مفهوم القيم الأخلاقية:
تعريف القيم الأخلاقيّة القيم جمع قيمةٌ، وهي مأخوذةٌ من التقويم وإزالة الاعوجاج، ويُراد بها المُثل والمبادئ الاجتماعية السامية،[١]والأخلاق في الإسلام؛ هي: ما ينظّم السلوك الإنسانيّ من مبادئ وقواعد مُحدّدةٍ عن طريق الوحي، بغاية تحقيق الغاية من وجود الإنسان على الوجه الأمثل،[٢] والقيم الأخلاقيّة هي: نظامٌ متكونٌ من المبادئ والمعاني السامية، المُستنبطة من الكتاب والسنّة، الموافقة للفطرة البشريّة، المكتسبة من الفَهْم الدقيق للدِّين الإسلاميّ، والتي تضبط سلوكيات التعامل بين الناس، للوصول بالفرد والمجتمع لسعادة الدُّنيا والآخرة.[١]
مصادر القيم الأخلاقيّة يختلف كلّ مجتمعٍ من المجتمعات بثقافته المختلفة ومنظومته القيمية التي يسستمدّها من مصادره الخاصّة به، إذ إنّ القيم الأخلاقيّة تُشكّل جزءاً من المجتمع الإسلاميّ، فإنّما يستمدّ تلك الأخلاق من مصادر التشريع الإسلاميّ، التي لا تتناقض بين أحكامها والفِطرة التي فطر الناس عليها؛ إذ إنّ المشرِّع والخالق واحدٌ، أمّا المصادر التي استُنبطت منها الأخلاق فالأوّل: القرآن الكريم؛ إذ يعدّ المصدر الأوّل والرئيسي لمنظومة القيم الأخلاقيّة، والثاني: السنّة النبويّة؛ التي تعدّ مُكمّلةً ومُفسّرةً ومُبيّنةً للقرآن الكريم، والثالث: الإجماع، والرابع: القياس.[٣] أهميّة القيم الأخلاقيّة تدلّ العديد من الأمور على أهميّة القيم الأخلاقيّة، يُذكر منها:[٤] زيادة الإتقان والإبداع في العمل؛ إذ إنّ صاحب الخُلق يقوم بالعملٍ الموافق لِما يتّصف به من أخلاقٍ، والمبنيّ على الخُلق الذي يدعو إلى الإتقان، وعدم التقصير، والغِشّ، وغير ذلك من الأمور التي تحول دون الإتقان والتميّز. الزيادة من قوّة الإرادة والإصرار، ووضوح الهدف. تنمية معاني الإنسانيّة في نفس صاحب الخُلق الحسن. بعث الطمأنينة والسرور والإيجابية في القلوب، بأداء الواجبات، واجتناب المحظورات، وتحقيق الأهداف السامية العالية، فذلك ممّا يعود على النًّفس بالراحة والسكون. وظيفة القيم الأخلاقيّة تتعدّد وظائف القيم الأخلاقيّة سواءً على مستوى الفرد أو المجتمع، يُذكر منها:[٥] تحديد سلوك الأفراد، وحَصْره في خياراتٍ محدّدةٍ، ممّا يُساهم في تشكيل شخصيّة الفرد، وتحديد أهدافه. تمكين الفرد من أداء المطلوب منه، مع التكيّف والرضا عن الأداء. إشعار الفرد بالأمان، ممّا يُساعد في تقوية النَّفس، ومُواجهة ضعفها. إتاحة الفرصة للفرد بالتعبير عن نَفْسه بفَهْمٍ عميقٍ لها. العمل على تماسك المجتمع، بتحديد وتوحيد أهدافه ومبادئه التي يُمارسها فيها حياته السليمة. مُساعدة المجتمع في التعامل مع التغيّرات التي يُواجهها. ربط ثقافة المجتمع بجميع أجزائها؛ ليظهر في أفضل صورةٍ، كما وتؤسّس عقليّاً للنظم الاجتماعيّة، لتُصبح بمثابة عقيدةً لأفراد المجتمع. حماية المجتمع من الأنانيّة وتحقيق الشّهوات والأهواء، بالنَّظر إلى أفعال أفراد المجتمع. كيفيّة اكتساب القيم الاخلاقيّة توجد العديد من الطُّرق التي تُساهم في اكتساب الأخلاق الحسنة الكريمة، يُذكر منها:[٦] العقيدة السليمة، إذ إنّها تحمل صاحبها على امتثال محاسن الأخلاق، وتحجبه عن سيئها. الإكثار من دعاء وطلب حُسن الخُلق من الله -سُبحانه-، فقد كان من دعاء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كما ثبت في الصحيح من حديث عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ).