شد الهمة في رمضان

 د. قذلة القحطاني.

بسم الله الرحمن الرحيم
شد الهمة في رمضان
كلمة وجهتها الدكتورة قذلة القحطاني لطالبات العلم ومشرفات المساجد وعموم النساء بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهنئ أصحابه بقدوم شهر رمضان المبارك كما في الحديث الذي رواه سلمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم خطب في آخر يوم من شعبان، فقال: (قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتقًا لرقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء) قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائمًا على مزقة لبن، أو شربة ماء، أو تمرة، ومن أشبع فيه صائمًا، ومن سقى فيه صائمًا سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتستعيذون به من النار) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم 1887].
وكان صلى الله عليه وسلم يقول (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)رواه النسائي والبيهقي: صحيح الترغيب(985).
فأهنئكم بما هنأ به عليه الصلاة والسلام، وأذكر نفسي أخواتي في الله بكلمة من القلب إلى القلب، ومما يشرفني أنني أخاطب كوكبة مباركة من طالبات العلم، وممن حملوا هم العلم والتعليم والدعوة إلى الله.
أسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصة صوابا.
كيف نستقبل هذا الشهر العظيم الذي تصفد فيه الشياطين، هذا الشهر العظيم الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم؟ عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) رواه مسلم (1079) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) أخرجه الترمذي (682)

كيف يكون استغلالنا لهذا الشهر المبارك؟
لا شك أن كل واحدة منكن لها منهج ولها نية عظيمة في استغلال هذا الشهر وأنه سيكون بإذن الله تعالى شهر غيث وشهر مميز يختلف عن سائر الشهور.
والإنسان يتاجر مع الله بالنية قد لا يبلغها فقد يعرض له موت أو سفر.
أو مرض أو مشاغل لا يتوقعها فتكون تجارته مع الله بأعمال القلوب وفي صدقه وإخلاصه فيكون من أسبق السابقين في هذا الشهر.
موسم التجارة الرابحة التي لا تبور.
هذا شهر التجارة التي لا تبور محقق ربح صاحبها وفوزه بلا خسران!
وكيف لا يكون تجارة رابحة مع الله، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه مسلم (759). وعن أبي هريرة حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه مسلم (760). وعن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احضروا المنبر) فحضرنا فلما ارتقى درجة قال: (آمين) فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: (آمين) فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: (آمين) فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنا نسمعه قال: (إن جبريل عليه الصلاة والسلام عرض لي فقال: بعدًا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين، فلما رقيت الثانية قال بعدًا لمن ذكرت عنده فلم يصلي عليك قلت آمين، فلما رقيت الثالثة قال بعدًا لمن أدرك أبواه الكبر عنده فلم يدخلاه الجنة قلت آمين). هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه مستدرك الحاكم (7256): صحيح. وعن ابن أبي أنس أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين) رواه مسلم / 1079
فوصيتي لكل مسلمة:
اعقدي النية على أن يكون هذا الشهر من أعظم الشهور في حياتك، لا يكون هذا الشهر كالأعوام السابقة حتى لو كنت في الأعوام السابقة ترين نفسك على قوة في العبادة وقراءة القرآن ولكن اجعلي همتك هذا الشهر أعلى وأعلى، عزيمة على الرشد ويسأل العبد الله العون على الطاعة ويسأل الله من فضله فلا حول لنا ولا قوة إلا به سبحانه، لا حول ولا قوة إلا بالله استغاثة به سبحانه، استغاثة بعزته واستغاثة بقوته، واستغاثة بعظمته (إياك نعبد وإياك نستعين) فنستعين بالله تعالى على حفظ هذا الشهر ونستعين بالله تعالى على أن نرغم هذا العدو المصفد في الأغلال!
معالم رمضان عند السلف:
هو عندهم شهر الصيام، شهر القيام، وشهر إطعام الطعام، حتى أن البعض يترك العلم ويتفرغ للقرآن، يتركون أمورًا عظيمة من أجل أن يتفرغوا للعبادة وقراءة القرآن والحال ليست كالحال، والبعض يستشهد بذلك ويوقف المحاضرات والدروس وهذا مدخل شيطاني فإذا كانوا لا يستغلون أوقاتهم ومشغولين بما يفسد قلوبهم!! فاشغلوهم بالقرآن وبالعلم وبالمحاضرات وبالكلمات التي توقظ قلوبهم، وتثبتهم، وإذا كان الناس يخرجون من صلاة التراويح على المنكرات والقنوات ففي جلوسهم نصف ساعة للذكرى فيه خير عظيم، وصد لشر القنوات والتقنيات، أما طالب العلم فينبغي أن تكون له حال أخرى مع الله، والناس في هذا مراتب ومنازل، فمنهم من يستغل هذا الشهر في الصيام والقيام وتلاوة القرآن وكان من السلف من يقوم  الليل كله ومنهم من هو أدنى من ذلك، فمقل ومستكثر.
