عادل عبد العزيز المحلاوي.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
ثفلن تكون حياةُ النّاس على وتيرة واحدة، وحال واحد لا بد أن تفقه أنّ هذا: “ليس هو طبيعة الدنيا” بل لا بدّ من التقلّب والتغير، والتحوّل والتبدّل، هذه هي: سُنّة الله فيها.
ويبقى المؤمن بالله وبقضائه يعيشُ أفضل حياة في جميع الأمور، ذلك أنّه مؤمن بإله مالك متصرف في كونه، قد أخبره كتاب ربه بهذه الحقيقة.
وقد أمرنا القرآن ببث الطمأنينة في زمن الكروب، وترجمة سُنّة النبي هذه القضية.
وجعل اللهُ لهذه الطمأنينة أسبابًا، متى ما أخذ بها المرء اطمئن، وعاش حياة السعداء، فمن ذلك:
– الإيمان بأنّ الأمور كلها مكتوبة، والأحداث في الكون قد قُضي شأنُها، وسُطرت أحداثها، فكل ما في الكون قد فرُغ منه، فاطمئن، المريض قد كُتب مرضه، والميتُ قد سُطّر أجلُه، والكرب قد قُضي على العبد، والهمّ قد سطرته الصحف، فلِم التضجر، وقتل النفس وهي حية، اطمئن فكلُّ شيء قد قُضي منه، وانتهى شأنه.
– اجعل مفزعك الصلاة: هذا هو هدي نبيك -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنُ يفزع للصلاة لأنّه سيناجيه بآياته، ويُثني عليه بمجده، ويذكره بعظمته، ويسأله بفقره، ويُثني عليه بما أهله، مع الصلاة تطمئنُ القلوب، وتسكنُ النفوسُ، ويرتاح الفؤادُ، فاجعلها مفزعك وملاذك، تلذذ بمناجاته، وانطرح بين يديه تجد قلبك وراحتك، فثمّ جنّتك المعجّلة.
– بدون موارة، أو جدال، أو خديعة، إن لم يكن لك وردٌ ثابت من القرآن، وإن لم يزدك اتصالك بكتاب الله، فسيبقى القلق ساكنًا في النفس ، وسيبقى الاضطراب غالب عليك، مع القرآن ستعرف ربك ورحمته، وستدرك فرجه وإحسانه لعباده، وللقرآن تأثير عجيب لا يصفه واصف في نزول السكينة، وتنزّل الرحمات على القلوب.
– سكون القلب بالله، وإيناس النفس بذكره؛ فأكثر منه، فلقد قضى اللهُ أن لا طمأنينة، ولا راحة، ولا سكينة إلا بذكره، هذه قضية منتهية لا جدال فيها البتة، فلا تبحث عنها في موطن آخر مهما، ولا تلفت لقول قائل بعد قول الله (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، فالزم باب الذكر، واثبت في محراب التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، تجده الطمأنينة والراحة والسكينة.
– كثرةُ الاستغفار، والصدق في الافتقار، واظهار الحاجة لله -خصوصًا عند الكروب- سبيل الفرج، وطريق الرحمة، استغفر لتنزل السكينة على القلب، استغفر لتنال الخيرات، استغفر ليذهب أثر كل ذنب، ولا يكون ذلك إلا بصدق المستغفرين، وكمال الاعتراف بالحاجة لله ربِّ العالمين .
– أقبل على أعمال الآخرة، ولتكن هي همّك الأكبر ، بالإقبال على الآخرة، وجعلها همّنا الأعظم، ينشرح الصدر ويطمئنّ الفؤاد، ترتاح وتطمئن لأنّك توقن أنّ الدنيا قصيرة، والآخرة لا أعظم منها، ولا دارًا أحق بالعمل لها، فلذا فإنّك تتلقى كلَّ قدر باطمئنان وراحة، وأنّه سيزول عنك قريبًا، وستؤجر عليه في آخرتك، فكلما كانت النظرة صائبة للدنيا والآخرة، اطمأن القلبُ وارتاحت النفس، وعاشت حياة طيبة.
صدق المناجاة، واظهار الفقر والحاجة لله، سبب للنزول السكينة في الطمأنينة في الفؤاد، فالزم عتبة العبودية، ولها تأثير في تحمّل الشدائد . قاله ابن تيمية رحمه الله .
– الإكثار من قول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”، وقول: “حسبنا اللهُ ونعم الوكيل”، فإنّ لهما تأثير عجيب في بث الطمأنينة في القلب، فالزمهما على الدوام، وأكثر منهما، و”حسبنا اللهُ ونعم الوكيل” قالها الخليلان: إبرهيم ومحمد -عليهما السلام- فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم سوء واتبعوا رضوان، و”لا حول ولا قوة إلا بالله” لها تأثير في تحمّل الشدائد، قاله ابن تيمية رحمه الله.
المصدر: صيد الفوائد.