بحث حول الأسرة.

( الأسرة ) :

الأسرة هي اللبنة الأساسيّة التي تقوم عليها المجتمعات كافة، ومن خلالها يمكن إنشاء أجيال صالحة واعية ومثقفة متمسكة بدينها تنهض بنفسها وتخدم وطنها، وقد اهتم الإسلام ببناء الأسرة وتكوينها وقيامها على أسس صحيحة من خلال وضعها لشروط ومعايير معينة تقوم عليها الأسر مِن سنّه للزّواج وحثّه عليه لأنّه القاعدة الأولى من قواعد تكوين الأسرة وبنائها، وتحريمه لكل ما يهدم الأسرة ويُؤثر على كيانها وتماسكها، قال تعالى: “{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}”.[١]

أهميّة الأسرة هناك حاجة وأهميّة كبرى للأسرة تظهر جليًا في الكثير من الأمور منها:

[٢] الأسرة تُلبي الحاجات الأساسيّة والغريزيّة لكلا الطّرفين الزّوج والزّوجة، وبذلك تتحقق الغاية الأساسيّة التي خلق الله سبحانه وتعالى من أجلها الإنسان وهي عمارة الأرض. من خلال الأسرة تتحقق أهداف وغايات سامية مثل حفظ الأنساب من الاختلاط، وحماية المجتمع من الآفات الاجتماعيّة مثل الزّنا والانحراف وغيرها، لأنّه كلما زاد الاستقرار الأسري، زاد الشّعور بالأمن والاستقرار النّفسي والعاطفي للأفراد داخل الأسرة، مما ينعكس على قيام مجتمعات سليمة ومستقرة فكريًا وعاطفيًا ونفسيًا، فتقل نسبة حدوث الجرائم والانحلالات الأخلاقيّة، فيُحافظ ذلك على أمن المجتمع واستقراره. تمسّك الأفراد بالمبادئ والقيم، فمن خلال الأسرة ينشأ الأطفال نشأة سليمة في ظل والديهم، ويتربّون على الأخلاق الحميدة التي تُبعدهم عن الانحراف والسّلوكات الخاطئة. الأسرة فيها تحقيق للسّكينة والمودّة، وإشباع لرغبة الإنسان بإنجاب الأطفال والذريّة الصّالحة.[٣] حدوث التّكافل الاجتماعي، فالكثير من الأسر ترتبط مع بعضها بعلاقات مثل علاقة النّسب والجيرة والمُصاهرة، فيحدث التّعاون والتّعاضد بين الأسر، فيؤدي إلى نشوء مجتمعات إسلاميّة متماسكة مُتحابّة ومترابطة.[٣] نمو الأبناء نموًا صحيحًا جسديًا ونفسيًا، مما يجعلهم فيما بعد أفرادًا فاعلين ومنتجين في المجتمع، قادرين على حماية وطنهم والمحافظة على ممتلكاته، وتمثيله في كافة المحافل والمناسبات.[٣] أنواع الأسرة نذكر فيما يأتي أنواع الأسرة: الأسرة النواة: هي الأسرة المؤلفة من الزوجين وأبنائهم، وتتصف بصفات الجماعة الأولية، وهي النمط الأكثر شيوعًا في معظم الدول الغربية وتقل في أغلب البلاد العربية، وتتصف الوحدة الأسرية بقوة وتماسك العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة؛ بسبب صغر حجمها، كما تتصف بالاستقلالية في الدخل والمسكن عن الأهل.[٤] الأسرة الممتدة: هي الأسرة التي تُبنى على عدة وحدات أسرية تجمعها القرابة الدموية والمسكن المشترك، وهي النمط الأكثر شيوعًا منذ القدم، وهذا النوع من الأسر أكثر انتشارًا في المجتمع الريفي، وتنقسم الأسر الممتدة إلى أسرة ممتدة بسيطة تتكون من الأجداد والزوجين والأولاد وزوجاتهم، وأسرة ممتدة مركبة تتكون من الأجداد والزوجين والأولاد وزوجاتهم والأعمام والأصهار والأحفاد، وتتميز الأسر الممتدة بزيادة العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة.[٤] أسرة التوجيه: يمكن تعريف أسرة التوجيه على أنها المرحلة الأولى من تكوين الأسرة النووية، إذ تشمل في البداية الأب والأم والأبناء (ذكورًا كانوا أم إناثًا) غير المتزوجين.[٥] أسرة الإنجاب: تتكون أسرة الإنجاب في حال زواج الابن وتكوينه أسرة نووية جديدة، فتسمى في هذه الحالة الأسرة الأولى أسرة الإنجاب.[٥] الأسرة الزوجية: تتألف الأسرة الزوجية من الأب والأم وأبنائهما الذكور والإناث غير المتزوجين فقط ولا يقيم أي قريب فيها.[٥] أسرة الوصاية: يكون أفراد أسرة الوصاية أوصياء على اسم الأسرة ونسبها وأملاكها.[٥] الأسرة المنزلية: الأسرة المنزلية مشتقة من أسرة الوصاية وفي هذا النوع تزداد سلطة الدولة وتقل سلطة الأسرة.[٥] الأسرة الذرية: في هذا النوع تتضاءل سلطة الأسرة إلى حد الزوال والتلاشي وتحل مكانها سلطة الدولة، إذ تلعب الدولة دور المنظم للأفراد.