ولعلي أذكر لكُنَّ أمثلة لبعض نماذج من السير تحيا بها القلوب الغافلة:
قال محمد بن المنكدر -رحمه الله-: كابدت نفسي أربعين عامًا حتى استقامت لي!!
كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة!! وتلذذت به عشرين سنة.
كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة.
كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد -رحمه الله- يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول: ما ألينك!! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته.
قال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى-: “إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل، كبلتك خطيئتك”.
قال معمر: صلى إلى جنبي سليمان التميمي -رحمه الله- بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حتى أتى على هذه الآية (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا، ثم خرجت إلى بيتي، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة!! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
قالت امرأة مسروق بن الأجدع: “والله ما كان مسروق يصبح من ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام!! …. وكان رحمه الله إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالسًا ولا يترك الصلاة، وكان إذا فرغ من صلاته يزحف -أي إلى فراشه- كما يزحف البعير!!
> – قال مخلد بن الحسين: ما انتبه من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- يذكر الله ويصلي إلا أغتم لذلك، ثم أتعزى بهذه الآية (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء).
قال أبو حازم رحمه الله: لقد أدركنا أقوامًا كانوا في العبادة على حد لا يقبل الزيادة!!
> – قال أبو سليمان الدارني -رحمه الله-: ربما أقوم خمس ليال متوالية بآية واحدة، أرددها وأطالب نفسي بالعمل بما فيها!! ولولا أن الله تعالى يمن علي بالغفلة لما تعديت تلك الآية طول عمري؛ لأن لي في كل تدبر علمًا جديدًا. والقرآن لا تنقضي عجائبه!!
عن جعفر بن زيد -رحمه الله- قال: خرجنا غزاة إلى كابول وفي الجيش “صلة بين أيشم العدوي” رحمه الله، قال: فترك الناس بعد العتمة ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس، حتى إذا نام الجيش كله وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه، فدخلت في أثره، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة، وبينما هو يصلي إذا جاء أسد عظيم فدنا منه وهو يصلي!! ففزعت من زئير الأسد فصعدت إلى شجرة قريبة، أما صلة فوالله ما التفت إلى الأسد!! ولا خاف من زئيره ولا بالى به!! ثم سجد صلة فاقترب الأسد منه فقلت: الآن يفترسه!! فأخذ الأسد يدور حوله ولم يصبه بأي سوء، ثم لما فرغ صلة من صلاته وسلم، التفت إلى الأسد وقال: أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر!! فولى الأسد وله زئير تتصدع منه الجبال!! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر!! جلس فحمد محامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله، ثم قال: الله إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة!!! ثم رجع رحمه الله إلى فراشه” -أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائمًا- فأصبح وكأنه بات على الحشايا وهي الفرش الوثيرة الناعمة (والمراد هنا أنه كان في غاية النشاط والحيوية) ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول شيء الله به عليم.
قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله: إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء!! فقال: “لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف”.

ولنساء السلف في القيام والعبادة حظًا وافرًا
ومنهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد كن عابدات ذاكرات، ومنهن أم المؤمنين الصديقة الطاهرة المبرئة من فوق سبع سموات. عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما تلك الفقيهة العالمة العابدة:
قال القاسم بن محمد: كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة فأسلم عليها، يقول: فدخلت عليها يومًا وهي تصلي وتقرأ قول الله عزَّ وجلَّ وتبكي: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) الطور: 27، قال: فنظرت إليها وانتظرت، فأعادت الآية: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) قال: فانتظرت مرة ومرتين، فإذا بها تردد الآية وتبكي، قال: فطال عليّ المقام، فذهبت إلى السوق لأقضي حاجة لي، قال: فرجعت فإذا هي قائمة كما هي تبكي وتصلي وتقرأ القرآن، تقول عائشة رضي الله عنها: (إنكم لن تلقوا الله عزَّ وجلَّ بشيء خير لكم من قلة الذنوب).
