حتى لا يسقط التاج

د. قذلة محمد القحطاني.

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، كبتَّ عدونا، وبسطت رزقنا، وأظهرت أمننا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، اللهم لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا من قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد إذا رضيت، اللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا كما يحب ربنا ويرضى، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم أنت أحق مَن ذُكِر، وأحقُ مَنْ عُبِدَ، وأنصَرُ مَن ابْتُغِيَ، وأرأَفُ مَنْ مَلَكَ، وأجودُ مَنْ سُئِلَ، وأوسعُ مَن أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كلُ شيْءٍ هالكٌ إلا وجهك، لن تُطاعَ إلا بإذنك، ولن تُعصى إلا بعلمك، تطاعُ فتشكُر، وتُعصى فتغفر، أقربُ شهيد، وأدنى حفيظ، حُلْتَ دون الثغور، وأخذتَ بالنواصي، وكتبتَ الآثار، ونسختَ الآجال، القلوب لك مُفْضِيَة، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللتَ، والحرام ما حرّمتَ، والدين ما شرعتَ، والأمرُ ما قضيْتَ، والخلقُ خلقُكَ، والعبدُ عبدُكَ، اللهم إني أسألك بهذه الساعة أن تتقبل منا، وتتوب علينا، إنك أنت التواب الرحيم، اللهم لك الحمد على ما جمعتنا على ذكرك، اللهم لك الحمد أن أكرمتنا بهذا المجلس، وأكرمتنا بهذه الصحبة، اللهم لك الحمد أن أكرمتنا بشريعتك، اللهم لك الحمد أن أكرمتنا بالحجاب، اللهم اجعلنا من أهل الحجاب، واسترنا في الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم بيِّض هذه الوجوه يوم تبيَضُّ وجوه وتسوَدُّ وجوه.
أخواتي: اليوم سنتكلم عن التاج “حتى لا يسقط التاج” هذا التاج العظيم الذي كرّم الله به المرأة المسلمة، هذا التاج الذي هو عنوان الحياء، هذا التاج الذي هو عنوان الطهارة، هذا التاج الذي هو عنوان التقوى، (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) الأعراف، 26، هذا التاج الذي هو عنوان العفة، هذا التاج الذي هو سيما نساء الجنة، هذا التاج الذي هو سيما المؤمنات، قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) الاحزاب، 59، ونساء المؤمنين هن مَن جمَّلهم الله بهذا التاج مع نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن فهو سيما الصالحات، المؤمنات، القانتات، خيرة النساء اللاتي هن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول مخاطبًا نساء نبيه صلى الله عليه وسلم: (يا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً معْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) الأحزاب، 32-34، وهذه آيات عظيمة في مخاطبة نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الخطاب لنساء رسول الله ولكل مؤمنة تريد الله ورسوله والدار الآخرة، كل مؤمنة تريد الله والدار الآخرة فلتتمثل بهذا الخطاب؛ لأن الله أمر به خيرة النساء، وصفوة النساء والله تعالى قال: (لستن كأحد من النساء)
فمن تريد أن ترتقي إلى درجة الكمال، وصحبة الصالحات؛ فلتتمثل بهذه الآيات، وهذه سبع صفات لنساء أهل الجنة وهذه الصفات أمر الله بهن أزواج نبيه عليه الصلاة والسلام وهن معه في الجنة رضي الله عنهن وأرضاهن.
إذن فهذا التاج عظيم لا يوزن بالذهب، ولا بالفضة، ولا بالياقوت، ولا يوزن بالدنيا بما فيها،
ولهذا الله الله يا أخية يا أيتها المسلمة الطاهرة أن يتدنس هذا التاج، أن يسقط هذا التاج، أن ينقلب التاج، أو أن يتحول هذا التاج، فينزل على الرقبة!
حافظي على التاج شامخًا، طاهرًا، مشعًا على رأسك.
