوعان: فتن الشبهات وفتن الشهوات.
ففتنة الشهوة تدفع بالصبر
وفتنة الشبهة تدفع باليقين
وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين!
(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).
لكني سأتطرق في هذا المقال لمجموعة من الأسباب التي تعين على الثبات من فتن الشبهات؛ فمنها:
– الدعاء وسؤال الله الثبات؛ فلئن كان من دعاء إبراهيم: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) فنحن من باب أولى!
وقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ويوسف -عليه السلام- كان من دعواته: (توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين).
والله قال عن نبينا صلى الله عليه وسلم: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا).
– تلاوة القرآن بورد يومي ثابت مع محاولة فهم الآيات والنظر فيها؛ لا أن تهذّ هذ الشعر أو يكن الهم آخر السورة، كيف والله يقول: (كذلك لنثبت به فؤادك) بل من يتأمل في الآيات يجد فيها المنهج القرآني في التعامل مع الفتن بإيضاح أنواعها وطرائق التعامل معها، لمن كان له قلب أو ألقى السمع.
– ملازمة الطاعات والاستكثار من العمل الصالح وخاصة في الخفاء، فهو سبب من أسباب الثبات: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشد تثبيتًا وإذًا لأتيناهم من لدنا أجرًا عظيمًا).
– طلب العلم الشرعي؛ فإنه العاصم بعد الله من الفتن؛ فكثير من الشبهات إنما يقع في شباكها الجهال أو من قلت بضاعته في العلم؛ وذلك لأن العلم الشرعي المنهجي كالسلاح والدرع الواقي الذي يحمي صاحبه من الفتن بنوعيها فتن الشبهات والشهوات.
– كثرة ذكر الله، وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم وبعد الصلوات؛ فقد قالت عائشة عن نبينا عليه الصلاة والسلام: (كان يذكر الله على كل أحيانه)، والشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا غفل عن الذكر ألقى وساوسه.
والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا).
– التذلل لله والانطراح بين يديه والالتجاء إليه وعدم الاغترار با التدين والاستقامة أو الإتكال على الحول والقوة؛ فقد كان من دعاء الراسخين في العلم: “ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا”.
والتذلل لله عزة وإظهار الضعف له قوة، ومن آوى إلى الله آواه ومن سأله أعطاه، ومن استهدى به هداه.
– مصاحبة الصالحين والأخيار الذين يذكروك إن نسيت ويقومونك إن اعوججت، ويدلونك على الخير ويحذرونك من السوء والشر، وقد قال الله: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).
والمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل!
– حمد الله وشكره على نعمة الهداية لهذا الدين العظيم الذي لا يقبل الله دينًا سواه؛ وشكر النعم سبيل للحفاظ عليها بل وزيادتها.
ولا شك أن من أجل النعم بل أجلها على الإطلاق نعمة الإسلام.
(وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم).
– الرجوع لأهل العلم عند الإشكال والتحير؛ فقد قال الله (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، فالعلم الشرعي يؤخذ من علماء الشريعة الراسخين فيه، الذين أفنوا أعمارهم في طلب العلم؛ فيزيلون ما استشكل ويوضحون ما أجمل ويردون على ما تشابه.
– لا تتعرض للفتن ولا تستشرفها بمتابعة حسابات تعرضها أو وسوم تناقشها؛ بل أعرض عنها؛ وهو المنهج القرآني: (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)، (ومن سمع بالدجال فلينأى عنه)، (وإن السعيد لمن جُنب الفتن)؛ ولا تثق بنفسك، فدينك أسمى ما تملك؛ ومن يحوم حول الحمى يوشك أن يرتع فيه!
– إذا رأيت من ابتلي بمعصية أو وقع بذنب فلا تعيره ولا تشمت به؛ فالقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها!
ثم إن الذي هدى قلبك وحبب إليه الطاعات أليس بقادر على إضلاله؟
بل احمد الله أن عافاك مما ابتلاه، وسل الله له الهداية ولك بالثبات.
– قراءة قصص الأنبياء فإنها مما يثبت القلب: (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤداك)؛ وهي مما يقوي الإيمان واليقين، وكذا الاطلاع على سير الصحابة والتابعين ومن تبعهم من الصالحين.
– هناك بعض الإصدارت الحديثة التي تعين على تقوية اليقين وتساهم في الرد على الشبهات بأسلوب علمي ميسر، وهي كثيرة ومن أجملها وأمتعها: سابغات لأ. أحمد السيد، وفتاة الضباب ل مجموعة مؤلفات، وزخرف القول لد. فهد العجلان وأ. عبد الله العجيري، وأفي السنة شك لأ. أحمد السيد.
والله أسأل الثبات لي ولكم وأن لا يجعل مصيبتنا في دييننا ويعيذنا من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى.

المصدر: صيد الفوائد.

 

 

Scroll to Top