لذة العبادة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله، أحمده، وأستعينه، وأستعفره، وأستهديه، وأعوذ بالله من شرور أنفوسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.
اللهم اجعل اجتماعنا اجتماعًا مرحومًا، وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل منا ولا معنا شقيًا ولا محرومًا، اللهم ارزقنا لذة المناجاة، ولذة عبادتك، وأعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، واجعل خير أيامنا يوم لقائك، وحقق لنا فوق ما نؤمل، ونعطى يا الله.
عنوان لقاء هذه الليلة المباركة -إن شاء الله- سيكون عن لذة العبادة كما أُعلن عنه مسبقًا واخترت لكم هذا الموضوع؛ لأن الإنسان خلق من أجل هذه الغاية السامية، ولقد ذكر الله ذلك في كتابه (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
محاور المحاضرة أربعة:
أولها لماذا الحديث عن العبادة؟ وما الفرق بين العبادة ولذة عبادته؟ ثم بعد ذلك سنتحدث عن تعريف العبادة؟ ثم فضائل العبادة؟ ثم بعد ذلك كيف يتلذذ المؤمن بعبادته؟
ولعل هذا أصل موضوع المحاضرة.
لذة العبادة: شيء زائد عن العبادة إذًا العبادة مثل الإنسان روح وجسد فإذا فقد الإنسان روحه مات، والعبادة روح وجسد قد يؤديها العبد كعادة يصلي لكنه لا يشعر بحياة، ولا انشراح، ولا سكينة، ولا طمأنينة، وقد يصليها إنسان وهو يقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جعلت قرة عيني في الصلاة)
لذة العبادة أمر زائد عن العبادة فهي كالروح للعبادة، فمن أتى بها أتى بحقيقة العبادة التي أرادها الله تعالى من خلقه، جاء هذا في القرآن وفي السنة أما في القرآن قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فالاطمئنان شيء زائد عن الذكر، وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة: (أرحنا بها يا بلال) وجاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية: “إذا لم تجد للعمل الصالح حلاوة في قلبك، وانشراح، فاتهمه فإن الرب تعالى شكور يعطي كثير الأجر على قليل العمل، والأجر في الدنيا والآخرة ومنه ما يجده العبد من راحة وسكينة في قلبه، قال فإذا فقدت لذة الطاعة فتوجه إلى قلبك وفتش عن سبب حرمانك من هذه اللذة، والله سبحانه وتعالى في القرآن يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
حضوركم الكثير يدل على حاجة الإنسان أن يتلذذ بماذا؟ بعبادته وهذا -إن شاء الله- ما سنطرحه في هذه المحاضرة، جاء في حديث أخرجه الإمام أحمد من حديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا ينظر عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين ركوعه وسجوده).
إنسان صلى ولكن لا يأتي بالصلاة كما أرادها الله لم يتلذذ بها، وجاء في حديث حسنه الألباني من حديث أبي هريرة: (أن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل الله له صلاة) لأنه يتم ركوعها ولا يتم سجودها، أو يتم سجودها ولا يتم ركوعها أدى العبادة بلا روح، إذًا فلنلتفت إلى عبادتنا ولنؤديها كما أراد الله.
اللهم لك الحمد أن جعلنا مسلمين يا أخواتي:
احفظوا النعمة، وأعظم نعمة أن اختارنا الله ممن يقول أشهد أن لا إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، وجاء في مسند الإمام أحمد: (ما اعطي عبد بعد الإسلام مثل العافية) فأعظم نعمة أولها الإسلام، وثانيها العافية، فإن دلك الله إلى الخير والهدى عافية، ونعمة.
استشعرت هذا الأمر في عزاء أولاد الشيخ الدكتور إسماعيل البشيري -مدير جامعة الجوف- لما توفي أبناؤه الأربعة، وذهبت أعزيهم وأذكر الآيات والأحاديث فواحدة كبيرة في السن ذكرت كلمة كانت حكمة قالت: الحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
نؤمن أن هذه حياة فانية، وأن اللقاء الباقي الأخروي هي يوم القيامة.