والحديث اليوم ذو شجون مع صفوة من طالبات العلم، ومن الأخوات المباركات لكن لما نرى من وضع النساء وكيف آل الأمر بالحجاب إلى حال محزن لا بد أن يثبت بعضنا بعضًا على الحجاب، ونسأل الله الثبات، والمؤمنة التي حافظت على الحجاب أولى الناس أن تكون ثابتة على الحجاب، ومن نبذت الحجاب، وبدلته، وتبرجت تبرج الجاهلية الأولى فهي التي تشكك فيما هي عليه، أما أنتِ أيتها الراسخة على منهاج محمد عليه الصلاة والسلام فأنتِ الأولى بالثبات، ومن غيرت، وبدلت فهي الأولى بالشك أن تشك في لباسها وحجابها.
أما إذا تحول الحال وصارت المسلمة التي كانت على حجاب وثبات وبدأت تتزعزع في حجابها فهذا الذي يحزن القلب حيث أصبحت كثير من الأخوات تشكك في حجابها، وتبدله بحجاب ملفق!! وتتنازل شيئًا فشيئًا! تحاول تقنع نفسها به! حتى أصبحنا نرى من أخواتنا ومن المسلمات مَن حجابها يشكو إلى الله حاله، حجاب مقطع قد أصبح قطعة شفافة تطير من هنا وهنا، وإلى الله المشتكى لو يوزن ما جاء بغرامات من خفته،
وشفافيته، وقصره، وضيقه!! حتى أنه لا يستر جسمها من الأمام وإنما يستر فقط الجهتين والأمام مفتوح!
وأقول وبكل أسف ليس هذا حجاب المؤمنات، ومن تسير على هدي أمهات المؤمنين، ونساء السلف!
وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم مباركات، اللهم اجعل مجلسنا هذا ثبات لقلوبنا، وثبات لحجابنا.
عودة للواقع المعاصر؛ لأننا لما نرى المرأة التي كانت ثابتة بدأت تقلق ويساورها الشك، وأخذت في الرخص، رحم الله علماءنا ما تركوا أمرًا من أمور الحجاب إلا وبينوه، وهيئة كبار العلماء وعلماءنا الراحلين أمثال الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين كلهم لهم فتاوى في الحجاب حتى دقائق الحجاب، وضيق الحجاب، وزينة الحجاب، والكم، والقطان، كله تجدين هذه قد أفتى العلماء بما فيها، وبينوا حكمها، فما بالك بالأمور الكبيرة عندما تتبرج وتظهر محاسنها، ومسألة كشف الوجه، والأعجب من ذلك أن المسألة ما صارت كشف وجه فقط بل أصبحت أعظم من هذا صارت كشف الشعر ووضع المكياج والكحل!، وحجاب يشكو إلى الله حاله، وتحته البنطال، والله شيء يندى له الجبين، ونسأل الله الثبات.
وبناء على ما سبق تظهر لنا عدة أمور يجب التنبه لها:
— التدرج في أمر الحجاب وما آلت إليه الأمة من مؤامرات شيطانية حاقدة تريد للمرأة أن تخرج سافرة متبرجة.
— ما يخص الحجاب من حيث: أدلته، وشروط حجاب المؤمنة، والتأكيد على التواصي على المحافظة على هذا التاج حتى لا يسقط.
— وما هي العواقب التي تحصل لو سقط التاج.
ومن هنا أقول: المرأة المسلمة عنوان قوة المجتمع، وعنوان ثباته.
كان الاستعمار إذا أرادوا أن يغزوا بلدًا أرسلوا جواسيس ينظرون إلى المرأة في هذا البلد؛ فإذا وجدوها بحجابها وشموخها قالوا: لن تستطيعوا أن تصلوا إلى هذا البلد، وإذا رأوها قد غيرت وبدلت وأظهرت الشعر وأصبحت التنورة أو البنطال إلى الركبة والتبرج قالوا: الآن اغزوهم فقد سهل غزوهم. ولهذا قال بعض الماسونية:
“كأس وغانية تفعلان في الأمة أكثر ما يفعل ألف مدفع” يعني امرأة متبرجة تغني وتفسد الأمة!! وأول فتنة وقعت في بني إسرائيل هي فتنة النساء! فهذه فتنة عظيمة ونعوذ بالله أن نكون حبائل الشيطان، وأن تكون المرأة المسلمة الطاهرة حبال للشيطان يصيد بها. ولهذا الشيطان يقول: “هن حبائلي وهن مصائدي الاتي أرمي بهن فلا أخطي” يعني المرأة يتخذها الشيطان حبائل يرمي بها ويفتن بها، فاللهم حصّنا من إبليس وحصّن بناتنا يا حي يا قيوم، ونعوذ بعزتك أن ينال منا، اللهم احفظنا من بين أيدنا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعزتك وعظمتك أن نغتال من تحتنا.
