الإقناع يكمن نجاح الفرد وتقدمه في حياته الشخصية والعملية بقدرتهِ على إتقان مهارة إقناع الآخرين بما يريد، والذي يحتاج منه إلى درجةٍ عاليةٍ من الذكاء؛ فالإقناع فنٌ لا يُتقنه الكثيرون، الناجحون فقط هم من يُجيدون هذه المهارة، ويعرفون وسائلها، ويستخدمونها في تحقيق ما يريدون من أهدافٍ وطموحات، فما هو الإقناع؟ وما هي طرقه ووسائله في الحوار؟ مفهوم الإقناع قد يختلف الأشخاص في رأيٍ ما، أو فكرٍ ما، فلكل واحد منهم الرأي الخاص الذي يتمسك به ويراه صوباً، ورأي الطرف الآخر يكون خاطئاً، ولذلك يلجأ الكثير منهم إلى إقناع الطرف الآخر بما يراه صواباً، أمّا استجابة الإنسان لرسائل الإقناع التي تصدر من الطرف الآخر، فهي تنقسم إلى قسمين؛ القسم الأول عندما ينصت الإنسان إلى كلمات الطرف الثاني بعنايةٍ كبيرة، ويرى ما فيها من ميزاتٍ ومساوئ، فقد يقتنع بها، وقد لا تروقه تلك الأفكار فيطرح العديد من الأسئلة حتى يحصل على المزيد من المعلومات، أما القسم الثاني من الناس، فتكون طريقة تلقيهم لعبارات ورسائل الطرف الآخر بلا وعي، فيكون العقل مغلقاً بصورةٍ تمنع الشخص من أن يُفكر في ما يستمع إليه، فلا يستمع بحرصٍ، أو يُحسن الإنصات؛ ولذلك بدلاً من أن يحكم على الموقف المُختلَف فيه بناءً على ما لديه من حقائق ومنطق، يُحكّم الأهواء والغرائز في اتخاذ القرار والحكم على الموقف.[١] إنّ تعلم الفرد لفن الإقناع والقدرة على التأثير في الناس يأخذه من حالة الأمل بالنجاح، والأمل بالحصول على المال إلى حالة الحصول الفعلي عليه، وزيادة دخله، ونجاحهِ في حياتهِ، فهو ينقله من حالة تمنّي تملك الشيء إلى تملكه الفعلي له، وتبدأ الخطوة الأولى في تعلم الإنسان لمهارة الإقناع بإدراكه أنّ الطرق، والأساليب القديمة للإقناع أصبحت لا تُجدي نفعاً مع العصر المتطور والحديث، فلقد باتت المناورات في الحوار من الأساليب القديمة في كسب ثقة الناس، وأصبحت عاملاً قديماً ملّ الناس منه، ولذلك على المُقنع أن يتّبع الأساليب الحديثة في إقناع الآخرين. يقول جون هانكوك: (إنّ أعظم قدرة في عالم الأعمال هي التوافق مع الآخرين والتأثير على سلوكياتهم).[٢] طرق الإقناع في الحوار الأشخاص الذين يسعون للفوز بما يريدون يحاولون جاهدين إتقان فن الإقناع، وجعله مهارة من المهارات التي يتميزون بها، ومن أراد أن يُتقن هذا الفن فعليه اتباع الطرق التالية:[٣] يبدأ إقناع الآخرين بالمصداقية الصادرة من المُقنع، فلكي يستطيع الفرد أن يُقنع الآخرين بما يُريد، عليه أن يُثبت لهم صدق الحديث الذي يتحدثه، ويثبت مصداقية الكلام لدى الأشخاص الآخرين بأن يكون واقعياً. من الوسائل التي تُساعد الفرد على إقناع الآخرين بما يريد، أن يكون موضوع حديثه بعيداً عن أهواء ورغبات الفرد الشخصية؛ فالأشخاص الذين يتحدث إليهم الفرد عندما يتأكدون أنّ هذا الشخص ليس له فائدةٌ شخصيةٌ يسعى إليها من وراء حديثه، أو لا يسعى من حواره وكلامه إلى أهدافٍ معينة، فإنّه سرعان ما ينال ثقة الآخرين من حوله، ويكون مُصَدّقاً في كلِ ما يصدرُ عنه. على الفرد مراعاة المواضيع التي يتم اختيارها والأفكار التي يريد طرحها للآخرين، ويتحرّى المصداقية في ذلك؛ فإن كان الموضوع الذي عليه مدار الحوار مُثيراً للجدل، أو فيه نقطةٌ خلافيةٌ، على المحاور