علو الهمة:
ضيف الحوار: ظافر بن حسن آل جبعان.
أجرى الحوار: فريق التحرير.

الجزء الثاني:
س6/ العلم الشرعي والعمل فيه ميدان عظيم، ولا بد لمن يدخل هذا الميدان من همة، برأيك هل يؤثر ضعف الهمة في هذا المجال؟
بلا شك أن أي عمل يبدأ فيه الإنسان بهمة ضعيفة، ونفس بليدة سرعان ما يسقط، فسقوط الهمة أصل الخذلان، وعمل المرء على قدر همته، والهمة طليعة الأعمال ومقدمتها، فإذا كانت الطليعة قوية مضت، وإن كانت الطليعة ضعيفة كسرت، وما أسرع الهلكة بعد هلاك الطليعة، قال أحد الصالحين: “همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من العمل” “صفة الصفوة (4/434)”، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (لا تصغرنّ همتك فإني فلم أر أقعد بالرجل من سقوط همته)، وصدق المتنبي إذ يقول:
وَلَمْ أَرَ فِيْ عِيُوْبِ النَّاسِ عَيْبًَا —   كَنَقْصِ الْقَادِرِيْنَ عَلى الْتَّمَامِ
س7/ الخشية من آفات القلوب؛ كالعُجب، والرياء تعد عائقًا من العوائق، والتي يمكن أن تؤدي إلى تثبيط الهمة، وفتور عزيمتها، كيف يمكن أن يُتغلَّب على هذا العائق؟
نعم إنه مما ينبغي الحذر منه الحذر من الرياء والعجب الذي يفسد على العبد عبادته، ويكون بذلك من الذين ليس لهم حظ من أعمالهم إلا التعب والعناء، والبعد عن رب الأرض والسماء، فيجب على العبد أن تكون أعماله الظاهرة والباطنة خالصة لله -عز وجل- من غير رياء ولا سمعة، ولا يشرك أحد مع الله من خلقه، يقول الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) البينة: 5، وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات، وَإِنَّمَا لِكُلِ اِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) “أخرجه البخاري (1)، ومسلم (5036)”، وقد حذر الله ورسوله من الرياء أشد التحذير فقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ   وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً   أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) “أخرجه مسلم (7666)”، وجاء من حديث جندب بن جنادة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي، يُرَائِي اللَّهُ بِهِ) “أخرجه البخاري (6499) ومسلم (7667″، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُم) “أخرجه مسلم (1987)”، وقال سفيان بن عيينة -رحمه الله تعالى-: “من كانت معصيته في شهوة فَأَرْجو له التوبة، فإن آدم -عليه السلام- عصى مشتهيًا فغفر له، فإذا كانت معصيته من كِبْرٍ فأخشى عليه اللعنة، فإن إبليس عصى مستكبرًا فَلُعن” ، “مختصر منهاج القاصدين ص247)”.
وعلاج هذا الداء العضال هو بإخلاص العمل لله تعالى، ومجاهدة النفس على ذلك؛ فلا ينظر للخلق؛ لأن الخلق لا ينفعون، بل يضرون في مثل هذا الأمر، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى -: “ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجلهم شرك،والإخلاص الخلاص من هاذين”، وفي رواية عنه: “والإخلاص: أن يعافيك الله منهما” “مدارج السالكين (2/95)”، وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: “العمل بغير إخلاص، ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقُلُه ولا ينفعه” “الفوائد ص،67″، وقال أبو علي الجوزجاني :؟ النفس معجونة بالكبر والحرص والحسد، فمن أراد الله تعالى هلاكه منع منه التواضع والنصيحة والقناعة، وإذا أراد الله – تعالى – به  خيرًا لطف به في ذلك، فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله  – تعالى – وإذا هاجت نار الحسد في نفسه أدركتها النصيحة مع توفيق الله – عز   وجل -، وإذا هاجت في نفسه نار الحرص أدركتها القناعة مع عون الله عز وجل). الإحياء(3/362)
ويمكن أن نلخص شيئًا من العلاج لمثل هذا الداء بأمور منها:
1- أن يعلم المكلف علمًا يقينًا بأنه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضًا ولا أجرًا؛ إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسانٌ إليه لا معاوضة، فلماذا الرياء والعجب!
2- مشاهدته لمنَّة الله عليه وفضله وتوفيقه، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو، فكل خير فهو مجرد فضل الله ومنته، فلِمَ الرياء والعجب!
3- مطالعة عيوبه، وآفاته وتقصيره فيه، وما فيه من حظِّ النفس ونصيب الشيطان، فَقَلَّ عمل إلا وللشيطان فيه نصيبٌ، وإن قل، وللنفس فيه حظ.
