أحمد خالد العتيبي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الدعوة إلى الله -عز وجل- هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين من الدعاة والمصلحين قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا).
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث هو حجة علينا جميعًا: (بلغوا عني ولو آية).
القصة الأولى:
ذهبت إلى الطائف قبل سنوات واضطررت أن أزور المنطقة الصناعية لعمل عطل يسير في سيارتي استمر إصلاحه أقل من ساعة، وكان معي أحد الشباب وناول العامل العربي كتابًا، فانفجر بالدعاء وقال: لي هنا خمسة عشر سنة ولا أصلي مطلقًا ولم يناولني أحد كتابًا إلا اليوم. قلنا: إن صدق الرجل فتلك مصيبتان عظيمتان: مصيبة ترك الصلاة، ومصيبة عدم دعوته.
القصة الثانية:
رأيت قبل سنوات داعية أمريكيًا وتعجبنا من قوله: إن كل ساعات يومي للدعوة، فقط وقت نومي هو الذي لا أدعو فيه، أما الوقت الباقي فكله للدعوة: في السيارة والشركة والطريق والمسجد والبيت، لقد ذكرني بهمته وحماسه ما نقرأه عن حال السلف رحمهم الله.
القصة الثالثة:
إحداهن رأت أن تخرج بعد سنوات داعية من بيتها، إنها خادمتها التي بدأت معها في حفظ سور القرآن، ثم أتت إليها بالكتب والأشرطة وبدأت تشرح لها العقيدة الصحيحة، وتحذرها من البدع والشركيات، وقالت: أطمع أن تكون داعية في قريتها، دع الكثيرات يخرجن خادمات يجدن الطبخ، ولا يعرفن من الدين إلا مثلما أتين.
لو أن كل امرأة استشعرت الأمر، لخرجنا سنويًا مئات الآلاف من الداعيات.
وبعض الجن أفقه من بعض الإنس لما نزل قول الله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ) كانت نتيجة ذلك أن قام البعض بمهمة الدعوة: (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) يدعون إلى الله عز وجل (يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ).
ويقول الله -عز وجل- حاكيًا عن أهل النار: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ) وهذا يؤكد أن الداعي هو الذي يذهب إلى الناس ويقوم بدعوتهم؛ ولهذا أمر الله -عز وجل- نبيه بالقيام، والعمل لأجلها: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ).
وهذا يتطلب جهدًا بدنيًا وماليًّا وفكريًا للقيام بذلك كله، ورتب الله -عز وجل- الأجر والمثوبة العظيمة والفضل الجزيل لمن قام بذلك: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم) “رواه البخاري ومسلم”.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا) “رواه مسلم”.
المصدر: صيد الفوائد.