وعند احتضارها، جاءها ابن عباس وكان عندها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال لها: “إن ابن عباس يستأذن عليك، يريد الدخول فقالت: ما لي ولابن عباس -وهي تحتضر- فاستأذن مرة أخرى فأذنت له فدخل، فلما دخل أثنى عليها خيرًا وأخذ يطريها، ويكيل لها المدائح، فقالت: دعك عني يابن عباس، دعك عني يابن عباس، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيًا منسيًا”

ومن سيدات المحراب: أم سلمة رضي الله عنها “تقوم تصلي حتى ما تستطيع أن تقف من طول القيام فتربط الحبل وتمسك به:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: (ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: -لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد)، ولم يؤيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل رضي الله عنها وأرضاها وما كانت تريد من هذا القيام إلا القرب من الله والخشوع والقنوت قال تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.(
> – ومن سيدات المحراب: أم المؤمنين جويرية -رضي الله عنها- التي كانت تجلس في مصلاها حتى تشرق الشمس وترتفع ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليها وهي في مصلاها كما في الحديث عن جويرية -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت : نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت بعدك أربع كلمات -ثلاث مرات- لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)
حفصة بنت سيرين: سيدة جليلة، من سيدات التابعيات، اشتهرت بالعبادة وقراءة القرآن والحديث، وقرأت القرآن وهي ابنة اثنتا عشرة  سنة وكان ابن سيرين إذا استشكل عليه شيء من القرآن قال: اذهبوا فاسألوا حفصة كيف تقرأ.. وكانت عابدة تجتهد في العبادة، فتدخل مسجدها فتصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ولا تزال فيه حتى يرتفع النهار وتركع ثم تخرج فيكون عند ذلك وضوؤها ونومها، حتى إذا حضرت الصلاة عادت إلى مسجدها مثلها. فكانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة، وكانت تصوم الدهر.، إلا العيدين.. وكان لها كفن، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا جاءت العشر الأخيرة من رمضان قامت من الليل فلبسته.. ومن أقوالها: يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني رأيت العمل في الشباب.
ومن سيدات المحراب زجلة العابدة الزاهدة: محدثة ذات صلاح وعبادة، صوامة قوامة، كلمها نفر من القراء لما رأوها تجهد نفسها بالعبادة فقالوا لها: بنفسك، فأجابت: مالي وللرفق بها إنما هي أيام مبادرة، فمن فاته شيء لم يدركه غدا: والله لأصلين لله ما أفلتتني جوارحي، ولأصومن لله حياتي، ولأبكين له ما حملت ألم عيني، ثم قالت: أيكم يأمر عبده بأمر أن يقصر فيه؟
ومن النساء العابدات عفيرة العابدة: عابدة من أهل البصرة، لا تنام الليل، قال لها نوح بن سلمة الوراق: بلغني أنك لا تنامين، فبكت غفيرة وقالت: ربما اشتهيت أن أنام، فلا أقدر عليه، فكيف تنام أو مقدر على النوم من لا ينام عنه حافظاه ليلاً أو نهارا، قال نوح: فأبكتني والله قلت في نفسي: أراني في شيء وأراك في شيء.
ومن النساء العابدات خنساء بنت رخدم: عابدة من عابدات اليمن، كانت تصوم كثيرًا، وصامت أربعين يوما حتى لصق جلدها بعظمها، وبكت حتى ذهبت عيناها، وقامت من الليل حتى أقعدت من رجليها، وكان طاووس بن وهب بن منبه المتوفى سنة 110 ه. يعظم قدرها.
عائشة بنت عمران بن سليمان المنوبي من ربات الزهد والتقشف: نشأت في حجر أبيها فاعتنى بتربيتها وعلمها القرآن، وأتقنت حفظه ثم عكفت على الزهد والصلاح، وكانت تعمل بيدها فتغزل الصوف وتقتات من مورده، وكانت متصدقة تبر الفقراء والمساكين وتسد عوز المحتاجين، ولا تدخر شيئًا من كسبها، روى عنها أنها كانت تقول، إذا بات بجيبها درهم ولم تتصدق به: “الليلة عبادتي ناقصة”.
> وقد جمعت في سير سيدات المحراب محاضرة: وهذا رابط المحاضرة
http://www.islaamlight.com/gazlah/index.php(option=content&task=view&id=24327

القرآن:
رمضان شهر القرآن:
قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) قال ابن كثير رحمه الله: يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء

وعن ابن عباس قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة”.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كان ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ولذا كان للسلف حال أخرى مع القرآن، وعقد الإمام النووي -رحمه الله- في كتابه القيم: “التبيان فى آداب حملة القرآن” فصلاً في موقف السلف مع القرآن الكريم جاء فيه: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثًا وختم بعضهم ثمان ختمات أربعًا بالليل وأربعًا بالنهار فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون.
– ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات: سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه، روى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات، وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات، وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهدا كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء.
– وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان.
– وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن.
ثم يقول الإمام النووي رحمه الله: وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة، قلت: ولا يستغرب ذلك فهذه من كرامات الأولياء..
قال أبو جعفر البقال: دخلت على أحمد بن يحيى -رحمه الله- فرأيته يبكي بكاء كثيرًا ما يكاد يتمالك نفسه!! فقلت له: أخبرني ما حالك!! فأراد أن يكتمني فلم أدعه، فقال لي: فاتني حزبي البارحة!! ولا أحسب ذلك إلا لأمر أحدثته، فعوقبت بمنع حزبي!! ثم أخذ يبكي!! فأشفقت عليه وأحببت أن أسهل عليه، فقلت له: ما أعجب أمرك!! لم ترض عن الله تعالى في نومة نومك إياها، حتى قعدت تبكي!! فقال لي: دع عنك هذا يا أبا جعفر!! فما أحسب ذلك إلا من أمر أحدثته!! ثم غلب عليه البكاء!! فلما رأيته لا يقبل مني انصرفت وتركته.