[٧] مُجاهدة النَّفس للتحلّي بأحسن الأخلاق وأفضلها. مُحاسبة النَّفس وتوبيخها على ما بدر منها من سيء الأخلاق، والعزم على عدم تكرارها. التأمّل والنَّظر في الثمرات السيئة المترتّبة على الخُلق السيء، من الندم، والحسرة، وفَقْد محبّة الناس. عدم اليأس من إصلاح النَّفس. الهمّة العالية والجدّ والنشاط، والترفّع عن الأمور الدنيئة. الصبر؛ إذ يعدّ الأساس لكثيرٍ من الأخلاق؛ ككظم الغيظ، والأناة، والرّفق، وعدم العجلة، وغيرها. العفّة؛ التي تعدّ أساس اجتناب الرذائل، ويتولّد منها الحياء؛ وهو أصل كلّ خيرٍ. الشجاعة التي تولّد عزّة النَّفس وسموّها، والنَّظر إلى معالي الأمور، والترفّع عن كلّ دنيءٍ. العدل؛ ليعتدل الخُلق دون إفراطٍ أو تفريطٍ. البشاشة والتبسم في وجوه الآخرين. التغافل والتجاهل عن الكثير من أخطاء الآخرين. الإعراض عن السُّفهاء والجَهَلة. المُسامحة والعَفْو والصَّفح عن الخَلق، والحرص على مُقابلة الإساءة بالإحسان. مكانة الأخلاق تعدّ الأخلاق من أساسات قيام الحضارات والثقافات، ولهذا فقد احتلّت جانباً مُهمّاً في دِين الإسلام، حيث تعدّ بمثابة الجانب المعنويّ والرُّوحيّ للدِّين،[٨] وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من أسباب بعثته؛ إتمام منظومة الأخلاق، والرُّقي بها، ففي حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عيله وسلّم- أنّه قال: (إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)،[٩] فكان -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن الناس خُلقاً، وامتدحه بذلك ربّ العزّة قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[١٠] وممّا يدلّ على أهميّة الأخلاق ومنزلتها في دِين الإسلام؛ أنّ صاحب الخُلق أقرب الناس منزلةً من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم القيامة، ففي حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (ألا أخبرُكم بأحبِّكم إليَّ وأقربَكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ ؟ فسكَتَ القومُ فأعادَها مرَّتينِ أو ثلاثًا قال القومُ : نعَم يا رسولَ اللهِ قال أحسَنُكم خُلُقًا)،[١١] وأنّ حُسن الأخلاق من أثقل الأعمال في ميزان العبد يوم القيامة، فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ)،[١٢] كما أنّ مكارم الأخلاق دليلٌ على كمال إيمان صاحبه، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا).[١٣][١٤].المراجع :
1/ أ ب عابد الجابري، مصادر القيم في الفكر الاسلامي، الجزائر: جامعة محمد بوضياف المسيلة، صفحة 5ـ6 /13ـ14. بتصرّف.
2/ “مفهوم الأخلاق في الإسلام”، www.islamweb.net، 04-08-2002، اطّلع عليه بتاريخ 16-8-2020. بتصرّف.
3/ محمد منير مرسي (2005)، كتاب التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية، مصر: عالم الكتب، صفحة 159ـ162. بتصرّف.
4/ مقداد يالجن (2003)، كتاب علم الأخلاق الإسلامية (الطبعة الثانية)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر، صفحة 347ـ355، جزء 1. بتصرّف.
5/ شيرين خورشيد (25-8-2019)، “أهمية القيم الأخلاقية ووظائفها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-8-2020. بتصرّف.
6/ عبدالسلام غالب (2013-10-20)، “الأخلاق أهميتها وفوائده”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-8-2020. بتصرّف.
7/ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 771 ، صحيح.
8/ راغب السرجاني، الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية، صفحة 1. بتصرّف.
9/ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 45، صحيح.
10/ سورة القلم، آية: 4.
11/ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 11/23، إسناده صحيح.
12/ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2003، صحيح.
13/ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
14 / إيهاب كمال (6-5-2014)، “مكانة الأخلاق في الإسلام”،