[٥] وظائف الأسرة تعدّ الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأساسية لبناء المجتمع، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع بالكامل، وتؤدي الأسرة مجموعة متنوعة من الوظائف في المجتمع، وقد صنف علماء الإجتماع تصنيفات كثيرة لوظائف الأسرة اعتمادًا على أنواعها المختلفة، وسنذكر بعض الوظائف الهامة للأسرة، وهي كالآتي:[٦] الاستقرار والرضا في الاحتياجات الجنسية: يعدّ الاستقرار والرضا في الاحتياجات الجنسية من أهم الوظائف الأساسية للأسرة، إذ كانت الأسرة تلبي هذه الوظائف منذ ظهور الحضارة الإنسانية، ومن المعروف أن الرغبة الجنسية هي غريزة وضرورة طبيعية للإنسان، وهذا هو الواجب الأساسي للأسرة لتلبية الرغبة الجنسية لأفرادها بطريقة مستقرة ومُرضية . الإنجاب وتربية الأطفال: تعد هذه الوظيفة مكملة للوظيفة السابقة، إذ يؤدي الاستقرار والرضا الجنسي إلى الإنجاب، ومن واجب الأسرة أن توفر الأساس الشرعي لإنجاب الأطفال، ومن خلال تأدية هذه الوظيفة تساعد الأسرة في استمرارية الجنس البشري، إذ إنّ استمرار الجنس البشري هو من أهم وظائف الأسرة . التنشئة الاجتماعية: تعدّ التنشئة الاجتماعية جزءًا لا يقل أهمية عن بقية وظائف الأسرة فهي تصنع إنسانًا من المولود البشري، إذ يُصبح المولود البشري إنسانًا بعد تنشئته اجتماعيًا، وللأسرة دور كبير وفعال في هذه التنشئة. توفير المسكن: توفر الأسرة مكانًا للسكن والعيش المشترك لجميع أفرادها، وهو البيت أو المكان الذي يجمع جميع أفراد الأسرة ويتربّى فيه الأطفال ويُعتنى بهم، ويعدّ البيت جزءًا مهمًّا لجمع أفراد الأسرة ونشأة الأطفال تحت يقظة ورعاية واهتمام، ويوفر البيت الدعم النفسي والعاطفي لجميع أفراد الأسرة، ويحصل الإنسان على السلام والأمان بالعيش في بيت مستقل. واجبات الأسرة تجاه أبنائها هناك عدد من الواجبات المنوطة بالأسرة تجاه أبنائها، وأولها هو اختيار الاسم الجميل للطّفل منذ ولادته، وعدم تسميته بأسماء لها معانٍ مكروهة، أو أسماء تُسبب له الإحراج وتُعرضه للسّخرية، وغرس بداخله القيم والمبادئ الإسلامية الحميدة والأخلاق الفاضلة، وتدريس الأطفال وتعليمهم، فمن الواجب على كل أسرة تعليم أطفالها وتسليحهم بالشّهادات التي تُفيدهم بحياتهم العلميّة والعمليّة، وإشباع الأسرة للحاجات العاطفيّة لأبنائها لكي يكونوا محبين لأنفسهم وللآخرين بعيدين عن الحقد والكره والمشاكل الاجتماعيّة والنّفسيّة التي تُؤثر على تعاملهم مع الآخرين وتُؤدي إلى تدنّي تحصيلهم الدّراسي وبالتالي فشلهم اجتماعيًا وعلميًا، وعلى الأسرة إشباع الحاجات الماديّة لأبنائها من دون زيادة أو نقصان وبحسب حاجتهم لذلك، ومن واجبات الأسرة أن تحيط أبناءها بالرّعاية والاهتمام وعدم التمييز بينهم بالاهتمام أو الأعطيات، لكي يكونوا خالين من أي عُقد أو اضطرابات سلوكيّة تؤدي فيما بعد إلى العديد من المشاكل.[٧] خصائص الأسرة المسلمة تتسم الأسر عمومًا والأسرة المسلمة خصوصًا بعدد من السمات، وهي كالآتي:[٨] تبادل المحبة: وتعني تبادل العطف والحب بين الزوجين من جهة ، وبينهما وبين الأبناء من جهةٍ أخرى، فالأسرة التي تفتقد الحب والعطف بين أفرادها تنشأ بها عوامل التفكك والانهيار، ويعدّ الحب والعطف عاملين أساسيّين في توطيد العلاقات الأسرية وتقويتها. التعاون المشترك: يجب أن يكون التعاون المشترك بين أفراد الأسرة في مختلف المجالات، إذ إن التعاون يزيل العبء والإرهاق والتذمر من تحمل المسؤوليات، ويقوي العلاقات الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة ولا يترك مجالًا للتفكك الأسري. الاحترام المتبادل: إن الاحترام المتبادل والعطف بين أفراد الأسرة سواءً من جهة الكبير للصغير أو من جهة الصغير للكبير يوطد العلاقات الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة ويزرع بذور الثقة والشعور بالشخصية. طاعة رَبّ العائلة: تمثل طاعة رب الأسرة أو الأب من قبل جميع أفراد الأسرة النقطة المركزية في الأسرة، لأنه يمتلك الخبرة بحكم خبرته وثقافته وتجاربه بالمصالح الفردية والاجتماعية، لكل فرد من أفراد الأسرة.

المراجع:

1/ سورة النحل، آية: 72.

2/ أهمية الأسرة ومكانتها، “أهمية الأسرة ومكانتها”.

3/ “أهمية الأسرة في المجتمع ” اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019″.

4/ “الحياة الأسرية”، ستار تايمز، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-8. بتصرّف.

5/ “الأسرة:أنواعها و وظائفها”، أطفال الخليج، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-28. بتصرّف

6/ “بحث حول مفهوم العائلة ووظائفها وأنواعها”، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-28. بتصرّف.

7/ مها السبيت ، “واجب الأسرة تجاه تربية أبنائها “، al-jazirah، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2019.

8/ “خصائص الأسرة المسلمة”، ريحانة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-28. بتصرّف.

Scroll to Top