حفظ الوقت:
من الأمور المهمة أن يكون لك منهجية لاستغلال هذا الشهر فهذا الشهر ليس كالشهور الأخرى فأوقاته وساعاته أغلى من الذهب ونفيس الجواهر، وليعلم العبد أن صيام الاثنين والخميس وأيام البيض تطوع، ولكن رمضان فرض وركن من أركان الإسلام.

كيف أؤدي  هذه الفريضة التي هي أحب الأعمال لله تعالى؟
ثبت في الحديث القدسي قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: فكنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته) رواه البخاري برقم 6502، فالواجب أن أتقرب إلى الله بالفريضة أولاً قبل النافلة، ونلاحظ أن البعض يضيع رمضان بالأسواق وحتى لو ضيعها بالمباحات فإنه خسران، ليس هذا وقت المباحات، كثرة الزيارات بلا حاجة وكثرة  السمرات هذه تقلل بقدر الإمكان، وإذا ابتلى الشخص بسراق الأوقات  في هذا الشهر فيحاول استغلال المجلس بما يقربه إلى الله تعالى، وليهديه علمًا ونصحًا، أما الكلام في الدنيا والغيبة والنميمة وقيل وقال وهدر الوقت فهذا من أعظم الخسران.
تربية الأولاد والأسرة:
اعقدي العزم أنت وأهل بيتك وأولادك وبناتك على حسن استقبال هذا الشهر، اجعلي بيتك بيت رباني، ودور الوالدين مهم وضروري في تثبيت الأبناء لا سيما مع كثرة الفتن والهجمة الشيطانية المتمثلة في الغزو الفكري والإعلامي على الجيل المسلم، ومن الوسائل المعينة:
– نشر التوعية بتعظيم الشهر وأنه ليس كسائر الشهور، وأنه فريضة وركن من أركان الإسلام.
– التعريف بأسماء الله الحسنى وليكن كل ليلة التعريف باسم من الأسماء الحسنى، ليتعلق الأولاد بربهم ويعرفونه فهذا من أعظم أسباب الثبات، قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، وقال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ) محمد: 19، قال ابن القيم -في الشافية الكافية- “ليست حاجة الأرواح قطّ إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها وفاطرها ومحبَّتِه وذكرِه والابتهاج به، وطلبِ الوسيلة إليه والزُّلفى عنده، ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد، والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه”.
– عقد العزم في جلسة ودية على استغلال الشهر والتنافس على الخيرات واجتناب الغيبة.
– إقامة مسابقة في حفظ القرآن وتتم المتابعة وتوضع لها جوائز قيمة.
– جلسات إيمانية والصلاة جماعة أحيانًا في قيام الليل.
– تعليق عبارات إيمانية وتذكير بفضائل الوقت.
– تبيين لهم حال السلف في رمضان، كيف كان صيامهم وتلاوتهم للقرآن! يروى عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة، وعثمان بن عفان أنه يختم القرآن في كل ليلة وكيف كانوا يقومون حتى تفطر أقدامهم. يتوكؤون بالعصي من طول القيام. فهذا يجعله يحتقر نفسه أمام هؤلاء وهذا كله من شحن الهمة قبل رمضان، ومن العبارات “إياك يا بني أن يسرقك لصوص رمضان”!
” إياك أن يضيع وقتك أمام شاشات الجوال”  “أنت في عمر الشباب والقوة”
– الدعاء لهم وهم يسمعون بالصلاح والرشد مثل قولك “الله يجعلك إمامًا للمسلمين”، متى يأتي اليوم الذي أصلي خلفك وهكذا كلمات من أم صادقة تغذي الأرواح كلما فترت الهمم كلها تثبيت لهم وإياك والتوبيخ والاستهزاء وكثرة العتاب أو الدعاء عليهم واصبري وجاهدي.
– اجعلي لهم مجموعة في الواتس  لتنبيههم وتوصيتهم باستمرار وحثهم على العبادة وتخولهم بالموعظة.
وأخيرًا عليك بالدعاء والإلحاح على الله بصلاحهم وحفظهم.

ليلة القدر خير من ألف شهر

قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ  لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ  تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ  سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
من حرمها فقد حُرم؛ فعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان، فقال رسول الله: (إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم) صحيح سنن ابن ماجه.
إنَّ الملائكةَ تلك الليلةَ أكثر في الأرض من عدد الحصى، يَقْبَلُ الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها.
وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العملَ طوال الشهر؛ حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة؛ قال جويبر قلت للضحاك: “أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب”، قال: “نعم، كلُّ مَن تقبَّل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر”.
