الهوية الإسلامية.

الهوية الإسلامية:
ضيفة الحوار: عفاف مختار.
أجرت الحوار: سامية العمري.

قضية الهوية قضية محورية، أزعجت كثير من الناس؛ إذ إن كل جماعة أو أمة تعوزها الهوية المتميزة لتمكنها من المعيشة، والمحافظة على وجودها؛ فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن تابع مقلد؛ لأن للهوية علاقة أساسية بمعتقدات الفرد، ومسلماته الفكرية؛ وبذلك تحديد سمات شخصيته يجعله إنسانًا ذا قيمة، ولحياته معنى وغاية.
حوارنا اليوم مع الأستاذة الفاضلة عفاف مختار.
—————–
1 / في بداية حوارنا معكِ نرجو منك لو تفضلتِ بإعطائنا نبذة مختصرة عن بطاقتك الشخصية، وحياتك العلمية، وعن عملك الحالي.
،الاسم: عفاف بنت حسن بن محمد مختار.
،الجنسية: سعودية.
،الدرجة العلمية الحاصلة عليها: أستاذ مساعد-كلية التربية للبنات-جدة.
،التخصص: قسم الدراسات الإسلامية تخصص: عقيدة ومذاهب معاصرة.
،تاريخ الحصول على البكلوريوس: حصلت على درجة البكلوريوس في الآداب والتربية الإسلامية، تخصص دراسات إسلامية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكنت الأولى على الدفعة عام 1410 ه.
،تاريخ الحصول على الماجستير: حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة بتقدير ممتاز عام 1415 ه.
،تاريخ الحصول على الدكتوراه: حصلت على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بطبع الرسالة.
،النشاطات المختلفة:
– الإشراف على رسائل علمية ومناقشتها.
– عضو في الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان.
– عضو في الهيئة العالمية لحقوق المرأة.
– التدريس في الجامعة اليمنية.
– التدريس في جامعة الملك سعود “إعارة لمدة عام”.
– التدريس في كلية سليمان فقيه.
– التدريس في معهد الإمام الشاطبي.
– تدريس دراسات عليا في الجامعة اليمنية.
– لي ثلاثة كتب.
– المشاركة في الملتقيات والندوات الثقافية.
– الكتابة في بعض الصحف والمجلات الداخلية والخارجية.
2 / ما هي الهوية وما معناها بنظركم؟
الهوية هي الحقيقة الجزئية حيث قالوا: إن الحقيقة الجزئية تسمى هوية، وقد تستعمل الهوية بمعنى الوجود الخارجي.
أما الهوية في اللغة: بضم الهاء مصطلح استعمله العرب والمسلمون القدماء وهو منسوب إلى “هو” فهي كلمة مولدة اشتقها المترجمون القدامى من ال “هو”؛ لينقلوا بواسطتها إلى العربية المعنى الذي تؤديه كلمة “هست” بالفارسية، وكلمة “استين” باليونانية، أي فعل الكينونة في اللغة الهندية والفارسية والأوروبية؛ فالهوية في اللغة مصطلح فلسفي يُستدل به على كون الشيء هو نفسه.
أما الهوية في الاصطلاح: حقيقة الشيء أو الشخص الذي تميزه عن غيره، أو هي بطاقة يثبت فيها اسم الشخص وجنسيته ومولده وعمله وتسمى البطاقة الشخصية.
أما الهوية من المنظور الاجتماعي فإنها تعني تحديد المميزات الشخصية للفرد من خلال مقارنة حالته بالخصائص الاجتماعية العامة.
3 / لطمس الهوية الإسلامية عدة أساليب، فيا حبذا لو تطرقتِ لها.
إن من أهم أساليب طمس الهوية الإسلامية ما يلي:
– توظيف المؤسسات الصحفية والفنية في خدمة التبرج والعري.