فالإسلام يجعل العبد يستقبل كل أموره بنظرة تختلف عن الناس السطحيين؛ لأن فيه معنويات وإيمانيات تسمو بالإنسان المؤمن.
ما هي العبادة أخواتي؟
العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، بره بأمه عبادة، صلاته عبادة، ابتسامة في وجه أخيه المسلم عبادة، العبادة كل أمر قلبي أو أمر ظاهر يحبه الله ويرضاه عبادة.
البارحة كنت أتكلم مع إحدى زميلاتي فذكرت لي قصة شيخ مشهور عندنا في المملكة العربية السعودية جلس أربعين سنة لم يُرزق الولد، فتزوج امرأة عقيم، تزوج امرأة عندها ثلاثة ذوي الاحتياجات الخاصة يريد الخير بهم والأجر بهم فرزقه الله بسبعة من الولد وكم بنت، أرأيتم أن العبد إذا فعل الخير كافأه الله فوق ما يتمنى.
ليست العبادة فقط مصلى تصليه، ولا صدقة تتصدقها، بل ابتسامة في وجه أخيك صدقة، العبادة صلة رحمك صدقة، العبادة إجلالك للإنسان الكبير صدقة، العبادة كل ما يحبه الله من الأفعال الظاهرة والباطنة، إماطة الأذى عن الطريق صدقة، إدخال السرور إلى قلب مسلم صدقة، فباب العبادة واسع، هذا التعريف ذكره شيخ الإسلام، إذًا كل شيء تقوم به في حياتك عبادة، وأنا أقدم الطعام لأبنائي عبادة، رحم الله امرأة لرحمتها بابنتَيها التي طرقت الباب على عائشة وما كان لدى عائشة إلا ثلاث تمرات تمرة أخذتها وتمرتين أعطتها لابنتَيها فلما انتهت البنات من أكل التمرة تراءت أعينهن للتمرة التي بيد الأم فرحمة الأم رحمة فطرية طبيعية بابنتَيها وأعطتهم التمرة فأُعجبت عائشة برحمتها بابنتَيها فقال: (أتعجبين يا عائشة من رحمتها بابنتَيها إن الله أوجب لها الجنة) أقوم في نصف الليل أجهز الرضعة لولدي ألا تعتقدين أن الله سيرحمنا بهذه الرحمة التي قامت في قلبي حتى الرحمة الفطرية، فما بالك برحمة الأم بولدها، رحمة عموم الناس مسلمهم وكافرهم، فاسقهم وعاصيهم حتى الناس إلى الآن لم يدل طريق الصح إذًا هي رحمة يؤجر عليها العبد، وجاء غاية المحبة مع غاية الذل والطاعة، أحب الله العبد لذلك أعبده، إذًا أحب العبد ربه تذلل له وأطاعه، ومن محبة الله لعبده أن الخوف والرجاء إذا دخل أهل الجنة الجنة زال (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لكن المحبة تبقى في الدنيا والآخرة، يحبهم ويحبونه، فمحبة الله باقية مع العبد في دنياه وآخرته.
ما فضل العبادة؟ لماذا سنحدثكم عن فضل العبادة؟  والله يا أخوات حضّرت المحاضرة لذاتي، لا تشعرون أني أحدثكم فقط لحاجتكم بل حاجاتنا نحن أيضًا فالإنسان يتلذذ بالطاعة، وقلبه منشرح، وأن يشعر بحلاوة الإيمان في قلبه.
