أصول الدعوة إلى الله والحسبة في الإسلام.

أصول الدعوة إلى الله، والحسبة في الإسلام:

د. أحمد عبد العزيز الشثري.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه مذكرة موجزة في أصول الدعوة والحسبة نسأل الله أن ينفع بها.
الأهداف:
1- تزويد الطالب بالمعلومات الأساسية في علم الدعوة والحسبة.
2- تعريف الطلاب بنظام الحسبة في الإسلام.
3- تأهيل الطلاب للدراسة في المرحلة الجامعية.
المحتويات:
أولاً- أصول الدعوة:
1- تعريف الدعوة إلى الله تعالى.
2- أدلة وجوب الدعوة إلى الله تعالى.
3- أهداف الدعوة إلى الله تعالى.
4- فضل الدعوة إلى الله تعالى.
5- تعريف الداعية إلى الله تعالى.
6- صفات الداعية إلى الله تعالى وأخلاقه.
7- تعريف المدعو.
8- أصناف المدعوين.
9- حقوق المدعوين وواجباتهم.
10- تعريف الأسلوب.
11- نماذج من أساليب الدعوة “الترغيب، الترهيب، القصة، الخطب، المثل، الحوار، والجدل”.
12- تعريف وسائل الدعوة إلى الله تعالى.
13- أنواع وسائل الدعوة إلى الله تعالى.
14- موضوعات الدعوة إلى الله تعالى “العقيدة، الشريعة، الأخلاق”.
15- قضايا دعوية: “الاعتماد على الكتاب والسنة، التركيز على المحكمات، التدرج، البعد عن التعصب، إنزال الناس منازلهم”.
ثانيًا- الحسبة:
1- تعريف الحسبة لغةً واصطلاحًا.
2- أركان الحسبة:
– المحتسِب: تعريفه، شروطه، آدابه.
– المحتسَب عليه.
– المحتسب فيه.
– المحتسب به.
المراجع:
1- الدعوة وأخلاق الدعاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
2- الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها د. أحمد غلوش.
3- نظام الحسبة في الإسلام الشيخ عبد العزيز المرشد.
4- الحسبة أ.د. فضل إلهي ظهور.

مدخل:
إن مما يميز المسلم الحق أنه حريص على الاقتداء برسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فقد وصفه الله بقوله في كتابه الكريم: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين) يوسف: 108، قال المفسرون: قل يا محمد لهم: هذه الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها سبيلي وسنتي ومنهاجي، وسُمي الدين سبيلاً؛ لأنه الطريق الذي يؤدي إلى الثواب، ومثله قوله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ) النحل: 125، واعلم أن السبيل في أصل اللغة الطريق، وشبهوا المعتقدات بها؛ لأن الإنسان يمر عليها إلى الجنة، أدعو الله على بصيرة وحجة وبرهان أنا ومن اتبعني إلى سيرتي وطريقتي وسيرة أتباعي، في الدعوة إلى الله؛ لأن كل من ذكر الحجة وأجاب عن الشبهة فقد دعا بمقدار وسعه إلى الله، ومن هذا المنطلق كان لزامًا على كل محبٍ مقتدٍ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الاجتهاد في معرفة هديه في الدعوة إلى الله تعالى، والسير على طريقته، ومنهجه، حتى ينال شرف الانتساب إليه، والفوز بمرضاة الله تعالى.
ومنهج الدعوة إلى الله تعالى وأصوله ثابتة مقررة في كتاب الله الكريم وسنة رسوله، وسنعرض شيئًا من هذا.
أولاً- أصول الدعوة:
1- تعريف الدعوة إلى الله تعالى:
الدعوة لغةً: من دعا بالشيء، دعوًا، ودعوة، ودعاءً، ودعوى: طلب إحضاره، ودعوت الله: أدعوه، دعاءً، ابتهلت إليه بالسؤال، ورغبت فيما عنده من الخير.