4- تذكير النفس بما أمر الله -عز وجل- به من إصلاح القلب، وإخلاصه وحرمان المرائي من التوفيق.
5- خوف مقت الله -عز وجل- وغضبه إذا اطلع على قلبه وهو منطوٍ على الرياء، والعجب.
6- الإكثار من العبادات غير المشاهدة، وإخفائها كقيام الليل، وصدقة السر، والبكاء خاليًا من خشية الله تعالى؛ فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال:   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ) “أخرجه الخطيب في التاريخ (11/263) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/296)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/267) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/398)”، وقال الخُرَيِْبي: “كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عملٍ صالح لا تعلم به زوجته   ولا غيرها” “تهذيب الكمال للمزي (14/464)”.
7- تحقيق تعظيم الله -تعالى- وذلك بتحقيق التوحيد والتعبد لله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.
8- تذكر الموت وسكرته، والقبر وضمته، والقيامة وأهوالها.
9- معرفة مداخل العجب، والرياء وخفاياهما، حتى يتم الاحتراز منهما.
10- النظر في عاقبة الرياء، والعجب في الدنيا ، والآخرة.
11- مصاحبة أهل الإخلاص، والصلاح، والتقوى، فالجليس يؤثر على جليسه.
12- معرفة قيمة الدنيا، وعدم بقائها.
13- الإكثار من الدعاء أن يخلصك الله من الرياء، والسمعة، والعجب.
س8/ قال ابن القيم رحمه الله: “لا بد للسالك من همة تسيره وترقيه، وعلم يبصره ويهديه”، فالبعض لا ينقصها العلم ولا علو الهمة لكن قد تمر ببعض المواقف مما يجعلها تتراجع في همتها، فهل من كلمة لها؟
قبل أن أجيب على هذا السؤال أريد أن أبين قضية، وهي أن العبد معرض للفتور   والضعف، وهذا هو حال البشر؛ لأنه لا يدوم على حال واحدة إلا الله -عز وجل- أما البشر فيعتريهم الضعف، والفتور، والنقص؛ لأنه طبعهم، وطبيعتهم، لكن هذا الفتور والضعف لا يدوم، بل هو مرحلة وقتية وتزول، فإذا طال بالإنسان واستحوذ   عليه كان مرضًا يجب علاجه، وورم يجب السعي إلى استئصاله.
وأما إجابة هذا السؤال، فلا بد من معرفة هذا الموقف الذي كان سببًا في تراجع همتها، فإذا عُرِفَ، عُرِفَت بعد ذلك أسبابه، ويمكن بعد ذلك علاجه.
س9/ لقد حَفِلَ تاريخنا الإسلامي بصور رائعة، ونماذج مشرقة من الهمم في العلم الشرعي، نريد أن نتعرف على بعض هذه الصور والنماذج لعلنا نتبع نهجهم، ونقتفي أثرهم.
إن الحديث عن موضوع النماذج المشرقة في هذه الأمة حديث يبدأ ولا ينتهي، ويفتح ولا يغلق، فهذه الأمة أمة ولودة، معطاءة، قدمها فلذات أكبادها في أجمل صورة وأبهاها، فكانوا خير من يمثل أمتهم، وأشرف من يتحدث عنها؛ فكل من دخل في هذا الدين أشرب حبه قلبه، وتلذذت نفسه به، حتى أن الملاحظ أنه لا يدخل أحد في هذا الدين، أو يستقيم على شرع الله -تعالى- إلا وتجده أول عمل يعمله بعد تقويم نفسه يفكر كيف ينشره للناس، وأستأذنكم أن لا أتحدث عن نماذج سابقة؛ لأن هذه سهل الرجوع إليها، والإفادة منها في كتب العلم وأهله، ولعل في الكتب التي ذكرتها لكم سابقًا ما يغني، لكني   أريد أن أذكر لكم نماذج معاصرة أختارها لكم، فسأذكر نماذج نسائية:
النموذج الأول: يقول الشيخ عبد الملك القاسم في كتابه “كيف أخدم الإسلام ص28”: كان هناك امرأة مشغولة بنشر الدين لا تترك فرصة تذهب سدى دون نصح أو تأثير، كانت إذا ذهبت للحرم المكي، أو المسجد النبوي بذلت نفسها لتعليم المسلمات أمور دينهن، وحثهن على الحجاب الشرعي، رأت مرة مجموعة من الفتيات من إحدى الدول العربية قد   كشفن رؤوسهن، وعندما سألتهن عن حضورهن بهذه الصورة، قلن لها: نحن عضوات فريق   كرة الطائرة، وأتينا للعمرة، عندها بدأت -الموفقة- معهن،   وما قامت عنهن حتى تحجب بعضهن، يقول الشيخ: وقد رأيت رسالة من إحدى اللاعبات أرسلتها إليها تبشرها أنها بدأت تبعث في نفوس زميلاتها التمسك بالحجاب والستر والعفاف، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) آل عمران: 104.