فإذا كان من الأعمال العظيمة في الشريعة أن تزيح غصن شوك من الطريق يؤذي الناس فما
بالك عندما تصير في الطرق نساء متبرجات يغزون القلوب ويفتنون الرجال أليس هذا أعظم وأعظم!
ولهذا نسأل الله أن يثبت نساءنا ويحفظنا فإن هذه فتنة شيطانية، فتنة إبليسية، إبليس أول ما نال من آدم في الجنة أول ما عصى الله آدم وحواء ماذا حصل لهم؟ سقط عنهم اللباس، فالتعري دعوة شيطانية ودعوة إبليسية، ولهذا أول ما أكلا من الشجرة قال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ) الأعراف، 22. سبحان الله هذا أثر من آثار المعصية سقوط اللباس لما وقعا في المعصية!! فكل من تعرت وأظهرت بدنها فقد عصت الله! ونخشى أن يطمس الله على قلبها، نسأل الله الثبات، نعم؛ لأن هذه فتنة شيطانية ودعوة إبليسية قال تعالى: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) الأحزاب، 33. فالتعري والتبرج دعوة شيطانية، دعوة جاهلية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كل ما كان من أمر الجاهلية فهو تحت قدمي ….) فالتبرج فتنة عظيمة، وبعض النساء تقول أمر الحجاب بسيط وأنتم دائمًا تتكلمون بالحجاب وفيه أمر أعظم من الحجاب! يا أخواتي إذا صلح الحجاب صلح كل شيء، نرى منبع صلاح المرأة أن يصلح الله حجابها، واستقامتها مع الله في الحجاب في القرار في البيت فإذا كان الله يقول: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا معْرُوفًا) الأحزاب، 33. إذا كان الصوت عورة في بعض أقوال العلماء لا يجوز أن يسمعه الرجل، وأن المرأة إذا تكلمت للحاجة فيجب أن تتكلم بكلام معروف ليس فيه تغنج؛ لأن الصوت يفتن الرجل وهو صوت فقط فما بالك إذا أظهرت شعرها ووجهها! وقدميها! ولبست البنطال!
دعوة الى إصلاح المجتمع:
إنا نريد مجتمع صالح فعودة إلى الحجاب، الحجاب فريضة من الله تعالى، ولا تظني أن الحجاب فقط لمذهب من المذاهب أو فئة من الناس! الحجاب كان سمة بارزة للمرأة في العالم الإسلامي في القرون السابقة! وراجعي تاريخ الحجاب وما كانت المرأة تعرف إلا بالحجاب في جميع المذاهب، وعلماء المذاهب -رحمة الله عليهم- من الشافعية والمالكية من الحنيفة من الحنابلة كلهم أجمعوا على أن المرأة يجب عليها أن تتحجب إذا خشيت الفتنة بها، وأي فتنة أعظم من الفتنة التي تمر بها الأمة الآن! المرأة الآن تكشف وجهها، وتتكحل، وتتزين، وتبرز عينيها، ومفاتنها، هذا لم يقل به أحد أبدًا! إن المرأة التي تتزين وتخرج بهذا الحجاب الذي يصرحون فيه وتقول أنا متحجبة أي حجاب هذا! هذا لم يقل به أي عالم من العلماء، مسألة غطاء الوجه يبحثونها الفقهاء في الصلاة كيف للمرأة أن تكشف وجهها في الصلاة
ثم أخذ من هذه المسألة مسألة عورة المرأة وأكثر الفقهاء يتكلمون في مسألة كشف الوجه في الصلاة فمسألة تغطية الوجه في الصلاة ليس في الشارع، ولم يقل عالم من العلماء أن المرأة تكشف وجهها إذا فيه فتنة حتى الكبيرة في السن “القواعد من النساء” إذا خشيت الفتنة تغطي وجهها! فمن يريد الحق فالحق أبلج، الحق مثل الشمس في كبد السماء.
أدلة الحجاب:
أدلة الحجاب، وتغطية الوجه لو استقصيتها لأصل معكم إلى مئة دليل صريح في وجوب تغطية المرأة لوجهها، والأدلة صريحة والحق أولى أن يتبع ورسول الله –صلى الله عليه وسلم– حجب زوجاته ونساءه كلهن محجبات تقول عائشة رضي الله عنها: “يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شققن مروطهن فاختمرن بها”

