الضيف دليل الجنة.

الضيف دليل الجنة:
أمينة سعيد.  

أمر الإسلام بالضيافة والاهتمام بها لما لها من عظيم الأثر على الإنسان المؤمن، والضيافة تكون بإكرام الضيف بإيثاره، والترحيب به، فإكرامه في الإسلام عمل كريم محبب للمسلم الصادق، ودليل واضح على قوة إيمانه؛ فالعلاقة بين الضيف والمستضيف لم تكن وليدة اللحظة بل رسمها الإسلام منذ الأزل فهي من سنن المرسلين -عليهم السلام- وأول من ضيّف الضيف إبراهيم -عليه السلام- كما جاء في قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) الذاريات: 24، فمن شيمهم وجميل خصالهم إكرام ضيفهم.
ونبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- دعا أصحابه للتحلي بهذه الخصلة الجميلة التي ورثوها عن أبيهم إبراهيم -عليه السلام- التي بها يكتمل إيمان الإنسان المسلم الحق، فمن علامات الإيمان لإكرام الضيف كما جاء في قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفَه) “رواه البخاري ومسلم”.
فهذا يعد حق من حقوق الضيف ومن سنته -صلى الله عليه وسلم- وهو خير قدوة عرفتها البشرية، وعلينا اتباعه لننال الخير الكثير ببركة هذا الضيف، كما أوصت الأحاديث النبوية الشريفة المضيف بضيفه في قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (إن لزَوْرِك عليك حقًا) “رواه البخاري ومسلم”.
ويقر النبي -صلى الله عليه وسلم- لسلمان الفارسي على قوله لأبي الدرداء: (إن لضيفك عليك حقًا) “رواه الترمذي”، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم تبوك فقال: (ما من الناس مثل رجل آخذ بعنان فرسه، فيجاهد في سبيل الله، ويجتنب شرور الناس، ومثل رجل في غنمه يقري ضيفَهُ ويؤدي حقَّهُ) “رواه أحمد”.
وعند الحديث عن الكرم لا بد أن يستوقفنا هذا الكرم الذي رفع من منزلة صاحبه حتى أخبر الله نبيه خبرهم وعجب من صنيعهم! وهو ما فعله ثابت بن قيس الأنصاري -رضي الله عنه- فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني مجهودٌ “المجهود من أصابه الجهد والمشقة والحاجة والجوع” فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماءٌ، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهنَّ مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق، فقال: (من يُضيف هذا الليلة رَحمه الله) فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رحْلِهِ فقال لامرأته: هل عندك شيءٌ؟ قالت: لا إلا قُوتُ صِبياني. قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فاطفئي السراج، وأريه أنّا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السِّراج حتى تُطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة) “رواه البخاري ومسلم”، وأنزل الله عز وجل قوله: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر: 9.
وقيل أن الضيف دليل الجنة، وقال شقيق البلخى: ليس شيء أحب إلي من الضيف؛ لأن مؤنته على الله تعالى ومحمدته لي، وقال يحيى بن معاذ: لو كانت الجنة لقمة في يدي لوضعتها في فم ضيفي.
فالمؤمن الحق هو الذي يفرح بقدوم ضيفه، ويترجم هذا الفرح باستقباله بوجه بشوش مظهرًا له السعادة والملاطفة بحسن الحديث وشكره على تفضله ومجيئه، فإرثنا عن آبائنا وأجدادنا يشير إلى الخصلة الجميلة التي عرفها العرب قبل الإسلام وتحلوا بها فكان من أفاضل أخلاقهم التي يتباهون  بها إكرام ضيفهم حيث كان لديهم من عُرف بشرف الضيافة عُرف بشرف المنزلة وعلو المكانة، والتاريخ سطّر كثير من القصص التي تخبرنا أن ما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام إلا كان من كمال سُؤدده إطعام الطعام، وإكرام الضيف.

Scroll to Top