وهي  في العشر الأواخر من رمضان
عن عائشةَ -رضي الله عنهما- قالت: كان رسولُ الله يُجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: (تَحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)، وعنها أنَّ النبي، قال: (تَحرَّوا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان)، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-: ينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها، كما قال النبي: (تحروها في العشر الأواخر)، وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أُبَي بن كعب يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين.
والحكمة في إخفاء ليلة القدر أن يحصل الاجتهادُ في التماسها وطلبها، ومن علاماتها:
وَرَدَ لليلةِ القدر علامات
– أنَّها ليلة بلجة منيرة.
– أنَّها ساكنة لا حارة ولا باردة.
– أنَّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر.

الدعاء فيها بطلب العفو :
سألت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أقول إن وافقت ليلة القدر؟ قال لها عليه الصلاة والسلام: (قولي: اللهم إنك عفوٌ تُحب العفو فاعف عني) فهذه ليلة عظيمة القدر والشرف. كيف تضيع هذه الأيام والليالي وفيها ليلة العبادة فيها أكثر من 83 سنة، لاحظي عمرك الآن كم ضاع منه في الطفولة والشباب؟ كم ضاع في النوم؟ كم ضاع في العمل! كم فات من العمر وكم بقي منه؟ وهذه ليلة واحدة في العشر الأواخر أجرها أكثر من 83 سنة وهذا من بركة العمر وبركة الأجر كله، فمن ضيعها في المباح كان في خسارة فكيف بمن يضيعها في الحرام أو في القيل والقال، نعوذ بالله من الحرمان.
اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا وتسلمه منا متقبلاً يا رب العالمين ”
كيف أحقق هذا الهدف العظيم  وأسلم الثلاثين يومًا لله تعالى مختومة لا نقص فيها ولا غيبة ولا فيها كذب ولا فيها نميمة ولا فيها حرام ولا فيها كبيرة:
قد عمرت بالتوحيد والعمل الصالح والإخلاص لله تعالى.
ويجب حفظ الوقت وحفظ الجوارح والصمت وحفظ اللسان والتقوى واستحضار الإخلاص، واستغلال الأوقات.
فمثلاً عند الإفطار دعوة لا ترد فلا بد أن يضبط الإنسان وقته فالمرأة التي لديها مسؤوليات تحاول أن تضبط وقتها وتحاول أن تنهي أمور الطبخ قبل المغرب وتفرغي لقلبك فهي ساعات عظيمة نفحات إيمانية لا تضيع هنا وهناك.
فيها ساعة فرحة المؤمن وفرحة الصائم وفيها لحظات لا ترد دعوة الصائم.
البعض يقول ثلاثين دعوة!! الله أجل وأعظم بل ادعي وتضرعي إلى الله بألوف الدعوات بل بملايين الدعوات، اسأل الله لنفسك ولوالديك ولأبنائك وللأمة الإسلامية ولولاة الأمر بالتضرع إلى الله فالأمة تمر بأزمات لا يعلمها إلا الله.
كذلك السحور التي تكون في الثلث الأخير من الليل التي ينزل الله بها وملائكته وتنزل بها الرحمات والله وملائكته يصلون على المتسحرين. لماذا لا نستشعر هذه اللحظات؟ لماذا قلوبنا لا تتذوق هذه النفحات، لماذا قلوبنا قست؟
لأنها انشغلت بالدنيا وإلا والله لو استشعرنا هذه اللحظات وذقنا حلاوتها والله ما قدمنا عليها شيء، فلنجاهد لإخراج الدنيا من قلوبنا ونطهر القلوب من التعلق بغير الله ونعلق قلوبنا بالإخلاص لله تعالى فلن نسبق ونرتقي في درجات العبودية ودرجات (إياك نعبد وإياك نستعين) إلا بإصلاح القلب.
ومما يستقبل به رمضان إطعام الطعام: تفقدي المحتاجين والمساكين والأرامل؛ فهذه من أسباب السعادة ودخول الجنة، وقال عليه الصلاة والسلام : (إن في الجنة غرفًا تُرى ظهورها من بُطونها، وبُطونها مِن ظُهورها) فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: (لِمَن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام). رواه الإمام أحمد والترمذي وحسّنه الألباني. قال المناوي: “لِمَن أطْعَم الطَّعَام” في الدنيا للعِيال والفقراء والأضياف والإخوان ونحوهم.