(1) ما كان عندهن حجاب فكانت تشق الإزار وتختمر فيه حتى أنهن رضي الله عنهن وأرضاهن يلبسن المروط “والمروط كساء غليظ من الصوف” وتقول عائشة رضي الله عنها: “رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) الآية شققن مروطهن فاعتجرن بها، وصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان”

(2) وعن صفية بنت شيبة قالت: “بينما نحن عند عائشة رضي الله عنها قالت: فذكرت نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: “إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقًا لكتاب الله، ولا إيمانًا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ سورة النور) 31. فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل -أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن- فاعتجرت به -أي سترت به رأسها ووجهها- تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان”. “ذكره ابن كثير في تفسيره” فتصفهم عائشة رضي الله عنها كأن رؤوسهن بالغربال السود وهذا تشبيه دقيق فالغراب هل يرى منه شيء! لو أخرجت وجهها هل تكون كالغراب في سواده وشمولية السواد لكل الجسم!
الأدلة صريحة أسأل الله أن يجعلها نور وثباتًا لقلوبنا، ومن تريد التوسع في ذلك تراجع كتاب الحجاب لسماحة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
وكتاب حراسة الفضيلة، لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد،كتاب الصارم المسلول على أهل التبرج والسفور لفضيلة الشيخ حمود التويجري، وكتاب عودة الحجاب وغيرها من المؤلفات.
وأرجو نشر هذا العلم وتوعية نساء المجتمع.
لا يتغير بنا الحال وندفع الثمن غالي، دول كانت على حجاب وكان يرمز لهم بالحجاب ثم تدرج بهن الشيطان وحزبه وتدرج حتى نبذوا الحجاب.

1- رواه البخاري رقم (4758) في التفسير: باب (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) “فتح الباري” (8/ 347؟
2-  “فتح القدير” للشوكاني (4/ 307)

وأحرقوا الحجاب ونسأل الله الثبات، وهذه البلاد التي نبذت الحجاب عادت النساء المؤمنات يرفعن راية الحجاب، ويطالبن بالحجاب حتى في قعر الدول الكبرى، هذه فرنسا المسلمات يتمسكن بالحجاب، وحتى المرأة التي تلبس حجاب تدفع ضريبة ولسان حالها يقول: “أدفع مالي ولكن ما أنبذ حجابي”.
في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- والقصة رواها أبو داوود في السنن امرأة يقال لها أم خلاّد قُتل ابنها في المعركة جاءت وهي مغطية وجهها تسأل عن ابنها فقال لها بعض الصحابة تبحثين عن ابنك وأنت مغطية وجهك؟ قالت لهم: “لأن أرزأ في ابني أحب إلي من أن أرزأ في حيائي”. عبارة تكتب بماء الذهب!! هذا نموذج لامرأة من نساء هذا الجيل، وهذه امرأة كانت تصرع وتتكشف فجاءت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم– وقالت: “إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها”. ففي هذا الحديث بين النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه المرأة أن صبرها على المرض هو نوع من العبادة؛ فاختارت الصبر على هذا المرض؛ لكنها طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم-ألا تتكشف؛ لأن التكشف مسألة شرعية، فدعا لها ألا تتكشف، قال عطاء بن أبي رباح: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء ” تصبر على المرض، وتصبر على الصرع، ولكن لا تصبر على التكشف.
* الحديث أخرجه البخاري في كتاب المرض باب (6) فضل من يصرع.. (7/4).

حالها يقول “أصبر يا رسول الله على المرض ولكن ما أصبر على التكشف” الله أكبر!! فدعا لها النبي ألا تتكشف، فاستمرت على هذا البلاء إلى أن ماتت، وكانت هذه المرأة من نساء أهل الجنة ومن المبشرات بالجنة! وكانوا يرونها ويعرفون أنها من نساء أهل الجنة، فانظري الثبات!! فكيف بمن تتكشف بتلقاء نفسها وبرغبتها!

نساء نبذوا الحجاب، وترينها بالأسواق كاشفة، وفي أوساط النساء تعري ولحوم عارية تقشعر منها الأبدان، والله ما هذا سيما المؤمنات، هذه المقدمة تثبيت لقلوبنا وكيف كنا نساء السلف وكيف كان حجابهن، فنساء السلف رضي الله عنهن وأرضاهم كانت العفة شعارهن حتى بعد الموت، وقد أوصت فاطمة الزهراء أن يوضع على جنازتها نعش يغطيها، وزينب رضي الله عنهما
قال النووي في المنهاج: ويندب للمرأة ما يسترها كتابوت، وقال الخطيب في مغني المحتاج شرح المنهاج: ويندب للمرأة ما يسترها كتابوت وهو سرير فوقه خيمة أو قبة أو مكبة لأن ذلك أستر لها وأول من فعل له ذلك زينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت قد رأته بالحبشة لما هاجرت وأوصت به انتهى.

