ضيفة الحوار: أ. آلاء عبد المنعم إبراهيم.

أجرت الحوار: أمينة سعيد. 

 

إن كان القرآن الكريم المصدر الأول لتكوين الشخصية الإسلامية فإن سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- تمثل التطبيق العملي لما أنزله الله -سبحانه وتعالى- في القرآن؛ لأن مهمة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- التبليغ والبيان، وتعدّ خير المجالس وأزكاها وأطهرها وأشرفها وأعلاها قدرًا عند الله وأجلّها مكانةً عنده مجالس الذكر؛ فهي حياة القلوب، ونماء الإيمان، وسبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة؛ فالله -عز وجل- يباهي بالذاكرين ملائكته، وتعدّ مجالس تدارس سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير المجالس، ومجلسنا اليوم يتم فيه تدارس “متن البيقونية”؛ فهي للمبتدئ خير نفع وزاد، وللمستزيد من العلم هي نور ورشاد، وقد عرفتها أ. آلاء عبد المنعم إبراهيم محفظة بدار القرآن الكريم والسنة والتفسير -بغزة- بأنها: منظومة شعر في مصطلح الحديث للشيخ عمر بن محمد فتوح الدمشقي البيقوني الشافعي وقيل اسمه طه بن محمد وهو عالم في الحديث وأصوله وله كتاب “فتح المغيث” في الحديث وقد اشتهر بهذه المنظومة.

وللوقوف على ما شملته المنظومة كانت لنا هذه الإطلالة السريعة لتناول علم مصطلح الحديث من خلال هذه الأسئلة:

ما هي ثمرة التعرف على المنظومة البيقونية؟

التعرف على المنظومة البيقونية جزء أصيل من عمل المحفظة للحديث وهو يعتبر الحد الأدنى من المستوى العلمي للمحفظات، ويكون ذلك حسب طبيعة عملهن؛ حيث يلزم المحفظات معرفة مصطلح الحديث، وتخريج الحديث، ومعرفة رجال السند والرواة، ونؤكد أن المنظومة البيقونية بشرحها الإجمالي تفي بالغرض.

ما هو علم مصطلح الحديث؟ وما أهميته؟

هو علم يعرف به أحوال الراوي والمروى من حيث القبول والرد، وأهميته تنقية الأحاديث الصحيحة من الضعيفة؛ ليتمكن من الاستدلال بها لذلك قال الإمام مسلم رحمه الله: لولا الإسناد لقال كل أحد ما قال، وهذا العلم لا يوجد في أي ملة أخرى؛ لذلك قال المستشرق اليهودي “مرجيوت”: ليفخر المسلمون بعلم حديثهم.

ما هي أنواع الحديث؟ وهل يعمل بالحديث الأحاد؟

حديث مرفوع ما رفع إلى النبي، وحديث موقوف ما وقف إلى الصحابي، وحديث مقطوع ما انقطع إلى التابعي أو غيره، وهناك أقسام للحديث المرفوع: حديث متواتر هو ما رواه جمع عن جمع يصعب توافقهم على الكذب، وحديث أحاد هو ما انعدمت فيه شروط المتواتر.

وإذا كان ضعيف لا يُعمل به، وإذا كان صحيح يفيد العلم يُعمل به سواءً في العقائد أو العبادات أو غيره، والأدلة على ذلك كثيرة ومنها إرسال معاذ إلى اليمن والحديث الصحيح ومكوناته ينقسم إلى: السند أو “الإسناد”: هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن، وهو ما انتهى إليه السند من كلام.

ما هو الفرق بين الحديث والأثر والخبر؟

الحديث: كل ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، والأثر: يختص بما أُضيف إلى مَن دون الرسول “من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم”، والخبر: يعم الحديث والأثر، وقد يطلق الخبر على ما أُضيف للرسول بالتقييد مثل أن يقال: وفي الأثر عن النبي.