العبادة: هي الغاية التي خُلقنا من أجلها (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فإذا أديت العبادة كما أراد الله قمت بالوظيفة التي خلقني من أجلها، العبادة لا تنقطع فنتعبد إلى الله في الدنيا ونتعبد إلى الله في القبر، ونتعبد إلى الله في موقف يوم القيامة، ونتعبد إلى الله في الجنة، ومن قام مقام العبودية في الدنيا أعانه الله على مقام العبودية في البرزخ ويوم القيامة، اللهم اجعلنا ممن عبد الله حق عبادته، لذلك يقول ربنا جل وعلا: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وفي البرزخ جاء حديث عن الإمام أحمد حسنه الألباني (أن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر ونكير ينهرانه ويجلسانه قامت الصلاة عند رأسه تدافع عنه والزكاة عن يمينه وفعل الخيرات عن يساره والطاعات بمقدمه فتمثلت له الشمس عند غروبها فإذا رأى الشمس تغرب يسأله الملكان من ربك؟ يقول دعونى أصلى) وقلبه معلق بالصلاة حتى وهو في قبره أراد الله أن يظهر فضل هذا العبد عند ملائكته، وأما في الموقف يقول: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) هناك سجود في الدنيا، وهناك سجود في الآخرة من سجد لله وأنا أصلي أدرك أن سجدتي في الحياة سبب إعانتي في وقت أشد ما أكون فيه بحاجة إلى السجود، (يكشف عن ساق) كيف يتميز المؤمن عن المنافق؟ ميزة المؤمن عن المنافق السجود في الموقف الأعظم، ويكشف الله عن ساقه ويأمر أهل الموقف، ويذهب الكافر إلى النار، ويقف المؤمن والمنافق، ويقال: من كان يعبد الله فليسجد، المؤمن مباشرة اعتاد على السجود لربه مباشرة ينتمي لربه ساجدًا ، وأما المنافق يريد أن يسجد فيتحول كل ذرة من جسده إلى نحاس إذا أراد أن يسجد انقلب على قفاه يحرمه الله من لذة العبادة التي لم يؤديها في الدنيا، وإما في الآخرة وإما في الجنة، وجاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس) ففي الآخرة يتنفس الناس سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فالعبادة مع المؤمن في دنيا، وفي قبره، وفي الموقف، وإذا دخل الجنة، بل يتلذذ المؤمن بقراءة القرآن يقال لقارئ القرآن: (اقرأ ورتل وارتقِ كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها) فيتلذذ بقراءته في الجنة، كما كان يتلذذ بها في الدنيا، العبادة من أجلها خلقنا (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) العبادة لا ينفك عنها الإنسان في جميع مراحل حياته، في الدنيا (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) وفي البرزخ، وفي الموقف، وإذا دخل أهل الجنة الجنة، جاء في قول الله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم) ليس فقط في الآخرة وإنما في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الجنة فهم في النعيم يتقلبون في كل مراحل حياتهم، يستفتح المؤمن حياته بالعبادة، ويختتم المؤمن حياته بالعبادة، أول ما يولد المولود يؤذن في أذنه اليمنى فهو استفتاح بالعبادة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، ويختتم المؤمن بالشهادة (من ختم له بلا إله إلا الله دخل الجنة) ويفتتح يومه بالعبادة أول ما يصبح الإنسان يقول:؟ الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور)، وآخر ما يختتم به قبل نومه  (بسمك اللهم وضعت جنبي وبسمك اللهم أرفعه إن قبضت نفسي فارفعها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، فيوم المؤمن وختامه وحياته مفتتحة بالعبادة،، والعبادة سبب للنجاة من الفتنة، أعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، جاء في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بادروا بالأعمال عبادة، الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها وآخرها أولها يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا) قليل لن ينجيك في هذه الفتنة التي مثل قطع الليل إذا أتى عم الكون بأكمله، وكذلك الفتنة إذا أتت عمت وشملت، أكده أن لا نور فيه إلا إذا أحيا قلبه بعبادة عمل صالح (بادروا بالأعمال)، وجاء في حديث عند البخاري ومسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إلى) تفتح الأخبار سوريا قتل، العراق قتل، أفغانستان قتل، في كل بلد تجد فيه ملايين الناس يموتون الذي يتعبد إلى الله في هذه الأوقات كهجرة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن الذين انشغلوا بالعبادة يكونوا كالغريب بين أهله؛ لأن الناس مشغولين بقيل وقال، والواتس، وأيش سووا الناس، وأكلوا، وشربوا، وانستجرام وسناب شات، كل الناس انشغلوا عما خلقوا من أجله إلى أمور كمالية، الأصل في حياتنا، الأصل هي فرع طارئ وأن الأصل أن نشغل أوقاتنا بما يرضي الله سبحانه وتعالى، العبادة في الهرج كهجرة إلى الله، يقول ابن رجب: (كونوا كالغريب بين أهله؛ لأنه تفرغ بما يرضى رب العالمين عنهم.