النموذج الثاني: هذه امرأة أخرى كانت إذا أقبل موسم الحج قامت باختيار، وشراء الآلاف من الكتب باللغة الإندونيسية ثم وضعت كل مجموعة داخل مغلف ثم ترسل بها إلى الحجاج ليتم توزيعها هناك كل عامفيا ترى كم استفاد من هذا الجهد المبارك!
س10/ ما وصاياكم لشحذ الهمة؟
لعلي أجمل الحديث عن الوصايا في قسمين:
الأول- وصايا عامة:
1- صفاء المعتقد، وهذا من أهم ما ينبغي أن يتصف به صاحب الهمة العالية؛ لأن   صفاء المعتقد هو الأساس الذي تقوم عليه جميع الأعمال، وإن فساد المعتقد لهو من أعظم الخذلان للعبد، ورد عمله ولو كان من أعمال البر والإحسان، والصلة لذوي   الأرحام، يقول الله -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ   فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) الفرقان: 23.
2- إخلاص النية لله تعالى؛ فإنه لا خلاص إلا بالإخلاص، ولا قبول للعمل إلا   بالإخلاص، وكل عمل لا إخلاص فيه فهو مردود على صاحبه، غير مبارك فيه.
3- العلم بما يقوم به ناشر اكخير والعلم الشرعي من عمل، فكيف يمارس عملًا هو بحاجة إليه.
4- الصدق في القول، والفعل، وله أعظم الأثر في نجاح العمل.
5- الصبر على تحمل بعض المشاق التي هي سبيل إلى بلوغ الهمة العالية، قال الله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). العصر: 3، وما   أصدق قول القائل:
تَاللهِ مَا الْدَعَوَات تُهْزَمُ بِالأَذَى   — كلَّا وَفِي الْتَّارِيْخ بَرُ يَمِيْني
ضَعْ فِي يَدَيَّ الْقَيْدَ أَلْهِبْ أَضْلُعِيْ — بِالْسَّوْطِ ضَعْ   عُنُقِيْ عَلَى الْسْكِّيْنِ
لَنْ تَسْتَطِيْعَ حِصَارَ فِكْرِيَ سَاعَةً — ونَزْعَ إِيْمَانِي   وَنُوْرَ يَقِيْنِي
فَالْنُّوْرُ فِي قَلْبِي وَقَلْبِي فِي يَدَي — رَبِي وَرَبِي   حَافِظِي وَمُعِيْنِي
سَأظَلُ مُعْتَصِمًا بِحَبْلِ عَقِيْدَتِي — وأَمُوْتُ مُبْتَسِمًَا   لِيَحْيَا دِيْنِي
6- الاحتساب في كل ما تقوم به من عمل، فهذا من الوصايا التي تشحذ الهمة، فإذا رجا العبد والأَمَةُ الأجر من الله لم يلتفت إلى   أقوال الناس، وما في أيديهم.
7- البذل والتضحية، فأي عمل لا يقوم على البذل والتضحية فلن يؤتي ثماره، ولن يُرفع ذكره، فأي قضية لا يَبْذِلُ لها المرء من عمره، ووقته، وفكره، وهمه، وهمته، فلن تتجاوز سقف بيته.
8- التواضع، قال صاحب المنازل: “أن يتواضع العبد لصولة الحق” “مدارج السالكين 2/333″، بمعنى أن يتلقى سلطان الحق بالخضوع له، والذل، والانقياد، والدخول تحت رقه بحيث يكون الحق متصرفًا فيه تصرف المالك في مملوكه، فبهذا يحصل للعبد خلق التواضع، ولهذا فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الكبر بضده فقال: (بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ) “رواه مسلم 91ّ”؛ ف(بَطَرُ الْحَقِّ) : رده وجحده، والدفع في صدره؛ كدفع السائل، و (وَغَمْطُ النَّاسِ) احتقارهم وازدراؤهم، ومتى احتقرهم وازدراهم دفع حقوقهم، وجحدها، واستهان بها، قال الفضيل بن عياض عندما سئل عن التواضع ما هو؟ قال: “أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته” “الإحياء (3/362)”.