ودعوت زيدًا: ناديته، وطلبت إقباله، ودعوت الولد زيدًا، أو بزيدٍ، إذا سميته بهذا الاسم، وادعيت الشيء: تمنيته، وتداعى الناس على فلان: تألبوا عليه. وتداعى البنيان: تصدع من جوانبه، وآذن بالسقوط، وتداعوا بالألقاب: دعا بعضهم بعضًا بذلك .
فهي مأخوذة من الدعاء، وهو النداء لجمع الناس على أمر ما، وحثهم على العمل له.
الدعوة إلى قضية يراد إثباتها أو الدفاع عنها حقًا كانت أم باطلاً:
فمن الدعوة إلى الباطل: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)، ومنها: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم).
ومن الدعوة إلى الحق: قوله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ)، وقوله في كتابه إلى هرقل: (أدعوك بدعاية الإسلام) أي دعوته، وقال مؤمن آل فرعون: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ).
ومن معاني الدعوة: المحاولة القولية أو الفعلية والعلمية لإمالة الناس إلى مذهب أو ملة.
ومن معانيها: الابتهال والسؤال: دعوت الله أدعوه: أي أبتهل إليه بالسؤال، وأرغب فيما عنده من الخير، وقال تعالى: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ) قال في لسان العرب: “ودعاء الله خلقه إليها كما يدعو الرجل الناس إلى مَدعاة أي إلى مأدبة يتخذها، أو طعام يدعو الناس إليه”، فدعوة الله عز وجل عباده إلى دار السلام “الجنة” هي دعوته لعباده إلى أسباب دخولها من الالتزام بدينه، فمن استجاب صار من حزب الله (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، أما المعرضون فهم أتباع الشيطان: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم من سُلْطَانٍ إِلا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي)، وقال تعالى: (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
اصطلاحًا: وأما الدعوة إلى الله تعالى في الاصطلاح فلها عدة تعريفات، منها:
– قيل هي: “مجموعة القواعد والأصول، التي يتوصل بها إلى تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه وتطبيقه”، وقيل أيضًا: “تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة” .
– وقيل الدعوة هي: “البيان والتبليغ لهذا الدين، أصولاً، وأركانًا، وتكاليف، والحث عليه، والترغيب فيه”.
– وقيل الدعوة: هي “العلم الذي تعرف به كافة المحاولات الفنية المتعددة، الرامية إلى تبليغ الناس الإسلام، مما حوى عقيدةً، وشريعة، وأخلاقًا”.
والذي أراه راجحًا هو: أن الدعوة إلى الله تعالى تطلق ويراد بها: الإسلام كاملاً، فيقال: هذه أصول الدعوة إلى الله، ويقصد بها أصول الإسلام، ويقال: جاءت الدعوة إلى الله تعالى بالحلال والحرام، أي جاء الإسلام، وهكذا.
وتطلق الدعوة، ويراد بها: عملية نشر الإسلام، وفق هدي رسول الله الذي قال الله تعالى عنه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف: 108.
2- أدلة وجوب الدعوة إلى الله تعالى:
وردت عدة أدلة على وجوب الدعوة إلى الله تعالى في كتاب الله وسنة رسوله، وذلك على النحو الآتي:
– الأدلة من الكتاب:

ونذكر منها:
أ- قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).
ب- قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة).
ج- قال تعالى: (لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون).
د- قال تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون).
ه- قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
ويلاحظ في الآية الأولى قوله: (ولتكن) أمر ظاهره الوجوب، وفي الآية الثانية أطلق مسمى الإيمان على من قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن لم يقم به لا يستحق أن يكون من المؤمنين، وفي الثالثة شددت على المقصرين بشأن الدعوة إلى الله، وعللت استحقاقهم اللعنة بتركهم النهي عن المنكر، في حين بيّنت الآية الرابعة أن الناجين ما تحققت لهم النجاة إلا بالنهي عن السوء، وهو ما يؤكد أمر الوجوب، يضاف إليه الأمر الوارد في الآية الخامسة، والذي يفيد وجوب الحث على التعاون، وما قيام الداعية بواجبه تجاه المدعو ماديًا ومعنويًا إلا صورة واضحة للتعاون الذي حثت عليه الآية.
