مشروعية المزاح في الإسلام وضوابطه:د. ماهر السوسي:إن المزاح أمرٌ مشروع في الإسلام، ويُعدُ صدقةً من الصدقات يُؤجَر عليها المسلم، ولكن لذلك شروط وضوابط، والحكمةُ من مشروعيته أن فيه إدخالاً للسرورِ على قلبِ المسلم، ويُستعان به على التخلص من السأمِ والملل، وطردِ الوحشة، ودفعِ الهمِ والخوف والقلق، ونحوِه عن قلب المسلم، أما ضوابطه وشروطه فهي: ألا يكونَ فيه شيء من الاستهزاء بالدين لقوله تعالى: (ولئن سألتهم ليقولنّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللهِ وآياته ورسوله كنتم تستهزئون) التوبة: 65، وتُعتبرُ السخرية والاستهزاءُ بالآخرين محرمة وتعدُ من الكبائر يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ولا نِسَاءٌ من نِسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ولا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ومَن لمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات: 11، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ لمسلم أن يروِّع مسلمًا)، ويجب الاقتصادُ في المزاح حيث إن الإفراط فيه يورثُ الضحك وقسوةَ القلب، ويشغلُ عن ذِكر الله.
والمزاح أمرٌ مشروعٌ ومباح في الإسلام؛ إذا كان الغرض منه الاسترواح عن النفس، ودفع المللِ والسأمِ والكربِ عن النفوس، ويُثاب عليه صاحبه؛ إذا ابتغى من ورائه وجه الله، ويصلُ إلى مرتبة الواجبِ إذا كان للاستعانة به على أداء الواجبات، كلُ ذلك شرط خلوهِ من أيِ مخالفاتٍ شرعية، وإلا فهو حرامٌ منهي عنه، وعلى المسلم أن يكون مقتصدًا فيه؛ فيوازن بين الجدِ والمزاح إذ التوازنُ أمرٌ مطلوبٌ في الإسلام، وهو ناموسٌ كَوني كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “خيرُ هذه الأمة النمط الأوسط: يرجعُ إليهم الفاني، ويلحقُ بهم التالي”.