– العبادة سبب للنجاة من الفتن في حديث أم سلمة: (استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فزع من الفتنة) لم يراها وإنما أوحي إليه، إذا خسر العبد دينه ما الذي بقي له، قد يخسر العبد شيئًا من جسده ويسأل الله أن يعوضه، يخسر شيئًا من أبنائه ويسأل الله أن يجمعه بهم في الجنة، لكن إذاا خسر الإنسان دينه لم يبق له شيء لذلك في سورة الحج قال: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين)، على حرف أي حافة جبل خسر الدنيا والآخرة لا دنيا ربح فيها، ولا آخرته صفيت له، فهو المفلس الحقيقي الذي يعبد الله على رأس جبل إن رأى الناس يعبدون عبد، وإن أصابته فتنة انقلب مثل الإنسان الذي المتقلب وهو الخسران الحقيقي ذلك هو الخسران المبين، لذلك الإنسان يخشى حياته من الفتنة، مع وسائل الاتصالات الحديثة، إن الناس اليوم لم يعدوا أعمالهم على كتاب الله وسنة رسوله، يا ناس اتقوا الله الكلمة التي تخرج من فيه الإنسان لا يهوى لها بالاً يلقى بها في النار سبعين خريفًا) فيطرح على الواتس على المجموعة فلان فيه، فيتكلم الناس عنه، وفي دينه، وفي عرضه، وأمانته كل كلمة تكلمت بها سيسألك الله عنها، (وكنا نخوض مع الخائضين)، المؤمن يعلم كل كلمة تخرج من فمه أو كل كلام يكتبه مسؤول عنه، ذكر واحد في تويتر أمر الناس ونشروا له (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم) لذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يكره ثلاثة قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)، الإفك أن تنقل ما لم تتثبت منه قال: (إذا جاءهم أمر من الأمن والخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)، المرحوم لا يخوض مع الخائضين، ويعلم أن كل كلمة يكتبها، وكل لفظ يتلفظ به سيسأله الله عنه يوم القيامة، لا تكثر خصومك يوم القيامة، أسأل الله أن يخفف عنا، وألا يجعل خصومنا كثر؛ لأن الناس يطلبون ما لهم وأنت ما عندك إلا سيئات وحسنات تخشى أن يأخذ من حسناتك أو يطرح من سيئاتهم عليك، إذًا العبادة سبب للنجاة من الفتنة، استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة فزع وفقال: (لا اله إلا الله) وفي رواية في البخاري (سبحان الله كم أنزل من الخزائن وكم معها من الفتنة أيظن صواحب الحجيرات) يعني زوجاته كالمصلين، نص على الصلاة لما رأى الفتنة، قال الإمام البخاري باب قيام الليل منجاة من الفتنة، من كان له حظًا من الليل لم يفتن، يقوم الليل يدعى ربه يقف بين يديه ويسأل ألا يفتنه الله؛ لأن ربك كريم، ووعد بالاستجابة لمن سأله قال: (ولئن سألني لأعطينه) مكرمة من الله أن يعطي من سأله.
إذًا العبادة الغاية التي خلقنا الله لأجلها، العبادة لا تنفك عن الإنسان في دوره الثلاثة “الدنيا والبرزخ والآخرة “وإذا دخل الجنة يستفتح الإنسان حياته بعبادة، ويختم حياته بعبادة، ويستفتح يومه بعبادة، ويختم يومه بعبادة، بل الحياة بدأها الله بحمده، وختمها بحمده، قال تعالى: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) وقال تعالى: (وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين)، فالعبادة ابتدأ الخلق بها، وبها ختم الخلق، العبادة سبب للنجاة من الفتنة، العبادة في الهرج كهجرة إلى الله.