في هذه الحالة أن يُقدم بعض الأدلة القوية التي تُثبت صحة كلامهِ، والتي تستند على معلوماتٍ موثوقةٍ. الثقة بالنفس وبقدرات الفرد وإمكانياته، وما لديه من مهارات، فالإنسان لا يستطيع أن يحقّق الأهداف والأحلام التي يسعى لها، ما لم يؤمن بقدرتهِ على تحقيقها، فلكي يستطيع أن يؤثّر على الآخرين، عليه أولاً أن يثق بنفسه وبالمستقبل الواعد الذي ينتظره؛ إلا أنّه قد يعترضه في حياتهِ الكثير من الأشخاص المُحبِطين الذين يقلّلون من إمكانيتهِ وقدراتهِ، فإذا كانت لديه البرمجة العقلية الصحيحة التي تساعده في معرفةِ ما يريد، فإنّ أي شيء محبط يوجّه إليهِ لن يكون ذا أهمية كبيرة، أو له تأثير على نجاحهِ وحياتهِ. مواجهة الخوف، فجميع العظماء الذين يتميزون بقدرتهم العالية على الإقناع، كانوا يُسيطرون على مخاوفهم، ولذلك على الإنسان أن يواجه مخاوفه، ويتغلّب عليها، وألّا يحاول أن يُخفيها لأنّها ستظهر يوماً ما، فالإنسان يولَد ولديه نوعان من المخاوف، وهما خوفٌ من السقوط، والآخر الخوف من الأصوات العالية، أما باقي المخاوف الأخرى التي تظهر عليه بعد ذلك، فهي مخاوف مكتسبة، وهذا يدل على أنّه يمكن للإنسان التحرّر من هذه المخاوف التي اكتسبها في حياته؛ من خلال مواجهتها، فمن يخاف التحدث أمام جمهور من الناس عليه أن يتخلّص من هذا الخوف بالحديث أمامهم مراراً وتكراراً، وهكذا يتخلّص ممّا يخافه. اكتشاف الذات وتحديد الهدف، فكل إنسانٍ لديه أهدافٌ في داخله، وطاقاتٌ كامنةٌ، وأفكارٌ رائعةٌ؛ إلا أنّ المشكلة تكمن لديه في عدم تحديد ما يُريد من أهدافٍ جميلةٍ تجعله دائم النشاط والسعادة، والعمل المتواصل لتحقيقها، فالعظماء من المقنعين كانوا يعرفون ما يُريدون من حياتهم، وأهم الأهداف التي يتمنون تحقيقها، وهذا ما يُعرف باكتشاف الذات الإنسانية. تقدير الذات؛ حيث أثبتت الدراسات أنّ من لديهم تقديرٌ لذواتهم يستطيعون أن يؤثروا على الآخرين بقوةٍ، ولديهم قدرةٌ عاليةٌ على إقناعهم، والتأثير الكبير فيهم، أما الأشخاص الذين يكون تقديرهم لذاتهم منخفضاً، أو غير صحي، فإنّ هذا ينعكس على نجاحهم وتأثيرهم على الآخرين، وعادةً ما يُشير هذا الأمر القلق والخوف حول نجاحه، ويؤثّر تقدير الذات على الإقناع بشكلٍ كبير؛ فالشخص الذي يفتقر للتقدير الصحي لذاته، سيجد صعوبةً في إقناع الآخرين؛ لأنّه غير راضٍ عن نفسهِ وذاتهِ، وغير مقتنع بما لديه من قدراتٍ وإمكانيات، من هنا كان عامل تقدير الذات ذو أهميةً كبيرةً. عوامل نجاح الإقناع نجاح فن ومهارة الإقناع لدى الفرد يعتمد على مجموعة من العوامل منها ما يلي: التوكل على الله سبحانه وتعالى في كل خطوةٍ يخطوها الفرد في حياته، مع الدعاء المستمر، والتضرع إلى الله، وحسن الظن به سبحانه، وبالتوفيق الحاصل منه. تمكن الفرد من مهارات الإقناع، وأساليبه، ووسائله؛ وذلك بامتلاكه لمهارات الاتصال، وإتقانهِ لفنون الحوار. قدرة الفرد على نقل ما لديه من مبادئ وأفكار ومعلومات بإتقانٍ وسهولة. معرفة أحوال وأوضاع الطرف الآخر، وأفكاره، ومجموعة القيم التي يحملها. التميُّز بالصفات الجميلة التي تجذب الآخرين، كالخلق الحسن، والأناقة في المظهر، وثقافة الفرد الواسعة. تفاعل الشخص الإيجابي مع الطرف الآخر، مع حسن إظهار الصدق في القول، واختيار الأسلوب المناسب.