– الخلط في مفهوم الحرية والمناداة بها؛ فأصبح موضوع تمكين المرأة موضوعًا قد لا تخلو صحيفة ولا دراسة منه في قضايا المرأة العربية والخليجية، وأصبح هذا المفهوم وللأسف الشديد يستخدم دونما وعي حقيقي بجهل أو بنية واضحة لتطبيق وثائق الأمم المتحدة فيما يتعلق باعتبار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بالسيداو -المرجعية القانونية- لجميع أمور الأسرة والمرأة على وجه الخصوص دونما اعتبار لما يتعارض في بعض موادها مع الشريعة الإسلامية في قضايا كالميراث والنسب وبناء الأسرة وعقد الزواج …إلخ.
– تقنين الرذيلة وتزيينها والدأب في إشاعتها، وإن الاستباحة والارتكاز في حمأ الرذائل لم يكن أمرًا جديدًا، ولكن الذي جد في العقود الأخيرة هو الاستباحة التي يحميها القانون والنظام في بعض الدول، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى منها: الحرية الجنسية، واعتبار الشذوذ الجنسي أمرًا عاديًا ومعلنًا.
– استباحة قتل الأجنة وتقنين ذلك، ومحاولة تعميمه عالميًا؛ لأن الإنجاب صار مسؤولية، وله تبعات لا تتحملها المرأة المتحررة؛ فقد بُذلت الجهود حتى يتم إقرار ذلك في العديد من الدول فأُذِن به، ونُظم له، وأقيمت العيادات الخاصة بعمليات الإجهاض؛ فأصبح الإجهاض قانونيًا في كثير من دول العالم.
4 / ما أهم المظاهر التي تدل على أزمة الهوية لدى الشباب المسلم في الوقت الحاضر؟
– عدم ظهور التأثر العقدي الصحيح لديهم؛ حيث نجد الشباب في كثير من الأحيان ليس لديه التفسير الصحيح الواضح لغاية الحياة، ونشأتها، وتطوراتها، والمصير الذي سينتهي إليه.
– عدم الاهتمام بالسلوك الإسلامي مع أن الدين الإسلامي قد اعتنى بالسلوك الإنساني عنايةً لم تقم بها الأنظمة التربوية شرقيها وغربيها، بعيدًا عن الفلسفات المعقدة والأفكار الملوثة، وقد بلغ من اهتمام الله تعالى بهذا الأمر أن جاء أطول قسم من الله تعالى متعلقًا بتزكية النفس والسلوك الإنساني، يقول تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا، وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا، وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) الشمس: 1-9، ومع ذلك فإننا الآن وللأسف الشديد نجد كثيرًا من الشباب الإسلامي لا يمثلون في سلوكياتهم الدين الإسلامي الصحيح كظهور تقليعات شبابية لافتة بأزياء لا تمثل المسلمين، ومن بوادر خطورة هذه التقليعات الزحف والدخول بشكل مثير داخل المدارس وخصوصًا في المرحلتَين المتوسطة والثانوية، وحفاظًا على التمسك بالسلوكيات الإسلامية؛ فقد صدرت توجيهات الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بالانتباه لذلك، والعمل على منع هذه التقليعات الداخلية، أليس من المأساة أن يقول بعض من أسلم من الغربيين نحمد الله أننا عرفنا الإسلام قبل أن نعرف المسلمين وإلا لما أسلمنا، قرأنا عن الإسلام فسرّنا ما فيه فاعتنقتاه، فلما رأينا المسلمين هالنا البون الشاسع بين المقروء والمشاهد.
– التمسك بالعادات الغريبة؛ فأصبح معظم الشباب الآن يتبع العادات الغربية في مأكله ومشربه وملبسه، وهذا هو حقيقة العولمة التي يفرضها الغرب، الذي يريد أن يفرض نظام حياته على العالم كله بعيدًا عن الدين؛ فأصبح له قواعده العقدية القائمة على الإيمان بالمادة والمنفعة والمصلحة بعيدًا عن حقيقة الإيمان الصحيح.
