أهمية التدبر في القرآن العظيم

م. عبد اللطيف البريجاوي.

معنى التدبر: لغة التفكر ومادته تدور حول أواخر الأمور وعواقبها

” فالتدبر هو النظر في عواقب الأمور وما تؤول إليه ومن هنا نستطيع أن نفهم التدبر هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة “.
فاعتمادًا على هذا التعريف يكون التدبر هو “التفكر باستخدام وسائل التفكير والتساؤل المنطقي للوصول إلى معانٍ جديدة يحتملها النص القرآني وفق قواعد اللغة العربية، وربط الجمل القرآنية ببعضها وربط السور القرآنية ببعضها وإضفاء تساؤلات مختلفة حول هذا الربط أو ذاك”.
أهمية التدبر:
لماذا التدبر سؤال مطروح ومهم وملح ولعل الأهمية في التدبر تكمن:
1- الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى؛ فلقد أمرنا بذلك فقال: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا) النساء، (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها) محمد، وإن الله علم أن هذا التدبر فيه خير عظيم وإن كنا نحن المسلمين لا ندركه إدراكًا صحيحًا
2- القرآن الكريم بحر فائض من الخيرات ورية الرحمن للعالمين، هل كان القرآن إلا رية من يد الرحمن هنية وعطية أبدية يسمو بها الإنسان، وقد قال الرافعي رحمه الله “القرآن الكريم يعطيك معانٍ غير محدودة في كلمات محدودة”، وهذا البحر الفائض من الخيرات لا بد لاستخراج الدرر المكنونة فيه من غوص  وتدبر لاستخراجها واستخراج الحلول للمشاكل المستجدة في عصرنا وفي كل العصور وهو ما يسمى بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان (قل لو كان البحر مدادًا لكلمات  ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا) الكهف.
3- سبب لشحن النفس نحو الخير وضد الشر؛ فقد كان النبي عليه السلام يكرر الآية الواحدة عشرات المرات، وورد أنه قام الليل وهو يكرر قوله تعالى: (إن تعذبهم  فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) المائدة، وما معنى أن يكرر الإنسان آية عشرات المرات إذا لم يكن فيها تقليب الآية والتفكر فيها، وكثير من الصحابة والصالحين كانوا يكررون كثيرًا من الآيات يتفكرون وينظرون ويعتبرون.
4- التدبر يعني الاهتمام وبالتالي التطبيق والممارسة وهي النقطة الأهم في حياة الأمة “فإذا تدبرنا القرآن نقلناه إلى حقول الممارسة على الأقل أو إلى ميادين السلوك”
5- التدبر في القرآن كان سببًا في تغيير حياة كثير من الناس وأولهم الصحابة الذين كانوا يسمعون القرآن فيقولون والله إنه ليس بقول البشر وما هي إلا لحظات تفكر وتدبر قليلة حتى يدخل ذلك الرجل في الإسلام ويصبح من الصحابة الكرام، ولعل من المفيد أن نذكر هنا أن الناس فهموا بعض الأحاديث فهمًا خاطئًا فأعرضوا عن التدبر وانصرفوا إلى الحفظ والصم دون  التوقف والتدبر ومن هذه الأحاديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) “مسلم عن عثمان” فمن منا لا يطمع أن يكون من خير هذه الأمة لكن بعض المسلمين فهموا أن هذا الحديث لا يحمل إلا معنى واحد هو الحفظ وحسن التلاوة، “إن الصحابة عندما خوطبوا بهذا الحديث قد كانوا يعلمون معانيه سليقة”، وعليه فإن معنى هذا الحديث وحتى يحصل المسلم على الخيرية لا بد أن تتوافر فيه  ثلاثة أمور:
أ- التلاوة الصحيحة.
ب- الفهم الصحيح.
ج- التطبيق السليم.

—————-
1- قواعد التبر الأمثل عبد الرحمن حبنكة.
2- رؤى في قصار السور عبد اللطيف البريجاوي.
3- مقالات من الحياة.
4- وحي القلم.
5- كيف نتعامل مع القرآن عمر عبيد حسنة.

المصدر: صيد الفوائد.

Scroll to Top