– الأدلة من السنة:
استدل العلماء على وجوب الدعوة إلى الله بأحاديث كثيرة نذكر منها:
أ- عن حذيفة بن اليمان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (والذي نفسي بيده لتَأمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنهَوُنَّ عن المنكر أو لّيُوشِكَنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده ثم لَتَدعُنَّه فلا يستجيب لكم) “رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح”.
ب- عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة ذُكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فإن دماءكم وأموالكم، قال محمد وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب) “رواه البخاري”.
ج- عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم وأموالكم) “رواه النسائي وصححه الألباني”.
ويلاحظ أن صيغة الأمر الواردة في الأحاديث السابقة تدل على الوجوب.
3- أهداف الدعوة إلى الله:
– بيان الحق والبلاغ المبين: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)، وقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية).
– الدعوة إلى الاستجابة للدعوة وامتثالها قولاً وعملاً: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، مفتاح دعوة الأنبياء: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، (اتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ).
– التبشير والإنذار: هو مفتاح النفس الإنسانية فهي مجبولة على طلب الخير لذاتها، ودفع الشر عنها، (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ)، قال صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومًا، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاة النجاة، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبته طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق) “متفق عليه”.
البشارة في الدنيا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا من ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)، وفي الآخرة: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
النذارة في الدنيا: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)، (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ)، وفي الآخرة: (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
– إصلاح النفوس وتزكيتها: قال تعالى: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم منَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ)، وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
– إقامة الحجة والإعذار إلى الله بأداء الأمانة: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)، وأتباع الرسل يخلفونهم في هذه المهمة: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي …)، (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ من قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى)، (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا).
4- فضل الدعوة إلى الله تعالى:
ورد في فضل الدعوة والدعاة آيات وأحاديث كثيرة، كما أنه ورد في إرسال الأنبياء الدعاة أحاديث لا تخفى، ومن ذلك:
أ- إن قول الدعاة أحسن الأقوال، وإن كلامهم في التبليغ أفضل الكلام، قال جل جلاله في سورة فصلت: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
ب- وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) “رواه مسلم في الصحيح”، وقال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا) “أخرجه مسلم أيضًا” وهذا يدل على فضل الدعوة إلى الله عز وجل.
ج- ويكفي الدعاة أجرًا ومثوبة أن أجرهم مستمر ومثوبتهم دائمة، روى مسلم وأصحاب السنن عن رسول الله أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا …).
د- يكفي الدعاة منزلة ورفعة أنهم خير هذه الأمة على الإطلاق، قال تعالى في سورة آل عمران: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
ه- يكفي الدعاة سموًا وفلاحًا أنهم المفلحون والسعداء في الدنيا والآخرة، قال سبحانه في سورة آل عمران: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
و- ويكفي الدعاة منًا وفضلاً أن الله سبحانه يشملهم برحمته الغامرة، ويخصهم بنعمته الفائقة، قال عز من قائل في سورة التوبة: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
5- تعريف الداعية إلى الله تعالى:
لغةً: هو من يدعو إلى دين أو فكرة، والدعاة: قوم يدعون إلى بيعة هدى أو ضلالة، واحدهم داعٍ، ورجل داعية إذا كان يدعو الناس إلى دين، أو بدعة، وأدخلت الهاء فيه للمبالغة، وقيل: الداعية: صريخ الخيل في الحروب، لدعائه من يستصرخه، يقال: أجيبوا داعية الخيل وداعية اللبن: ما يترك في الضرع ليدعو ما بعده، ودعَّى في الضرع، أبقى فيه داعية اللبن، إذن: الدعاة لفظ عام يشمل:
أ- دعاة الحق.
ب- دعاة الباطل.
كما جاء ذلك في قول الله على لسان مؤمن آل فرعون: (ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار)، ويقول الله حكاية عن المشركين: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه)، ومنه حديث رسول الله عندما قال للصحابي الجليل عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- (ويح عمار تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار).