ما هي أقسام الحديث؟

الصحيح، والحسن، والضعيف، والصحيح أي لذاته وهو: ما توافرت فيه شروط الصحة وهي: اتصال السند “بلا انقطاع”، عدالة الراوي “بعيد عن الفسق والكذب”، الضبط التام للراوي “بعيد عن الغفلة وكثرة النسيان”، السلامة من الشذوذ “الذي يستحيل الجمع معه والشذوذ جزء من العلة ولكن جاء التكرار لتأكيد الأهمية عليه”، السلامة من العلة “القادحة” المراد هنا علم الدراية لا الرواية.

وينقسم الذحيح إلى: الصحيح لذاته والصحيح لغيره، والصَّحيحُ وهوَ ما اتّصَل إسنَادُهُ ولَم يُشذّ أو يُعَلّ أوَّلُها: إي من هذه الأقسام، والفرق بين الصحيح لذاته والصحيح لغيره هو أن الصحيح لذاته هو الذي بلغ درجة الصحة بنفسه دون أن يحتاج إلى من يقويه، أما الصحيح لغيره فهو الحديث الحسن لذاته إذا رُوي من طريق آخر مثله أو أقوى منه فسمي صحيحًا لغيره؛ لأن الصحة لم تأتِ من ذات السند وإنما جاءت من انضمام غيره له، وحكمه كالصحيح لذاته.

والحديث الحسن هو: الَحسَنُ المعروفُ طُرْقًا، وغَدَتْ رجَالُهُ لا كالصحيحِ واشتهرت، أي: المعروف طرقه وصارت أن رجاله أخف من رجال الحديث الصحيح، والحسن بأنواعه يحتج به كالصحيح، وينقسم إلى: الحسن لذاته والحسن لغيره، فالحسن لذاته هو ما رواه عدلٌ، خفيف الضبط، بسند متصل، وخلا من الشذوذ، والعلة القادحة، أما الحسن لغيره: فهو الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضًا.

ما هي شروط الحديث الصحيح؟

لا بد أن يكون الراوي:

– عدلاً، والعدل وصف في الشخص يقتضي الاستقامة، في الدين.

– والمروءة “عكسه الفاسق” المروءة هي اجتناب ما يُذم بالعرف؛ وهي تختلف باختلاف الزمان والمكان “وعكسها خوارم المروءة”.

– ضابِطٌ، هو الذي يحفظ ما روى تحمّلاً وأداءً “وضده الغفلة عند التحميل وكثرة النسيان عند الأداء”.

– تحمّلاً: أن يكون نبيهًا يقظًا عند تحديث الشيخ للحديث؛ فلا تكاد تخرج كلمة من فم الشيخ إلا وقد ضبطها وحفظها أو كتبها.

– الأداء: بأن يكون قليل النسيان، بحيث أنه إذا أراد أن يحدث بما سمعه من الشيخ، أداه كما سمعه تمامًا.

لا بد من التنبيه بأن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول، ولا بد من الإشارة إلى أن الضبط ينقسم إلى قسمين: ضبط الصدر وهو أن يحفظ الراوي ما سمعه حفظًا يمكنه من استحضاره متى شاء، وضبط الكتاب وهو أن يكتب ما يسمعه من الشيخ ويصححه عليه ويصون كتابه الذي كتب منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه، والضبط نوعان: ضبط تام وهو ضبط رجال الحديث الصحيح، وضبط خفيف وهو ضبط رجال الحديث الحسن عَن مثله أي أنه لا بد أن يكون الراوي متصفًا بالعدالة والضبط ويرويه عمن اتصف بالعدالة والضبط.

ما هو الحديث الضعيف وهل يحوز العمل به؟

الضعيفُ ما لم تتوافر فيه شروط الصحة والحسن، وقد ذكر المؤلف ثلاثة أقسام من الحديث وهي: الصحيح، الحسن، الضعيف، لكن الواقع أن الأقسام خمسة على ما حرره ابن حجر رحمه الله وغيره: الصحيح لذاته، الصحيح لغيره، الحسن لذاته، الحسن لغيره، الضعيف، وجميع هذه الأقسام مقبولة وكلها حُجة ما عدا الضعيف، وجميع هذه الأقسام يجوز نقله للناس والتحديث بها ما عدا الضعيف؛ فلا يجوز نقله، أو التحدث به إلا مبينًا ضعفه.

