نعيم أسعد الصفدي.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإننا بحاجة ماسة إلى خلق التواضع، وعدم التكبر والتعالي على الآخرين؛ فقد حض النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الخلق العظيم حيث روى مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار أخي بني مجاشع -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم خطيبًا فقال: (…وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ).
والمتواضع يرفع الله سبحانه قدره ومكانته ، حيث روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (من تواضع لله رفعه الله) “صححه الألباني”.
ولذلك نجد حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يتصف بهذا الخلق العظيم، وينهى أصحابه عن تعظيمه وتمجيده، وإخراجه عن كونه عبدًا لله تعالى حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يترفع عن أصحابه، أو يميز نفسه عنهم بشيء، بل كان يمتزج بهم، حتى لا يُعرف من بينهم؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُم: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشارك أصحابه في العمل الجماعي حتى يشعرهم بأنه واحد منهم؛ مما يجعله قريبًا منهم، ويجعل لكلامه أثرًا في نفوسهم؛ فقد شارك النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في حفر الخندق حيث روى البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ وَكَانَ رَجُلًا كَثِير الشَّعَرِ).
يا أحبابي ويا إخواني الكرام، ما أحوجنا إلى هذا الخلق العظيم، ما أحوجنا إلى أن نطبق الهدي النبوي في حياتنا، فلنعش مع الناس، ولا نتكبر، ولا نتعالى عليهم؛ لعلنا بذلك نرتفع عند الله تعالى، وتذكروا (من تواضع لله رفعه).
أسأل الله تعالى أن يرفع درجاتنا، في الجنان، والحمد لله رب العالمين.