5/ ما سبب انكسار الشباب المسلم أمام الثقافات الأخرى وتبعيته لها؟
إن من أهم أسباب انكسار الشباب المسلم أمام الثقافات الأخرى وتبعيته لها أنهم فرّطوا في أعظم مقومات البقاء؛ حيث أهدروا القيم الإنسانية، ورفضوا أن يكون للدين الإسلامي سلطان على الحياة، ومن هذه الثغرة دخلت عليهم آفات النقص، وعوامل الإفلاس، ولقد أهمل كثير من الشباب الروح والوجدان والقلب، ولم ينسجموا مع الفطرة السوية التي فطر الله الخلق عليها، بل قدموا الشهوات بزي الحرية الشخصية وحقوق الإنسان؛ فانحدروا إلى الهاوية؛ فلا تمكين إلا بالإسلام فإن الله تعالى أعزّ هذه الأمة بالإسلام، وانتصر الرسول عليه الصلاة والسلام، وعزّ الله أبا بكر وعمر وسعد وخالد وطارق وصلاح الدين بإعلاء راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله”؛ فصارت الأمة الإسلامية مرهوبة الجانب بالإسلام ليس إلا، وانكسرت الأمة عندما ضُيعت “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
6 / مظاهر تغريب المرأة المسلمة بشكل خاص كثيرة نود لو وضحتِ لنا أهمها، وما هي السبل التي نستطيع أن تنتهزها في ذلك؟
جاء دعاة تحرير المرأة في هذا العصر، ويهدموا باسم التحرير كيان المرأة، ويدمروا الأسرة، ويفسدوا بها المجتمع كما فسد المجتمع الغربي، ولعل من أهم مظاهر تغريب المرأة المسلمة:
، إباحة اختلاط المرأة المسلمة بالأجانب.
، عدم الاهتمام بالحجاب الإسلامي.
، منع تعدد الزوجات.
، إباحة الزواج بين المسلمات والملل الأخرى.
، المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والعمل.
، نزع القوامة من يد الرجل.
، انتشار نظرية الاختيار الحرفي.
وهناك العديد والعديد من المظاهر التي بدأت في بعض الدول الإسلامية.
أما السبل التي تنتهزها المسلمة في هذا الموقف هو تحليها بالعلم الشرعي؛ فلا بد أن تكون عالمة بالحلال والحرام، وأن تتوسع في التفريق بين الواجب والمندوب والحرام من الأحكام، وأن تتعرف على أحوال الناس الاجتماعية حتى تستطيع التأثير في سلوكهم؛ فتكون على علم باختلاف الطبائع، وأن تتمسك بالسلوك المستقيم، والقدوة الطيبة، والمعاملة اللينة الحسنة، وأن توضح للنساء بأن هناك تحديات خطيرة تجاه المرأة المسلمة التي تهدد كيانها وتعصف بمعالمها، وفي العموم يجب عليها أن تنتهج بمنهج الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقول الله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل: 125.
7/ ما موقف العلماء في ظل هذا الخضم وغياب الهوية الإسلامية؟
لا بد أن تتحدد المسؤولية الملقاة على عاتقهم في ظل هذا الخضم وغياب الهوية الإسلامية؛ فيجب تحديد الواجبات التي تلزمنا بتطبيق الحلول، وإيجاد مناخ إسلامي يتوافق مع تعاليم الإسلام، وقيمه الاجتماعية، فهناك مسؤولية على العلماء، ومسؤولية على الأفراد، ومسؤولية على أجهزة الإعلام، ومسؤولية على الحكام:
أولاً- مسؤولية العلماء: على العلماء أن يكونوا قدوة في سلوكهم؛ فلا يقولون ما لا يفعلون، وبذلك يطبقون شرع الله تعالى فيما يتعلق بجميع أمورهم؛ فعندها يستطيعون الوصول إلى درجة الإقناع والتأثير في الآخرين.