وأقسام الحديث الضعيف كثيرة؛ فإذا كان الحديث مختلف على ضعفه عند كثير من العلماء فلا حرج من العمل به بشرط أن يذكر من حسنه، وإذا كان الحديث مجمع على ضعفه فالعمل به فيه خلاف فأكثر المحدثين قالوا بعدم الجواز وبعض العلماء اشترطوا له شروط ومنها: أن يكون في الترغيب والترهيب، ولا يكون في العقائد والعبادات، وأن يكون خفيف الضعف ولا يكون شديد الضعف، وأن يذكر أنه ضعيف، وألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وأن يكون له أصل في الكتاب والسنة ولا يخالفهما، والأفضل والأولى ترك القول والعمل به؛ لأن الصحيح يغني والله أعلم.

ما هي أقسام الحديث باعتبار السند؟

الحديث باعتبار السند ينقسم إلى ثلاثة أقسام: المرفوع، الموقوف، ولم يذكره الناظم هنا، المقطوع وتختلف هذه الثلاثة باختلاف منتهى السند:

– فالمرفوع: هو ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير.

– والموقوف هو ما أُضيف إلى الصحابي.

– أما المقطوع هو ما أُضيف إلى مَن بعده “التابعي وغيره”.

والفرق بين المقطوع غير المنقطع، والُمسنَدُ الُمتَّصِلُ هو أن المقطوع غير المنقطع هو الإسنادِ مِنْ رَاويه حتى المصطفى ولم يَبِنْ المسنَد، أما المسند المتصل هو المتصل الإسناد من راويه حتى المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.

تنبيه: قد يُراد به “أي بالُمسنَدُ” كلُ كتاب جُمِعَتْ فيه مرويات كل صحابي على حدة ك”مسند الإمام أحمد”، ولم يَبِنْ هذا تفسير للاتصال، يعني لم ينقطع الإسنادِ فقال بعض المحدثين: الإسناد هو السند وهو رجال الحديث أي رواته، ولم يَبِنْ هذا تفسير للاتصال، يعني لم ينقطع الإسنادِ

السند كان ولا يزال أهم الوسائل التي حفظ الله بها الحديث وصانه من الوضع والكذب والافتراء فما أهمية الإسناد؟

الإسناد خصيصة فاضلة لهذه الأمة، وليست لغيرها من الأمم السابقة؛ لأن له قيمة كبرى في دين الله عز وجل، ولهذا سُميت الأمة الإسلامية ب”أمة الإسناد”، والبحث في الإسناد دعامة أساسية وهامة في علوم الحديث وفي التوصل إلى هدفه الأسمى والغرض المطلوب منه وهو تمييز الحديث المقبول من المردود  .

ما أنواع الأحاديث التي فيها انقطاع؟

نذكر منها في هذا السياق المعضل وهو ما سقط من إسناده راويان أو أكثر على التوالي في موضوع واحد من السنة، والمرسل وهو الحديث الذي يرفعه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير دون أن يذكر الرواة الذين سمع الحديث بواسطتهم، إضافةً إلى المنقطع وهو الذي لم يتصل إسناده بسبب سقوط راوٍ أو أكثر بشرط عدم التوالي في السقوط ومنها أيضًا المدلس وهو الذي أخفى عيب في إسناده لكي يصير ظاهره حسنًا.

ما هي القواعد الكلية التي يعرف بها الحديث الموضوع؟

أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، إضافةً إلى أن يكون الحديث بوصفٍ الأطباء والطرقية أشبه وأليق، وأن يكون الحديث باطلاً في نفسه؛ فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة الحديث لصريح القرآن، وسماجة الحديث وكونه يُسخر منه.

Scroll to Top