الله أكبر يخشين أن يرى الرجال عظامهن وهن جنائز وأي فتنة في جنازة!! فكيف بمن تخرج وقد هتكت الحجاب وأظهرت محاسنها!! ومن فضائل الحجاب أنه ستر من كل شيء،
انظري إلى بيوت الجيران كل بيت مستور لا أحد يدري ماذا فيه؟ لا أحد يعرف بنات الآخر ولا أحد يعرف زوجات الآخر، كل بيت مغلق مستور، تصوري أن النساء يخرجن كاشفات ومتبرجات، والرجال ينظرون إليهن والجار يعرف بنات جاره ونسائه ويجتمعون على طاولة واحدة، ماذا تتوقعون؟ نسأل الله ألا نصل إلى هذه الدرجة!! تخيلوا أن بناتنا ونساءنا في المدارس مع بعض، والفتاة بجانب الولد في الجامعة أو في المدارس!.
أخواتي هذا ما يقشعر منه الأبدان، ونعوذ بوجه الله أن نصل إلى هذا، وهذا بحق ضياع الفضيلة!!
والله أن الموت أهون وأن باطن الأرض خير لنا من ظاهرها إن وصلنا إلى هذا الحال، هذه شريعة الله الحكيم الخبير قال تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

خطوات الشيطان في التبرج:
وهي مرحلة وراء مرحلة، درجات تتدرج بنا في الحجاب، ومحاولات للتغيير والسفور، ومؤامرات شيطانية من عشرات السنين! عباءة شفافة تلبسها المرأة!! ثم خطوة ثانية عباءة ملونة مطرزة مزخرفة! ثم عباءة فرنسية! وما علمنا أن الفرنسية تلبس الحجاب! كيف خدعونا؟ وكيف انخدعنا! ثم جاءوا بالتطريز والشفاف وقالوا هذا الجمال!! وأخيرًا قالوا: العباءة والحجاب موضة!! ليعدلوا فيها كما شاؤوا!! والعباءة لا تخضع للموضة، هي فريضة رب العالمين.
من سماتها الثبات فهي عباءتك حين تبلغين وتكلفين بالحجاب وأنت تلبسينها لا تتغير ولا تتبدل على رأسك حتى تلقين الله، هي تاج على رأسك وما علمنا أن هناك تاجًا على الكتف!! وبعض النساء تلبس عباءة للمناسبات، وعباءة للمدرسة، ازدواجية ترضي الناس وترضي نفسها وترضي الهوى والشيطان!! كل يوم لها تقلبات!! أسأل الله أن يرزقنا القلوب المطمئنة بالله وبشريعته وإذا قلت “رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا” فأنتِ تعاهدين الله على أنك راضية بأمره وقدره، وشريعته، وسنة نبيه، ودينه الإسلام، وقد استسلمت لله تعالى، والإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، فالمرأة في الجاهلية تطوف حول الكعبة عارية وهو سيما نساء أهل الجاهلية تطوف على الكعبة وتتقرب إلى الله وهي عارية! نعوذ بالله، هذه نساء أهل الجاهلية.
أما نساء أهل الجنة فالله تعالى قال عنهن: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) النساء، 34. القنوت: دوام العبادة.
شروط حجاب المرأة المسلمة كما وردت في الكتاب والسنة:
1- أن يكون ساترًا لجميع البدن.
2- ألا يكون اللباس في نفسه زينة، لقوله تعالى: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
3- أن يكون صفيقًا ثخينًا لا يشف؛ لأن الستر لا يتحقق إلا به، أما الشفاف فهو يجعل المرأة كاسية بالاسم عارية في الواقع.
4- أن يكون فضفاضًا واسعًا غير ضيق.
5- ألا يكون مبخرًا مطيبًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
6- ألا يشبه لباس الرجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
7- ألا يشبه لباس الكفار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).
8- ألا يكون لباس شهرة.
ولذا ذهب جمع من أهل العلم المعاصرين إلى عدم جواز لبس عباءة الكتف منهم الشيخ ابن باز، وابن عثيمين، وبكر أبو زيد رحمة الله عليهم جميعًا، وكذا فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد، وغيره، وعللوا ذلك بأنها تجسم الكتفين، ويظهر بها حجم الرأس والرقبة وطولها، وأن في لبسها تشبهًا بالرجل حيث إنها تشبه قميصه وعباءته، وأن القول بجواز لبسها قد يفتح بابًا للفتنة وتتوسع النساء فيه، قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى  كما في مجموع فتاواه: لا يجوز للمرأة وضع العباءة على الكتفين، لما في ذلك من التشبه بالرجال، وقد ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: وأما لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق وبين الناس فلا؛ لأن