ثانيًا- مسؤولية الأفراد: إذا أدّى العلماء واجبهم، وقاموا بدور التوجيه بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة أصبحت المسؤولية على الأفراد، أن يقوموا بدور التوجيه في بيوتهم بتعليم الرجل زوجته وبناته وأخواته ومحارمه؛ باتباع شرع الله تعالى في كل ما أمر به، وينهاهم عن كل ما نهى الله عنه، وعلى المرأة أيضًا أن تقوم بهذا الدور فتعلم أبناءها الفضائل، وتنهاهم عن الرذائل، وتقوِّم سلوكهم إذا استدعى الأمر ذلك؛ فإن مسؤولية المرأة مسؤولية عظيمة وصدق الشاعر عندما قال:
الأم مدرسة إذا    أعددتها — أعددت شعبا طيب الأعراق
ثالثًا- مسؤولية الإعلام: إن العاملين في الإعلام عليهم مسؤولية كبيرة؛ فلا بد أن يوجهوا الناس توجيهًا إسلاميًا يتفق مع تعاليم الدين الإسلامي، وقيمه الرفيعة، ويأخذوا بأيديهم إلى طريق الخير؛ فلا يعرضوا كلمة مخلة، ولا صور خليعة، ويجب عليهم أن يبعدوا الناس عن الرذائل، وعلى عاتق الإعلام والمسؤولين عنه أن يوضحوا للناس تعاليم الإسلام في صورة سهلة ميسورة.
رابعًا- مسؤولية الحكام: مسؤولية الحكام أكبر من أي مسؤولية أخرى؛ فالحاكم يقوم بدور الالتزام والإلزام باتباع شرع الله تعالى؛ فعلى كلمته ينعقد صلاح الدولة ومن ثم وجب أن يلتزم بتعاليم الإسلام، ويلزم بها أفراد الشعب؛ فإذا أراد الحاكم في أن تكون بلاده بلادًا إسلامية، وعمل جاهدًا على تطبيق المنهج الإلهي الذي أنزله الله لعباده فعندها تبلغ الأمة الإسلامية أوجّ المجد والعظمة.
إن التزام الأمة الإسلامية بالدين الإسلامي في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسلوكية يعيد لها الهوية الإسلامية كما كانت سابقًا عزيزة عظيمة، لا كما يريدها أعداء الإسلام.
8/ ليس هناك من ينكر اليوم أثر الإعلام في حياتنا سواء الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء فما دور الإعلام في هذه القضية، وكيف نستطيع المحافظة على هويتنا الإسلامية والعربية؟
لقد ظهرت عدة نظريات علمية حول مدى تأثير وسائل الإعلام تجمع على أن هناك تأثيرًا كبيرًا لهذه الوسائل؛ إذ تتمتع بقدرات ضخمة على الإقناع؛ فقد حلت وسائل الإعلام محل الأساليب التي كانت سائدة في الماضي في إقناع الجماهير، وإخضاعهم للأنظمة القائمة حيث تهدف وسائل الإعلام إلى التأثير فكل رسالة تشكل منبهًا قويًا، ومباشرًا يدفع المتلقي إلى القيام بشيء معين يسعى القائم بالاتصال لتحقيقه، بمعنى أن الرسالة في وسائل الإعلام تؤدي إلى تحقيق استجابة مباشرة، وإن آثار الإعلام على الأمة الإسلامية واضح لكل ذي بصر وبصيرة، ولا يحتاج أمر معرفة ما وراء الإعلام سوى الاتصالات لصوت الحق، والاطلاع على نتائج الدراسات الجادة في هذا الموضوع؛ فآثاره السلبية على الفرد طفلاً ويافعًا وشابًا وشيخًا وعلى المرأة والرجل في شتى الجوانب العقدية والتربوية والثقافية والعلمية والاقتصادية؛ فلا بد من تحديد دور الإعلام في هذه القضية، ويجب على الإعلام المخلص أن يدرك مدى أخطاره السلبية، وأن يتنبهوا إليها؛ فإن مصير الأمة الإسلامية يتجه إلى الانحراف والتفكك ومساوئ الأخلاق، وأن يتمسك بالدين الإسلامي فهو الحصن الحصين لحماية القيم الإنسانية من الانهيار والفساد؛ فالدين الإسلامي دين إصلاح وسعادة في الدنيا والآخرة، وصدق الشاعر في قوله:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت  —  فإن هُم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فعلى الإعلام أن يراقب ما يبث من خلاله، وأن يواجه البث الفضائي بالتربية الإسلامية  الصحيحة، مع تأصيل المفاهيم الإسلامية في نفس كل مسلم منذ النشأة الأولى، ومنذ البدء في دخول مرحلة التعليم والثقافة؛ حتى تأتي تصرفاته صحيحة وسليمة؛ فإن الثقافة والقيم الإسلامية هي تلك التي تحمي الإنسان، وتقيه الانحراف والانحلال، دون أن تهتز عقيدته أو يتخلى عن هويته الإسلامية، وبذلك يستطيع المحافظة على هويتنا الإسلامية العربية.