مما يستقبل رمضان به الدعوة إلى الله:
الثبات على الدعوة لله تعالى وهذا أمر استخير الله به من سنوات كلما هممت أن أتفرغ في رمضان لنفسي ولكن أنا ذلك مع عظم الهجمة وكثرة الصد عن سبيله، وإذا كان أهل الباطل قد تفرغوا وتفننوا في فتنة العباد بمسلسلات رمضانية وأفلام يهودية وسموها رمضانية وما أدري ما وجه النسبة إلى رمضان!! بل هي مسلسلات شيطانية يهودية وأسأل الله أن يبصرنا ويفتح لنا في القرب من،  ففي رمضان تمتلئ المساجد بالنساء فمتى تجدي هذه الفرصة؟
والدعوة إلى الله عمل عظيم، جليل وهو مهمة الأنبياء والرسل وأدعو الأخوات الفاضلات المشرفات على المساجد إلى بذل الجهد في الدعوة والإصلاح، أما الخلوة فعندك وقت في الليالي وفي النهار ولكن أعطي الدعوة ساعة أو ساعتين فقط واجتهدي في توزيع الكتب، ونشر العلم؛ فالداعية إلى الله ليس له إجازة، سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- لم يأخذ إجازة طوال حياته في الدعوة إلى الله بل هو في سرير المرض وهو يفتي وقبل موته بساعات أصدر فتوى، والعلامة ابن عثيمين يلقي درسه وهو في العناية المركزة! -رحمة الله عليهم أجمعين
وختامًا أقول استقبلي الشهر بصلاح القلب، وصلاح النية، وصلاح العمل، بالعزيمة الصادقة، والصدق مع الله وليكن شعارك (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى). فارفعي همتك مع الله ، ولتكن همتك مع الله سكنى الفردوس الأعلى ورد في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) رواه البخاري  2790
جنة الله تحتاج ثبات وتطلب عمل وعزوف عن الشهوات، حفت بالمكاره، فاجعلي مشروعك هذه السنة على هذه المضغة “القلب” أزيلي شوائب الشرك، والرياء، وحب الثناء، وطهري قلبك بالإخلاص لله تعالى، وانظري إلى قلبك أين مقامة في اليقين؟ رب عظيم ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا! جنة تعرض! جنة تزيين! نار تغلق! شياطين تصفد!
ونحن في اللهو والغفلة والأسواق وقيل وقال!
ومن هنا أقول احرصي يا مَن تريدين  الله والدار الآخرة على هذا القلب:
– ادعي الله بصلاحه فربما دعوة تستجاب تصلح بها دنيك ودنياك، ادعي الله بجوامع الدعاء، ادعي الله بالهداية.
– استغفري، استقبلي رمضان بالتوبة النصوح وكثرة الاستغفار؛ لأن القلب يكون عليه ران لا يقبل النصيحة ولا يقبل الموعظة ولا يذوق حلاوة الإيمان إلا إذا زال الران وصقل القلب.
– استقبلي رمضان بالتوبة النصوح، وتفقدي نفسك وتفقدي ذنوب وخطايا ربما مرت عليها سنوات حرمتك حلاوة الإيمان، وجاهدي على تزكية النفس، وتربيتها، وتأملي هذا الكلام لابن القيم -رحمه الله- “ترك فضول النظر والكلام والاستماع والمخالطة والأكل والنوم، فإن هذه الفضول تستحيل آلامًا وغمومًا وهمومًا في القلب، تحصره وتحبسه وتضيقه ويتعذب بها، بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها، فلا إله إلا الله ما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من هذه الآفات بسهم، وما أنكد عيشه، وما أسوأ حاله، وما أشد حصر قلبه، ولا إله إلا الله ما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من تلك الخصال المحمودة بسهم، وكانت همته دائرة عليها، حائمة حولها، فلهذا نصيب وافر من قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم) الانفطار 13، ولذلك نصيب وافر من قوله تعالى: (وإن الفجار لفي جحيم) الانفطار 14، وبينهما مراتب متفاوتة لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى، والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر، واتساع القلب، وقرة العين، وحياة الروح ، فهو أكمل الخلق في هذا الشرح والحياة وقرة العين مع ما خص به من الشرح الحسي، وأكمل الخلق متابعة له، أكملهم انشراحًا ولذة وقرة عين، وعلى حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره وقرة عينه ولذة روحه ما ينال، فهو صلى الله عليه وسلم في ذروة الكمال من شرح الصدر، ورفع الذكر، ووضع الوزر، ولأتباعه من ذلك بحسب نصيبهم من اتباعه، والله المستعان.
> وهكذا لأتباعه نصيب من حفظ الله لهم، وعصمته إياهم، ودفاعه عنهم، وإعزازه لهم، ونصره لهم، بحسب نصيبهم من المتابعة، فمستقل ومستكثر، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نسه. ص: 27.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه وجعلنا جميعًا ووالدينا من عتقاء هذا الشهر المبارك، وصلى الله وسلم على نبينا من محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
وهذه رسالة جليلة في الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب أردفتها كلمتي هذه فتدبريها واسبقي بها إلى مضاعفة الأجور والرقي في منازل العبودية.