– لن تتحمل الأذى ويقوى قلبك إلا بالعبادة، بقدر حظك من العبادة تتحمل الأعباء؛ لذلك كلما قويت علاقتك بربك كلما كنت أثبت وأصلب في مواجهة مصاعب الحياة، ولذلك جاء في الحديث: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) يكن لك نصيب من معرفة الله في رخائه، لا تكن مثل الإنسان (إذا مس الإنسان ضر دعانا لجنبه) بعض الناس (لما يأتيه الضر دعانا لجنبه أو قائمًا أو قاعدًا فلما كشفنا عنه ضره مرك كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) وفي الآية الأخرى قال: (أعرض … بجانبه) أي استكبارًا، فرق بين من يعبد الله لذاته، ومن يعبد الله لرضا الله، نسأل الله أن يكون ممن أحبه وعبده حتى يرضيه يقول الله: (واصبر على ما يقولون) كيف نصبر؟ (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبه ومن آناء الليل فسبح لعلك ترضى) العبادة حتى ترضيه هو فيعطيك حتى ترضى، وهذا تجده في قصة سليمان -عليه الصلاة والسلام- لما كان كثير الذكر كثير الصلاة والعبادة @عطاه الله ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده أعطاه الله لأنه كان عبدًا شكورا، فمن أصابته المصائب كيف تواجه المصائب ومصاعب الحياة؟ استعينوا بماذا؟ (بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) أمر بالصلاة وهي سهلة كلامه يتلفظ به لكنها ليست يسيرة إلا على من يسرها الله عليه عندما تكون في هذا الموقف ؟ (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) فأعباء الحياة ومصاعب الدنيا تواجهها بالعبادة، ولذلك زكريا -عليه الصلاة والسلام- كان في مصاب عقيم، ويريد الولد وكان كثير العبادة فقال الله عنه: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعوان في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين) فاستجاب الله له وأصلح له وأعطاه فوق الاستجابة أن أصلح زوجه وذريته وكانوا عابدين له رب العالمين قال: (انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رهبًا ورعبًا وكانوا لنا خاشعين).
المهام الجسام القوية الكبيرة تستقبل أيضًا بالعبادة لما كلف الله موسى بالرسالة قال: (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) وكأنها رسالة لموسى -عليه الصلاة والسلام- أن الأعباء الجسيمة لا يتحملها إلا من كان منظم لعبادته؛ لذلك المرأة لديها اهتمامات وتربية أولاد وزوج وأبناء وقرابة لم تستطع أن تقم بها حق القيام إلا إذا حققت رسالة موسى (فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) وقال عن إبراهيم -عليه السلام- في قصته قال لقومه: (سأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيًا) فعلينا بدعاء الله أن يحيينا حياة طيبة، أجمل مافي الحياة في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة وهي أن تجد حلاوة الإيمان في قلبك يقول الله تعالى: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) حضورك محاضرة أو درسًا، أو صلاة تراويح، أو وقفت في عزاء مؤمن، أو عدت مريضًا، تشعر براحة وانشراح إنها لذة العبادة التي كافأك الله بها.
– القائم بالعبادة يرفع الله درجته حتى يلحقه بالملائكة الكرام قال: (الماهر بالقرآن مع الكرام السفرة البررة والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران) لأن الذي يتعبد إلى الله يشبه الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون والذي لا يتعبد بين أمرين يقول ابن القيم: “إما أن يشابه الملائكة أو أن يشابه الأنعام” نعوذ بالله أن نشابه الأنعام؛ ولذلك قال: (فذرهم يأكلو ويلعبوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) وقال: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيل) وضرب في القرآن (مثل اللذي يقوم بعبادة ربه أسوء الأمثال (واتل عليهم مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها)، والراسخون في العلم يقولون: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة) لعلمهم بأن قلوب العباد شديدة التقلب إنما سمي القلب قلبًا لشدة تقلبه ونحن في زمن الفتنة يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا بين غروب شمس وشروقها غير معتقده ودينه، يخشى العبد الفتنة وغير الفتنة على نفسه من الزيغ (لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) قال: (لو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد في الأرض واتبع هواها فمثله مثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو إن تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) (ساء مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون)، نسأل الله وإياكم أن نكون ممن اهتدى لا ممن ضل.