9/ كيف يمكن أن ننمي اعتزاز المسلم بهويته في نفوس الجيل الجديد؟
يمكننا تنمية اعتزاز المسلم بهويته في نفوس هذا الجيل الجديد عن طريق بناء نفسية الطفل الإسلامية من خلال البناء الروحي والعاطفي مع تهذيب الدافع الجنسي عنده؛ فتتشكل نفسية الطفل حسب مفهوم الطفل عن ميوله وغرائزه وفق قاعدة العقيدة التي تأمر وتنهى، وهكذا ينشأ في الطفل هذا حلال وهذا حرام؛ فتكون استجابته أسرع؛ ميوله وغرائزه في طور التشكل كما أن سلطان الغرائز والشهوات عنده أضعف من عند الكبار، فالعبادة تغذي نفسه وروحه وتقوي صلته بالله تعالى، وتزيده قوة وثقة نفسية، والعاطفة عندما يأخذها بجرعات متوازنة مع التهذيب الجنسي لديه فإن نفسيته ستصبح أكثر استقرارًا من الأطفال الذين لم تهذب دوافعهم الجنسية، وأطلقوا لها العنان نتيجة إغفال تربيتهم، أو تشكلت لديهم مفاهيم الإباحية الجنسية سواءً من أسرهم أو مجتمعهم أو إعلامهم، لهذا فإن العناية بنفسية الطفل بناءً وتهذيبًا سيعين هذا الطفل على توازن المزاج، ويهدف إلى تحقيق الميول والغرائز وفق العقيدة الصحيحة، وبذلك يمتلك نفسية قوية في مواجهة الأحداث، كما يمتلك ميزانًا نفسيًا في تحقيق الرغبات والميول وفق العقيدة الإسلامية التي يتلقاها من القرآن والسنة الصحيحة.
10/ في ظل تزيين أهل الباطل باطلهم ولبسهم الحق بالباطل ما الدور المنوط بالمرأة المسلمة وخصوصًا من تحلت بالعلم الشرعي؟
إن الدور المنوط بالمرأة المسلمة أن تتمسك بأمور من أهمها:
، أن تجد راحتها في العمل والبذل والعطاء؛ فهي تجد الأنس والسرور والفرحة فيما  يخدم الدين الإسلامي؛ فتكون دائمة التفكير، عظيمة الاهتمام.
، أن تعيش للإسلام بكليتها، وتوجه حياتها من أجله، وتسخر كل طاقاتها وإمكانياتها لما يعز سلطانه ويرفع بنيانه.
، أن تكون شديدة الحرص على هداية الناس، وتعليمهم وتزكيتهم، مقتدية بسيد الرسل عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى عنه: (إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) النحل: 37.
، ألا تهدأ من التفكير في مشاريع الخير التي تنفع الإسلام والمسلمين.
، أن تكون دائمة الاتصال بالأخوات في الخير؛ حتى تتزود منهن، يقول الله تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الكهف: 28.
، أن تُعلِّم الخير في كل مكان وفي كل الظروف وفي كل البيئات مقتديةً بالرسول صلى الله عليه وسلم.
، أن تكون دائمة النشاط والعطاء والاتصال بالناس؛ فمن سمة المؤمنة أن تكون ذات حركة نشيطة دائبة مستمرة حتى تبلغ الأمانة.
11/ ما هو التأثير الذي يمكن أن يخلفه صراع الهويات في نفوس شبابنا المسلم؟
إن التأثير الذي يمكن أن يخلفه صراع الهويات في نفوس شبابنا المسلم يؤدي إلى عدة أمور من أهمها:
، التفرق في الدين والاعتقاد: وهو من أخطر أنواع الفرقة، يقول الله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون) المؤمنون: 52-53.