اصطلاحًا: هو: “المبلغ للإسلام، والمعلم له، والساعي إلى تطبيقه” .
6- صفات الداعية إلى الله تعالى وأخلاقه:
لا بد من الإشارة إلى أن كل مسلم هو داعية إلى الله، حيث نجد أن الداعية الأول المبلغ للإسلام كاملاً، هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء من بعده صحابته الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين- الذين بلغوا هذا الدين عنه، كلٌ على حسب قُدرته واستطاعته وعلمه، عملاً بقول رسول الله: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً)، وهكذا سار سلف هذه الأمة -رحمهم الله تعالى- كلٌ على حسب قدرته وطاقته.
كما أن الدعوة لا تقتصر على الدعاة من الرجال، بل وتشمل النساء كذلك، حيث نجد أن نساء سلف هذه الأمة أجمعين قد ضربوا في ذلك الصور والأمثلة التي تستحق الإبراز والثناء، ومن أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية إلى الله تعالى:
– الإخلاص؛ لأن العمل لا يصح ولا يقبل إلا به.
– قوة الصلة بالله، وذلك من خلال المحافظة الشديدة على الفرائض، والإكثار من النوافل، واللجوء إلى الله على كل حال.
– العلم، الذي به تصح النية، والمنهج، وأهم العلوم التي يحتاجها الداعية إلى الله، علم الكتاب والسنة، وما يتفرع ويتصل بهما، وتحصيل العلم لا يتم إلا بالجد والحرص عليه، والسؤال عنه كما كان حال سلفنا الصالح الذين ضربوا أروع الأمثلة وأعظمها في ذلك الأمر، كما أن العلم يحتاج إلى سرعة العمل به، والاستجابة لأوامره، والانتهاء عن نواهيه، وإلا أصبح الإنسان به (كمثل الحمار يحمل أسفارًا).
– الورع والتقوى؛ لأن الداعية محل نظر المدعوين وقدوتهم.
– الاستشارة؛ لأن الآراء عندما تجتمع تنضج وتخرج بصورة جيدة وقليلة الأخطاء.
– الحرص والمبادرة إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله.
– المداومة على العمل والمحافظة عليه.
– الفطنة والفراسة.
– التفاؤل، الثقة بنصر الله، وحسن الظن به.
– حسن استغلال الفرص والمواقف.
– فصاحة اللسان.
– الحرص على طلب العلم، والتحلي بآدابه، وطلب العلم له آداب ينبغي على الداعية المحافظة عليها والتمسك بها ومراعاتها في مرحلة الطلب، وأهمها حسن الخلق؛ لأنه من أعظم ما يجذب المدعوين إلى الداعية، وإلى العمل بما يدعو إليه، وحسن الخلق يشمل عدة فروع، منها:
أ- الصبر.
ب- الجود.
ج- التواضع.
د- الحلم والأناة.
ه- العفو.
و- الرفق واللين.
ز- الوفاء.
ح- الحياء.
ط- احترام الكبير.
ي- الرحمة.
ك- الحرص على النظافة.
7- المدعو:
تعريف المدعو: إن كلمة “المدعو” مشتقة من دعاه يدعوه، فهو مدعو. إذن فهو اسم مفعول، مشتق من أصل الكلمة “دعا”، يقول د. حمود الرحيلي: “والمقصود بالمدعو في اصطلاح الدعوة الإسلامية: هو الإنسان المخاطب بدعوة الإسلام”، وأرى أن المدعو هو: “من وجهت إليه رسالة دعوية”.
وعلى ضوء ذلك التعريف نستطيع أن نذكر مجموعة من القواعد العامة التي تتعلق بالمدعو على النحو الآتي:
– المدعوون إلى الله هم الناس جميعًا، إذ يقول الله: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا)، إذن فينبغي للداعية إلى الله أن يتوجه بدعوته للناس جميعًا ويعرضها عليهم ويبلغهم إياها من غير استثناء لأحد منهم.