– العبادة تعطيك قوة عجيبة في الاستمرار على الطاعة، لا يزال العبد يتعبد إلى ربه حتى تقوى أعضاؤه وجسده على بذل الكثير من العبادات، ظل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في ليلة مريض تعتقدون في ركعة واحدة بكم يصلي؟ صلى بالسبع الطوال في ركعة وهو مريض صحح الحديث الألباني قرأ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة، صلى بالسبع الطوال في ركعة وهو مريض، وفي قصة حذيفة اليماني صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ مترسلاً متمهلاً البقرة ثم النساء ثم آل عمران الثلاث سور قرأها في ركعة واحدة، وثبت في إسناد صحيح أن عمر بن الخطاب أمر عبيدة أن يصلي بالناس في رمضان بإحدى عشر ركعة يقرأ بالمائتين آية، أريتم أن هذه القوة التي يعطها الله للعبد؛ لأنه أقبل على عبادته، كنت مع الأستاذة شيخة القاسم أبوها أعان جدها على جمع مجموعة شيخ الإسلام بن تيمية تقول: كان لأبي حظه الوافر من الطاعة أظن مرض يوم فاتته صلاة العصر -مرض- يوم جاء قال أنام إذا أذن العصر أيقظوني عصر الشتا قصير! تقول: نسينا فلما استيقظ وضاع عليه صلاة العصر خاصمنا وهاجرنا  تقول: بكى كان بكاءه صعب .. أدركت أن العبد إذا اعتاد العبادة صارت جزء من حياته صار لفوتها ألم قال تعالى: (ولا على الذين ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون)، يحزن إن فارق طاعة، يحزن إن فارق عبادة، التباطؤ عن العبادة سمة أهل النفاق -وأعوذ بالله من النفاق- لذلك الله في القرآن أمر بالمسارعة في سورة آل عمران: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض) (وسابقوا إلى مغفرة من ربكم) في سورة الحديد (فاسعوا إلى ذكر الله) في سورة الجمعة وجاء في الآية (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا)

ثلاث مرات يكرر أن أصحاب الآخرة لا يجلسون إنما يسارعون ويسعون، وثق بأن (من تقرب إلى الله شبرًا تقرب الله إليه ذراعًا، ومن تقرب إلى الله ذراعًا تقرب الله إليه باعًا، ومن أتى الله يمشي أتاه الله هرولة) أقبل يا ابن آدم واعلم أن ربك كريم يقبل عليك، إذًا التباطؤ صفة أهل النفاق يقول الله سبحانه وتعالى: (إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) نعوذ بالله من الكسل في طاعتك (يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً)، (ولو أرادوا الخروج لأعدوا لهم عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) وجاء أيضًا عنهم (ألم ترى إلى الذين نافقوا) واحدة تقول لي اشتريت اسكرب الوشاح ضعه على رأسي شكلي جميل وأود أتحجب والناس حولها يثبطونها فذكرت قول الله سبحانه وتعالى: (يقولون لأخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدًا ولئن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولون الأدبار ثم لا ينصرون) أصحاب ادعاءات (ما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة) ما قال حمر منفرة بل قال مستنفرة، إذا كنت في معصية لا تنشرها حتى لو كنت عاصي أعن أهل الطاعة لعل الله يفتح على قلبك، ولو لم يعظ العاصين إلا تقوى ما وعظ أحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن لا يسلم أحد من الخطأ والمعصية، العاقبة للمتقين وأهل العبادة، (إن العاقبة للمتقين) الكنز الذي لا يفنى هو العبادة (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا) فإذًا العبادة هي الكنز الحقيقي، مثل ما أنتم جالسون أمامي أؤمن أن أبنائي يوم القيامة يفرون مني وزوجي وأمي وأبي (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغينيه) ما الذي يبقى للمرء يبقى عمله الصالح الذي تقبله الله منك، تنقطع الأنساب وتبقى الأسباب، ويبقى العمل الصالح، (البقرة وآل عمران غمامتان أو غايتان يظلان صاحبهما يوم القيامة) (كل امرئ فى ظل صدقته يوم القيانة) (القرآن والصيام شافعان للعبد) القرآن شافع مشفع وماهر مصدق فالذي لا ينقطه عنك عملك الصالح والملائكة التي تعرفت عليك بكل خير قال: (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) فالعبادة هي سبيل النجاة للعبد في الدنيا والبرزخ وفي الآخرة في درجات الرفعة في درجات الجنة.