، التفرق في التشريع: عند فقدان الأمة للهوية الإسلامية نشأت دعوات كثيرة تهدف بقصد أو بغير قصد إلى زحزحة نصوص الكتاب والسنة عن مرتبة الصدارةّ وردّ الأمر إلى عقول الرجال والقواعد التي أفرزتها تلك العقول، وقد زاد بلاء الفرقة التشريعية في هذا العصر عندما أقصيت الشريعة الإسلامية عن الحكم في بعض ديار المسلمين واستبدلت بها القوانين الوضعية.
، الفرقة السياسية: الأمة الإسلامية أمة واحدة يجمعها إطار سياسي واحد، وعند فقدان الهوية الإسلامية تتمزق الوحدة السياسية الإسلامية.
، التخلف التقني والعلمي: عندما فقدنا الهوية الإسلامية تخلفنا عن السابق؛ فإن من أهم أسباب التخلف تكمن في البعد عن الإسلام.
12 / ما الدور الذي ينبغي أن تقوم به الأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام تجاه هذه القضية؟
تعد الأسرة النواة الأولى في تشكيل الهوية المسلمة لدى الطفل، وعلى عاتقها يقع العبء الأكبر والمسؤولية العظمى؛ فعلى الأم أن تنشئ الطفل منذ نعومة أظفاره على الشخصية الإسلامية الأصلية، وأن تغرس في عقله وقلبه معالم تلك الهوية التي أصبحت في واقعنا مستترة خلف حجب كثيفة، ويتحقق ذلك من خلال عدة وسائل منها:
، ربطه بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في جوانب حياته المختلفة ومنذ سن مبكرة؛ حتى يتعلق الطفل بتلك الشخصية ويحبها ويتأسى بها، وبسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين، والشخصيات الإسلامية البارزة التي تركت بصماتها واضحة جلية في هذه الأمة بدلاً من أن يتعلق الطفل بحكايات التفاهة واللاقيمة كقصص سندريلا وسنو وايت مع أقزامها السبعة وعلي بابا والأربعين حرامي، وأمثالها مما لا حصر له.
، لا بد أن تعرض أمام الطفل شخصيات معاصرة انطبعت بتلك الصبغة الإسلامية الرشيدة يشاهدها أمامه وحبذا لو كانت قريبة منه فيتلقف منها سلوكياتها حتى لا يظن أنه مع هذا الواقع المشحون بالتميع والازدواجية لا توجد أمثال تلك الشخصيات الفذة إلا في الزمان الغابر، أو بين بطون الكتب.
، ينبغي حماية الطفل من المغريات التي تحيط به وتحصينه منها، وتفرض الرقابة الواعية على وسائل الإعلام التي يلج الطفل عالمها؛ فلا يسلم الطفل لسمومها لقمة سائغة، ولا يمنع منها قسرًا، بل الأسلم أن يتعرف الطفل عليها مع والديه، وتحت نقدهم وإرشادهم، وتوعيتهم لذلك السم المدسوس في العسل فينشأ قويًا متماسكًا يحمل بين يديه أسلحة متينة يستطيع أن يقف بها صامدًا أمام تلك التيارات العاصفة.
13 / ما الطريق الذي يجب أن نسلكه لاسترداد هويتنا؟
الطريق الذي يجب أن نسلكه لاسترداد هويتنا أن نعود إلى أصولنا الكتاب والسنة، ونعضّ عليها بالنواجذ؛ فنسعد في الدنيا والآخرة، فإنه ما أنعم الله تعالى على عباده بنعمة هي أعظم من نعمة الإسلام، وما من عليهم بمنة هي أكبر من بعثة خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، يقول الله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) آل عمران: 164، فإن الله تعالى أنقذ هذه الأمة من حضيض الغبراء إلى ذرا العلياء، وانتشلها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وحولهم من رعاة الإبل والغنم إلى قادة وشعوب وساسة أمم؛ ليقودوا زمام هذه الأمة إلى بر الأمان وشاطئ السلام، وإن عظمة هذا الدين الكامل الشامل الذي يربط الخلق بخالقهم جل وعلا مالك النفع والضر والحياة والموت عالم الغيب والشهادة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن؛ فالتمسك بالدين الإسلامي هو المخرج والمنقذ في جميع الأوقات والأماكن.