– يدخل ضمن المدعوين: الجن، إذ نجد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توجه لهم بالدعوة، وخاطبهم بها؛ وذلك لأنهم مطالبون بالإيمان بالله، وبرسوله، والعمل بشريعته، يقول الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ويقول: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا)، ويقول: (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم).
8- أصناف المدعوين:
المدعوون أصناف كثيرة، وذلك يظهر من خلال التقسيم الآتي:
– بحسب العقيدة والدين، وهم:
أ- المسلمون.
ب- أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
ج- الكفار والمشركون.
– بحسب المكان، وهم:
أ- أهل الحضر.
ب- أهل البادية، وهم الأعراب.
– بحسب السن والعمر، وهم:
أ- الأطفال.
ب- الكبار.
– بحسب الجنس، وهم:
أ- الرجال.
ب- النساء.
– بحسب القرابة، وهم:
أ- القريب “الأولاد، والزوجات، والآباء، والإخوة، والأخوات، وسائر القرابات”.
ب- غير القريب، وهم سائر المدعوين غير ما ذكر في الفقرة السابقة.
– بحسب اللغة، وهم:
أ- العربي.
ب- الأعجمي.
– بحسب المكانة، وهم:
أ- الملأ.
ب- عامة الناس.
ج- الخدم والمماليك.
– بحسب الرغبة في العلم والإيمان، وهم:
أ- الحريص.
ب- الحيي.
ج- المعرض.
– بحسب الإيمان، وهم:
أ- قوي الإيمان.
ب- ضعيف الإيمان.
– بحسب العلم، وهم:
أ- طالب العلم.
ب- العوام وجهلة الناس.
ومما لا شك فيه أن كل صنف مما سبق له سمات خاصة قد تختلف عن الآخرين، مما يترتب عليه أن يختار الداعية إلى الله مع كل صنف ما يناسبه من الوسائل والأساليب الدعوية التي تؤثر فيه، كما أن كل صنف له حقوق ومسؤوليات تجاه الداعية قد تختلف عن الآخر.
سمات بعض المدعوين:
– سرعة استجابة المؤمن للموعظة والتذكير.
– من سمات المدعوين بشكل عام: طلب المزيد من الخير.
– من سمات النساء: شدة العاطفة عندهن، وسرعة التأثر.
– من سمات الملأ الغالبة: التكبر  وشدة التعلق بالدنيا.
– من سمات اليهود: شدة الخصام واللجج.
– من سمات الأعراب: الجفاء، وعدم الاهتمام بالمظهر، ورفع الصوت، والجرأة والعجلة.
– خوف الكفار وشدة عدائهم للدعوة وصاحبها.
9- حقوق المدعوين وواجباتهم:
للمدعوين العديد من الحقوق التي ينبغي على الداعية مراعاتها، من أهمها:
أ- أمور المدعوين محمولة على الظاهر، دون الباطن.
ب- أهمية إشعار المدعو بأن عليه مسؤولية كبيرة في البحث عن الحق وطلبه، والعمل به متى ما استبان له، فلذا ينبغي له السؤال والرجوع إلى العلماء فيما يشكل عليه، يقول الله: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
ج- اختلاف درجات المدعوين في الاستجابة للدعوة، أو الإعراض عنها، وأن الفاضل هو من يسبق ويبادر للإيمان والإسلام.
د- تنوع واختلاف أحوال المدعوين، مما يؤكد أهمية مراعاتها أثناء عرض الدعوة عليهم.
ه- خدمة الدين والعمل بأركانه وواجباته وسننه، واجتناب محرماته ومكروهاته.
10- الأسلوب:
تعريف الأسلوب:
لغةً: الطريق، والمذهب، يقال سلكت أسلوب فلان في كذا: طريقته ومذهبه، وأسلوب الكاتب: طريقة الكاتب في كتابته، والأسلوب هو الفن، يقال: أخذنا في أساليب من القول: فنون متنوعة، ويقال: هو على أسلوب من أساليب القوم أي على طريق من طرقهم، وجمع أسلوب: أساليب، ويطلق الأسلوب عند الفلاسفة: على كيفية تعبير المرء عن أفكاره.
