فوائد منتقاه من كتاب زاد المعاد لابن القيم :السيئة في حرم الله وبلده وعلى بساط ملكه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض ، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه
حكمــــــةأخبر سبحانه وتعالى أن المسجد الحرام مثابة للناس . أي يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار ، ولا يقضون منه وطراً ، بل كلما ازدادوا له زيارة ، ازدادوا له اشتياقاً .حكمــــــةليال العشر الأخير من رمضان أفضل من ليال عشر ذي الحجة ، وأيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان ، وبهذا التفضيل يزول الاشتباه . ويدل عليه أن ليالي العشر من رمضان إنما فضلت باعتبار ليلة القدر ، وهي من الليالي ، وعشر ذي الحجة إنما فضل باعتبار أيامه ، إذ فيه يوم النحر ، ويوم عرفة ، ويوم الترويةحكمــــــةيوم المزيد في الجنة : هو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في وادٍ أفيح ، وينصب لهم منابر من لؤلؤ ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من زبرجد وياقوت على كثبان المسك ، فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ، ويتجلى لهم فيرونه عياناً .حكمــــــةإذا كان يوم معاد الخليقة ؛ ميز الله الخبيث من الطيب ، فجعل الطيب وأهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم ، وجعل الخبيث وأهله على حدة لا يخالطهم غيرهم ، فعاد الأمرين إلى دارين فقط : الجنة ، وهي دار الطيبين ، والنار ، وهي دار الخبيثينحكمــــــةإن أراد الله بعبده خيراً طهره من المادة الخبيثة قبل الموافاة ، فيطهره منها بما يوفقه له من التوبة النصوح ، والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة .حكمــــــةلما كان المشرك خبيث العنصر ، خبيث الذات ، لم تطهر النار خبثه ، بل لو خرج منها لعاد خبيثاً كما كان ، كالكلب إذا دخل البحر ثم خرج منه ، فلذلك حرم الله تعالى على المشرك الجنةحكمــــــةالفرق بين اسم محمد وأحمد الفرق بينهما : أن محمداً هو كثير الخصال التي يحمد عليها، وأحمد هو الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره، فمحمد في الكثرة والكمية، وأحمد في الصفة والكيفيةحكمــــــةجمع الله أصول وقواعد الطب في كتابه . جمعها الله في ثلاثة مواضع من كتابه : o قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً). فأباح التيمم للمريض حمية له ، كما أباحه للعادم . o وقال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظاً لصحته ، لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر ، فيضعف القوة والصحة . o وقال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) فأباح للمريض ومن به أذى من رأسه وهو محرم أن يحلق رأسه ، ويستفرغ المواد الفاسدة ، والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القملحكمــــــةدمعة السرور باردة ، والقلب فرحان ، ودمعة الحزن حارة ، والقلب حزينحكمــــــةاستحب الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة وطيب المنام ، وصاحب الشرع يستحب النوم على الجانب الأيمن ، لئلا يثقل نومه فينام عن قيام الليل . فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب ، وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدنحكمــــــة( إنا لله وإنا إليه راجعون ) من أنفع علاج المصيبة وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فأنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته. أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه، فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير. والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويجيء ربه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خُوِّله ونهايته، فكيف يفرح بموجود، أو يأسى على مفقود.حكمــــــةومرض القلوب نوعان : مرض شُبهة وشك، ومرض شَهْوة وغَىٍّ، وكلاهما في القرآن. قال تعالى في مرض الشُّبهة: (في قُلُوبِهِم مََّّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) وقال تعالى: (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً) . وأما مرض الشهوات، فقال تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ، إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الذي في قَلْبِهِ مَرَضٌ) فهذا مرض شَهْوة الزِّنَىحكمــــــةسبب نزول قوله تعالى: (ولَقَدْ كُنْتُم تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) قال ابن عباس: ولما أخبرهم الله تعالى على لسان نبيه بما فعل بشهداء بدر من الكرامة، رغبوا في الشهادة، فتمنوا قتالاً يستشهِدُونَ فيه، فيلحقُونَ إخوانَهم، فأراهم الله ذلك يوم أُحُد، وسبّبه لهم، فلم يَلْبَثُوا أن انهزموا إلا مَن شاء الله منهم، فأنزل الله تعالى: (ولَقَدْ كُنْتُم تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَحكمــــــةالتوكل والحسب بدون قيام الأسباب المأمور بها عجز محض ، فإن كان مشوباً بنوع من التوكل ، فهو توكل عجز ، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزاً ، ولا يجعل عجزه توكلاً ، بل يجعل توكله من جملة الأسباب المأمور بها التي لا يتم المقصود إلا بها كلها .حكمــــــةما مضى لا يدفع بالحزن ، بل بالرضى ، والحمد ، والصبر ، والإيمان بالقدر ، وقول العبد : قدر الله وما شاء فعل . وما يستقبل لا يدفع أيضاً بالهم ، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه ، فلا يعجز عنه ، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه ، فلا يجزع منه .حكمــــــةأصل المعاصي كلها : العجز ، فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات ، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي ، وتحول بينه وبينها ، فيقع في المعاصيحكمــــــةالعجز والكسل . يصدر عنهما : الهم ، والحزن ، والجبن ، والبخل ، وضَلَعُ الدين ، وغلبة الرجال . فمصدرها كلها عن العجز والكسل ، وعنوانها ” لو ” فلذلك قال النبي : ( فإن لو تفتح عمل الشيطان ) فالمتمني من أعجز الناس وأفلسهم ، فإن التمني رأس أموال المفاليس ، والعجز مفتاح كل شرحكمــــــةما مضى لا يدفع بالحزن ، بل بالرضى ، والحمد ، والصبر ، والإيمان بالقدر ، وقول العبد : قدر الله وما شاء فعل . وما يستقبل لا يدفع أيضاً بالهم ، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه ، فلا يعجز عنه ، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه ، فلا يجزع منه .حكمــــــةهناك محبتان . محبة هي جنة الدنيا ، وسرور النفس ، ولذة القلب ، ونعيم الروح ، وغذاؤها ودواؤها ، بل حياتها وقرة عينها ، وهي محبة الله وحده بكل القلب . ومحبة هي عذاب الروح ، وغم النفس ، وسجن القلب ، وضيق الصدر ، وهي سبب الألم والنكد والعناء ، وهي محبة ما سواه سبحانه
حكمــــــةالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر . ومنها : النور الذي يقذفه الله في قلب العبد ، وهو نور الإيمان . ومنها : العلم ، فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا . ومنها : الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ، ومحبته بكل القلب ، والإقبال عليه . ومن أسباب شرح الصدر : دوام ذكره على كل حال ، وفي كل موطن . ومنها : الإحسان إلى الخلق ، ونفعهم بما يمكنه من المال ، والجاه . ومنها : الشجاعة ، فإن الشجاع منشرح الصدر ، واسع البطان ، متسع القلب . ومنها بل من أعظمها : إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة . ومنها : ترك فضول النظر ، والكلام ، والاستماع ، والمخالطة ، والأكل ، والنوم .