أولادنا وأوقات الفراغ

 

هيا الرشيد.

بسم الله الرحمن الرحيم.
مشكلة وقت الفراغ للأولاد قد تؤرق الآباء والأمهات أكثر من الأولاد أنفسهم!
وقد تكون الحيرة على أشدها في طبيعة ما يمكن عمله في هذا الوقت، فكثيرًا ما نجد الاختلاف الحاد بين وجهات النظر بين الآباء وأولادهم، فللآباء آراء تصب غالبًا في قالب الفائدة والمستقبل، أما الأولاد فتكون ميولهم بطبيعة الحال تنحو منحى مخالفًا تمامًا لما يريده الآباء، بحيث تركز هذه الميول على المتعة القصيرة، والرفاهية المؤقتة؛ فينتج بطبيعة الحال  عن هذا الاختلاف كثير من التنافر، وأحيانًا تتسع هوة الخلاف لتصل إلى حد تصميم كل طرف على رأيه!
ومن الصعوبة أن نحكم على صحة رأي طرف دون الآخر، خاصة مع تنوع الأعمال التي يمكن تأديتها في هذه الأوقات واختلاف قيمتها، وما تعود به من فائدة على صاحبها، وأيضًاً نلاحظ أن مستوى فرض الآراء من قبل الآباء على أولادهم، وما يمكن أن يقوموا به في أوقات فراغهم يختلف حسب المرحلة العمرية التي يمر بها الأولاد، فمن المعروف أن التعامل مع الطفل مختلف تمامًا عن المراهق، الذي نجد أنه من الصعب إلزامه بما يريده الكبار، فجميع الفئات من أطفال ومراهقين نجد لديهم طاقة هم بحاجة إلى تفريغها، وعلى الكبار دور في استغلالها وتوجيهها فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة.
من يفرض رأيه ولمن ستكون الغلبة؟ في النهاية ليس هو الحل، فقد يكون الحل في المزج بين الرأيين؛ لردم الهوة، وتقريب وجهات النظر، فللآباء أن يغضوا الطرف إلى حد ما عما يريده الأولاد، ما دامت رغباتهم لا تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف، ولا تحتوي على محذور شرعي، وإقناعهم في الوقت نفسه بعمل أشياء أخرى قد تكون أكثر قيمة وأجدى نفعًا، مما تفرضه عليه عقولهم الصغيرة -التي غالبًا ما تتحكم بها الأهواء الشخصية- وللأولاد نصيب من التنازل وتقديم صنوف الطاعة لآبائهم.
فلغة الحوار، ومحاولة الإقناع، سيكون لهما أكبر الأثر في كسب رضا الأولاد، وتوجيههم بأسلوب تربوي يهدف إلى ما يريده آباؤهم، دون النيل من نفسياتهم بفرض الآراء بالقوة، فعلى الجميع أن يراعي أن للأولاد في مراحل نموهم المخلتفة أفكارًا بعيدة تمامًا عن أفكار الكبار، وأنه من الصعب أن نفرض عليهم أفكارنا؛ لاختلاف جيلنا عن جيلهم..
وقد تكون تلبية رغبات الطفل سهلة -إلى حد ما- عندما نقارنها برغبات المراهق، التي تتعدى أسوار البيت، وغالبًا ما تكون مرتبطة بأصدقائه وتقليدهم، أو بالخروج من المنزل بشكل كبير؛ فالأعمال التي يرغب فيها الصغار عادة مختلفة تمامًا عما يريده المراهقون.
ولا ننسى الدور الكبير المناط بالمعلمين في المدارس، ومشرفي حلقات التحفيظ في توجيه النشء، وفتح مجالات واسعة أمامهم؛ لاستغلال أوقاتهم بأساليب مرضية يكون فيها دمج المتعة البريئة بالعلوم والأعمال الهادفة.

المصدر: صيد الفوائد.

 

Scroll to Top