ما هي صورها؟
سأذكر لكم بعض الصور قبل أن أدخل في كيف نتلذذ بعبادتنا، سيجد من طبق البرنامج -إن شاء الله- الذي أذكره لذة الإيمان (ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان)، يقول الحافظ بن حجر “الإيمان حلاوة) مثل الإنسان الآن أنا معي تمر وأقدمه تجدين ثلاثة أشخاص جالسين على صحن التمر إنسان يأكل التمر، ويقول الله ما أحلى هذا التمر سكره جميل شرب التمر مع القهوة يكسر حلاوته، وواحد يحس أنه مر لأن عنده التهابات بالحلق، وواحد يقول أنا ما أشعر بهذا التمر ولا بلذته، هذه الناس مثل العبادة وتكاليف الإيمان الصلاة والصوم والصدقة، الإنسان يصلي يجد حلاوة في قلبه، وراحة وطمأنينة، وإنسان يصلي وهو شاق عليه الصلاة  (إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى)، وإنسان يصلي ما يشعر بالصلاة ولا بلذتها، وهذا حال الناس مع الإيمان، كيف تجد حلاوة الإيمان (يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنجاه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)
– لذة الصلاة: تجدين بعض الناس إذا صلى شعر في قلبه لذة، كنت في درس في مسجد عثمان بن عفان ألقي محاضرة بعنوان “اسم الله الواحد جل جلاله- الله يجعلنا وإياكم من ورثة أهل الجنة، قال تعالى: (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) كان جنبي واحدة كبيرة في السن على كرسي وأنا أتكلم عن نعيم أهل الجنة وطعامهم وشرابهم ولباسهم وسلامهم وزيارتهم ورؤية ربهم نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يرى ربهم غداة وعشيًا، انتهت المحاضرة وجاءتني المرأة تحكي يا دكتورة باقي نعيم ما ذكرتيه قلت ما هو؟ قالت ما ذكرتِ أنهم يصلون قلت: الجنة دار جزاء يعني الصلاة في الدنيا لأن الدنيا دار تكاليف لكن في الجنة لا صلاة ولا صدقة اللهم إلا الذكر يلهمون التسبيح والتحميد وإنما يكون لقائهم بربهم زيارة، نحن في الدنيا نقابل الله في الصلوات وفي الجنة بالرؤية فقامت تبكي والله أخواتي بكاء ما في صلاة تحس أن الصلاة قمة السعادة هي تبكي وأنا أبكي لم أبكِ من سؤالها ولكن أقول يا الله كيف أسعد أمر تجده هو الصلاة شيء جميل، بعض الناس لا يزال يتقرب إلى ربه حتى يحس أنها  السعادة أكبر سعادة وراحة فيها، وكانت امرأة كبيرة في السن تحب تروح رمضان كاملاً لمكة تعتكف في الحرم فأولادها لما كبرت حرموها فمرضت هي، ومن المعارف ذهبت لزيارتها لا تأكل ولا تشرب وتقول يريدون سعادتي وراحتي وأنا أريد أن أذهب إلى الحرم، ناس قلوبهم انفطرت على محبة الله اسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا.