رسالة للشيخ السعدى “الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب:
-التزود بالطاعات والاستكثار من الصالحات غاية ومطلب لكل مؤمن، ولقد سُئل الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (1) رحمه الله عن أسباب مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة، فأجاب -رحمه الله-  بجواب نفيس؛ حيث ذكر أسبابًا متنوعة لمضاعفة ثوابها، مستدلاً بنصوص الوحيين ومراعيًا مقاصد الشريعة ومصالحها (2) قال رحمه الله: “الجواب؛ وبالله التوفيق: أما مضاعفة العمل بالحسنة إلى عشر أمثالها، فهذا لا بد منه في كل عمل صالح، كما قال تعالى: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) الأنعام: 160، وأما المضاعفة بزيادة عن ذلك، وهي مراد السائل، فلها أسباب: إما متعلقة بالعامل، أو بالعمل نفسه، أو بزمانه، أو بمكانه، وآثاره.
– فمن أهم أسباب المضاعفة أن يحقق (3) العبد في عمله الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول؛ فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة، وقصد العبد به رضا ربه وثوابه، وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي له إلى العمل، وهو الغاية لعمله، بأن يكون عمله صادرًا عن إيمان بالله ورسوله، وأن يكون الداعي له لأجل أمر الشارع، وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه، كما ورد هذا المعنى في عدة آيات وأحاديث، كقوله تعالى: (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة: 27، أي: المتقين الله في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة، وكما في قوله رسول الله: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) (4). وغيرها من النصوص، والقليل من العمل مع الإخلاص الكامل يرجح بالكثير الذي لم يصل إلى مرتبته في قوة الإخلاص، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة تتفاضل عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من الإيمان والإخلاص؛ ويدخل في الأعمال الصالحة التي تتفاضل بتفاضل الإخلاص ترك ما تشتهيه النفوس من الشهوات المحرمة إذا تركها خالصًا من قلبه، ولم يكن لتركها من الدواعي غير الإخلاص وقصة أصحاب الغار (5) شاهد بذلك.
– ومن أسباب المضاعفة وهو أصل وأساس لما تقدم: صحة العقيدة، وقوة الإيمان بالله وصفاته، وقوة إرادة العبد، ورغبته في الخير؛ فإن أهل السنة والجماعة المحضة، وأهل العلم الكامل المفصل بأسماء الله وصفاته، وقوة لقاء الله، تضاعف أعمالهم مضاعفة كبيرة لا يحصل مثلها، ولا قريب منها لمن لم يشاركوهم في هذا الإيمان والعقيدة، ولهذا كان السلف يقولون: أهل السنة إن قعدت بهم أعمالهم قامت بهم عقائدهم، وأهل البدع إن كثرت أعمالهم، قعدت بهم عقائدهم، ووجه الاعتبار أن أهل السنة مهتدون، وأهل البدع ضالون. ومعلوم الفرق بين من يمشي على الصراط المستقيم، وبين من هو منحرف عنه إلى طرق الجحيم، وغايته أن يكون ضالاً متأولاً.
– ومن أسباب مضاعفة العمل: أن يكون من الأعمال التي نفعُها للإسلام والمسلمين له وقع وأثر وغَناء، ونفع كبير، وذلك كالجهاد في سبيل الله: الجهاد البدني، والمالي، والقولي، ومجادلة المنحرفين؛ كما ذكر الله نفقة المجاهدين ومضاعفتها بسبعمائة ضعف.
– ومن أعظم الجهاد: سلوك طرق التعلّم والتعليم؛ فإن الاشتغال بذلك لمن صحت نيته لا يوزنه عمل من الأعمال، لما فيه من إحياء العلم والدين، وإرشاد الجاهلين، والدعوة إلى الخير، والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغني العباد عنه؛ (فمن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل له به طريقًا إلى الجنة)، ومن ذلك المشاريع الخيرية التي فيها إعانة للمسلمين على أمور دينهم ودنياهم التي يستمر نفعها ويتسلسل إحسانها، كما ورد في الصحيح (إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له) (6)
– ومن الأعمال المضاعفة: العمل الذي إذا قام به العبد، شاركه فيه غيره، فهذا أيضًا يضاعف بحسب من شاركه، ومن كان هو سبب قيام إخوانه المسلمين بذلك العمل؛ فهذا بلا ريب يزيد أضعافًا مضاعفة على عملٍ إذا عمله العبد لم يشاركه فيه أحد، بل هو من الأعمال القاصرة على عاملها، ولهذا فضّل الفقهاء الأعمال المتعدية للغير على الأعمال القاصرة.