14 / من هم أعداء الهوية الإسلامية، وهل يرتكزون بالداخل أم بالخارج؟
أعداء الهوية الإسلامية يرتكزون في الداخل وفي الخارج؛ فأعداء الهوية من الداخل هؤلاء الذين تشربوا الحضارة الغربية المادية، وحيث نما طوفان الافتتان بالحضارة الغربية وطغى تيار الحياة المادية انهمر كثير من بني جلدتنا، وممن يتكلمون بألسنتنا بما عليه ظاهر القوم؛ فأثّروا على الرعاع، وخدعوا الدهماء بزخرف القول، وقشور التقدمية المزعومة والمدنية الزائفة، والدعوة إليه بدعاوى مزركشة، وأقوال مزخرفة وألبسة فاتنة، وأما أعداء الهوية من الخارج فإن من الواضح أن العقيدة الإسلامية تواجه مخططات كبيرة؛ فقد ظلت المؤامرات تحاك ضد هذا الدين يومًا بعد يوم، وفي هذا القرن اشتد العداء؛ فأصبح العالم الإسلامي اليوم محاطًا بموجات براقة وخادعة متتالية ومستمرة من التشكيك في قدراته، وفي دينه ليتحلل من إيمانه بالله، وانهالت المعارك المتعددة والحادة تجاه المسلمين بشراسة بالغة تحت دعاوى الطائفية والمذهبية، واتخذت تلك المؤامرات أشكالاً مختلفة بوسائل متعددة من أهمها: الإعلام، ولقد وضّح بجلاء أثره في اختراق الحدود؛ فكان للإعلام آثار جديدة يأتي في مقدمتها الأثر العقدي؛ حيث إن مضمون الحملة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين تكمن في نقطتين:
أ- تشويه الإسلام بجميع أوجهه، وتشويه القيم الإسلامية.
ب- الإيحاء لغير المسلمين بأن المسلمين ما هم إلا حفنة من صانعي الإرهاب في العالم.
15 كلمة أخيرة للنساء بشكل عام ولزائرات موقع “دعوتها” بشكل خاص؟
كلمتي بشكل عام التمسك بأهداب الشريعة الإسلامية وأصولها، وعدم الخوض في أمور الدين والعلم من غير معرفة، فهل تعلم ما هو أصل الشرك والكفر، وأساس للبدع والعصيان؟ وما هو أغلظ وأنكى منها ومن جميع الفواحش والآثام والجرائم والبغي والعدوان؟ ذلكم هو: التقول على الله تعالى بغير علم، يقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللّهِ مَا لا تَعْلَمُون) الأعراف: 33، فالله تعالى قرن القول عليه بلا علم بالشرك والبغي والإثم والفواحش، بل لقد جاءت هذه المحرمات الأربع مرتبة على حسب مراتب الشدة فيها على سبيل التعلي، فأهونها أولها وأخطرها آخرها، ولا عجب، فما الشرك إلا ضرب من القول على الله بغير علم، يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره “ج3ص409”: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) أي الافتراء والكذب، فمن أكبر الجنايات أن يتصدر المرء للخوض في دين الله تحريمًا وتحليلاً من غير علم ولا بصيرة) ، ولعل من أهم الأمور التي أنصح نفسي بها ولأخواتي أن نهتم بأمور منها:
– الميل العاطفي والمحبة القلبية للمتعلم أو المتربي يقول الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين) آل عمران: 159.
– الإقناع العقلي والحجة العلمية، يقول الله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين) النحل: 125.
– تفاعلاتها: إن من أهم عوامل التأثير هو ظهورها في المجتمع بظواهر الاهتمام لهذا الدين.

Scroll to Top