د. أسماء راشد الرويشد.

المقدمة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحوار هو وسيلة التواصل مع الأخرين، في الود والرضا، وفي الغضب والخصومة، فهو من المفاهيم الأكثر رقي في التعامل، والعقل البشري دائم التطلع إلى قوة الإقناع عن طريق الحجة.
إن من محاسن الدين الإسلامي أنه يقوم على الحق والعدل، ويحرر القضايا، وينصف الخصوم، ويقيم الحجة، وقد أرسل الله لعباده رسلاً مبشرين ومنذرين، ودعاةً إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ولم يطلب إكراه أحد على الإيمان به عز وجل (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، وطلب من كل محاور حجته: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
ومن أهم ما يميز المسلم دعوته إلى الله بقوله وفعله وسمته، فحياته كلها دعوة، قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، والداعية أحوج إلى معرفة منهج الحوار وطرائقه وأدافه لقوله: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وقوله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني).
إننا في عصر تداعت فيه الأحداث، وتنامت الحاجة إلى تجلية الدين مما نُسب إليه من مفسدين، ومعتدين، ومعاندين بحوار هادف؛ لأن أدعياء الثقافة والانفتاح يدعون إلى نشر ثقافة الحوار، وينادون بتطبيقه في تقريب وجهات النظر، ومع ذلك كله يفشلون في تحويل الحوار إلى واقع عملي مع مخالفيهم، ويرفضون سماع الآخر، بل يؤثرون التهم الظالمة إلى طريق الدعوة؛ ليمنعوها من التحرك، ويصفون الدعاة بالتعصب وأحادية الرأي، مع أنهم أرباب هذا السلوك؛ لذا كان على الداعية أن يتسلح بهذا المنهج علمًا وعملاً، ملتزمًا بقواعده في أطروحاته، ناشرًا بسلوكه ثقافة الحوار بوصفها مبدأً شرعيًا.
وقد أولى الله تعالى الحوار اهتمامًا في كتابه العزيز؛ فذكر حوار الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم، وبين لنبيه صلى الله عليه وسلم كيف يحاور في أثناء تبليغه دعوة ربه، كما حفلت السنة بنماذج من حواره صلى الله عليه وسلم مع الآخرين مع تنوعهم، ومن هذه المناهج نستقي أسس الحوار في الدعوة وآدابه، لما لها من أهمية لكل داعٍ لنجاح دعوته، وبلوغ أثرها.
ومن هنا جاء هذا البحث معتمدًا _بعون الله _ على القواعد والطرائق الحوارية في الكتاب والسنة، وأقوال ومواقف ممن دعا إلى الله على بصيرة، بهدف الرقي بحوارنا، سائلةً الله أن ينفع بهذا البحث، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

د. أسماء بنت راشد الرويشد.

Scroll to Top