– ومن الأعمال المضاعفة إذا كان العمل له وقع عظيم، ونفع كبير، كما إذا كان فيه إنجاء من مهلكة وإزالة ضرر المتضررين، وكشف الكرب عن المكروبين، فكم من عمل من هذا النوع يكون أكبر سبب لنجاة العبد من العقاب، وفوزه بجزيل الثواب، حتى البهائم إذا أزيل ما يضرها كان الأجر عظيمًا؛ وقصة المرأة البغي التي سقت الكلب الذي كاد يموت من العطش، فغُفر لها بغيها، شاهدة بذلك (7)
– ومن أسباب المضاعفة: أن يكون العبد حسن الإسلام، حسن الطريقة، تاركًا للذنوب، غير مُصِرّ على شيء منها، فإن أعمال هذا مضاعفة كما ورد بذلك الحديث الصحيح: (إذا أحسن أحدكم إسلامه؛ فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف..) الحديث (8)
– ومن أسبابها رفعة العامل عند الله، ومقامه العالي في الإسلام، فإن الله تعالى شكور حليم؛ لهذا كان أجر نساء النبي مضاعفًا قال تعالى: (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ) الأحزاب: 31، وكذلك العالم الرباني، وهو العالم العامل المعلّم تكون مضاعفة أعماله بحسب مقامه عند الله، كما أن أمثال هؤلاء إذا وقع منهم الذنب، كان أعظم من غيرهم، لما يجب عليهم من زيادة التحرز، ولما يجب عليهم من زيادة الشكر لله على ما خصهم به من النعم.
– ومن الأسباب: الصدقة من الكسب الطيب، كما وردت بذلك النصوص، ومنها شرف الزمان، كرمضان وعشر ذي الحجة ونحوها، وشرف المكان كالعبادة في المساجد الثلاثة، والعبادة في الأوقات التي حث الشارع على قصدها كالصلاة في آخر الليل، وصيام الأيام الفاضلة ونحوها، وهذا راجع إلى تحقيق المتابعة للرسول المكمل لله مع الإخلاص للأعمال المنمّي لثوابها عند الله.
– ومن أسباب المضاعفة: القيام بالأعمال الصالحة عند المعارضات النفسية، والمعارضات الخارجية؛ فكلما كانت المعارضات أقوى والدواعي للترك أكثر، كان العمل أكمل، وأكثر مضاعفة، وأمثلة هذا كثيرة جدًا، ولكن هذا ضابطها
– ومن أهم ما يضاعف فيه العمل: الاجتهاد في تحقيق مقام الإحسان والمراقبة، وحضور القلب في العمل، فكلما كانت هذه الأمور أقوى، كان الثواب أكثر، ولهذا ورد في الحديث: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) فالصلاة ونحوها وإن كانت تجزئ إذا أتى بصورتها الظاهرة، وواجباتها الظاهرة والباطنة، إلا أن كمال القبول، وكمال الثواب، وزيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات، وزيادة نور الإيمان بحسب حضور القلب في العبادة (9). ولهذا كان من أسباب مضاعفة العمل حصولُ أثره الحسن في نفع العبد، وزيادة إيمانه، ورقّة قلبه، وطمأنينته، وحصول المعاني المحمودة للقلب من آثار العمل؛ فإن الأعمال كلما كملت، كانت آثارها في القلوب أحسن الآثار، وبالله التوفيق.
– ومن لطائف المضاعفة أن إسرار العمل قد يكون سببًا لمضاعفة الثواب، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه). ومنهم: (رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) (10) كما أن إعلانها قد يكون سببًا للمضاعفة كالأعمال التي تحصل فيها الأسوة والاقتداء، وهذا مما يدخل في القاعدة المشهورة: قد يعرض للعمل المفضول من المصالح ما يصيّره أفضل من غيره، ومما هو كالمتفق عليه بين العلماء الربانيين أن الاتصاف في كل الأوقات بقوة الإخلاص لله، ومحبة الخير للمسلمين مع اللهج بذكر الله لا يلحقها شيء من الأعمال، وأهلها سابقون: لكل فضيلة وأجر وثواب، وغيرها من الأعمال تبع لها؛ فأهل الإخلاص والإحسان والذكر هم السابقون السابقون المقربون في جنات النعيم.
===============
الهوامش :
(1) الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي التميمي، من كبار العلماء، ولد بعنيزة سنة 13078، له مؤلفات نافعة في سائر علوم الشريعة، واشتغل بالتدريس، وله تلاميذ متميزون من أشهرهم الشيخ العلاّمة محمد الصالح العثيمين. توفي بعنيزة سنة 13768، انظر: علماء نجد لعبد الله البسام 2/422، والأعلام للزركلي3/340.
(2) الفتاوى السعدية، المسألة التاسعة، ص 43.
(3) في الأصل: (إذا حقق)
(4) متفق عليه من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .
(5) حديث أصحاب الغار متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب  رضي الله عنهما .
(6) رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .
(7) متفق عليه من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .
(8) متفق عليه من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .
(9) أي يكتب للإنسان من صلاته على حسب خشوعه فيها.
(10) متفق عليه من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه .

Scroll to Top