هيا الرشيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
يحرص المسلمون في شهر رمضان المبارك على كثير من الأعمال الصالحة؛ طمعًا منهم في مضاعفة الأجر والثواب، فيكون هم كثير منهم استغلال الوقت كاملاً في طاعة المولى عز وجل، ويكون حرصهم على أشده في تجنب ما يغضبه، وخير الناس من أحسن استغلاله واستثمر أوقاته، قال الشاعر:
غدًا تُوفى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا فقد أحسنوا لأنفسهم
وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا
أما عن الأعمال الصالحة التي يجب على المسلم أن يحرص على أدائها في هذا الشهر المبارك، فمنها:
– تلاوة القرآن: فالقرآن قد أُنزل في هذا الشهر لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (185) سورة البقرة، وكان بعض السلف يتفرغ للقرآن في رمضان، ويؤجل ما سواه من الأعمال، فقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه) “رواه مسلم”.
– إخراج الزكاة: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة: 5، والزكاة حق للفقير من مال الغني قد أوجبها الله سبحانه وتعالى على عباده، ومن جحدها فقد كفر، وقد قاتل أبي بكر الصديق رضي الله عنه من امتنع عن دفعها وهم المرتدون، وهي من أركان الإسلام الخمسة.
– الصدقة: والصدقة من أسباب دخول الجنة، وهي لا تنقص من مال المنفق بل تزيده كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال) “رواه مسلم”.
– المحافظة على أداء الصلوات المفروضة: وذلك من حيث المحافظة على أدائها، وطريقة الأداء، بالإضافة إلى الحرص على وقتها المحدد، سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: (الصلاة لوقتها) “رواه البخاري ومسلم”، وقال تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) النساء: 103.
– الحرص على النوافل: مثل صلاة الضحى، والسنن الراتبة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة) “رواه مسلم”.
– قيام الليل: وهو من أهم النوافل، وقد وصف الله سبحانه وتعالى من يحرصون على قيام الليل من خلال قوله عز وجل: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) السجدة: 16.
– التراويح: وهي سنة مؤكدة لم يثبت في خصوص عدد ركعاتها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
– الدعاء: والدعاء عبادة سهلة يحصل المسلم من خلالها على كثير من الأجر والثواب، ويستطيع المرء أن يقوم بهذا العمل في كل وقت، وأن يتحرى أوقات الإجابة التي وردت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني) “رواه البخاري ومسلم”.
– الذكر: وقد ورد كثير من الأذكار عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهي أذكار نافعة بإذن الله، ويجب على المسلم أن يرددها في أوقاتها المناسبة، فقد قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) البقرة: 152.
– العمرة: يستحب تأدية العمرة في رمضان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة) “متفق عليه”.
– صلة الأرحام: وهي واجب مفروض على المسلم ما دام في استطاعته، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه) “رواه البخاري”.
– الدعوة إلى الله: وهي من ألزم الواجبات في هذا الزمان؛ لكثرة الفتن، ودخول كثير من المفاهيم الخاطئة على مجتمعنا المسلم؛ قال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أُجورهم شيئًا) “رواه مسلم”.
وهذه الأعمال على سبيل التمثيل لا الحصر والشمول، وأبواب الأجر مفتوحة، وهي أكثر من أن تشملها مقالة واحدة، ولكن في التذكير استنهاض للهمم، وإيقاظ من الغفلة، ونفض لغبار الكسل والتخاذل، وحرص بإذنه تعالى على نيل رضاه والفوز بجنته.