اصطلاحًا: “الطرق التي يسلكها الداعي في دعوته”، وقيل: “هي الطريقة الكلامية التي يسلكها المتكلم في تأليف كلامه واختيار مفرداته”، وأقول بأن الأسلوب هو: “الطريقة التي يسلكها الداعية في نشر الإسلام”.
11- نماذج من أساليب الدعوة:
تعود الأساليب في مجملها إلى ثلاث مجموعات، هي:
أ- مجموعة الأساليب التي تحرك الشعور والوجدان، والتي بمجموعها تمثل المنهج العاطفي، كأسلوب الوعظ والتذكير، وأسلوب الترغيب والترهيب، وأسلوب تحريك العاطفة الإيمانية وتهييجها، وأسلوب الدعاء للمدعو.
ب- مجموعة الأساليب التي تدعو إلى التفكر والتدبر والاعتبار، والتي بمجموعها تمثل المنهج العقلي، كأسلوب المقارنة بين الحسن والقبيح، وأسلوب التشبيه، وأسلوب المناظرة، وأسلوب التوضيح والتعليل العقلي، وأسلوب الرد على الشبهات.
ج- مجموعة الأساليب التي تعتمد على الحس والتجارب الإنسانية، والتي بمجموعها تمثل المنهج الحسي، كأسلوب القدوة الحسنة، وأسلوب ذكر الداعية تجاربه وما يظهر عليه، وأسلوب تحفيظ المدعو، وأسلوب الإحسان للمدعوين ومساعدتهم.
د- الأساليب العامة، والتي تشمل الأساليب السابقة، أو بعضها، كأسلوب الخطابة، وأسلوب القصص، وأسلوب التعليم، وأسلوب السؤال والجواب.
ولكثرة الأساليب وتنوعها؛ ينبغي للداعية إلى الله:
– اختيار الأسلوب المناسب للمدعوين، وذلك بالنظر إلى حالهم وزمانهم ومكانهم، فمثلاً نجد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستخدم أسلوب الرفق واللين في بعض المواقف، وفي مواقف أخرى يستعمل الشدة والقسوة، وذلك لحاجة المدعو في هذه الحال لمثل هذا الأسلوب.
– التنويع بين هذه الأساليب وطرحها؛ لأن المدعو فيه ثلاث ركائز، وهي: العاطفة والعقل والإحساس، فالداعية الموفق الذي يستخدم الأساليب التي تشبع الركائز الثلاث بشكل متوازن ومتناسق.
12- تعريف وسائل الدعوة إلى الله تعالى:
لغةً: هي ما يُتوصل ويُتقرب به إلى الشيء، توسل إلى ربه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل، وهي الواسلة، والواصلة، والقربى، وجمعها وسائل ووُسُل، يقول الله سبحانه: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب).
الاصطلاحًا: ما يتوصل به الداعية إلى تطبيق مناهج الدعوة من أمور معنوية أو مادية، وقيل: “هي ما يستعين به الداعية على تبليغ الدعوة من أشياء وأمور”.
وأقول هي: “الأدوات المادية والمعنوية التي يستخدمها الداعية في نشر الإسلام”.
13- أنواع وسائل الدعوة إلى الله تعالى:
نستطيع أن نقسم الوسائل إلى نوعين هما:
أ- الوسائل المادية وهي جميع الأدوات المحسوسة، كالقول، والعمل.
ب- الوسائل المعنوية كالصلاة، والدعاء، والتخطيط، والتنظيم.
وأيضًا للوسائل تقسيم آخر، وهو:
أ- الوسائل الأصلية: كالقول، والعمل.
ب- الوسائل المساعدة: كالمنبر، ومكبر الصوت، واللباس، واستغلال المواقف والفرص، والنظر للمدعو أثناء الحديث معه، وضرب الموعد وتحديده للموعظة والتعليم، ووسائل الإعلام بأنواعها …إلخ.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن استخدام الوسائل، والسعي في تحصيلها وإتقانها، لا يتعارض مع التوكل على الله، وينبغي للداعية إلى الله عند اختيار الوسيلة مراعاة القواعد الآتية:
– أن الوسائل لها حكم الغايات، فلذا لا بد من مشروعية الوسيلة.
– درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
– دفع أعظم المفسدتَين باحتمال أدناهما.
– الإتيان بأعظم المصلحتَين إذا لم يمكنا معًا.
14- موضوعات الدعوة إلى الله تعالى:
تعريف موضوع الدعوة: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “الدعوة إلى الله، هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا”، ويقول رحمه الله تعالى: “الدعوة إلى الله تتضمن الأمر بكل ما أمر الله به، والنهي عن كل ما نهى الله عنه، وهذا هو الأمر بكل المعروف، والنهي عن كل منكر”، ويقول -رحمه الله تعالى- في تعريفه للدين: “هو ما بعث الله به رسله، وهو ما يجب على المرء التصديق به والعمل به”.
ويمكن القول أن موضوعات الدعوة تدور حول التقسيم الآتي:
أ- العقيدة.
ب- الشريعة.
ج- الأخلاق.
15- قضايا دعوية:
هناك مجموعة من القضايا التي ينبغي التنبيه عليها وهي:
أ- ضرورة الاعتماد على الكتاب والسنة في اختيار الموضوعات ودعوة الآخرين، والبعد عن الهوى والميول الشخصية.
ب- التدرج: في الدعوة مع الناس، فمثلاً الخمر حرمت على مراحل …. وهكذا يؤخذ الناس بالتدرج، ومن التدرج ترتيب موضوعات الدعوة حسب أهميتها الشرعية، فلا يُقدم موضوع على آخر هو أهم منه، وإن الأصل في أوليات الدعوة الذي يجب على الدعاة الالتزام به هو ما يأتي:
– التوحيد وقضايا العقيدة.
– أركان الإسلام، وخاصة منها الصلاة، وما يتصل بها من أحكام كالغسل والوضوء.
– ثم تأتي بقية الموضوعات على حسب أهميتها وتقديم الشارع لها.
ج- البعد عن التعصب: فالتعصب للأشياء -معها، أو ضدها- سلبًا أو إيجابًا- إلى درجة تجعل الناس يصابون بنوع من الخوف الشديد من هجوم المتعصبين ضدهم، أو معهم، إذا كان هناك خطأ حصل، أو واقع سيء قائم ينبغي إزالته، ولا شك أن هذا يؤدي إلى عدم الإقدام والمبادرة، والاعتراف بالخطأ ونقده، والمطالبة بالعودة للحق واتباعه.
د- إنزال الناس منازلهم، فهذا من القواعد الكبيرة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يراعيها ويتعامل بها مع المدعوين، كأبي سفيان، وزيد الخيل، وغيرهم كثير.ثانيًا- الحسبة:
1- تعريف الحسبة لغةً واصطلاحًا:
لغةً: لها عدة معانٍ، منها: طلب الأجر، والاختبار، والإنكار، والظن، والاعتداد، والاكتفاء.
اصطلاحًا: فقد عرفه العلماء بعدة تعريفات: من أشهرها تعريف الإمام الماوردي والقاضي أبي يعلى الحنبلي، حيث يقولان: “الحسبة: هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله” .
2- أركان الحسبة:
أركان الحسبة أربعة: كما ذكرها الغزالي -رحمه الله- فقال: “إن أركان الحسبة أربعة: المحتسب، والمحتسَب عليه، والمحتسب فيه، ونفس الاحتساب”.
أ- المحتسِب: اسم فاعل من احتسب، ويقصد به القائم بالحسبة، وقد اشترط الفقهاء في المحتسِب: الإسلام، والتكليف، والعلم، والعدالة، والقدرة البدنية، والإذن من الإمام، والذكورة.
ب- المحتَسَب عليه: وهو من تقع عليه الحسبة بأمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر.
ج- المحتَسب فيه: وهو المعروف الذي يؤمر به، أو المنكر الذي يُنهى عنه.
د- المحتسب به: والمراد به الوسيلة التي يحتسب بها المحتسِب على الناس.

Scroll to Top