لبسها العباءة على الكتفين في الأسواق يؤدي إلى بيان حجم كتفيها ورقبتها، وهل هي طويلة أو قصيرة -أعني الرقبة- فيكون في ذلك فتنة، ثم من الذي يأمن إذا رخص للنساء في لبس العباءة على الكتف أن تتطور المسألة ثم تبدأ النساء تخرج إلى الأسواق بالمقطاب  أي: بالقميص بدون عباءة  لأن النساء في الغالب إذا فتح لهن الباب الصغير صار بابًا كبيرًا، وربما قلعن الباب كله ودخلن من غير أبواب؛ لذلك نقول: وضع العباءة على الكتفين في الصلاة لا بأس به ولا يبطل الصلاة، وأما المشي بها في الأسواق فلا؛ لأنه يجر إلى فتنة، وهو ذريعة إلى توسع النساء في اللباس..
وسُئل رحمه الله تعالى: عن حكم لبس العباءة المطرزة أو الطرحة المطرزة وطريقته بأن تضع المرأة العباءة على الكتف ثم تلف الطرحة على رأسها ثم تغطي وجهها، مع العلم أن هذه الطرحة ظاهرة للعيان ولم تخف تحت العباءة؟ فأجاب بقوله: لا شك أن اللباس المذكور من التبرج بالزينة، وقد قال الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) وقال عز وجل: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) فإذا كان الله عز وجل نهى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، ونهى نساء المؤمنين أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن دل ذلك على أن كل ما يكون من الزينة فإنه لا يجوز إظهاره ولا إبداؤه، لأنه من التبرج بالزينة، وليعلم أنه كلما كان لباس المرأة أبعد عن الفتنة فإنه أفضل وأطيب للمرأة وأدعى إلى خشيتها لله سبحانه وتعالى والتعلق به.
وقال العلامة بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في كتابه حراسة الفضيلة: لبسها على الكتفين يخالف مُسمى الجلباب الذي افترضه الله على نساء المؤمنين، ولما فيه من بيان تفاصيل بعض البدن، ولما فيه من التشبه بلبسة الرجال، واشتمالهم بأرديتهم وعباءاتهم.
وقال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: الشيء الذي على الكتفين فيه تشبه بالرجال، فلا تلبس المرأة اللبس على الكتفين، وإنما يكون لبسها للعباءة على رأسها وليس على كتفيها. منقول من موقع مركز الفتوى.
فالرب تعالى ميز المرأة المسلمة بقوله (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ميز المرأة الحرة الشريفة عن الإيماء، ولكي تعرف الشريفة من الأمة يجب أن تتحجب ..
-سبحان الله- شرفها في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يحفظ التاج وصاحبة التاج ونسأل الله أن يحفظنا من مؤامرات أعداء المرأة؛ لأنهم يريدونها أن تخرج المسلمة عن عفافها، وسترها، وحيائها، وعن كرمتها، وشرفها، وهم أعداء حقيقيون للمرأة والله يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ) النور:19.

فاحذري أختي المسلمة أن تكوني ثغرة تخترق في جدار المرأة المسلمة، إحدى الأخوات من أحد البلدان المسلمة تقول: ننظر لكم في بلاد الحرمين على أنكن قدوة لنا، أنتن نساء الحرمين نعتبركن من نساء الصحابة؛ فإذا سقط العمود هدم البناء، وهي معركة خاسرة والمرأة هي أول من سيدفع الثمن!!.

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا) اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ مُوجِباتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزائِمَ مَغْفِرَتِكَ، والسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إثمٍ، والغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، والفَوْزَ بالجَنَّةِ، والنَّجاةَ مِنَ النَّارِ، اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا كربًا إلا نفسته، ولا معسرًا إلا يسرته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا حيًا إلا أصلحته، ولا غائبًا عن أهله إلا سالمًا غانما رددته، ولا عاصيًا مذنبًا إلا هديته، ولا حيرانًا إلا دللته، ولا متهاونة بالحجاب أو في قلبها شك أو ريب إلا وطمأنتها بالإيمان وكملتها وجملتها بالحجاب، اللهم اجعلهن من نساء أهل الجنة، رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

Scroll to Top