9- الشورى، قال الإمام الماوردي: “اعلم أن الحزم لكل ذي لب، ألا يبرم أمرًا، ولا يُمضي عزمًا، إلا بمشورة الرأي الناصح، ومطالعة ذي العقل الراجح، فإن الله -تعالى- أمر بالمشورة نبيه -صلى الله عليه وسلم- مع ما تكفل به من إرشاده، ووعد به من تأييده، فقال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) آل عمران: 159 “أدب الدنيا والدين ص223”.
10- التفاؤل للداعي إلى العمل، ويعتبر التفاؤل من الصفات المهمة لأي شخصية تريد النجاح وتبحث عنه، فالتفاؤل يزرع الأمل، ويحفز على النشاط والعمل، وما حمد التفاؤل؛ إلا لأنه يدفع الإنسان إلى المضي، ويطرد عن النفس اليأس لينبعث صاحبها ويعمل في جد واجتهاد.
الثاني- وصايا خاصة لشحذ الهمم:
1- القيام بالفرائض على أكمل وجه.
2- الاهتمام بالنوافل فهي الزاد الإيماني للثبات، والإحسان، وبقاء الهمّ، وزيادة   الهمة.
3- أعمال السر، فكم لأعمال السر الصالحة من أثر في النجاح، وشحذ الهمة، وكم لأعمال السر السيئة من فساد للعمل وذهاب بركته، وضعف الهم والهمة.
4- محاسبة النفس، ومراجعة النية، والعمل من وقت لآخر، فهذا من أعظم أسباب تقويم   العمل وشحذ الهمة.
5- الحرص الشديد على الوقت؛ فلا يذهب إلا فيما ينفع.
6- إعطاء كل ذي حق حقه، فلا إفراط ولا تفريط، مع ترتيب الأعمال حسب أهميتها؛ للوصول والإنجاز، وللاستمرار والإنتاج.
7- عدم الرضا عن النفس الرضا المطلق؛ بل تكن الهمة عالية لبلوغ المنازل والرتب   العَلِيَّة، يقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: “إن نفسي تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلما أعطيت ما لا شيء فوقه من الدنيا تاقت نفسي إلى ما هو أفضل منه -يعني الجنة-” “تاريخ   الخلفاء ص201” أما الرضا عن الذات والنفس -وخاصة في الأمور الدينية- فهو أسرع سبيل للهلاك، وأضعف عن بلوغ المراتب العليا، يقول الشاعر:
وَالْنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبَتَها —   فَإِذَا تُرَدُ إِلى قَلِيْلٍ تَقْنَعُ
8- كثرة الدعاء، فلا موفق إلا الله ولا معين إلا هو، ولا مسدد إلا إياه؛ فالانكسار على عتبة العبودية لله تعالى من أعظم أسباب التوفيق، ولنا في حاله -صلى الله عليه وسلم- مع دعائه لربه، وتوسله إليه ونضره وافتقاره ما يجعلنا نقبل على هذا الباب العظيم بكليتنا، وننكسر بين يديه   راغبين في فضله، سائلين العون منه عز وجل.
ملحوظة: مراجعة إجابة السؤال الخامس فقد يكون فيها زيادة تحفيز وشحذ الهمة.
س11/ كلمة أخيرة لمتصفحي الموقع، وشكر الله لكم.
إخواني وأخواتي زوار هذا الموقع المبارك “موقع دعوتها” أقول لكم: هذا الموقع قد تميز بميز من أهمها:
1- اهتمامه بشريحة مهمة وغالية على المجتمع ألا وهنّ معلمات العلم الشرعي وطالباته، والمواقع في هذا الباب تعد قليلة جدًا.
2- تميز بجودة المادة العلمية.
3- حسن الانتقاء.
4- حسن في العرض.
5- دقة في المراجعة، وحسن في الإخراج، وذلك لا يكون إلا بعمل متقن دؤوب، وصبر وبذل؛ فأصبح هذا الموقع كالمورد العذب الزلال الذي يرشف منه كل من يَرِدُ عليه، فمثل هذا الجهد يستحق الإشادة والإفادة، والصدور عنه بِتَضَلُّعٍ تام، ولا يكون المرور عليه مرور المسافر الرحال؛ بل مرور أهل الإقامة والاستقرار.
وفي الختام: أشكر إخواني وأخواتي   القائمين على هذا الموقع المبارك على حسن ظنهم بأخيهم، وإتاحة هذه الفرصة   للحديث معهم، ومع الإخوة الزوار، كما وأسأل الله الكريم لهم التوفيق والسداد، وحسن النية والقصد إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم وأحكم، وصلى الله وسلم   على عبده ورسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله   وبركاته.

Scroll to Top