– لذة قيام الليل : يقول النافع لابن عمر: (اني أشتهي أن أراك نائمًا) قال: (يأتي اللبل وأنام عن لذة فاتتنى لن يعوضها من لذات الدنيا كلها) بعض الناس يحس أن لذته في السفر، ويعض الناس يحس أن لذته في العزائم، وهؤلاء يحسون أن لذتهم أن يسألوا الله حاجتهم، ويقول بعض السلف: “إني لأفرح لمناجاته وخلوتي بخدمته والتلذذ بين يديه وأجلس للفجر إذا طلع”.
– لذة قراءة القرآن: بعض الناس يفتح القرآن، ويشعر بلذة، يقول عثمان بن عفان: (لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا) وكان -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يسمع القرآن أو يقرأه فقال مرة لعبد الله بن مسعود: (يا عبد الله اقرأ القرآن) قال يا رسول الله اقرأ عليك القرآن وعليك أنزل قال: (إني أحب أن أسمعه منك) جلس يستمع إليه حتى بلغ عبد الله إلى قوله: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا) فإذا بعينيي رسول الله تذرفان من الدمع وقام حتى تورمت قدماه قال يا رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: (أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورا) يقول بن القيم فيشبع المحب من كلام غاية مطلوبه فكيف تشبع من كلام الله، وجاء لا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم من كلام ربهم القرآن هو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم.
– لذة الإنفاق في سبيل الله: بعض الناس ينفق تشعر بأنه سعيد ومستأنس، أذكر امرأة كثيرة النفقة أسأل الله أن يتقبل منا ومنها تقول: إذا معي الشنطة بها فلوس ما أقدر أنام إلا فرقتها على المحتاج يفرج حاجته، وطفل أسعدته،  وكبير قضيت له أمر من أمور الدنيا قد أغمه، لذا تجدين أبو طلحة لما أنزل الله (من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا) كان عنده بستان وهذا بستان ثمين غني وكان الرسول يأتي إلى الحائط يشرب من بئره، ويرتد بشجرة فلما نزلت الآية قال أقرضتها لله فتصدق بها. وأبو الدحداح لما جاء الغلام صاحب البستان فاختلف اليتيم مع صاحب البستان فاشتراه أبو الدحداح وتصدق بكل ثمنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كم من عقد رداح لأبي الدحداح في الجنة) فدخل على زوجته قال يا فلانة إني قد بعت هذا البستان بنخلة في الجنة، وفي مسند الإمام أحمد كان أبو الهيثم سأل رسول الله أن يعطيه خادم إذا أتاه السبيل قال يا رسول الله إذا أتي من السبيل مالاً أعطني خادمًا إني احتاجه فلما أتى السبيل أرسل إلى أبو الهيثم (لقد أتى السبيل خذ ما شئت) فقال يا رسول الله اختر لي قال (إني اختار لك هذا العبد فإني رأيته يصلي) كيف الصلاة سبب لزكاة الخدم (واستوصي به خيرًا) راح لزوجته وأدخل عليها العبد قال يا فلانة إن رسول الله اختار لنا هذا العبد وقال استوصوا به خيرًا ماذا قالت المرأة والله لأجد إلا أن نعتقه بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، أناس خلط الإيمان قلبهم، أناس مقبلين إلى الله، كانت محتاجة وتنتظره وسألت الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه السبيل!.
وفي الختام: أسأل الله أن يجعلنا عبادًا صالحين، أسأل الله يجعل اجتماعنا اجتماعًا مرحومًا، وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا يجعل فينا ولا معنا شقيًا ولا محرومًا، وأن يرزقنا لذة العبادة، ولذة مناجاته، وأنه كما جمعنا في هذه الحياة، يجمعنا في رضوانه في الفردوس الأعلى على سرر متقابلين بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجعل خير أيامنا يوم أن نلقاه.

Scroll to Top